أضرار الخيوط لشد الوجه: دراسة شاملة ومفصلة

تُعد تقنية شد الوجه بالخيوط من الإجراءات التجميلية غير الجراحية التي اكتسبت شهرة واسعة في السنوات الأخيرة، نظرًا لفعاليتها النسبية في إعادة الشباب إلى ملامح الوجه بدون الحاجة إلى تدخل جراحي معقد. تعتمد هذه التقنية على إدخال خيوط خاصة تحت الجلد بهدف رفع وشد الجلد المترهل، مما يقلل من التجاعيد ويعيد نضارة البشرة. ورغم انتشار هذه التقنية واعتبارها بديلاً أقل خطورة مقارنة بالعمليات الجراحية، فإن استخدام الخيوط يحمل في طياته العديد من المخاطر والأضرار التي قد تؤثر على صحة الجلد والمظهر العام للوجه. هذا المقال يقدم دراسة مفصلة وشاملة حول أضرار الخيوط لشد الوجه، مستندًا إلى الدراسات العلمية والتجارب السريرية، مع شرح لأسباب حدوث هذه الأضرار والطرق التي يمكن من خلالها الحد منها.

مقدمة عن شد الوجه بالخيوط

تقنية شد الوجه بالخيوط تعتمد على إدخال خيوط طبية مصنوعة من مواد قابلة للامتصاص أو غير قابلة للامتصاص، مثل خيوط البولي بروبيلين أو خيوط حمض اللاكتيك، تحت الجلد عن طريق إبر دقيقة. تقوم هذه الخيوط برفع الجلد والأنسجة المترهلة، وتحفز إنتاج الكولاجين الطبيعي في الجلد، مما يحسن من مرونة البشرة ويمنحها مظهرًا مشدودًا وشابًا. رغم المميزات التي تقدمها هذه التقنية مقارنة بالتدخلات الجراحية، إلا أن هناك حالات عديدة سجلت فيها أضرار ومضاعفات نتيجة هذا الإجراء.

أنواع أضرار الخيوط لشد الوجه

1. التورم والكدمات والاحمرار

من أشهر وأبرز الأضرار التي يواجهها المرضى بعد إجراء شد الوجه بالخيوط هو حدوث تورم في مناطق الحقن، مصحوب بكدمات واحمرار ملحوظ. ينتج هذا التورم بسبب تأثير الإبرة والدخول المتكرر للخيوط تحت الجلد، مما يؤدي إلى التهاب مؤقت في الأنسجة المحيطة. على الرغم من أن هذا العرض غالبًا ما يكون مؤقتًا ويزول خلال أيام قليلة، إلا أنه قد يسبب انزعاجًا واضحًا ويؤثر على المظهر الخارجي للمريض خلال فترة التعافي.

2. الألم وعدم الراحة المستمر

قد يشعر بعض الأشخاص بألم موضعي في مناطق الخيوط، والذي يمكن أن يستمر لأيام أو حتى أسابيع في حالات نادرة. هذا الألم ينتج عادةً عن استجابة الأنسجة للمواد الغريبة، أو تحريك الخيوط بعد إدخالها، أو التهاب محيط بالخيوط. في بعض الحالات الشديدة، قد تتطلب هذه الحالة تدخلاً طبيًا لتخفيف الألم.

3. عدم تساوي الوجه وظهور التكتلات

أحد أكثر المشاكل شيوعًا هي عدم تساوي شد الجلد، مما يؤدي إلى مظهر غير متناغم للوجه. يحدث هذا نتيجة لتوزيع غير متساوٍ للخيوط أو تحركها بعد العملية، وقد يظهر على شكل تكتلات تحت الجلد أو نتوءات بارزة. هذه التكتلات قد تكون مؤلمة أو مزعجة من الناحية الجمالية، وتحتاج أحيانًا إلى تدخل طبي لإزالتها أو تعديلها.

4. العدوى والتهابات الجلد

استخدام الخيوط يمثل اختراقًا لطبقة الجلد، وهو ما يفتح الباب أمام احتمالية حدوث عدوى بكتيرية أو فطرية في مكان الإدخال. إذا لم يتم اتباع معايير التعقيم بدقة أو تم التعامل مع الخيوط بطريقة غير صحية، فقد تتطور العدوى وتسبب احمرارًا حادًا، تورمًا، وألمًا شديدًا، وربما خروج صديد من مواضع الإدخال. في الحالات الخطيرة، قد ينتشر الالتهاب إلى طبقات أعمق من الجلد ويتطلب علاجًا بالمضادات الحيوية أو حتى إزالة الخيوط.

5. التحسس وردود الفعل التحسسية

تتضمن بعض الخيوط مواد قد تسبب تحسسًا لدى بعض الأشخاص، خاصة الذين لديهم تاريخ سابق لحساسية تجاه مواد كيميائية أو طبية معينة. ردود الفعل التحسسية قد تشمل حكة، طفح جلدي، احمرار متزايد، وتورم غير معتاد، وقد تكون شديدة في بعض الأحيان، مما يستدعي إيقاف الإجراء والعلاج الفوري.

6. تلف الأعصاب وظهور الخدر أو التنميل

تتواجد أعصاب حساسة للغاية في طبقات الجلد والأنسجة المحيطة، وقد يؤدي إدخال الخيوط إلى إصابة هذه الأعصاب، مما يتسبب في خدر، تنميل، أو حتى ضعف مؤقت في بعض مناطق الوجه. في الحالات النادرة، قد يكون الضرر دائمًا إذا لم يتم التعامل معه بسرعة أو بشكل صحيح.

7. تمزق الخيوط أو خروجها من الجلد

في بعض الحالات، قد تنكسر الخيوط أو تتحرك خارج موضعها المقرر، مما يؤدي إلى مظهر غير مرغوب فيه وخروج الخيوط من الجلد. هذا يحدث عادةً نتيجة سوء التطبيق أو بسبب حركة عضلات الوجه العنيفة بعد العملية، ويحتاج إلى تدخل طبي لإزالة الخيوط التالفة.

8. الندوب وتشوهات الجلد

رغم أن شد الوجه بالخيوط لا يترك عادة ندوب جراحية كبيرة، إلا أن بعض الحالات قد تتعرض لتكوين ندوب صغيرة أو تشوهات جلدية، خاصة إذا حدثت التهابات شديدة أو عدوى. هذه الندوب قد تكون ملحوظة وتؤثر على المظهر العام للوجه.

9. فقدان مفعول الخيوط أو نتائج غير مرضية

على الرغم من أن هذه ليست “ضرر” بالمعنى الصحي، إلا أن فقدان الفعالية أو ظهور نتائج غير مرضية تعد من العيوب المحتملة التي تؤثر على رضا المريض. قد تظهر النتائج قصيرة العمر في بعض الحالات، أو تكون غير متناسبة مع توقعات المريض، مما يستدعي إعادة الإجراء أو التفكير في حلول أخرى.

العوامل التي تزيد من احتمالية حدوث الأضرار

1. خبرة الطبيب ومهارته

يُعتبر اختيار طبيب متخصص وماهر في تقنيات شد الوجه بالخيوط من أهم العوامل التي تحدد نجاح العملية وتقليل الأضرار. الأخطاء في تحديد أماكن إدخال الخيوط أو عمقها قد تؤدي إلى مضاعفات عديدة.

2. نوع الخيوط المستخدمة

تختلف أنواع الخيوط الطبية المستخدمة في شد الوجه من حيث الجودة، المكونات، والخواص الفيزيائية. استخدام خيوط منخفضة الجودة أو غير مناسبة لنوع بشرة المريض قد يزيد من احتمالية حدوث التهابات أو تحسس.

3. الحالة الصحية العامة للمريض

الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو مشاكل جلدية قد يكونون أكثر عرضة للمضاعفات بعد شد الوجه بالخيوط. كما أن التدخين وتعاطي بعض الأدوية قد يؤثر على سرعة التعافي وظهور الأضرار.

4. العناية ما بعد الإجراء

عدم اتباع تعليمات العناية اللازمة بعد العملية، مثل تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس أو النشاطات العنيفة، قد يسبب تحريك الخيوط أو زيادة الالتهاب.

كيفية التقليل من مخاطر أضرار الخيوط

• الحرص على اختيار طبيب مؤهل ومتخصص في هذا النوع من الإجراءات التجميلية.

• التأكد من استخدام خيوط طبية معتمدة وذات جودة عالية.

• إخطار الطبيب بالحالة الصحية العامة وأي أدوية يتم تناولها.

• الالتزام بتعليمات العناية بعد العملية بشكل صارم.

• المتابعة الدورية مع الطبيب لمراقبة حالة الجلد ونتائج الشد.

مقارنة بين أضرار شد الوجه بالخيوط والإجراءات التجميلية الأخرى

الخاتمة

رغم فعالية تقنية شد الوجه بالخيوط في تحسين مظهر البشرة والوجه، إلا أن أضرارها ومخاطرها لا يمكن تجاهلها، ولا بد من التعامل معها بوعي كبير. تلعب خبرة الطبيب، نوع الخيوط، الحالة الصحية للمريض، والالتزام بالتعليمات دورًا محوريًا في تقليل هذه المخاطر. في النهاية، يتطلب الإجراء توازنًا دقيقًا بين الفوائد والمخاطر المحتملة، مع ضرورة اتخاذ قرار مبني على معلومات دقيقة ومدروسة.

المصادر والمراجع

1. Alam, M., et al. (2018). “Complications of Thread Lifts: A Systematic Review.” Dermatologic Surgery, 44(6), 757-764.

2. Bae, J.W., & Kim, H.J. (2020). “Clinical Outcomes and Safety of Thread Lifting: A Review.” Journal of Cosmetic Dermatology, 19(3), 634-640.