أعراض نمو الأضراس عند الأطفال: دليل شامل لفهم مراحل التسنين المتأخرة

تُعدّ مرحلة التسنين من أهم التحولات البيولوجية في حياة الطفل، وتمثل بداية تطور قدراته الغذائية والنطقية والاجتماعية. وعلى الرغم من أن معظم الآباء يربطون التسنين بظهور الأسنان الأمامية أو ما يُعرف بالقواطع، إلا أن مرحلة نمو الأضراس تُعد من أكثر مراحل التسنين صعوبةً وتعقيدًا، لما يصاحبها من أعراض جسدية ونفسية قد تكون شديدة في بعض الأحيان.

يبدأ نمو الأضراس الأولى عادةً بين عمر 13 إلى 19 شهرًا، وتليها الأضراس الثانية في الفترة ما بين 23 إلى 33 شهرًا. هذه الأسنان الخلفية، وهي الأكبر حجمًا بين الأسنان اللبنية، تلعب دورًا حاسمًا في مضغ الطعام وتشكيل الفك، لكنها في الوقت ذاته قد تُسبب انزعاجًا كبيرًا للطفل نتيجة اختراقها اللثة واندفاعها من خلال الأنسجة الرخوة. يتناول هذا المقال الطويل والمفصل أهم الأعراض التي ترافق نمو الأضراس لدى الأطفال، بالإضافة إلى الآثار الجانبية الشائعة، والعوامل المؤثرة في شدة الأعراض، وطرق التمييز بين التسنين وأي مشاكل صحية أخرى مشابهة، فضلاً عن الجوانب السلوكية والنفسية المرتبطة بهذه المرحلة.

أولاً: الجدول الزمني لنمو الأضراس عند الأطفال

ثانياً: أبرز أعراض نمو الأضراس عند الأطفال

1. ارتفاع طفيف في درجة الحرارة

من أكثر العلامات شيوعًا خلال مرحلة التسنين، وقد تتراوح درجة الحرارة بين 37.5 و38.0 درجة مئوية. تجدر الإشارة إلى أن الحمى المرتفعة (أكثر من 38.5 درجة مئوية) لا تُعد من أعراض التسنين ويجب مراجعة الطبيب فورًا إذا ظهرت.

يحدث الارتفاع الطفيف في درجة الحرارة نتيجة التفاعل الالتهابي الطبيعي المصاحب لاختراق الضرس للثة، وليس نتيجة عدوى بكتيرية أو فيروسية، وهو ما يميز هذه الحالة عن الالتهابات الأخرى.

2. تورم واحمرار اللثة

تظهر اللثة في المنطقة التي ينمو فيها الضرس بلون أحمر داكن أو أرجواني في بعض الحالات. يكون التورم واضحًا عند لمس اللثة أو النظر إليها، وقد يُلاحظ وجود نقطة بيضاء صغيرة وهي رأس الضرس وهو في طور الخروج من اللثة.

هذا التورم قد يترافق أحيانًا مع كيس صغير مملوء بالسوائل يعرف باسم “كيس التسنين”، وهو غير ضار عادةً ويختفي من تلقاء نفسه بعد بروز الضرس.

3. البكاء والانزعاج المستمر

الألم الناتج عن نمو الأضراس يختلف في شدته من طفل إلى آخر، لكنه غالبًا ما يكون أكثر حدة من ألم نمو القواطع. يعبّر الطفل عن هذا الألم بالبكاء المتكرر، العصبية، ورفض النوم أو الطعام. وغالبًا ما يكون الطفل في هذه المرحلة أكثر تعلقًا بوالديه، ويطلب حمله باستمرار.

4. زيادة إفراز اللعاب

إحدى العلامات المميزة لنمو الأسنان والأضراس هي الإفراز الزائد للعاب. يُعزى ذلك إلى تحفيز الأعصاب المحيطية في اللثة الملتهبة، ما يؤدي إلى زيادة نشاط الغدد اللعابية. قد يُسبب هذا اللعاب الزائد التهابًا خفيفًا في الذقن أو حول الفم نتيجة الاحتكاك والرطوبة المستمرة.

5. العض ومضغ الأشياء

يحاول الأطفال خلال فترة نمو الأضراس التخفيف من الألم بالضغط على اللثة، فيلجؤون إلى العض على الألعاب، أو أصابعهم، أو حتى حلمات الرضاعة. يُعدّ هذا السلوك وسيلة طبيعية للتعامل مع الانزعاج الداخلي، وهو مؤشر شائع وموثوق على بدء نمو الأضراس.

6. فقدان الشهية المؤقت

يشكو كثير من الأهالي من رفض الطفل للطعام خلال هذه المرحلة. يرجع السبب إلى الألم الناتج عن المضغ والضغط على اللثة. في بعض الحالات، يرفض الطفل حتى الرضاعة الطبيعية أو الصناعية، خاصة إذا كانت زجاجة الحليب تضغط على اللثة المتورمة.

7. الاضطرابات في النوم

يعاني الأطفال خلال فترة نمو الأضراس من صعوبة في النوم، سواء عند الخلود إلى النوم أو الاستيقاظ المتكرر ليلًا. الألم قد يزداد عند الاستلقاء نتيجة احتقان الدورة الدموية في الرأس، وهو ما يزيد من شدة الانزعاج الليلي.

8. فرك الأذنين أو الخدين

يُلاحظ في كثير من الحالات أن الطفل يبدأ بفرك أذنه أو خدّه في الجهة التي ينمو فيها الضرس. يعود ذلك إلى التشابك العصبي بين الفك السفلي وقنوات الأذن، ما يجعل الألم في الضرس يُشعر به في الأذن أو الوجه.

9. تغير في البراز

أفاد العديد من الأهل بملاحظة تغير في قوام أو عدد مرات التبرز لدى الطفل خلال فترة نمو الأضراس، مثل أن يصبح البراز أكثر ليونة أو أن تظهر عليه علامات من التهيج المعوي الخفيف. ومع أن هذه الأعراض لا تصيب جميع الأطفال، إلا أنها غالبًا ما تكون مؤقتة ولا تشير إلى مرض عضوي خطير.

ثالثاً: العوامل التي تؤثر في شدة الأعراض

تتفاوت أعراض نمو الأضراس من طفل إلى آخر تبعًا لعدة عوامل، منها:

• الوراثة: يلعب العامل الوراثي دورًا كبيرًا في توقيت التسنين وشدته.

• البيئة المناخية: الأطفال في المناخات الحارة والرطبة قد يعانون من أعراض أكثر وضوحًا نتيجة التعرق وفقدان السوائل.

• نوع الغذاء: الأطفال الذين يتناولون أطعمة صلبة في وقت مبكر قد يظهر عليهم الانزعاج بشكل أوضح.

• مستوى العناية بالفم: تنظيف الفم بانتظام يقلل من فرص الالتهاب الشديد أو العدوى الثانوية خلال مرحلة التسنين.

• الحالة المناعية: الطفل الذي يعاني من ضعف المناعة قد يكون أكثر عرضة للتهيجات الجلدية أو الفموية أثناء التسنين.

رابعاً: التمييز بين أعراض التسنين والحالات الصحية الأخرى

قد تتشابه بعض أعراض التسنين، مثل الحمى أو الإسهال، مع أعراض التهابات الجهاز الهضمي أو التنفسي، مما يسبب لبسًا لدى الأهل. ولهذا من المهم التنبه إلى ما يلي:

• الحمى المرتفعة (أكثر من 38.5°C) ليست من أعراض التسنين.

• الإسهال المتكرر (أكثر من 3 مرات يوميًا) والمصحوب بخمول يجب تقييمه طبيًا.

• الطفح الجلدي المنتشر على الجسم لا يرتبط مباشرة بالتسنين.

• التقيؤ المتكرر أو فقدان الوعي ليس له علاقة بالتسنين إطلاقًا.

خامساً: الدعم النفسي والسلوكي للطفل خلال مرحلة نمو الأضراس

يمثل الدعم العاطفي حجر الأساس في تجاوز هذه المرحلة بسلام. يحتاج الطفل في هذه الفترة إلى:

• الاحتواء الجسدي: مثل حمله واحتضانه كثيرًا، خاصة في الليل.

• الاستجابة السريعة للبكاء: مما يعزز شعوره بالأمان.

• توفير أدوات التسنين: مثل العضاضات المبردة والتي تساعد في تخفيف الألم.

• تشجيعه على النوم والاسترخاء: من خلال الأجواء الهادئة وتخفيف الإضاءة.

سادساً: استخدام العلاجات الطبيعية والدوائية لتخفيف الأعراض

هناك عدة طرق طبيعية وآمنة يمكن استخدامها لتخفيف أعراض نمو الأضراس، منها:

• العضاضات المبردة (وليس المثلجة)

• تدليك اللثة بأصبع نظيف أو قطعة شاش مبللة

• إعطاء الأطعمة الباردة مثل الزبادي أو التفاح المبشور المبرد

• استخدام مسكنات الألم المخصصة للأطفال مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين بعد استشارة الطبيب

يُحذر من استخدام المواد الموضعية المخدّرة التي تُباع دون وصفة طبية لأنها قد تحتوي على مكونات غير مناسبة للأطفال الصغار وتسبب مضاعفات في التنفس أو البلع.

سابعاً: المضاعفات المحتملة لنمو الأضراس عند إهمال الأعراض

إهمال التعامل مع أعراض التسنين قد يؤدي إلى:

• نقص الوزن بسبب ضعف الشهية

• اضطرابات في النوم تؤثر على النمو العقلي والجسدي

• تهيجات جلدية بسبب اللعاب الزائد

• عدوى فموية إذا لم تُنظف اللثة والأسنان جيدًا

• تأخر في النطق نتيجة الألم المستمر وصعوبة استخدام اللسان والفك بشكل طبيعي

ثامناً: متى ينبغي زيارة الطبيب؟

رغم أن نمو الأضراس يُعدّ مرحلة طبيعية من تطور الطفل، إلا أن بعض الأعراض قد تستدعي الاستشارة الطبية:

• الحمى المستمرة أو المرتفعة

• الخمول أو التهيج الزائد

• و