أضرار البرد على الصحة

أضرار البرد على الصحة:

تعتبر التغيرات المناخية، بما في ذلك انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء، أحد العوامل التي تؤثر بشكل مباشر على صحة الإنسان. البرد يمكن أن يؤدي إلى مجموعة متنوعة من الأضرار الصحية التي تتراوح بين البسيطة والمعقدة، من تأثيراته على الجهاز التنفسي إلى مشكلات تتعلق بالجهاز الدوراني والجهاز العصبي. في هذا المقال، سنناقش الأضرار التي قد يسببها البرد وكيفية الوقاية منها.

1. أضرار البرد على الجهاز التنفسي:

يعد الجهاز التنفسي من أكثر الأنظمة التي تتأثر بالتغيرات المناخية، خاصة في فصول الشتاء التي تنخفض فيها درجات الحرارة بشكل كبير. عند تعرض الجسم للبرد الشديد، يعاني الشخص من جفاف الأغشية المخاطية في الأنف والحنجرة، ما يؤدي إلى انخفاض قدرة الجسم على مقاومة الفيروسات والبكتيريا التي قد تدخل إلى الجهاز التنفسي. من بين الأضرار التي قد يتسبب فيها البرد:

• نزلات البرد والإنفلونزا: يعتبر البرد من العوامل المساعدة في انتشار الفيروسات المسببة لنزلات البرد والإنفلونزا. يؤدي تعرض الجسم لدرجات الحرارة المنخفضة إلى ضعف الجهاز المناعي، مما يجعله أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الفيروسية.

• التهاب الحنجرة والشعب الهوائية: يمكن أن يؤدي البرد إلى التهاب الحنجرة والشعب الهوائية، مما يسبب السعال والاحتقان والألم في الحلق.

• الربو: يعاني الأشخاص الذين لديهم تاريخ من الربو من تدهور حالتهم الصحية عند تعرضهم للبرد، حيث يؤدي الهواء البارد إلى تشنجات في الشعب الهوائية، مما يسبب صعوبة في التنفس.

• التهاب الجيوب الأنفية: انخفاض درجات الحرارة يمكن أن يسبب التهاب الجيوب الأنفية، مما يؤدي إلى ألم في الوجه واحتقان الأنف وصعوبة في التنفس.

2. تأثير البرد على الجهاز القلبي الوعائي:

البرد يؤثر بشكل مباشر على الدورة الدموية، حيث أن انخفاض درجات الحرارة يؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية في الأطراف، مما يجعل تدفق الدم أكثر صعوبة. هذا يمكن أن يسبب مجموعة من المشكلات الصحية مثل:

• ارتفاع ضغط الدم: مع انخفاض درجة الحرارة، ينقبض الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى زيادة ضغط الدم. هذا يمكن أن يكون خطيرًا على الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم بشكل مزمن.

• النوبات القلبية: البرد يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من مشاكل قلبية سابقة. يعد التعرض المفاجئ للبرد من المحفزات التي قد تؤدي إلى حدوث نوبة قلبية بسبب الضغط الزائد على القلب والأوعية الدموية.

• الجلطات الدموية: البرودة الشديدة قد تؤدي إلى تباطؤ تدفق الدم، ما يزيد من خطر تكوّن الجلطات الدموية. الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الدورة الدموية أو أولئك الذين لديهم تاريخ مرضي من الجلطات يكونون أكثر عرضة لهذا النوع من المشاكل.

3. تأثير البرد على المفاصل والعضلات:

يؤثر البرد أيضًا على الأنسجة العضلية والمفاصل، حيث يكون الجسم أكثر عرضة للإصابات والتشنجات العضلية عندما يتعرض للبرودة. تتسبب درجات الحرارة المنخفضة في تقلص العضلات والأوتار، مما يؤدي إلى صعوبة في الحركة، وأحيانًا إلى ألم في المفاصل. من الأضرار التي قد تسببها البرد:

• التشنجات العضلية: تقلص العضلات بسبب البرودة قد يؤدي إلى الشعور بالتصلب في الجسم وصعوبة في الحركة. الرياضيون وكبار السن هم الفئات الأكثر تأثرًا.

• آلام المفاصل: الأشخاص الذين يعانون من أمراض المفاصل مثل التهاب المفاصل أو النقرس قد يشعرون بألم متزايد خلال الأجواء الباردة، حيث يمكن أن تؤدي البرودة إلى تفاقم الألم والتورم في المفاصل.

• الالتواءات والإصابات العضلية: الأشخاص الذين يمارسون الرياضة أو الأنشطة البدنية في أجواء باردة قد يعانون من التواءات أو تمزقات عضلية بسبب صعوبة مرونة الأنسجة العضلية في درجات الحرارة المنخفضة.

4. أضرار البرد على الجهاز العصبي:

البرد يؤثر أيضًا على الجهاز العصبي، حيث أن انخفاض درجات الحرارة قد يؤدي إلى مجموعة من الأعراض التي تتراوح بين البسيطة والمزمنة، خاصة إذا تعرض الجسم للبرودة لفترات طويلة. من الأضرار التي قد يتسبب فيها البرد:

• التنميل والخدر: يمكن أن يؤدي التعرض للبرد إلى الشعور بالتنميل أو الخدر في الأطراف، بسبب تراجع تدفق الدم إلى الأنسجة الطرفية. هذه الحالة يمكن أن تكون مؤقتة، لكنها قد تصبح أكثر شدة إذا استمر التعرض للبرودة.

• الصداع: انخفاض درجات الحرارة قد يؤدي إلى صداع شديد، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية مزمنة مثل الشقيقة (الصداع النصفي).

• تدهور وظائف الدماغ: في الحالات القصوى من البرد، قد يتعرض الدماغ لخفض في مستوى تدفق الدم، مما يسبب صعوبة في التفكير والتركيز. هذه الأعراض قد تظهر في حالات انخفاض درجات الحرارة بشكل حاد.

5. الأضرار النفسية للبرد:

تؤثر درجات الحرارة المنخفضة أيضًا على الحالة النفسية، حيث يمكن أن يتسبب الجو البارد في تدهور المزاج والشعور بالإحباط والعزلة. يرتبط فصل الشتاء بنقص التعرض للشمس، مما يقلل من إنتاج الجسم للهرمونات التي تحسن المزاج مثل السيروتونين. من بين الأضرار النفسية التي قد يسببها البرد:

• الاكتئاب الشتوي: يُعرف أيضًا بالاكتئاب الموسمي، وهو نوع من الاكتئاب الذي يحدث في فصل الشتاء بسبب قلة التعرض لأشعة الشمس. هذا النوع من الاكتئاب يؤثر على الأفراد بشكل كبير، حيث يشعرون بالحزن والإرهاق وفقدان الدافع.

• القلق والتوتر: البرودة قد تؤدي إلى زيادة الشعور بالقلق والتوتر، خاصة إذا كانت الظروف الجوية تؤثر على حياة الشخص اليومية، مثل إغلاق الطرق أو تأخير المواصلات.

6. آثار البرد على الجلد:

البرد يمكن أن يتسبب في العديد من المشاكل الجلدية التي تتراوح بين التهيج والجفاف وصولاً إلى تدهور حالة الجلد بشكل عام. من أضرار البرد على الجلد:

• الجفاف والتشققات: يؤدي البرد الشديد إلى سحب الرطوبة من الجلد، مما يجعله جافًا وقاسيًا، ويؤدي إلى حدوث تشققات في الجلد، خاصة في اليدين والوجه.

• الحروق الباردة: يمكن أن يتسبب التعرض الطويل للبرد الشديد في حروق باردة، حيث يتجمد الجلد ويسبب آلامًا شديدة. هذه الحروق قد تؤدي إلى تلف الأنسجة إذا لم يتم علاجها بشكل سريع.

• التهاب الجلد: قد يؤدي التغير المفاجئ بين درجات الحرارة المرتفعة والمنخفضة إلى ظهور التهابات جلدية، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من البشرة الحساسة.

7. مضاعفات البرد على الأشخاص ذوي الحالات الصحية المزمنة:

الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري، وأمراض القلب، وأمراض الرئة، قد يعانون بشكل خاص من تأثيرات البرد الشديد. البرد يمكن أن يفاقم حالتهم الصحية، ويؤدي إلى مضاعفات خطيرة تشمل:

• تفاقم أعراض السكري: البرودة قد تؤدي إلى تقليل قدرة الجسم على تنظيم مستوى السكر في الدم، ما قد يسبب تقلبات كبيرة في مستويات الجلوكوز.

• مشاكل التنفس في مرضى الربو: كما ذكرنا سابقًا، يؤدي البرد إلى تهيج الشعب الهوائية، مما يجعل التنفس أكثر صعوبة لدى مرضى الربو.

• تفاقم أمراض القلب: الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب قد يشعرون بضغط أكبر على قلوبهم بسبب التأثيرات المناخية الباردة، مما يزيد من خطر حدوث مضاعفات مثل النوبات القلبية.

8. كيفية الوقاية من أضرار البرد:

لتقليل تأثيرات البرد على الصحة، من المهم اتخاذ بعض التدابير الوقائية، مثل:

• ارتداء ملابس دافئة: من المهم ارتداء طبقات متعددة من الملابس التي توفر عزلًا حراريًا جيدًا، خاصة في الأجواء الباردة.

• الحفاظ على الترطيب: يجب الحفاظ على رطوبة الجسم عن طريق شرب السوائل بشكل منتظم وتجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين أو الكحول، حيث يمكن أن تزيد من فقدان الحرارة.

• استخدام الكريمات المرطبة: لحماية الجلد من الجفاف، يُنصح باستخدام كريمات مرطبة خاصة في فصل الشتاء.

• الحفاظ على مستوى النشاط البدني: يساعد النشاط البدني في تحسين الدورة الدموية، مما يساعد الجسم على مقاومة التأثيرات السلبية للبرد.

من خلال اتخاذ هذه الإجراءات الوقائية، يمكن للمرء أن يقلل من خطر الإصابة بالأضرار التي قد يسببها البرد، ويحافظ على صحته في مواجهة الظروف الجوية القاسية.