أشهر كتب التفسير بالمأثور
التفسير بالمأثور هو نوع من أنواع التفسير الذي يعتمد على الروايات المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، الصحابة، التابعين، وغيرهم من علماء السلف. يعتمد هذا النوع من التفسير على الأحاديث النبوية الصحيحة، وعلى ما ورد عن الصحابة وتفسيرهم للآيات القرآنية، بالإضافة إلى أقوال التابعين وتفسيراتهم. ويعد التفسير بالمأثور من أقدم وأهم أساليب تفسير القرآن الكريم، حيث يعتبر المصدر الأساسي لفهم معاني القرآن وشرح مقاصده.
في هذا المقال، سنتناول أشهر كتب التفسير بالمأثور، والتي كانت لها دور كبير في نقل الفهم الصحيح للقرآن الكريم عبر العصور، وكيف ساهمت في توضيح المعاني بشكل علمي وموثق.
1. تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن)
يُعتبر تفسير الطبري واحدًا من أشهر كتب التفسير بالمأثور، بل وأكثرها تأثيرًا في تاريخ علم التفسير. ألفه الإمام محمد بن جرير الطبري (224 هـ – 310 هـ)، وهو من أئمة الشافعية المشهورين.
يتميز تفسير الطبري بشمولية وعمق تفسيره للآيات القرآنية، حيث جمع فيه الأراء المختلفة حول تفسير الآية من القرآن الكريم والسنة النبوية وكذلك أقوال الصحابة والتابعين. يعتمد الطبري في تفسيره على الجمع بين التفسير اللغوي والتاريخي، مما جعله مرجعًا علميًا للباحثين في علوم القرآن.
2. تفسير ابن كثير (تفسير القرآن العظيم)
يعد تفسير ابن كثير من أشهر كتب التفسير وأكثرها شهرة بين العلماء. ألفه الإمام إسماعيل بن كثير الدمشقي (701 هـ – 774 هـ)، وهو من علماء الشام الذين تركوا بصمة كبيرة في تفسير القرآن الكريم.
يعتمد تفسير ابن كثير على المأثور، حيث يشرح الآيات القرآنية من خلال الأحاديث النبوية الصحيحة، وأقوال الصحابة، وكذلك تفسير التابعين. كما يحرص ابن كثير على توثيق الأسانيد الواردة عن مفسري السلف. وقد تميز تفسير ابن كثير بسهولته ووضوحه، مما جعله مرجعًا مهمًا للطلاب والعلماء على حد سواء. وكان له تأثير كبير على باقي المفسرين الذين جاءوا بعده.
3. تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن)
يُعتبر تفسير القرطبي من أبرز الكتب في علم التفسير، ويُعد مرجعًا رئيسيًا في التفسير الفقهي والشرعي. ألفه الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي (600 هـ – 671 هـ)، الذي كان من كبار العلماء في الأندلس.
يتسم تفسير القرطبي بجمعه بين التفسير بالمأثور والتفسير العقلي، حيث يناقش فيه القرطبي مختلف الآراء الفقهية والعقدية واللغوية المتعلقة بالآيات القرآنية. كما يبرز التفسير الفقهي للآيات، مستعرضًا مختلف الأحكام الشرعية التي قد تترتب عليها. يشتمل تفسير القرطبي أيضًا على كثير من المسائل البلاغية والنحوية التي تساهم في إيضاح معنى الآية.
4. تفسير ابن أبي حاتم (تفسير القرآن الكريم)
ابن أبي حاتم هو أحد العلماء البارزين في مجال الحديث والقراءات والتفسير، اسمه عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (240 هـ – 327 هـ). له تفسير موسوعي للقرآن الكريم، تميز بتركيزه على تفسير الآيات بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة.
يتفرد تفسير ابن أبي حاتم في كونه يعتمد بشكل كبير على الروايات المأثورة من الأحاديث، فضلاً عن كثرة الأقوال التي جمعها عن الصحابة والتابعين. قام ابن أبي حاتم أيضًا بذكر القراءات المتعددة للآيات وتفسيرها، ما جعله مرجعًا لا غنى عنه في فهم القرآن الكريم.
5. تفسير ابن الجوزي (زاد المسير في علم التفسير)
ابن الجوزي (508 هـ – 597 هـ) هو أحد أبرز علماء الحنابلة في القرن السادس الهجري. كتابه “زاد المسير” هو أحد أشهر كتب التفسير بالمأثور التي تتميز بأسلوب سهل وواضح في شرح معاني القرآن الكريم.
يتبع ابن الجوزي في تفسيره طريقة التفسير بالمأثور، حيث يورد أقوال الصحابة والتابعين والنقل عنهم. كما يعرض التفسير اللغوي للنصوص القرآنية، مع تقديم تفسير مفصل للأحكام الشرعية التي تستنبط من الآيات. يتميز تفسير ابن الجوزي بجمعه بين الأسانيد الضعيفة والقوية، وقد قام بالتمييز بينهما مما أضاف قيمة علمية للمفسرين الذين يعكفون على هذا الكتاب.
6. تفسير البغوي (معالم التنزيل)
يعتبر “معالم التنزيل” للإمام البغوي (436 هـ – 510 هـ) من أبرز كتب التفسير بالمأثور التي تركز على جمع الروايات المأثورة من الصحابة والتابعين. تتمثل أهميته في كونه يتبع منهجًا وسطًا بين الاختصار والشرح التفصيلي، حيث قام البغوي بتفسير الآيات القرآنية بأسلوب سهل وواضح، مع الحرص على ذكر الأسانيد الموثوقة في تفسيره.
يعد تفسير البغوي مرجعًا مهمًا لفهم معاني القرآن، إذ يوضح فيه الشرح اللغوي والبلاغي لكل آية، كما يُذكر فيه توجيهات فقهية وفقًا لما ورد عن الصحابة والتابعين. وهو يتميز بوضوحه وعدم تعقيده، ما يجعله مرجعًا قيّمًا للعلماء والطلاب على حد سواء.
7. تفسير الشوكاني (فتح القدير)
يعتبر “فتح القدير” للإمام محمد بن علي الشوكاني (1173 هـ – 1250 هـ) من الكتب التي تمزج بين التفسير بالمأثور والتفسير العقلي. ورغم أن الشوكاني يولي اهتمامًا كبيرًا للروايات المأثورة من الصحابة والتابعين، إلا أنه كان يميل أيضًا إلى الاجتهاد الشخصي في تفسير بعض الآيات.
يتميز “فتح القدير” بجمعه بين التفسير التقليدي والحديث في تفسير القرآن، حيث يذكر فيه الأسانيد والروايات بشكل دقيق ويحلل الأقوال المختلفة في تفسير الآيات. كما يناقش الشوكاني الآراء الفقهية المختلفة ويفحصها بعناية.
8. تفسير الطبرسي (مجمع البيان)
تفسير “مجمع البيان” للإمام الطبرسي (468 هـ – 548 هـ) هو من أشهر كتب التفسير الشيعية المعروفة بالتفسير بالمأثور. يعتمد هذا التفسير على جمع الروايات التي وردت عن الأئمة، ويقدم شرحًا تفصيليًا للآيات القرآنية بناءً على ذلك. يتميز “مجمع البيان” بتوسعه في تفسير بعض الآيات من خلال الجمع بين التفسير النقلي والعقلي.
إضافة إلى تفسيره المبني على الروايات المأثورة، يحرص الطبرسي على توضيح المعاني اللغوية والبلاغية للآيات القرآنية، مما يساهم في إعطاء القارئ فهمًا شاملاً للآية.
9. تفسير ابن عطاء الله السكندري
ابن عطاء الله السكندري (657 هـ – 709 هـ) هو من علماء التصوف الذين وضعوا تفسيرًا بالمأثور يعتمد على المنهج الصوفي، حيث يشرح الآيات القرآنية بطريقة روحانية تستند إلى التفاسير المأثورة. وقد استخدم في تفسيراته أقوال كبار الصوفية إضافة إلى النصوص القرآنية والسنة النبوية.
10. تفسير السمعاني (تفسير السمعاني)
يعد هذا الكتاب من أشهر كتب التفسير بالمأثور التي تركز على استخدام الروايات السمعية من الصحابة والتابعين، وهو يعتمد على جمع أقوال العلماء الفقهاء الذين جاءوا بعد الصحابة.
الخاتمة
تعد كتب التفسير بالمأثور من المصادر الأساسية لفهم القرآن الكريم على مر العصور. فهي توفر للمفسرين والباحثين العديد من الروايات المتنوعة التي تؤكد معاني الآيات وتوضح حكمتها. وبتطور الزمان، كانت هذه التفاسير تتأثر بالبيئة العلمية والفكرية التي أفرزت كُتَّابها، إلا أنها تبقى جميعها مرجعًا قيمًا لفهم النصوص القرآنية وتفسيرها وفقًا لمنهج علماء السلف الصالح.
