أشهر حوادث البراكين عبر التاريخ
البراكين هي ظواهر طبيعية ذات قوة هائلة، تترك آثارًا غير قابلة للنسيان على الأرض والإنسان. منذ العصور القديمة وحتى العصر الحديث، كانت البراكين سببًا في العديد من الحوادث المدمرة التي أسفرت عن خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات. تعد هذه الحوادث جزءًا من التاريخ الجيولوجي، إذ تسلط الضوء على قوة الطبيعة وقدرتها على تغيير معالم الأرض بشكل مفاجئ. وفي هذا المقال، سنستعرض أشهر حوادث البراكين عبر التاريخ، التي أسرت الانتباه العالمي وجعلت البراكين موضوعًا محل دراسة وبحث مستمر.
1. انفجار بركان فيزوف في عام 79 ميلادي
يُعتبر انفجار بركان فيزوف من أشهر الحوادث البركانية في التاريخ القديم. وقع هذا الانفجار في عام 79 ميلادي في منطقة نابولي بإيطاليا، ودمّر تمامًا مدينتي بومبي وهيركولانيوم، حيث غمرهما تدفق الحمم البركانية والرماد الساطع. هذه الكارثة تسببت في موت الآلاف من السكان، ولم يتم اكتشاف المدينتين مجددًا إلا في القرن الثامن عشر بعد أن دفنهما الرماد لعدة قرون.
انفجار فيزوف كان واحدًا من أضخم الانفجارات البركانية التي سجلها التاريخ، وأدى إلى تشكيل طبقات كثيفة من الرماد والحمم التي غطت مدنًا كاملة وأبقت على آثارها في حالة جيدة حتى اليوم. تُعد الحفريات في بومبي مصدرًا هامًا لفهم الحياة اليومية في العصور الرومانية.
2. بركان سانت هيلين في الولايات المتحدة (1980)
وقع انفجار بركان سانت هيلين في ولاية واشنطن الأمريكية في 18 مايو 1980. يعتبر هذا الانفجار من أضخم الانفجارات البركانية في الولايات المتحدة في القرن العشرين. أدى هذا الانفجار إلى انفصال جزء ضخم من قمة البركان، مما تسبب في انهيار أرضي هائل وأدى إلى تدفق الحمم والرماد بشكل مدمر في المنطقة المحيطة.
هذا الانفجار أسفر عن مقتل 57 شخصًا وتدمير مساحات شاسعة من الغابات والممتلكات. كانت الانفجارات مصحوبة بعواصف من الرماد التي وصلت إلى مناطق بعيدة في الولايات المتحدة، ما جعل الحادث حدثًا دوليًا لافتًا. كما تسببت في تحول جزء من الجبال إلى مناطق قاحلة بشكل دائم، مما غير من ملامح المنطقة بشكل غير قابل للعودة.
3. انفجار بركان تامبورا في إندونيسيا (1815)
يُعد انفجار بركان تامبورا في إندونيسيا في عام 1815 واحدًا من أعظم الكوارث البركانية في تاريخ البشرية. أسفر هذا الانفجار عن حدوث “عام بلا صيف” في العالم، حيث انبعثت سحب ضخمة من الرماد والغازات السامة إلى الغلاف الجوي، ما أدى إلى انخفاض درجات الحرارة العالمية بشكل ملحوظ.
أسفر هذا الانفجار عن وفاة أكثر من 70,000 شخص بسبب التدفقات البركانية المباشرة أو بسبب المجاعات والأوبئة التي تلت ذلك. بالإضافة إلى ذلك، كانت له تأثيرات بيئية بعيدة المدى، مثل حدوث انخفاض كبير في إنتاج المحاصيل وتدهور ظروف الحياة في مناطق واسعة حول العالم. يُعتبر انفجار تامبورا من أضخم الانفجارات البركانية التي ساهمت في تغييرات مناخية طويلة الأمد.
4. بركان كراكاتوا في إندونيسيا (1883)
من بين البراكين التي أثرت في التاريخ المعاصر، يأتي انفجار بركان كراكاتوا في إندونيسيا في 1883 في المرتبة الأولى من حيث قوته وتأثيره على العالم. وقع الانفجار في 26 أغسطس من ذلك العام، وأدى إلى دمار واسع النطاق في المناطق المحيطة. كان انفجار كراكاتوا مصحوبًا بتسونامي مدمر وصل ارتفاعه إلى أكثر من 30 مترًا، مما أسفر عن مقتل أكثر من 36,000 شخص.
تسبب الانفجار في تدمير معظم الجزيرة الأصلية، كما ألحق أضرارًا بالغة في العديد من المدن المجاورة، ووصلت تأثيرات الغبار والرماد البركاني إلى أماكن بعيدة جدًا مثل أمريكا وأوروبا. استمرت التأثيرات البيئية لهذا الانفجار لعدة سنوات، حيث كان له تأثير كبير على المناخ العالمي، مما تسبب في انخفاض درجات الحرارة بشكل مؤقت وعام.
5. انفجار بركان بيليه في جزيرة المارتينيك (1902)
يُعد انفجار بركان بيليه في جزيرة المارتينيك الكاريبية في عام 1902 واحدًا من أكثر الانفجارات البركانية دموية في التاريخ الحديث. في 8 مايو من نفس العام، وقع انفجار مفاجئ للبركان، حيث دمرت الحمم البركانية مدينة سانت بيير بالكامل، مما أسفر عن مقتل أكثر من 30,000 شخص.
كانت قمة البركان قد بدأت في إظهار علامات النشاط قبل الانفجار، ولكن لم يتمكن السكان من الهروب في الوقت المناسب بسبب سرعة الانفجار. هذه الكارثة كانت مفاجئة ومأساوية، حيث تم تدمير المدينة بالكامل في دقائق قليلة.
6. بركان ماونت فيجافوجو في أيسلندا (2010)
في 2010، تسبب انفجار بركان ماونت فيجافوجو في أيسلندا في تعطيل حركة الطيران في أوروبا بشكل غير مسبوق. على الرغم من أن هذا الانفجار لم يتسبب في أضرار بشرية كبيرة، إلا أن سحابة ضخمة من الرماد البركاني غطت أجزاء واسعة من القارة الأوروبية، مما اضطر السلطات إلى إغلاق مجالها الجوي.
تسبب هذا الحدث في تأثيرات اقتصادية كبيرة حيث توقفت رحلات الطيران في العديد من الدول لفترة طويلة، ما أدى إلى تأخير مئات الآلاف من الركاب. كما أظهر هذا الانفجار قدرة البراكين على التأثير في الحياة الحديثة، وهو ما جعل العلماء والسلطات الأوروبية يعيدون النظر في خطط الطوارئ المتعلقة بالبراكين.
7. بركان لاسو في كولومبيا (1985)
في 13 نوفمبر 1985، انفجر بركان لاسو في كولومبيا، ما أدى إلى تدفق الحمم البركانية التي تسببت في حدوث كارثة مدمرة في مدينة أرانغو. على الرغم من أن الانفجار نفسه كان محدودًا، إلا أن تدفق الحمم والرماد أدى إلى انفجار سد مياه طبيعي، ما تسبب في حدوث فيضانات عارمة دمرت المدينة بالكامل. تسببت هذه الكارثة في مقتل أكثر من 20,000 شخص.
كان هذا الانفجار أحد الحوادث البركانية الأكثر تدميرًا في أمريكا اللاتينية في القرن العشرين، وأدى إلى زيادة الوعي حول أهمية مراقبة النشاط البركاني في المناطق السكنية.
الخاتمة
تظل البراكين من أكثر الظواهر الطبيعية إثارة للفزع والتأمل. إن قوتها التدميرية وحجم تأثيراتها على البشر والبيئة يجعلها محط اهتمام علماء الجيولوجيا والباحثين في مجالات الطقس والمناخ. إن حوادث البراكين التاريخية تشير إلى أهمية الاستعداد والتخطيط لمواجهة هذه الكوارث الطبيعية، إذ أنها تذكرنا بأهمية معرفة الأرض التي نعيش عليها وكيفية التعامل مع قوتها الغير قابلة للتوقع.
