أسماء الملابس التقليدية العربية

أسماء الملابس قديمًا: رحلة في ذاكرة الأزياء التقليدية عبر العصور العربية

شهدت المجتمعات العربية منذ فجر التاريخ تطورًا ملحوظًا في أنماط حياتها وثقافتها، وكان للملابس دور محوري في التعبير عن الهوية الاجتماعية، والانتماء الديني، والمكانة الاقتصادية. وعلى الرغم من تغير أنماط اللباس وتبدل صوره بتبدل الزمن، إلا أن الأزياء القديمة تحتفظ بمكانة خاصة في الذاكرة الجمعية، فهي تحمل بين طياتها معاني الأصالة والتاريخ، وتعكس تفاعلات الشعوب مع بيئاتهم الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية.

يستعرض هذا المقال أسماء الملابس قديمًا في المجتمعات العربية من مشرقها إلى مغربها، مع الإشارة إلى خصائص كل نوع منها، والخامات التي كانت تُستخدم في صناعته، والدلالات الثقافية والاجتماعية التي يحملها. هذا التناول ليس مجرد سرد لأسماء من الماضي، بل هو إضاءة على جوانب خفية من الحضارة العربية، يمكن من خلالها فهم البنية الاجتماعية والاقتصادية والدينية لتلك العصور.

أولًا: ملابس الرجال قديمًا في العالم العربي

1. العباءة

العباءة هي أحد أبرز الملابس التقليدية القديمة التي ارتداها الرجال العرب، خاصة في مناطق شبه الجزيرة العربية والعراق وبلاد الشام. كانت تصنع غالبًا من الصوف أو الوبر، وأحيانًا من القطن في المناطق الحارة. يتم ارتداؤها فوق الثياب العادية، وتستخدم لأغراض متعددة، أبرزها الحماية من حرارة الشمس أو البرد الصحراوي.

كانت العباءة تُميز طبقات المجتمع، حيث يختلف نوع القماش وزخرفته بحسب مكانة لابسها. وكان كبار القوم يلبسون عباءات مزينة بخيوط الذهب أو الفضة، بينما يكتفي عامة الناس بالأنواع البسيطة. من أشهر أنواع العباءات القديمة: “العباءة النجفية” و”عباءة البشت” التي اشتهرت في نجد والحجاز.

2. الدراعة

الدراعة من الملابس الفضفاضة التي كان يلبسها الرجال في مناطق متعددة مثل موريتانيا والمغرب والسودان. وهي تشبه القميص الطويل مع أكمام واسعة وفتحات جانبية، وتصنع غالبًا من القطن أو الكتان. وتمتاز بلونها الأبيض أو الأزرق، وتُلبس في المناسبات الاجتماعية والدينية.

3. الدشداشة (الثوب)

الدشداشة أو الثوب هي لباس تقليدي رجالي شائع منذ القدم في الخليج والعراق وأجزاء من الشام. تتكون من قطعة واحدة طويلة تغطي الجسد، بأكمام طويلة، وتصنع من القطن في الغالب. استخدم العرب هذا اللباس منذ قرون، وقد تطورت موديلاته مع مرور الزمن، ولكن الأصل بقي كما هو.

4. السروايل (السراويل)

كانت السراويل تُلبس تحت الدشداشة أو القميص، وتصنع من القطن أو الصوف حسب الطقس. في العصور الإسلامية، كان السروال جزءًا أساسيًا من اللباس، كما ورد في كتب الطبقات والحديث. وكان يتميز بكونه واسعًا ومريحًا.

5. العمامة

العمامة من الرموز الثقافية والدينية في الأزياء الرجالية القديمة، ولها مكانة عالية في المجتمعات العربية والإسلامية. كانت تُلف بطرق متعددة حسب التقاليد المحلية، وتُصنع من القطن أو الحرير. وقد كانت تُعبر عن مكانة الرجل الدينية أو العلمية، فكان العلماء والقضاة يضعون عمائم مميزة بألوان معينة.

ثانيًا: ملابس النساء قديمًا في العالم العربي

1. الملحفة

الملحفة من أشهر الملابس التقليدية النسائية، خاصة في المغرب العربي وموريتانيا. وهي قطعة قماش كبيرة تُلف حول الجسد وتُثبت بطرق معينة. تصنع من الحرير أو القطن، وتُطرز أحيانًا بخيوط ذهبية، وتُزين بالألوان الزاهية.

استخدمتها النساء للتزين وكذلك للستر، وكانت تعد رمزًا للأناقة والحشمة في المجتمع. تطورت أشكالها، إلا أنها لا تزال حاضرة حتى يومنا هذا في بعض المناطق.

2. الدرّاعة النسائية

كما كانت الدراعة تُرتدى من قبل الرجال، فقد كان للنساء أيضًا نسخ مخصصة منها، لكنها تكون أكثر تطريزًا وتزيينًا، وتصنع من أقمشة فاخرة كالشيفون أو الحرير. وغالبًا ما تُزين بخيوط ذهبية وفضية في منطقة الصدر والأكمام.

3. العباءة النسائية

ارتدت النساء العربيات عباءات خاصة بهن، تختلف في شكلها وتطريزها عن عباءة الرجال. وهي تمثل رمزًا للحياء والوقار، وتنوعت في أشكالها من منطقة لأخرى، فمثلاً كانت العباءة البغدادية تُزين بالدانتيل، بينما كانت العباءة الحجازية ذات نسيج خفيف لتناسب الطقس الحار.

4. القفطان

القفطان من أشهر الأزياء النسائية التي انتشرت في بلاد المغرب العربي خاصة، وقديمًا في الأندلس. وهو لباس طويل وأنيق غالبًا ما يُصنع من الأقمشة الفاخرة كالحرير والمخمل. يُطرز بدقة عالية ويُلبس في المناسبات والحفلات، ويُعتبر اليوم جزءًا من التراث الشعبي الأصيل.

5. الشيلة أو الخمار

الشيلة أو الخمار كانت وما زالت تستخدم لتغطية الرأس، وهي قطعة قماش خفيفة توضع على الرأس وتغطي جزءًا من الوجه أحيانًا. تختلف تسميتها بحسب المنطقة، ففي الخليج تُعرف بالشيلة، وفي الشام يُطلق عليها الخمار، أما في مصر فهي الطرحة.

ثالثًا: الملابس في المناسبات والطقوس الدينية

استخدمت الملابس التقليدية قديمًا للتعبير عن مواقف وطقوس معينة، مثل الأعراس، العزاء، المناسبات الدينية، أو الاحتفالات القبلية. وكان لكل مناسبة ملابس محددة:

1. ملابس الأعراس

كانت العروس ترتدي “الثوب المطرز” أو “الزي القومي” المزركش بألوان زاهية، مع الكثير من الحلي والمجوهرات. في فلسطين مثلاً، كانت العروس تلبس الثوب الفلسطيني المطرز بدقة فنية، ويحمل تطريز الثوب رموزًا ودلالات قبلية.

2. ملابس العزاء

تميزت ملابس العزاء بالبساطة وغالبًا ما تكون باللون الأسود أو الداكن. النساء خاصة يرتدين أغطية سوداء أو ثياب بسيطة تعبر عن الحزن والوقار.

3. ملابس الحج والعمرة

كان للحجاج ملابس مخصصة للحج منذ الجاهلية، لكنها تبلورت بشكل أكبر في العصر الإسلامي، فأصبح الإحرام لباسًا مميزًا يتكون من قطعتين بيضاوين للرجال، ولباس ساتر للنساء بدون زينة.

رابعًا: المواد المستخدمة في صناعة الملابس قديمًا

تأثرت صناعة الملابس القديمة بتوافر المواد الخام في البيئة، واستخدم الناس موادًا متنوعة في صناعة أزيائهم:

خامسًا: رمزية اللباس الاجتماعي والديني

لم تكن الملابس قديمًا مجرد وسيلة للستر أو الزينة، بل كانت تعبيرًا عن الهوية والانتماء:

• الهوية القبلية: في البادية، كانت بعض الألبسة تُشير إلى الانتماء القبلي، مثل النقوش على العباءة أو أشكال العمائم.

• الهوية الدينية: العمائم، الخُمُر، والجُبب كانت تُعبر عن الطبقة الدينية، خاصة بين العلماء والفقهاء.

• الهوية الاقتصادية: جودة القماش وزخرفته تشير إلى الطبقة الاجتماعية، فالحرير والذهب كانت للطبقات العليا، بينما القطن والصوف لعامة الناس.

سادسًا: أسماء ملابس عربية قديمة من مناطق مختلفة

بلاد الشام:

• الجلابية: قميص طويل مفتوح الصدر.

• الشملة: غطاء من الصوف يُلف حول الجسد.

• الشروال: سروال واسع يُربط من الخصر.

الجزيرة العربية:

• الزبون: عباءة طويلة مفتوحة.

• المرودن: ثوب له أكمام طويلة جدًا.

• الفقية: لباس خاص بالعلماء.

مصر:

• الطربوش: غطاء رأس أسطواني الشكل.

• الجبة: معطف طويل يُلبس فوق الثياب.

• القفطان: لباس طويل تقليدي للنساء.

المغرب العربي:

• البرنس: عباءة ذات قلنسوة (غطاء رأس متصل).

• القشابية: عباءة صوفية تُلبس في الشتاء.

• البلوزة القبائلية: زي نسائي تقليدي يُطرز يدوياً.

سابعًا: اندثار وتحوّل في رمزية الملابس التقليدية

مع تطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية في العالم العربي، بدأت الكثير من هذه الملابس تختفي تدريجيًا لتحل محلها ملابس عصرية مستوردة. ومع ذلك، لا تزال بعض المجتمعات تحافظ على لباسها التقليدي في المناسبات القومية والدينية. كما أن الموضة الحديثة بدأت بإعادة إحياء بعض التصاميم التقليدية وإدخالها في خطوط الأزياء المعاصرة، فيما يُعرف باتجاه “التراث المعاصر”.

المصادر والمراجع

1. ابن خلدون، المقدمة، دار الفكر، بيروت، 2004.

2. شوقي ضيف، الحياة الثقافية في العصر العباسي الأول، دار المعارف، القاهرة، 1992.