أضرار الثوم على صحة الطفل

أضرار الثوم للطفل

يُعدّ الثوم من النباتات العشبية التي تُستخدم على نطاق واسع في الطبخ والتداوي الشعبي منذ قرون، ويُعرف بمكوناته النشطة ذات الفوائد الصحية المتعددة. إلا أن هذه الفوائد التي تعود بالنفع على البالغين لا تعني بالضرورة أنها آمنة للأطفال، لا سيما في مراحلهم العمرية الأولى. إذ أن تقديم الثوم للأطفال، خاصة الرضّع أو من هم دون سن العامين، قد يحمل معه جملة من الأضرار الصحية التي تستدعي الانتباه والحذر. يتناول هذا المقال بإسهاب الأضرار المحتملة للثوم على صحة الأطفال، مع توضيح الجوانب الفسيولوجية والبيوكيميائية التي تُفسر تأثير الثوم السلبي عليهم، مدعوماً بأحدث الأدبيات العلمية والتوصيات الطبية.

أولاً: الجهاز الهضمي غير الناضج لدى الأطفال

الطفل حديث الولادة أو في سنواته الأولى يكون جهازه الهضمي في طور التطور ولم يكتمل بعد من حيث القدرة على هضم الأطعمة المعقدة أو تلك الغنية بالمواد الكيميائية النشطة. ويُعدّ الثوم من الأغذية التي تحتوي على مركبات كبريتية نشطة مثل الأليسين (Allicin) التي تفرز عند سحق الثوم أو فرمه. هذه المادة رغم فوائدها كمضاد للبكتيريا والفطريات عند البالغين، إلا أنها قد تكون مهيجة لمعدة الطفل غير الناضجة.

أضرار محتملة:

• تهيج المعدة وظهور أعراض الغثيان أو التقيؤ.

• زيادة حموضة المعدة ما يؤدي إلى انزعاج الطفل ورفضه للرضاعة.

• حدوث انتفاخات شديدة أو مغص عند الأطفال الرضع.

• إسهال حاد بسبب تهيج الغشاء المخاطي للأمعاء.

ثانياً: ردود الفعل التحسسية

رغم أن الثوم لا يُعد من الأغذية ذات التصنيف العالي في مسببات الحساسية كالحليب أو البيض أو الفول السوداني، إلا أن بعض الأطفال قد يُبدون تحسساً اتجاه مركباته النشطة. الحساسية من الثوم قد تكون فورية أو مؤجلة، وتشمل أعراضاً قد تكون بسيطة أو خطيرة، وتستدعي أحياناً تدخلاً طبياً عاجلاً.

أعراض التحسس من الثوم عند الأطفال:

• طفح جلدي أو احمرار في البشرة.

• حكة أو تقشير في الجلد حول الفم.

• تورم في الوجه أو الشفتين.

• صعوبة في التنفس أو صفير في الصدر.

• اضطرابات في الهضم مثل التقيؤ أو الإسهال.

ثالثاً: التأثير على الرضاعة الطبيعية

عندما تتناول الأم الثوم بكميات كبيرة خلال فترة الرضاعة الطبيعية، يمكن أن تنتقل المركبات الكبريتية عبر حليب الثدي إلى الرضيع. وهذا قد يؤدي إلى تغير طعم الحليب ما يدفع بعض الأطفال إلى رفض الرضاعة. في دراسات متعددة، وُجد أن الرضع يمكنهم التمييز بين نكهات الحليب بحسب تغذية الأم، والثوم من أكثر الأطعمة التي تؤثر على رائحته وطعمه.

آثار تناول الأم للثوم أثناء الرضاعة:

• رفض الطفل للرضاعة الطبيعية.

• تغيرات سلوكية مثل البكاء المستمر والانزعاج بعد الرضاعة.

• اضطرابات في النوم أو صعوبة في الاستقرار خلال الليل.

رابعاً: احتمالية السمية بسبب الجرعة الزائدة

الثوم ليس آمناً عندما يُعطى بكميات كبيرة للأطفال، فبعض الدراسات تشير إلى أن الإفراط في تناول الثوم قد يؤدي إلى ما يُعرف بالتسمم الكبريتي نتيجة تراكم مركبات مثل ثنائي كبريتيد الأليل (Diallyl disulfide). الجهاز المناعي للأطفال غير قادر على تحمل هذه التراكيز العالية، مما قد يؤدي إلى اضطرابات خطيرة.

علامات التسمم المحتمل بالثوم عند الطفل:

• انخفاض ضغط الدم.

• زيادة معدل النبض وضعف التنفس.

• دوار أو فقدان وعي في الحالات المتقدمة.

• تغير في لون البول أو البراز بسبب تأثير الثوم على الكبد.

خامساً: تأثير الثوم على خلايا الدم الحمراء

أحد الجوانب المثيرة للقلق عند تناول الثوم بكميات كبيرة هو تأثيره المحتمل على خلايا الدم الحمراء. تشير الدراسات إلى أن مركب الأليسين قد يساهم في تحلل خلايا الدم الحمراء، مما يؤدي إلى حالة تعرف باسم “فقر الدم الانحلالي”، خصوصاً عند الرضع أو الأطفال الذين يعانون من نقص إنزيم G6PD (أنزيم نازعة الهيدروجين من الجلوكوز 6 فوسفات). وهذا النقص يجعل الطفل أكثر عرضة لتكسر خلايا الدم الحمراء عند تعرضه لمواد مؤكسدة كالثوم.

أعراض هذه الحالة:

• شحوب الوجه والجلد.

• بول داكن اللون.

• تعب مفرط وسرعة في التنفس.

• تضخم الطحال أو الكبد في الحالات المزمنة.

سادساً: خطر الاختناق عند الأطفال الصغار

بعيداً عن التأثيرات الفسيولوجية والكيميائية، هناك خطر فيزيائي يتمثل في احتمال الاختناق عند تقديم فصوص الثوم أو قطع منه للأطفال دون تقطيعها أو طهيها بشكل مناسب. الثوم النيء يكون صلب القوام وصغير الحجم مما يزيد من خطر انزلاقه في مجرى التنفس.

سابعاً: تفاعل الثوم مع بعض الأدوية أو الحالات الطبية

الثوم معروف بقدرته على خفض ضغط الدم ومنع تجلط الدم، وهي فوائد قد تكون ضارة للأطفال خاصة إذا كانوا يتناولون أدوية مضادة للتخثر مثل الوارفارين أو لديهم أمراض قلبية تتطلب علاجاً دوائياً دقيقاً. الأطفال المصابون بأمراض الكبد أو اضطرابات الدم أيضاً يجب أن يُمنعوا من تناول الثوم إلا بإشراف طبي مباشر.

مخاطر التفاعل مع الأدوية:

• زيادة خطر النزيف الداخلي.

• تفاقم اضطرابات الكبد.

• انخفاض مفرط في ضغط الدم.

• تأثير سلبي على مفعول الأدوية الأخرى.

ثامناً: مشكلات في الفم واللثة

الثوم النيء يحتوي على زيوت طيّارة ذات طبيعة قوية ومركزة، ما قد يؤدي إلى تهيج أغشية الفم عند الأطفال. وتكون أنسجة الفم واللثة عند الطفل حساسة جداً، ويمكن أن تتضرر بسهولة عند تعرضها المباشر لمركبات نشطة.

أعراض تهيج الفم بسبب الثوم:

• حروق خفيفة أو تقرحات.

• سيلان لعاب زائد.

• رائحة فم كريهة يصعب التخلص منها.

• آلام عند المضغ أو البلع.

جدول يوضح الفرق بين فوائد الثوم للبالغين ومخاطره على الأطفال

خلاصة علمية

رغم السمعة الطبية الإيجابية للثوم وفوائده التي لا تُنكر للكبار، فإن استخدامه للأطفال يجب أن يتم بحذر بالغ وتحت إشراف طبي متخصص. لا يُنصح بتقديم الثوم للأطفال تحت عمر السنة بأي شكل من الأشكال، سواء نيئاً أو مطهواً، كما يجب تجنبه تماماً عند وجود تاريخ عائلي لحساسية من النباتات من فصيلة الزنبقيات. يتوجب على الأمهات تجنب استخدام الثوم كمكمل غذائي أو علاج منزلي للأطفال الرضع، والاعتماد على الأغذية الموصى بها علمياً والتي أثبتت سلامتها وفعاليتها لهذه الفئة العمرية الحساسة.

المراجع:

1. National Center for Complementary and Integrative Health (NCCIH). Garlic. https://www.nccih.nih.gov

2. American Academy of Pediatrics. “Complementary and Alternative Medicine for Children.” Pediatrics Journal, Volume 140, Issue 2, 2017.