في كتاب “أسطورة الفوضى العالمية” من تأليف يحيى م. صادوسكي، يُلقي المؤلف الضوء على فترة ما بعد الحرب الباردة والتي كانت محل أمل أمريكا في تحقيق نظام عالمي جديد، لكن سرعان ما تلاشت هذه الآمال. فظهرت موجة جديدة من العنف تجتاح أماكن مختلفة من رواندا والصومال إلى الشيشان والبوسنة. هذه النزاعات الجديدة، التي تميزت بـ “صدامات الحضارات”، والجهاد الأصولي، والمجازر العرقية، بدت أكثر وحشية وأقل عقلانية مما كان عليه خلال الصراع الطويل مع الاتحاد السوفيتي، حيث كان خصم واشنطن معروفًا بوضوح ونسبيًا قابل للتنبؤ.
من أجل فهم هذه النزاعات بعد الحرب الباردة وتقديم النصائح للحكومة بشأن كيفية التعامل معها، طوَّرت مدرسة جديدة في فكر السياسة الخارجية. يُطلق عليها “نظرية الفوضى”، وتُقدم الحجة بأن عمليات العولمة المُحَمَّل بها الكثير من التوقعات تؤدي في الواقع إلى تكاثر العنف الغير منطقي. وهكذا، فإن انتشار الرموز الثقافية الغربية من خلال وسائل الإعلام الإلكترونية الجديدة في كثير من الأحيان يصدم ويُسيء إلى الحس الأخلاقي في المجتمعات التقليدية. وقد أدى النمو الانفجاري للتجارة الدولية إلى موجة هجرة وتعمير حضري تجمع بين أشخاص من ثقافات مختلفة وتُغَذِّي الخوف من الغرباء. وقد حظيت نظرية الفوضى بتأييد في الجيش الأمريكي، ومجتمع المخابرات، والخدمة الخارجية. وقد انعكس تأثيرها في مجموعة من السياسات، خاصة خلال مشاركة الولايات المتحدة في البوسنة.
ومع ذلك، فإن نظرية الفوضى في الغالب مخطئة. في هذا الكتاب، يقوم المؤلف بتوضيح نمو نظرية الفوضى وتأثيرها المتزايد، ثم يقدم نقدًا تجريديًا شاملاً. باستخدام دراسات مفصلة عن البوسنة ومقارنات عالمية، يُظهر أن العولمة لم تلعب دورا حاسما في تأجيج النزاعات الحديثة. في الواقع، على الرغم من انطباعات الصحفيين، لا توجد أدلة على أن الحروب أصبحت أكثر وحشية أو حتى أكثر تكرارًا منذ عام 1989. لذا، فإن مدافعي نظرية الفوضى يحثون الولايات المتحدة على الاستثمار في التحضير لتهديد هو في الغالب خيالي – استراتيجية تعتبر على الأقل إسرافية ومحتملة أن تكون خطيرة. يُجادل المؤلف بأن الأدوات الأكثر فائدة لمنع أو معالجة النزاعات بعد الحرب الباردة تظل نفس الأدوات التي عملت في الماضي القريب: دبلوماسية ماكرة، استعداد عسكري تقليدي، ودعم موسع للتنمية الاقتصادية.
تم نشر الكتاب من قبل مطبعة معهد بروكنجز في نوفمبر 1998، وكان بعنوان “هل الفوضى تمثل تهديدًا استراتيجيًا؟ البوسنة والأساطير حول النزاعات العرقية”.