في كتابه الرائع الذي يحمل عنوان “أشراف مكة المكرمة وأمراؤها في العهد العثماني”، يأخذنا الكاتب إسماعيل جارشلي في رحلة استكشافية تاريخية مثيرة إلى الفترة العثمانية وعلاقتها بأشراف مكة المكرمة. يتناول الكتاب، الذي تم نشره في عام 2003 عن طريق الدار العربية للموسوعات، العديد من الجوانب والأحداث الهامة التي شكلت خيوط تاريخ هذه الفترة الزمنية الفارقة.
بصفة عامة، يتناول الكتاب تحليلًا نقديًا للتفاعل بين العثمانيين وأشراف مكة المكرمة، مسلطًا الضوء على التحديات والفرص التي نشأت خلال هذه العلاقة. يكاد يكون الكتاب واحدًا من الأعمال القليلة التي تنظر إلى هذه الفترة بعيون محايدة، حيث يحاول الكاتب تفادي الإحكام المسبقة والتحيزات التي قد تلوث فهمنا لتلك الحقبة التاريخية.
فيما يتناول الكتاب العديد من القضايا التي يشتمل عليها النقاش الحالي حول الفترة العثمانية، يبرز بوضوح قضية الارتباط بين العرب والعثمانيين. يتجلى ذلك في تصوير متوازن لتأثير السلطة العثمانية على المنطقة، بحيث يتجنب الكتاب الانجراف إلى السلبيات أو الإيجابيات الزائدة.
تميز الكتاب بعمقه في استعراض الأحداث التاريخية وتحليلها، حيث يستمد القارئ فهمًا غنيًا للسياق الثقافي والاجتماعي والسياسي الذي أطلقت فيه هذه الأحداث. يقوم الكاتب بدعم رؤيته بوفرة من المصادر التاريخية والوثائق، مما يضيف طبقة إضافية من الاعتماد والمصداقية إلى العمل.
تعكس صفحات الكتاب البالغ عددها 248 صفحة بشكل جلي التفاني والجهد الذي وُضع في إنتاج هذا العمل الفريد. يأتي الكتاب في غلاف ورقي، مما يضفي عليه لمسة فنية تجسد اهتمام الناشر بتقديم عمل ذي جودة عالية.
في ختامه، يظهر هذا الكتاب كإسهام قيم في مجال الدراسات التاريخية، حيث يشكل مرجعًا مهمًا للباحثين والمهتمين بفهم العلاقات التاريخية بين العثمانيين وأشراف مكة المكرمة.