أسرع 10 معدلات انخفاض السكان في العالم
يُعد التغير السكاني أحد أهم الظواهر التي تؤثر بشكل مباشر على اقتصاديات الدول ومستقبلها الاجتماعي والسياسي. وفي السنوات الأخيرة، برزت ظاهرة انخفاض معدلات النمو السكاني في عدد من الدول حول العالم، حيث تعاني هذه البلدان من تراجع ملحوظ في أعداد سكانها، الأمر الذي يشكل تحدياً كبيراً على المستويات المختلفة. يتناول هذا المقال عرضاً مفصلاً لأسرع 10 معدلات انخفاض في السكان على مستوى العالم، مع تحليل أسباب هذه الظاهرة وتداعياتها، وكذلك مقارنة بين هذه الدول من حيث المؤشرات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية.
مفهوم انخفاض السكان وأهميته
يشير انخفاض السكان إلى تراجع عدد الأفراد في مجتمع معين عبر فترة زمنية محددة، سواء بسبب انخفاض معدلات الولادة، ارتفاع معدلات الوفيات، الهجرة السلبية، أو مزيج من هذه العوامل. ويؤثر انخفاض السكان بشكل مباشر على القوى العاملة، الطلب المحلي، التوزيع العمري للسكان، والقدرة على دعم أنظمة الرعاية الصحية والاجتماعية. لهذا السبب، بات موضوع انخفاض السكان محور اهتمام الكثير من الحكومات والمنظمات الدولية.
العوامل الرئيسية لانخفاض معدلات السكان
تتداخل عدة عوامل في تفسير انخفاض السكان في الدول المختلفة، أهمها:
-
انخفاض معدلات الخصوبة: أحد الأسباب الجوهرية لانخفاض السكان هو تراجع معدلات الإنجاب نتيجة تغيّر أنماط الحياة، زيادة التعليم، انخفاظ معدلات الزواج، وتغير الأدوار الاجتماعية.
-
الهجرة السلبية: خروج السكان، خصوصاً من الفئات العمرية الشابة، إلى دول أخرى بحثاً عن فرص عمل وحياة أفضل، مما يؤدي إلى تقلص السكان في بلدان المنشأ.
-
الشيخوخة السكانية: زيادة نسبة كبار السن في المجتمع تؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفيات مع انخفاض نسبة الشباب المنتجين.
-
الأزمات الاقتصادية والسياسية: تؤدي الأزمات إلى تدني معدلات الولادة وزيادة الهجرة السلبية، وكذلك ارتفاع معدلات الوفيات في بعض الحالات.
أسرع 10 دول في انخفاض السكان
1. بلغاريا
بلغاريا تتصدر قائمة الدول التي تعاني من أسرع معدلات انخفاض السكان في العالم. تشهد البلاد تراجعاً سنوياً يفوق 1.5% من إجمالي سكانها، نتيجة لارتفاع معدلات الهجرة والنزوح بالإضافة إلى انخفاض معدل الولادة. تعود أسباب هذه الظاهرة إلى مشاكل اقتصادية طويلة الأمد، وفرص عمل محدودة، بالإضافة إلى هجرة الشباب إلى الدول الغربية.
2. لاتفيا
تواجه لاتفيا أزمة ديموغرافية حادة، حيث انخفض عدد سكانها بشكل كبير خلال العقود الماضية. يعود ذلك بشكل رئيسي إلى هجرة السكان من البلاد، إلى جانب انخفاض معدلات الولادة وارتفاع معدلات الوفيات. تشكل شيخوخة السكان عبئاً على النظام الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
3. ليتوانيا
مثل جارتها لاتفيا، تعاني ليتوانيا من انخفاض حاد في عدد سكانها بفعل الهجرة والنزوح إلى دول الاتحاد الأوروبي الغنية، إضافة إلى انخفاض معدلات الخصوبة. تفيد الإحصاءات بأن ليتوانيا فقدت حوالي ربع سكانها منذ بداية الألفية.
4. رومانيا
رومانيا شهدت تراجعاً كبيراً في عدد السكان بسبب تراجع معدلات الولادة وهجرة العمالة. يعاني البلد من تحديات اقتصادية واجتماعية تزيد من صعوبة الاحتفاظ بالسكان، وخاصة الشباب.
5. البلغاريا
تكرار ظهور بلغاريا في القائمة يعكس شدة التحديات التي تواجهها البلاد ديموغرافياً، حيث يجمع بين انخفاض الولادات وارتفاع الهجرة السلبية، ما يؤدي إلى انخفاض سكاني حاد ومستمر.
6. مونتينيغرو (الجبل الأسود)
رغم صغر حجمها السكاني، تشهد مونتينيغرو معدلات انخفاض سكان مرتفعة، نتيجة لتراجع معدلات الولادة وارتفاع نسب الهجرة، خصوصاً إلى دول الاتحاد الأوروبي.
7. اليابان
اليابان هي إحدى الدول الأكثر معاناة من الانكماش السكاني على مستوى العالم، حيث وصلت نسبة انخفاض السكان إلى معدلات متقدمة بسبب تراجع معدلات الخصوبة بشكل كبير وشيخوخة السكان. تواجه اليابان تحديات ضخمة تتعلق بالاقتصاد وتوفير الخدمات الاجتماعية لكبار السن.
8. أوكرانيا
تدهورت الأوضاع السكانية في أوكرانيا بسبب النزاعات المسلحة والهجرة الجماعية، بالإضافة إلى ضعف معدلات الولادة وارتفاع معدلات الوفيات، خاصة بعد الحرب الأخيرة. يُتوقع أن تستمر هذه الاتجاهات السلبية لفترة طويلة.
9. مولدوفا
تتعرض مولدوفا لأزمة سكانية معقدة نتيجة لمزيج من الهجرة الكثيفة، انخفاض الخصوبة، وارتفاع معدلات الوفاة. تعد مولدوفا من الدول ذات الاقتصاد الضعيف، ما يزيد من تفاقم أزمة السكان.
10. صربيا
تشهد صربيا تراجعاً مستمراً في عدد سكانها بفعل انخفاض معدلات الخصوبة وهجرة الشباب. تؤثر هذه الاتجاهات بشكل سلبي على الاقتصاد والتنمية الاجتماعية في البلاد.
مقارنة إحصائية لأهم مؤشرات انخفاض السكان في الدول العشر
| الدولة | معدل الانخفاض السنوي (%) | معدل الولادة لكل امرأة | نسبة كبار السن (65+) | معدل الهجرة الصافية (لكل 1000 نسمة) |
|---|---|---|---|---|
| بلغاريا | -1.55 | 1.5 | 21% | -5.8 |
| لاتفيا | -1.45 | 1.6 | 20% | -7.0 |
| ليتوانيا | -1.40 | 1.4 | 22% | -8.5 |
| رومانيا | -1.20 | 1.3 | 18% | -6.5 |
| مونتينيغرو | -1.10 | 1.2 | 19% | -5.2 |
| اليابان | -0.95 | 1.3 | 29% | -0.2 |
| أوكرانيا | -1.30 | 1.4 | 17% | -3.8 |
| مولدوفا | -1.35 | 1.2 | 18% | -7.4 |
| صربيا | -1.05 | 1.4 | 19% | -4.8 |
تداعيات انخفاض السكان
ينجم عن انخفاض معدلات السكان آثار متعددة على صعيد الدولة والمجتمع، أبرزها:
-
تراجع القوى العاملة: يقل عدد الأشخاص القادرين على العمل، ما يؤثر سلباً على الإنتاجية الاقتصادية ويزيد العبء على الشباب.
-
ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية: مع ارتفاع نسبة كبار السن، تتضاعف الحاجة إلى خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية.
-
تحديات في نظام التقاعد: نقص المساهمين في صناديق التقاعد يهدد استدامتها.
-
تقلص الأسواق المحلية: انخفاض السكان يؤدي إلى تقلص حجم الأسواق الاستهلاكية، ما يضعف فرص الاستثمار.
السياسات المتبعة لمواجهة الانخفاض السكاني
تعتمد الدول التي تعاني من انخفاض السكان على استراتيجيات مختلفة لمحاولة التخفيف من الآثار السلبية، من بينها:
-
تشجيع الإنجاب: عبر تقديم حوافز مالية، تحسين خدمات رعاية الأطفال، وتوفير إجازات الأمومة والأبوة.
-
تشجيع الهجرة الإيجابية: جذب مهاجرين شباب لسد الفجوات في سوق العمل.
-
تحسين بيئة العمل: تمكين النساء من التوازن بين العمل والأسرة لزيادة معدل الولادة.
-
تطوير التكنولوجيا: لتعويض نقص اليد العاملة من خلال الأتمتة والذكاء الاصطناعي.
خاتمة
تُعد ظاهرة انخفاض السكان من أبرز التحديات التي تواجه عدة دول في العالم اليوم، وخاصة تلك التي تعاني من انخفاض معدلات الخصوبة والهجرة السلبية وشيخوخة السكان. تؤثر هذه الظاهرة على كافة مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، مما يتطلب من الحكومات اعتماد سياسات شاملة ومتعددة الأبعاد للحد من تداعياتها. من المهم أيضاً متابعة التطورات الديموغرافية عن كثب والاستعداد لمواجهة التحديات المستقبلية الناجمة عن تغيرات التكوين السكاني.
المصادر:
-
تقرير الأمم المتحدة حول السكان والتنمية، 2023.
-
بيانات البنك الدولي والإحصاءات الوطنية للدول المذكورة، 2024.
