مقال عن كتاب “ابدأ بالأهم ولو كان صعباً” (التهم هذا الضفدع) لبرايان تريسي
يُعد كتاب “ابدأ بالأهم ولو كان صعباً” أو ما يعرف بـ “Eat That Frog” من أبرز كتب التنمية الذاتية التي حققت شهرة واسعة في العالم. الكتاب من تأليف الخبير في مجال التحفيز وتنظيم الوقت برايان تريسي، الذي يقدم فيه مجموعة من الأساليب والطرق الفعالة لتغيير عاداتنا اليومية، وكيفية التعامل مع المهام الصعبة والمعقدة. يعكس الكتاب فكرة أساسية، وهي أهمية البداية بالأمور الأكثر صعوبة، التي غالبًا ما نتهرب منها، كي نصبح أكثر إنتاجية ونجاحًا في حياتنا المهنية والشخصية.
المفهوم الرئيسي للكتاب: “التهم هذا الضفدع”
يرتكز عنوان الكتاب على فكرة بسيطة لكنها عميقة: إذا كان عليك أن تأكل ضفدعًا حيًا في أحد الأيام، فإن أفضل شيء يمكنك القيام به هو أكله في الصباح فورًا، لأنه بمجرد أن تتعامل مع المهمة الأكثر صعوبة، ستكون بقية يومك أكثر سهولة وراحة. في هذه الحالة، يُعتبر “الضفدع” هو المهام المعقدة أو الصعبة التي نتجنبها في أغلب الأحيان.
فكرة الكتاب تتمثل في أنه يجب على الفرد أن يبدأ يومه بالتركيز على أكثر المهام تحديًا، وتلك التي تثير بداخله أكبر قدر من المقاومة. وبذلك، فإن القيام بهذه المهام أولًا يجعل الشخص يشعر بالإنجاز ويعزز من إنتاجيته خلال اليوم. بالمقابل، إذا استمر الشخص في تأجيل المهام الصعبة، فإن ذلك سيؤدي إلى تراكم الضغوط، مما يعرقل الإنتاجية ويزيد من مستويات التوتر.
قوة التحدي: “ابدأ بالأهم ولو كان صعباً”
أحد المفاهيم الأساسية التي يركز عليها برايان تريسي هو أن غالبًا ما نكون عرضة للتسويف بسبب خوفنا من الفشل أو لأن المهام تبدو شاقة. هذا التسويف، الذي يُعتبر العدو اللدود للإنتاجية، يمكن أن يقودنا إلى تضييع وقتنا في أمور غير مهمة، مما يجعلنا نبتعد عن تحقيق أهدافنا.
في البداية، قد يبدو من الصعب تنفيذ هذه الفكرة، خاصة عندما تشعر أن لديك العديد من المهام الأخرى التي تبدو أكثر سهولة أو أقل إرهاقًا. لكن الفكرة الجوهرية هي أنه من خلال “أكل الضفدع” في الصباح، أي إتمام المهام الأكثر صعوبة أولًا، فإنك تخلق لنفسك طاقة إيجابية تدفعك لإنجاز باقي المهام بسهولة أكبر.
مفهوم الأولويات: تحديد “الضفدع”
على الرغم من أن فكرة “أكل الضفدع” تبدو واضحة في ظاهرها، إلا أن تنفيذها يتطلب فهماً عميقًا لأهمية ترتيب الأولويات. كما يشير برايان تريسي في كتابه، يجب أن تكون قادرًا على تحديد المهام الأكثر أهمية في حياتك وعملك، وليس فقط تلك التي تشعر بأنها تستهلك أكبر قدر من الوقت. هذه المهام هي التي يجب أن تتعامل معها فورًا، لأنها هي التي ستقودك إلى النجاح والتقدم.
وعليه، يجب على القارئ أن يتعلم كيفية تحديد “الضفدع” أو المهام التي تمثل أكبر تحدٍ في حياته. هذا يتطلب ممارسة التفكير النقدي والتخطيط المسبق. ومن خلال تخصيص وقت معين لهذا النوع من المهام، يمكن للشخص تحقيق إنجازات عظيمة في فترات قصيرة.
التخطيط والتحضير: أدوات النجاح
يؤكد برايان تريسي على أهمية التخطيط المسبق والتحضير في تحسين القدرة على مواجهة المهام الصعبة. في الكتاب، يقدم تريسي مجموعة من الأدوات التي تساعد في إدارة الوقت بفعالية، مثل:
-
تقنية “مصفوفة أيزنهاور”: هي طريقة مفيدة لتنظيم المهام بحسب الأولوية، حيث يتم تقسيم المهام إلى أربع فئات: مهمة وعاجلة، مهمة وغير عاجلة، غير مهمة وعاجلة، وغير مهمة وغير عاجلة. يساعد هذا التصنيف على تحديد المهام التي تحتاج إلى تركيز أولي.
-
كتابة الأهداف: يدعو تريسي إلى كتابة الأهداف بشكل دوري، وتحديد الخطوات الضرورية لتحقيق هذه الأهداف. عندما يتم تحديد الأهداف بوضوح، يصبح من السهل تحديد المهام الأكثر أهمية.
-
تقسيم المهام الكبيرة: كثيرًا ما تؤدي المهام الكبيرة والمعقدة إلى الشعور بالعجز. يقدم الكتاب نصيحة تقضي بتقسيم المهام الكبيرة إلى مهام أصغر، يمكن إتمامها بشكل تدريجي، مما يقلل من شعورنا بالإرهاق والتردد.
-
تقنيات التركيز: يوصي تريسي بتخصيص فترات زمنية قصيرة ومحددة لأداء المهام الصعبة، مما يساعد على تحسين التركيز وتقليل التشتت.
التعامل مع التسويف: العدو الأول للإنتاجية
يشير برايان تريسي إلى أن التسويف هو أكثر العوامل المدمرة للإنتاجية. عندما نتجنب المهام الصعبة، فإننا نؤجل النجاح وندع مشاعر القلق والتردد تسيطر علينا. يقول تريسي إن أول خطوة لمكافحة التسويف هي مواجهة المهام الصعبة وجعلها من أولوياتك. وعندما تبدأ في إنجاز هذه المهام، حتى وإن كانت صغيرة، ستشعر بزيادة في الثقة بالنفس.
من خلال تطوير عادة “التهم هذا الضفدع”، يبدأ الفرد في تدريب نفسه على مواجهة المهام الصعبة مباشرة بدلاً من تأجيلها، مما يؤدي إلى تحسين الأداء العام وتخفيض مستويات التوتر. يوصي تريسي باستخدام تقنيات مثل “العمل المتواصل لمدة 25 دقيقة” ثم أخذ استراحة قصيرة، وهي طريقة شائعة لتحفيز الإنتاجية دون الشعور بالإرهاق.
التركيز على النتيجة: أهمية الشعور بالإنجاز
بعد إتمام المهام الصعبة، يقدم الكتاب مفهومًا مهمًا يتعلق بالشعور بالإنجاز، وهو ما يرفع من مستوى الحافز الذاتي. عندما تبدأ يومك بإنجاز المهمة الأكثر صعوبة، فإنك لا تشعر فقط بأنك قد حققت شيئًا مهمًا، بل أيضًا تمنح نفسك شعورًا بالقدرة على مواجهة المزيد من التحديات. هذا الشعور بالإنجاز ينعكس إيجابًا على قدرتك على إتمام المهام الأخرى بسرعة وكفاءة.
ختامًا: بناء عادات النجاح
في النهاية، يشير برايان تريسي في كتابه إلى أن تطبيق هذه الفلسفة على المدى الطويل سيؤدي إلى تحسين مستمر في الأداء الشخصي. مع مرور الوقت، ستصبح عادة التعامل مع المهام الصعبة في البداية أمرًا طبيعياً بالنسبة لك. من خلال ممارسة “أكل الضفدع” بشكل يومي، سيطور الفرد عادات جديدة تساعده على النجاح في جميع جوانب حياته.
عند تطبيق هذه المبادئ، ستكون أكثر قدرة على التعامل مع ضغوط الحياة اليومية وتحقيق أهدافك المهنية والشخصية بكفاءة أعلى. الكتاب يدعو إلى التفوق على النفس وتحقيق الإنجاز من خلال تخطيط منظم، تحديد الأولويات، والتعامل الفعال مع التسويف.
إن كتاب “ابدأ بالأهم ولو كان صعبًا” هو دعوة للعمل الجاد والمستمر من أجل تحسين الذات والوصول إلى مستويات أعلى من النجاح، وهو دليل حقيقي للذين يسعون إلى التميز والإنجاز.
