أهم النصائح للتخلّص من التوتر والاضطراب خلال ساعات العمل
التوتر والاضطراب في مكان العمل أصبحا من المشكلات الشائعة التي يعاني منها الكثير من الموظفين في بيئات العمل الحديثة. مع تزايد الضغوط اليومية، والمهام العديدة التي يتطلبها العمل، يشعر الكثيرون بأنهم يغرقون في بحر من القلق والإجهاد، ما يؤثر بشكل سلبي على إنتاجيتهم وصحتهم النفسية والجسدية. لحسن الحظ، هناك العديد من الأساليب التي يمكن أن تساعد في تخفيف التوتر والاضطراب خلال ساعات العمل، ومن خلال تبني بعض العادات والإستراتيجيات الفعّالة، يمكن للمرء أن يتعامل مع ضغوط العمل بطرق أكثر صحة وفعالية.
أولاً: تحديد أولويات المهام وإدارة الوقت بفعالية
إحدى الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى الشعور بالتوتر والاضطراب في العمل هي تكدس المهام وعدم القدرة على تنظيم الوقت بشكل صحيح. عندما يشعر الشخص بأنه غير قادر على الوفاء بمسؤولياته في الوقت المحدد، فإنه يدخل في حالة من التوتر والقلق المستمر. لذلك، من المهم أن يتعلم الفرد كيفية إدارة وقته بفعالية من خلال تحديد أولويات المهام.
تحديد المهام الأكثر أهمية التي يجب إنجازها أولًا، وتوزيع المهام اليومية بناءً على مدى استعجالها، يمكن أن يسهم بشكل كبير في تقليل شعور الشخص بالإرهاق. يمكن استخدام تقنيات مثل “قائمة المهام” أو “تقنية بومودورو” (Pomodoro Technique) التي تعتمد على تقسيم الوقت إلى فترات عمل قصيرة تتخللها فترات استراحة قصيرة. يساعد هذا النظام في الحفاظ على التركيز وتفادي الشعور بالتشتت والضغط.
ثانياً: ممارسة تمارين التنفس العميق
عندما نشعر بالتوتر، فإن الجسم يدخل في حالة من “الاستجابة للقتال أو الهروب”، حيث تزداد معدلات ضربات القلب وتنخفض مستويات الأوكسجين في الجسم، مما يعزز الشعور بالقلق. يمكن تقليل هذا التوتر بشكل ملحوظ من خلال ممارسة تمارين التنفس العميق، والتي تعمل على تهدئة الجهاز العصبي وتخفيف القلق.
تمارين التنفس العميق هي تقنيات بسيطة يمكن ممارستها في أي مكان، حتى في أثناء العمل. واحدة من أكثر الطرق فعالية هي تقنية التنفس عبر الأنف، حيث يتم استنشاق الهواء ببطء من الأنف لمدة 4 ثوانٍ، ثم حبس النفس لمدة 4 ثوانٍ، ثم إخراج الزفير ببطء عبر الفم لمدة 4 ثوانٍ. تساعد هذه الطريقة على تهدئة الأعصاب وتحفيز الشعور بالاسترخاء خلال العمل.
ثالثاً: تخصيص وقت للراحة والاستراحة
من المهم أن يدرك الفرد أن أخذ فترات راحة منتظمة خلال ساعات العمل ليس ترفًا، بل ضرورة للحفاظ على الإنتاجية والصحة النفسية. فالبقاء في حالة من العمل المستمر دون فترات راحة يمكن أن يؤدي إلى تدهور التركيز وزيادة الشعور بالإرهاق العقلي والجسدي.
يمكن تخصيص فترات قصيرة من 5 إلى 10 دقائق بين فترات العمل الطويلة للاستراحة والابتعاد عن المكتب. خلال هذه الفترات، يمكن التوجه إلى الهواء الطلق للحصول على بعض التهوية، أو القيام بتمارين استرخائية مثل التمدد أو المشي القصير. تؤدي هذه الاستراحات إلى تجديد النشاط العقلي والجسدي، مما يساعد على العودة إلى العمل بروح جديدة.
رابعاً: تناول وجبات صحية ومتوازنة
غالبًا ما يتجاهل الكثير من الأشخاص تأثير الطعام على صحتهم النفسية والعقلية خلال ساعات العمل. الطعام الذي يتم تناوله له تأثير مباشر على مستويات الطاقة والتركيز. لذلك، من الضروري تناول وجبات صحية ومتوازنة تحتوي على البروتينات والكربوهيدرات المعقدة والدهون الصحية.
تعتبر الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن، مثل الفواكه والخضروات الطازجة، من أفضل الخيارات التي يمكن تناولها للحفاظ على الطاقة والتركيز طوال اليوم. كما يفضل تجنب تناول الأطعمة الدهنية أو السكريات المفرطة التي قد تؤدي إلى الشعور بالكسل والضغط النفسي بعد تناولها.
خامساً: التحلي بمواقف إيجابية
الذهنيات السلبية غالبًا ما تزيد من توتر الشخص في العمل، حيث يمكن أن تخلق مشاعر من الفشل أو العجز. إذا نظر الفرد إلى كل مهمة أو تحدٍّ في العمل من منظور سلبي، فإن ذلك يزيد من شعوره بالضغط. من خلال تبني مواقف إيجابية والتركيز على الحلول بدلاً من المشاكل، يمكن تقليل التوتر وتحقيق نتائج أفضل.
إحدى الطرق الفعّالة للتحلي بمواقف إيجابية هي التأمل في إنجازات الشخص اليومية والتركيز على النجاحات الصغيرة التي تم تحقيقها. يعزز هذا الشعور بالإنجاز والثقة بالنفس، مما يسهم في تقليل مشاعر التوتر والضغط.
سادساً: التواصل الفعّال مع الزملاء والمديرين
التواصل الجيد مع الزملاء والمديرين يساعد على تقليل الكثير من التوترات المتعلقة بالمشاكل أو النزاعات في العمل. إذا كان الشخص يشعر بالإرهاق بسبب كمية العمل أو التوقعات العالية من قبل الآخرين، فإنه يجب أن يكون صريحًا وواقعيًا في التواصل مع هؤلاء الأشخاص حول ما يمكن إنجازه في الوقت المحدد.
إقامة جلسات قصيرة لمناقشة التحديات والمشاكل مع المديرين أو الزملاء يمكن أن تكون وسيلة فعالة لتخفيف الضغط. يمكن أن يؤدي هذا النوع من الحوار إلى فهم أفضل بين الفريق وتخفيف الإحساس بالعزلة أو القلق الناتج عن المسؤوليات.
سابعاً: تحسين بيئة العمل
أحد الأسباب التي قد تؤدي إلى التوتر المستمر هو البيئة المحيطة في مكان العمل. مكتب مزدحم، أو مساحة غير مريحة، أو ضوضاء مستمرة قد تزيد من مشاعر القلق والإجهاد. لتحسين بيئة العمل، من المهم التأكد من أن المكان مريح ومنظم، بما في ذلك وجود إضاءة جيدة وتهوية مناسبة.
يمكن أيضًا تضمين بعض العناصر الشخصية في مساحة العمل، مثل النباتات الخضراء أو الصور المريحة، مما يساهم في خلق بيئة عمل أكثر هدوءًا. الاهتمام بالبيئة المحيطة يعزز من الشعور بالراحة والتركيز.
ثامناً: الحصول على نوم كافٍ
قلة النوم تعد واحدة من أكبر المسببات للتوتر والإجهاد. عندما لا يحصل الفرد على قسط كافٍ من النوم، فإن ذلك يؤثر على قدراته العقلية والعاطفية، مما يزيد من صعوبة التعامل مع ضغوط العمل. من المهم أن يحصل الشخص على 7 إلى 9 ساعات من النوم الجيد كل ليلة من أجل الحفاظ على مستويات الطاقة والتركيز طوال اليوم.
إذا كان الشخص يعاني من صعوبة في النوم بسبب الضغوطات في العمل، فإنه يمكن اتباع بعض العادات الصحية مثل تحديد وقت محدد للذهاب إلى الفراش، وتجنب شاشات الأجهزة الإلكترونية قبل النوم، وممارسة بعض التمارين الاسترخائية مثل القراءة أو التأمل.
تاسعاً: تقنيات إدارة الإجهاد بشكل عام
هناك العديد من التقنيات التي يمكن أن تساعد في إدارة التوتر بشكل فعال. من بين هذه التقنيات التأمل، اليوغا، وحتى الكتابة اليومية لتفريغ الأفكار والضغوطات. تساعد هذه الأنشطة في تهدئة العقل وتخفيف التوتر الناتج عن العمل. يمكن تخصيص 10-15 دقيقة يوميًا لهذه الأنشطة لتكون بداية جيدة لتقليل التوتر والضغط النفسي.
عاشراً: طلب الدعم المهني
في بعض الحالات، قد يكون التوتر المستمر في العمل أمرًا يتطلب مساعدة مختصة. إذا لم تنجح الأساليب المعتادة في تخفيف التوتر، فقد يكون من المفيد التحدث مع مستشار مهني أو مختص في الصحة النفسية. يمكن للمختصين تقديم استراتيجيات فعّالة للتعامل مع الضغوط وتحسين الصحة النفسية.
بالتأكيد، التوتر والاضطراب في العمل أمر طبيعي، لكنه لا يجب أن يكون عائقًا أمام الأداء الجيد أو الحياة المهنية الصحية. من خلال اعتماد استراتيجيات لإدارة الوقت، ممارسة تمارين التنفس، التحلي بمواقف إيجابية، وتحسين بيئة العمل، يمكن للمرء أن يخفف التوتر ويزيد من إنتاجيته بشكل مستمر.
