أضرار الكيراتين: نظرة شاملة على المخاطر الصحية والتجميلية لاستخدام علاجات فرد الشعر بالكيراتين

يُعد الكيراتين من البروتينات الطبيعية الأساسية التي تدخل في تكوين الشعر والأظافر والجلد، وتتمثل وظيفته الأساسية في منح الشعر القوة واللمعان والمرونة. ومع انتشار صالونات التجميل وازدياد الطلب على الشعر الناعم والمفرود، ظهرت علاجات فرد الشعر بالكيراتين كحل سحري يَعِد بتحسين ملمس الشعر، تقليل التجعد، وتوفير مظهر صحي ولامع. إلا أن هذه العلاجات، رغم فوائدها الجمالية المؤقتة، تخفي وراءها مجموعة من الأضرار الصحية والتجميلية التي قد تكون جسيمة، خاصة عند استخدامها بصورة متكررة أو بطريقة غير آمنة.

في هذا المقال، سيتم استعراض الأضرار الجانبية لاستخدام علاجات الكيراتين لفرد الشعر بشكل علمي مفصل، مستندًا إلى دراسات طبية وتجارب سريرية، مع الإشارة إلى المكونات الكيميائية الضارة المحتملة التي تُستخدم في تركيبة هذه المنتجات، وتأثيراتها على صحة الجلد، والجهاز التنفسي، والجهاز العصبي، إلى جانب آثارها طويلة المدى على بنية الشعر الطبيعية.

أولًا: التركيبة الكيميائية لعلاجات الكيراتين

المنتجات التجارية لعلاج الشعر بالكيراتين غالبًا ما تحتوي على مركبات كيميائية مضافة، الهدف منها تثبيت الكيراتين داخل ألياف الشعر وتفعيل تأثيره، ومن أبرز هذه المركبات:

• الفورمالديهايد (Formaldehyde): يُستخدم كمادة حافظة ومثبتة لفعالية الكيراتين، ويعد من أخطر المواد المستخدمة في هذه العلاجات، نظرًا لتأثيره السام والمسرطن عند التعرض له بنسب مرتفعة أو على المدى الطويل.

• الميثيلين جلايكول (Methylene Glycol) وفورمالين (Formalin): تتفكك هذه المواد تحت الحرارة العالية لتطلق الفورمالديهايد في الهواء، مما يزيد من نسبة التعرض للمادة الضارة.

• العطور الصناعية والمذيبات العضوية: التي قد تُسبب تهيجًا في الجهاز التنفسي والعينين والجلد، لا سيما عند الأشخاص الذين يعانون من الحساسية.

ثانيًا: الأضرار الصحية المرتبطة باستنشاق الفورمالديهايد

عند تسخين الشعر أثناء جلسات الكيراتين باستخدام مكواة حرارية، تنطلق أبخرة الفورمالديهايد في الهواء وتُستنشق من قِبل العاملة أو الزبونة، مما يُعرّض الجهاز التنفسي لمخاطر عديدة تشمل:

• تهيج الأنف والحنجرة: يُسبب الفورمالديهايد إحساسًا بالحرقان في الأنف والعينين والحنجرة، ويؤدي إلى صعوبة في التنفس والسعال الجاف.

• تحسس القصبات الهوائية: قد يؤدي الاستخدام المتكرر إلى تطور حالات الربو أو تفاقم الأعراض التنفسية لدى المرضى الذين يعانون مسبقًا من مشكلات في الجهاز التنفسي.

• تأثيرات مسرطنة: صُنّف الفورمالديهايد من قِبل “الوكالة الدولية لأبحاث السرطان” (IARC) كمادة مسرطنة للإنسان عند التعرض له باستمرار وبتركيزات مرتفعة، وقد رُبط بسرطان الأنف والبلعوم وسرطانات الدم مثل اللوكيميا.

ثالثًا: التأثيرات الجلدية والتفاعلات التحسسية

يتفاعل جلد فروة الرأس بشدة مع المواد الكيميائية القوية في علاجات الكيراتين، ما يؤدي إلى:

• احمرار والتهاب فروة الرأس: نتيجة اختراق الفورمالديهايد لبصيلات الشعر وتأثيره على الأنسجة الجلدية الحساسة.

• حكة وتقشر الجلد: قد تظهر لدى بعض الأشخاص حساسية تجاه المكونات الكيميائية، مما يسبب التهاب الجلد التماسي.

• تساقط الشعر المزمن: يؤدي تكرار استخدام الكيراتين إلى إضعاف بصيلات الشعر وإتلافها تدريجيًا، ما يؤدي إلى ضعف نمو الشعر وتساقطه من الجذور.

رابعًا: التأثير على بنية الشعر

رغم أن المظهر الخارجي للشعر يبدو أكثر لمعانًا ونعومة بعد جلسة الكيراتين، إلا أن البنية الداخلية للشعرة قد تتعرض لأضرار عميقة على المدى الطويل:

• إضعاف البنية البروتينية للشعر: الحرارة العالية والمواد الكيميائية تؤدي إلى كسر الروابط الطبيعية داخل الشعرة.

• جفاف وتقصف الشعر: تفقد الشعرة قدرتها على الاحتفاظ بالرطوبة الطبيعية، مما يجعلها أكثر عرضة للجفاف والتكسر.

• انعدام الحيوية وفقدان الحجم: يصبح الشعر هشًا وخفيفًا، ويفقد مظهره الحيوي والكثيف.

خامسًا: الأضرار النفسية والاجتماعية

تشير العديد من الدراسات النفسية إلى أن الأضرار الجمالية الناجمة عن الاستخدام المتكرر لعلاجات الكيراتين قد تؤثر سلبًا على الصحة النفسية للنساء، إذ يشعرن بالقلق وعدم الرضا عن مظهر شعرهن، ما يؤدي إلى:

• تراجع الثقة بالنفس: خصوصًا في حال تساقط الشعر أو تدهور حالته بشكل ملحوظ.

• الاعتماد النفسي على العلاجات الكيميائية: يؤدي الاعتياد على مظهر الشعر المفرود إلى الإدمان النفسي على إعادة تطبيق الكيراتين رغم إدراك المخاطر.

سادسًا: الآثار على الحوامل والمرضعات

توصي المنظمات الصحية العالمية بشدة بتجنب الحوامل والمرضعات لأي تعرض للفورمالديهايد، نظرًا لما يسببه من مخاطر محتملة على الجنين أو الطفل الرضيع، ومن أبرز هذه الأضرار:

• تشوهات خلقية محتملة: التعرض المزمن لمركبات الفورمالديهايد قد يؤثر على تطور الجنين في مراحله الأولى.

• انتقال المواد الكيميائية عبر الحليب: بعض المركبات قد تُفرز في حليب الأم، مما يُعرض الطفل الرضيع لخطر التسمم أو الحساسية.

سابعًا: ممارسات صالونات التجميل غير الآمنة

تُعد الممارسات غير الآمنة في بعض صالونات التجميل عاملًا مضاعفًا لمخاطر علاجات الكيراتين، وتشمل هذه الممارسات:

• عدم استخدام تهوية كافية: يسبب تراكم الأبخرة السامة في الهواء، مما يزيد من تركيز المواد المستنشقة.

• عدم استخدام معدات الحماية الشخصية: مثل الكمامات والنظارات الواقية، سواء من قبل الزبونة أو العاملة.

• استخدام منتجات غير مرخصة أو مقلدة: قد تحتوي هذه المنتجات على نسب مرتفعة من الفورمالديهايد دون أن يُذكر ذلك في بطاقة المكونات.

ثامنًا: بدائل صحية وآمنة للكيراتين

أمام هذه الأضرار المحتملة، يمكن اللجوء إلى بدائل أكثر أمانًا، ومنها:

• العلاجات الطبيعية مثل البروتين النباتي والكولاجين البحري: التي تساهم في تحسين صحة الشعر دون استخدام المواد الكيميائية السامة.

• زيوت العناية بالشعر مثل زيت الأرغان، جوز الهند، وزيت الجوجوبا: تعزز لمعان الشعر ومرونته بشكل طبيعي.

• التغذية السليمة: النظام الغذائي الغني بالبروتين، الحديد، والزنك يعزز نمو الشعر ويحافظ على صحته من الداخل.

جدول توضيحي للمقارنة بين الكيراتين الكيميائي والبدائل الطبيعية

تاسعًا: دور الرقابة الصحية والتشريعات الدولية

تسعى العديد من الدول إلى الحد من استخدام الفورمالديهايد في منتجات التجميل، ومن هذه الإجراءات:

• الاتحاد الأوروبي: حظر استخدام الفورمالديهايد بنسبة تفوق 0.2% في المنتجات التجميلية.

• إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA): أصدرت تحذيرات ضد بعض علاجات الكيراتين التي تحتوي على نسب عالية من الفورمالديهايد.

• الهيئات الصحية العربية: بدأت في مراجعة تركيبة المنتجات المستوردة وتنبيه المستهلكين من مخاطر استخدامها.

عاشرًا: أهمية التوعية المجتمعية

التثقيف الصحي حول أضرار علاجات الكيراتين يُعد خطوة جوهرية في حماية الأفراد من التأثيرات السامة للمواد الكيميائية. وتشمل وسائل التوعية:

• البرامج التلفزيونية الصحية والعيادات المدرسية.

• المبادرات الحكومية لحظر المنتجات الخطرة.

• دور أطباء الجلدية والصيادلة في توجيه المستهلكين نحو البدائل الآمنة.

المصادر

1. International Agency for Research on Cancer (IARC), Formaldehyde Monograph

2. U.S. Food and Drug Administration (FDA) – Hair Smoothing Products and Formaldehyde