أصناف فاكهة السفرجل

أصناف فاكهة السفرجل

فاكهة السفرجل، المعروفة علمياً باسم Cydonia oblonga، تُعد من الفواكه القديمة التي زُرعت في الحضارات المتوسطية والشرقية منذ آلاف السنين، ولها مكانة بارزة في التراث الزراعي والغذائي في العديد من الثقافات. تنتمي إلى الفصيلة الوردية (Rosaceae)، وهي نفس العائلة النباتية التي تضم التفاح والإجاص، وتُشبههما في الشكل العام إلى حد كبير، غير أنها تختلف عنهما في اللون، القوام، والنكهة. تشتهر السفرجل بصلابة قوامها وطعمها القابض حين تؤكل طازجة، إلا أن طهيها يُحولها إلى فاكهة طرية حلوة وعطرية تُستخدم في العديد من الأطباق التقليدية والحلويات.

الخصائص العامة لفاكهة السفرجل

يبلغ ارتفاع شجرة السفرجل عادة ما بين 3 إلى 6 أمتار، وتتميز بأوراقها اللامعة الخضراء الداكنة من الأعلى، والفاتحة ذات الزغب الناعم من الأسفل. ثمارها كروية أو كمثرية الشكل، صفراء ذهبية عند النضج، ذات قشرة صلبة مغطاة بطبقة خفيفة من الزغب الرمادي. اللب قاسي وجاف إلى حد ما، وله نكهة حامضة قابضة. تتميز السفرجل باحتوائها على نسبة عالية من البكتين، مما يجعلها مثالية لصناعة الجيلي والمربى.

القيمة الغذائية للسفرجل

السفرجل فاكهة غنية بالعناصر الغذائية المفيدة، وخصوصاً الألياف الغذائية والفيتامينات، مما يجعلها خياراً صحياً ضمن النظام الغذائي:

تُساهم هذه التركيبة في تعزيز المناعة، تحسين الهضم، وتنظيم مستويات السكر والكوليسترول في الدم.

التنوع الصنفي للسفرجل

توجد العديد من الأصناف الزراعية من فاكهة السفرجل، تختلف فيما بينها من حيث الشكل، الحجم، النكهة، القدرة على التخزين، ومقاومة الأمراض. يمكن تصنيف هذه الأصناف ضمن نوعين رئيسيين:

1. الأصناف الكمثرية الشكل (Pyriform)

تتميز هذه الأصناف بشكلها الذي يُشبه الكمثرى، وغالباً ما تكون كبيرة الحجم، ذات قشرة سميكة وقاسية، ويُفضل استخدامها في الطهي. من أبرز هذه الأصناف:

أ. صنف “سمايْرنا” (Smyrna Quince)

• المنشأ: تركيا.

• الخصائص: ثمرة كبيرة الحجم، قشرة ذهبية لامعة، نكهة مركزة، عالية المحتوى من البكتين.

• الاستخدامات: مربى السفرجل، الطهي، تجفيف اللب.

ب. صنف “بورغوني” (Bourgeault)

• المنشأ: فرنسا.

• الخصائص: شكل كمثري، نكهة خفيفة، لون داخلي باهت.

• الاستخدامات: الاستهلاك المحلي، يدخل في تصنيع المشروبات التقليدية.

ج. صنف “كوليفيت” (Culivette)

• المنشأ: إسبانيا.

• الخصائص: ناضج مبكرًا، سهل الطهي، نكهة مميزة بعد الطهو.

• الاستخدامات: الحلويات والمخبوزات التقليدية.

2. الأصناف المستديرة الشكل (Apple-shaped)

تشبه هذه الأصناف التفاح في شكلها المستدير، وغالباً ما تكون أقل صلابة من الأنواع الكمثرية. يُمكن أن تكون مناسبة أكثر للاستهلاك الطازج في بعض الحالات، خاصةً الأصناف المهجنة الجديدة. من أهمها:

أ. صنف “ليسنسا” (Leskovac)

• المنشأ: صربيا.

• الخصائص: ثمرة مستديرة متوسطة الحجم، قشرة ناعمة، نكهة خفيفة نسبياً.

• الاستخدامات: العصائر، تناول طازج، تجفيف.

ب. صنف “فالينسيا” (Valenciana)

• المنشأ: إسبانيا.

• الخصائص: فاكهة صغيرة إلى متوسطة، نضج مبكر، مذاق عطري قوي.

• الاستخدامات: المربى، الاستهلاك في العصائر التقليدية.

ج. صنف “تشامبايون” (Champion)

• المنشأ: الولايات المتحدة.

• الخصائص: مقاوم للأمراض، إنتاج غزير، لب طري نسبيًا.

• الاستخدامات: صناعة المربيات، صلصات الفواكه.

الأصناف الحديثة المهجنة

مع التقدم في تقنيات التربية النباتية، تم تطوير العديد من الأصناف المهجنة من السفرجل لتحسين بعض الصفات مثل الطراوة، مقاومة الأمراض، وسهولة الطهي. من بين هذه الأصناف:

• صنف “روزا” (Rosa): صنف ذو لون وردي مميز بعد الطهي، ولب غني بالعصارة.

• صنف “إيفوري جولد” (Ivory Gold): صنف سريع النضج، ذو طعم شبه حلو، مناسب للتناول الطازج.

• صنف “فورتيونا” (Fortuna): يتميز بإنتاجيته العالية، وتناسق حجم الثمار، ومناسب لظروف المناخ القاري.

الاستخدامات الصناعية والغذائية لأصناف السفرجل

تلعب أصناف السفرجل المختلفة دورًا كبيرًا في الصناعات الغذائية، نظراً لغناها بالبكتين ونكهتها المميزة. من أبرز استخداماتها:

• المربى والجيلي: نظراً لارتفاع محتوى البكتين الطبيعي، فإن معظم الأصناف تُستخدم في صناعة مربى السفرجل الشهير المعروف في بعض الدول باسم “ممبرِيلو” (Membrillo).

• الطهي: تُضاف إلى أطباق اللحوم لتعزيز النكهة، خاصة في المطبخ المغربي والإيراني والتركي.

• الحلويات: تدخل في صناعة الكعك والفطائر وبعض أنواع البسكويت التقليدي.

• العصائر: بعض الأصناف تُستخدم في تحضير عصير السفرجل، خاصة الأصناف المستديرة الشكل ذات النكهة الأخف.

اختيار الصنف المناسب للزراعة

يعتمد اختيار صنف السفرجل المناسب للزراعة على عدة عوامل زراعية واقتصادية:

أمراض السفرجل المرتبطة ببعض الأصناف

مثل غيرها من الفواكه، فإن بعض الأصناف تكون أكثر عرضة من غيرها للإصابة ببعض الآفات والأمراض مثل:

• التقرح البكتيري (Fire blight): مرض بكتيري يُصيب الأصناف الرطبة الطرية.

• عفن الثمار (Fruit rot): يُصيب الأصناف ذات الجلد الرقيق.

• تجلط الزهر (Flower drop): غالبًا ما يُصيب الأصناف التي تحتاج إلى تلقيح خلطي.

• لفحة الأوراق (Leaf blight): تُصيب الأصناف كثيفة الأوراق غير المهواة.

بناء عليه، ينبغي لمزارعي السفرجل أن يوازنوا بين جودة الثمار ومقاومة النبات عند اختيار الصنف المناسب للزراعة.

السفرجل في الزراعة المستدامة

تشهد زراعة السفرجل تجددًا ملحوظًا ضمن ممارسات الزراعة العضوية والمستدامة، نظراً لقلة حاجته للمبيدات، وقدرته على النمو في التربة الهامشية. كما أن بعض أصنافه تُستخدم كأصل لتطعيم أنواع التفاح والإجاص لتحسين صلابتها ومقاومتها.

خاتمة فنية

فاكهة السفرجل، رغم أنها لا تتمتع بالشعبية نفسها التي تحظى بها التفاح أو الإجاص، إلا أنها تُعد من الكنوز الزراعية الغنية بالعناصر الغذائية والفوائد الطبية، وتتميّز بتنوع أصنافها بشكل يمنح المزارعين والصناعيين مرونة في الاستفادة منها. هذا التنوع في الأصناف يُتيح اختيار الأنسب لكل غرض زراعي أو صناعي أو استهلاكي، مما يرفع من القيمة الاقتصادية والاجتماعية لهذه الفاكهة في المجتمعات الزراعية التقليدية والحديثة على حد سواء.

المراجع:

1. USDA Agricultural Research Service – Quince Cultivars Overview

2. Janick, J. & Paull, R. E. (2008). The Encyclopedia of Fruit and Nuts. CABI Publishing.