السهر: أسبابه وأضراره وطرق علاجه

يُعتبر السهر من الظواهر الشائعة في المجتمعات الحديثة، حيث يعاني الكثير من الأفراد من اضطرابات في مواعيد النوم بسبب انشغالات الحياة اليومية، أو بسبب العادات السيئة التي تتسبب في تأخير موعد النوم. السهر هو البقاء مستيقظًا لفترات طويلة بعد الموعد المعتاد للنوم، وقد يتحول إلى عادة مزمنة تؤثر على صحة الفرد النفسية والجسدية بشكل كبير. في هذا المقال، سنناقش بالتفصيل أسباب السهر، أضراره المتعددة، وأساليب العلاج الفعالة التي يمكن اتباعها لاستعادة نظام النوم الطبيعي وتحسين جودة الحياة.

أسباب السهر

تتعدد الأسباب التي تدفع الأفراد إلى السهر، وقد تكون هذه الأسباب نفسية، اجتماعية، بيئية، أو صحية. من أهم هذه الأسباب:

1. الضغوط النفسية والتوتر

يُعتبر التوتر والقلق من أبرز العوامل التي تؤدي إلى اضطرابات النوم والسهر. فالتوتر الناتج عن ضغوط العمل، الدراسة، المشاكل الأسرية أو المالية، يجعل من الصعب على الإنسان الاسترخاء والنوم في الوقت المناسب.

2. الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية

أصبح استخدام الهواتف الذكية، الحواسيب، والتلفاز جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. إلا أن التعرض للضوء الأزرق الصادر من هذه الأجهزة في فترة المساء يؤثر سلبًا على إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم النوم، مما يؤدي إلى تأخير دخول النوم وزيادة السهر.

3. العادات الغذائية غير السليمة

تناول الوجبات الثقيلة أو المشروبات التي تحتوي على الكافيين مثل القهوة، الشاي، والمشروبات الغازية في ساعات متأخرة من الليل يزيد من صعوبة الاستغراق في النوم.

4. اضطرابات النوم والأمراض المزمنة

بعض الأمراض مثل الأرق المزمن، اضطرابات التنفس أثناء النوم، أو الحالات النفسية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق قد تؤدي إلى السهر وعدم انتظام النوم.

5. الأسباب الاجتماعية والعملية

يتعرض بعض الأشخاص لساعات عمل طويلة أو نوبات عمل ليلية تؤدي إلى اضطراب مواعيد النوم، كما أن النشاطات الاجتماعية، السهر مع الأصدقاء أو متابعة المسلسلات والأفلام في الليل من الأسباب التي تؤدي إلى السهر.

6. أسباب بيئية

الضوضاء، الإضاءة الزائدة في غرفة النوم، أو درجة حرارة غير مريحة تؤثر في جودة النوم وتؤدي إلى السهر.

أضرار السهر

يمثل السهر تأثيرًا سلبيًا كبيرًا على الصحة الجسدية والنفسية للإنسان، ويشمل ذلك تأثيرات قصيرة وطويلة المدى، وهي كما يلي:

1. التأثير على الجهاز العصبي

يؤدي السهر إلى اضطراب وظائف الجهاز العصبي المركزي، حيث تقل كفاءة الذاكرة والتركيز، ويشعر الفرد بالتعب والإرهاق المستمر. كما يتسبب في اضطرابات المزاج، مثل العصبية، التهيج، والقلق.

2. ضعف الأداء الذهني والبدني

النوم هو فترة تجديد الطاقة، وعند السهر يقل تركيز الفرد وقدرته على أداء المهام اليومية سواء في الدراسة أو العمل، مما ينعكس سلبًا على الإنتاجية.

3. الأضرار الصحية المزمنة

يؤدي السهر المستمر إلى زيادة خطر الإصابة بعدة أمراض مزمنة منها:

• أمراض القلب: حيث يرتبط اضطراب النوم بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب التاجية.

• السكري: يؤثر السهر على تنظيم نسبة السكر في الدم.

• السمنة: قلة النوم تزيد من إفراز هرمونات الجوع مما يؤدي إلى زيادة الوزن.

• ضعف الجهاز المناعي: يقلل النوم الكافي من قدرة الجسم على مقاومة الأمراض.

4. مشاكل في الجهاز الهضمي

يؤثر السهر على إفراز بعض الهرمونات الهضمية، مما قد يؤدي إلى مشاكل مثل عسر الهضم، حرقة المعدة، واضطرابات الأمعاء.

5. التأثير على الصحة النفسية

يرتبط السهر بزيادة احتمالية الإصابة بالاكتئاب واضطرابات القلق، ويزيد من حدة المشاعر السلبية، كما يؤثر على جودة الحياة الاجتماعية والعائلية.

6. مشاكل في الجلد والشكل العام

قلة النوم تؤدي إلى ظهور الهالات السوداء تحت العين، وشحوب البشرة، كما تؤثر على تجدد خلايا الجلد، ما يؤدي إلى الشيخوخة المبكرة.

علاج السهر

يحتاج علاج السهر إلى تدخل شامل يجمع بين تعديل العادات اليومية والعلاج الطبي في بعض الحالات، ويعتمد على معرفة السبب الأساسي للسهر. فيما يلي أهم طرق العلاج:

1. تعديل نمط الحياة والعادات اليومية

• تنظيم مواعيد النوم والاستيقاظ: الالتزام بموعد ثابت للنوم والاستيقاظ حتى في أيام العطل يساعد على ضبط الساعة البيولوجية.

• تجنب المنبهات: الإقلاع عن تناول الكافيين والنيكوتين في المساء، والحد من تناول الطعام الثقيل قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل.

• الحد من استخدام الأجهزة الإلكترونية: يفضل إيقاف الهواتف والحواسيب قبل النوم بساعة على الأقل، والابتعاد عن الضوء الأزرق من الشاشات.

• تهيئة بيئة نوم مناسبة: توفير غرفة هادئة، مظلمة ودرجة حرارة مناسبة للنوم.

• ممارسة الرياضة: النشاط البدني المنتظم يساعد على تحسين جودة النوم، مع تجنب ممارسة الرياضة قبل النوم مباشرة.

2. التقنيات النفسية والسلوكية

• تقنيات الاسترخاء: تمارين التنفس العميق، التأمل، واليوغا تساعد على تخفيف التوتر وتحسين النوم.

• العلاج السلوكي المعرفي: يستخدم في حالات الأرق المزمن المرتبط بالسهر ويهدف إلى تعديل الأفكار والسلوكيات التي تؤدي إلى السهر.

3. العلاج الطبي

في بعض الحالات التي تكون فيها أسباب السهر مرضية أو نفسية، يحتاج الفرد إلى استشارة الطبيب المختص، والذي قد يصف أدوية مهدئة أو منومة لفترة محدودة، أو يوصي بعلاج اضطرابات النوم مثل توقف التنفس أثناء النوم.

4. المكملات الغذائية

يُنصح بعض المرضى باستخدام مكملات مثل الميلاتونين تحت إشراف طبي، خصوصًا عند السفر أو في حالات اضطراب الساعة البيولوجية.

جدول يوضح الفروق بين النوم الطبيعي والسهر

الخاتمة

السهر ظاهرة متزايدة في العصر الحديث، تحمل في طياتها مخاطر صحية ونفسية كبيرة قد تؤثر على جودة حياة الفرد بشكل عام. فهم أسباب السهر، والحرص على اتباع أنماط حياة صحية ومناسبة، بالإضافة إلى اللجوء إلى العلاجات المتخصصة عند الحاجة، كلها عوامل تساهم في معالجة هذه المشكلة بفعالية. تحسين جودة النوم هو استثمار مباشر في الصحة الجسدية والنفسية، ويعزز القدرة على الإنتاج والإبداع في مختلف مجالات الحياة.