أضرار الغاز الصخري على البيئة

أضرار الغاز الصخري:

الغاز الصخري هو مصدر للطاقة يُستخرج من طبقات الصخور الرسوبية من خلال تقنية التكسير الهيدروليكي، والتي تُعرف أيضًا بـ”الفراكينغ”. وقد أصبح الغاز الصخري خلال العقود الأخيرة أحد المصادر الرئيسية للطاقة في العديد من البلدان، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تحولت إلى أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم نتيجة لاستخدام هذه التقنية. ولكن رغم الفوائد الاقتصادية والتقنية التي يقدمها الغاز الصخري، فإن هناك مجموعة من الأضرار والمخاطر البيئية والصحية التي تترتب على استخراجه واستخدامه.

1. تلوث المياه:

أحد أبرز الأضرار المرتبطة بإنتاج الغاز الصخري هو التلوث المحتمل للمصادر المائية. يعتمد استخراج الغاز الصخري بشكل رئيسي على تقنية التكسير الهيدروليكي، حيث يتم حقن مزيج من المياه والمواد الكيميائية تحت ضغط عالٍ في الصخور لاستخراج الغاز. هذا المزيج من المواد الكيميائية قد يتسرب إلى المياه الجوفية، مما يؤدي إلى تلوث المياه التي يعتمد عليها الإنسان والحيوانات في الشرب والري.

بالإضافة إلى ذلك، يحدث في بعض الأحيان تسرب للغازات مثل الميثان إلى المياه الجوفية، ما يجعلها غير صالحة للاستخدام البشري. تم الإبلاغ عن حالات في عدة مناطق حيث كانت المياه الجوفية ملوثة بشكل خطير، مما يعرض حياة البشر والحيوانات لخطر حقيقي.

2. تلوث الهواء:

عملية استخراج الغاز الصخري قد تؤدي أيضًا إلى تلوث الهواء. يتسبب حفر الآبار واستخراج الغاز في إطلاق الميثان، وهو غاز دفيئة قوي، إلى الغلاف الجوي. هذا الغاز يعتبر أكثر تأثيرًا في الاحتباس الحراري مقارنة بثاني أكسيد الكربون. علاوة على ذلك، يُطلق التكسير الهيدروليكي أثناء العمليات أيضًا مواد كيميائية ضارة في الهواء مثل المركبات العضوية المتطايرة، والتي تؤدي إلى تلوث الهواء وزيادة مشاكل التنفس في المناطق المحيطة.

3. الزلازل وتسببها في النشاط الزلزالي:

استخراج الغاز الصخري بواسطة التكسير الهيدروليكي قد يؤدي إلى حدوث الزلازل. قد تكون هذه الزلازل صغيرة وغير محسوسة في بعض الحالات، لكنها قد تكون مدمرة في حالات أخرى. يتم حقن كميات ضخمة من المياه تحت ضغط عالٍ في الصخور، مما يؤدي إلى تحفيز النشاط الزلزالي في المنطقة. هذا النشاط الزلزالي قد يسبب دمارًا للبنية التحتية، بما في ذلك المباني والطرق، ويعرض حياة الأشخاص للخطر.

الزلازل الناتجة عن التكسير الهيدروليكي قد تكون نتيجة لتغيير الضغط داخل الأرض، حيث يمكن أن يؤدي التلاعب في طبقات الأرض إلى تحرير الإجهاد المخزن في الصخور مما يسبب الزلازل. على الرغم من أن بعض هذه الزلازل تكون صغيرة جداً، إلا أنها يمكن أن تصبح خطيرة في المناطق التي لم تكن معتادة على النشاط الزلزالي.

4. التأثير على التنوع البيولوجي:

الغاز الصخري يُستخرج عادةً في المناطق التي تحتوي على تنوع بيولوجي غني، مثل الغابات والسهول الطبيعية. تتسبب عمليات الحفر في تدمير المواطن البيئية، مما يؤدي إلى تدهور النظم البيئية وفقدان التنوع البيولوجي. هذه العمليات تشمل تطهير الأرض لبناء الآبار والمرافق المتعلقة بها، وهو ما يؤدي إلى تقليص المساحات الخضراء وقتل الأنواع النباتية والحيوانية التي تعتمد على هذه البيئات.

علاوة على ذلك، التلوث الناتج عن الغازات السامة والنفايات الناتجة عن استخراج الغاز قد يؤثر بشكل مباشر على الحياة البرية في المناطق المحيطة. الحيوانات التي تعيش بالقرب من هذه الآبار قد تتعرض للتسمم أو تشرد بسبب تدمير بيئاتها الطبيعية.

5. تأثيرات صحية على الإنسان:

هناك العديد من المخاوف المتعلقة بتأثيرات الغاز الصخري على الصحة البشرية. المواد الكيميائية المستخدمة في التكسير الهيدروليكي، مثل البنزين والميثان والمواد السامة الأخرى، يمكن أن تنتقل إلى الهواء والماء، مما يشكل تهديدًا للصحة العامة. الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من مواقع الحفر قد يتعرضون لمشاكل صحية مثل مشاكل في التنفس، وزيادة معدلات السرطان، ومشاكل في الجهاز العصبي، نتيجة للتعرض للمواد السامة.

الدراسات التي تم إجراؤها في مناطق إنتاج الغاز الصخري قد أظهرت زيادة في معدلات الأمراض التنفسية بين الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من الآبار، نتيجة للغبار والمواد الكيميائية المنتشرة في الهواء. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي المركبات السامة التي تُستخدم في التكسير الهيدروليكي إلى تلوث المياه الجوفية، مما يشكل تهديدًا للمياه الصالحة للشرب.

6. استنزاف الموارد المائية:

أحد الآثار الجانبية الأخرى التي يصعب تجاهلها هو استنزاف المياه العذبة. تتطلب عملية التكسير الهيدروليكي كميات هائلة من المياه، تتراوح بين ملايين إلى مليارات الجالونات من المياه لكل بئر. في بعض المناطق التي تعاني من ندرة المياه، فإن سحب هذه الكميات الضخمة من المياه العذبة يمكن أن يؤدي إلى نقص المياه الصالحة للشرب للاستهلاك البشري والزراعي.

يحدث هذا الاستنزاف في المناطق التي تعاني أصلاً من نقص في الموارد المائية، مما يساهم في تفاقم مشكلة ندرة المياه في هذه المناطق. بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم المياه في عملية التكسير الهيدروليكي بشكل لا يمكن تجديده بسهولة، مما يزيد من الضغط على موارد المياه المحدودة.

7. التأثيرات على المناخ والتغيرات المناخية:

الغاز الصخري، على الرغم من كونه يُعتبر بديلاً “أنظف” مقارنة بالفحم، لا يخلو من تأثيرات سلبية على المناخ. كما تم ذكره، الميثان، الذي يُعد أحد مكونات الغاز الطبيعي، هو غاز دفيئة أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون في تسخين كوكب الأرض. وبالتالي، فإن تسرب الميثان أثناء استخراج الغاز الصخري واستخدامه يؤدي إلى زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، ما يساهم في تفاقم مشكلة التغير المناخي.

8. التلوث الناتج عن النفايات:

عملية التكسير الهيدروليكي تولد كميات كبيرة من النفايات، مثل المياه المستعملة والمواد الكيميائية المُستهلكة. هذه النفايات يمكن أن تحتوي على مواد سامة ومواد مشعة. في بعض الأحيان، يتم التخلص منها في آبار عميقة تحت الأرض، مما يثير مخاوف بشأن تسربها إلى طبقات المياه الجوفية. إن التعامل مع هذه النفايات يشكل تحديًا بيئيًا كبيرًا، حيث يمكن أن تتسبب في تلوث الهواء والماء والتربة إذا لم يتم التخلص منها بشكل صحيح.

9. تأثيرات اقتصادية على المجتمعات المحلية:

رغم أن استخراج الغاز الصخري قد يعزز الاقتصاد المحلي في بعض الأحيان من خلال توفير فرص العمل وزيادة الإيرادات الحكومية، فإن التأثيرات السلبية على المجتمعات المحلية قد تتسبب في آثار غير متوقعة. قد يواجه السكان المحليون اضطرابات اجتماعية واقتصادية بسبب تدفق العمالة المؤقتة واستهلاك الموارد المحلية بشكل غير مستدام.

كما أن الضرر البيئي الناتج عن استخراج الغاز الصخري قد يتسبب في تقليص القيمة العقارية في المناطق المجاورة لمواقع الحفر، حيث يتراجع الاهتمام بشراء الأراضي في هذه المناطق بسبب المخاوف من التلوث وارتفاع المخاطر الصحية.

خاتمة:

إن الغاز الصخري، رغم كونه أحد الحلول الطاقوية البديلة التي تساعد في تلبية الطلب العالمي على الطاقة، فإنه يحمل معه العديد من الأضرار البيئية والصحية التي يصعب تجاهلها. التلوث البيئي، تدمير المواطن الطبيعية، التأثيرات على صحة الإنسان، واستهلاك الموارد المائية، كلها عوامل تدعونا إلى ضرورة التفكير مليًّا قبل التوسع في استخدام هذه التقنية. من الضروري أن تتوافر دراسات أكثر عمقًا لتقييم آثار هذه الممارسات على المدى الطويل، والعمل على إيجاد حلول أكثر استدامة تضمن تلبية احتياجات الطاقة مع الحفاظ على البيئة وصحة الأجيال القادمة.