أضرار أشعة الماموجرام: فهم المخاطر والتحديات في الكشف المبكر عن سرطان الثدي
أصبحت أشعة الماموجرام (أو ما يُعرف أيضًا بأشعة الثدي) واحدة من الأدوات الأساسية في الكشف المبكر عن سرطان الثدي. تقدم هذه التقنية العديد من الفوائد، مثل تمكين الأطباء من اكتشاف الأورام الصغيرة التي قد لا تكون محسوسة عن طريق الفحص الجسدي. ورغم أنها تُعدّ وسيلة هامة وفعّالة في الكشف المبكر، إلا أن هناك مجموعة من الأضرار والآثار الجانبية المحتملة التي قد تُصاحب إجراء هذه الأشعة. في هذا المقال، سنناقش هذه الأضرار بتفصيل، مع التركيز على المخاطر الصحية المتعلقة بهذه التقنية، ومدى تأثيرها على صحة النساء.
ما هي أشعة الماموجرام؟
أشعة الماموجرام هي اختبار تصويري يُستخدم للكشف عن التغيرات في أنسجة الثدي، حيث تعتمد على الأشعة السينية لإنتاج صور دقيقة للثدي تساعد الأطباء في الكشف عن الأورام أو التغيرات الأخرى التي قد تشير إلى وجود سرطان الثدي. يُوصى بإجراء الماموجرام بشكل دوري للنساء فوق سن الأربعين، أو في حالات وجود تاريخ عائلي للسرطان أو عوامل خطر أخرى.
الأضرار والمخاطر المحتملة لأشعة الماموجرام
رغم أن أشعة الماموجرام تُعتبر من الأدوات الفعالة للكشف المبكر، إلا أن لها العديد من الأضرار والمخاطر التي يجب أن تكون النساء على دراية بها. فيما يلي استعراض لأهم هذه المخاطر:
1. التعرض للأشعة السينية
أحد الأضرار الأكثر شيوعًا والمثارة للجدل هو التعرض للأشعة السينية التي يتم خلالها أخذ صور للثدي. يتمثل الخطر الأساسي هنا في أن الأشعة السينية تُعتبر نوعًا من الإشعاع الذي قد يُسبب ضررًا للخلايا ويزيد من احتمالية حدوث الطفرات الجينية التي قد تؤدي إلى تطور السرطان. ورغم أن كمية الإشعاع المستخدمة في أشعة الماموجرام ضئيلة، فإن تكرار التعرض له يمكن أن يُزيد من المخاطر على المدى الطويل.
بعض الدراسات تشير إلى أن النساء اللاتي يخضعن للماموجرام بشكل دوري قد يتعرضن لخطر طفيفة من الإصابة بسرطان الثدي بسبب تراكم الأشعة السينية على مدار السنوات. وبالطبع، يختلف هذا الخطر من شخص لآخر ويعتمد على عوامل مثل العمر وعدد الأشعة السينية التي تم إجراؤها.
2. الإيجابيات الكاذبة (False Positives)
يُعدّ أحد التحديات الكبيرة التي قد تترتب على أشعة الماموجرام هو حدوث نتائج إيجابية كاذبة، أي ظهور صورة تدل على وجود كتلة أو تغير غير طبيعي في الثدي، ثم يتبين في الفحوصات اللاحقة أن هذا التغير ليس سرطانًا. هذا النوع من الأخطاء قد يسبب قلقًا كبيرًا للمرأة، وقد يستلزم الأمر إجراء المزيد من الفحوصات مثل الخزعات أو الأشعة الأخرى لإزالة الشكوك.
التأثير النفسي لهذه النتائج الإيجابية الكاذبة قد يكون بالغ الأثر، حيث قد يتسبب في شعور بالقلق والتوتر والضغط النفسي، وفي بعض الحالات قد تؤدي إلى إجراءات طبية غير ضرورية، مما يعرض المرأة لمخاطر إضافية.
3. الإيجابيات السلبية (False Negatives)
على الرغم من أن الماموجرام يُعتبر أداة فعّالة في الكشف المبكر، إلا أنه ليس دقيقًا بنسبة 100%. قد يحدث أن تُظهر الأشعة السينية صورة طبيعية على الرغم من وجود ورم في الثدي. هذا يُعرف بالإيجابية السلبية، ويعني أن المرأة قد لا تتلقى التشخيص المبكر لسرطان الثدي بالرغم من وجوده بالفعل.
يمكن أن يحدث هذا النوع من الخطأ بسبب حجم الورم أو موقعه في الثدي، أو بسبب عدم وضوح الصورة الناتج عن كثافة أنسجة الثدي. النساء اللاتي يمتلكن أنسجة ثديية كثيفة قد يكنّ أكثر عرضة لهذه المشكلة، حيث يمكن أن تخفي الأنسجة الكثيفة الأورام الصغيرة.
4. الألم والضيق خلال الفحص
يتطلب إجراء أشعة الماموجرام ضغطًا شديدًا على الثدي لتوفير صورة واضحة. هذا الضغط قد يسبب شعورًا بالألم أو الانزعاج لدى بعض النساء، وقد يُعتبر هذا من أكبر العوائق النفسية التي قد تواجه النساء أثناء اتخاذ قرار إجراء الفحص. وعلى الرغم من أن هذا الألم عادة ما يكون مؤقتًا، إلا أنه قد يسبب قلقًا للعديد من النساء، وخاصة أولئك اللاتي يعانين من حساسية في الثدي أو اللاتي سبق لهن أن تعرضن لعمليات جراحية في الثدي.
5. عدم الدقة في الفحص للنساء الأصغر سناً
أشعة الماموجرام تُظهر صورًا دقيقة للثدي، لكن قد تواجه صعوبة في الكشف عن الأورام في الثدي لدى النساء الأصغر سنًا، تحديدًا تحت سن الأربعين. ذلك أن الأنسجة في ثدي النساء الأصغر سناً تكون أكثر كثافة مما يُصعب من رؤية الأورام بشكل دقيق. في مثل هذه الحالات، قد تكون الماموجرام غير كافية للكشف عن السرطان، وقد يُوصي الأطباء باستخدام أساليب أخرى مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو الفحص الذاتي.
6. العواقب المحتملة للإفراط في الفحص
إجراء فحوصات الماموجرام بشكل دوري قبل أن تصل المرأة إلى سن الأربعين، أو في حالة عدم وجود تاريخ عائلي للسرطان، قد يؤدي إلى التشخيص المبالغ فيه. الإفراط في التشخيص قد يعنى أن النساء قد يخضعن لإجراءات طبية غير ضرورية، مثل الخزعات الجراحية أو إزالة الأنسجة السليمة، مما يعرضهن لمخاطر إضافية لا داعي لها.
7. التأثير النفسي طويل الأمد
إجراء فحص الماموجرام يمكن أن يترك آثارًا نفسية على بعض النساء. القلق المستمر بشأن نتائج الفحص، حتى لو كانت النتائج سلبية، قد يؤدي إلى شعور مستمر بالخوف والتوتر. التأثير النفسي الناتج عن الفحوصات، سواء كانت إيجابية أو سلبية، يمكن أن يساهم في إضعاف الصحة العامة للمرأة.
هل يجب تجنب إجراء أشعة الماموجرام؟
من المهم أن نتذكر أن فحص الماموجرام لا يعني بالضرورة أن هناك خطرًا كبيرًا يهدد صحة المرأة. فعلى الرغم من وجود أضرار محتملة، إلا أن فوائد إجراء الفحص في الكشف المبكر عن سرطان الثدي قد تكون كبيرة، خاصة عندما يُجرى في الفئات العمرية المناسبة وضمن الإرشادات الطبية الموصى بها.
الخلاصة
في الختام، أشعة الماموجرام هي أداة هامة للكشف المبكر عن سرطان الثدي، وتساعد في توفير فرصة أكبر للعلاج المبكر والفعال. إلا أن مثل أي تقنية طبية، لها مجموعة من الأضرار والمخاطر التي يجب أخذها في الاعتبار. من الضروري أن تكون النساء على دراية بهذه المخاطر وأن يتشاورن مع أطبائهن لتحديد ما إذا كانت هذه التقنية هي الأنسب لهن بناءً على التاريخ العائلي والحالة الصحية.
