أسباب وعلاج غيرة الأطفال

أسباب وعلاج الغيرة عند الأطفال

الغيرة هي شعور طبيعي يعبر عنه الإنسان في مراحل مختلفة من حياته، ويشمل الأطفال على وجه الخصوص. يظهر الأطفال مشاعر الغيرة عندما يشعرون بأن هناك شيئًا أو شخصًا ما يحظى بالاهتمام والموارد التي يعتقدون أنهم يستحقونها. على الرغم من أن هذه المشاعر قد تكون جزءًا من النمو العاطفي للطفل، إلا أن استمرارها لفترات طويلة أو زيادتها يمكن أن تؤدي إلى مشكلات سلوكية أو نفسية في المستقبل. لذا فإن فهم أسباب الغيرة وكيفية التعامل معها يعد من الأمور المهمة التي يحتاج الآباء والمربون إلى الإلمام بها لضمان نمو الطفل بشكل سليم ومتوازن.

1. أسباب الغيرة عند الأطفال

أ. الحاجة إلى الاهتمام والانتباه

من أبرز الأسباب التي قد تدفع الأطفال للشعور بالغيرة هي رغبتهم في الحصول على الاهتمام الكامل من الأهل والمحيطين بهم. الأطفال في مراحل النمو المبكرة غالبًا ما يتصفون بالأنانية إلى حد كبير، حيث يرون العالم من خلال منظورهم الخاص، وبالتالي عندما يلاحظون أن شخصًا آخر يحصل على الاهتمام الذي يظنّون أنهم يستحقونه، يشعرون بالتهديد.

ب. ولادة طفل جديد

تعتبر ولادة طفل جديد في العائلة من الأسباب الرئيسية التي تثير مشاعر الغيرة لدى الأطفال الأكبر سناً. يجد الطفل الأكبر نفسه فجأة في موقف يتم فيه تقليص الاهتمام الموجه له، حيث يصبح المولود الجديد محور التركيز. يؤدي ذلك إلى شعور الطفل الأكبر بعدم الأمان أو الاستبعاد، وهو ما يتجسد في سلوكيات غيورة مثل العناد أو محاولة جذب انتباه الوالدين.

ج. المقارنة بين الأطفال

أحد أسباب الغيرة في الأطفال هو المقارنة المستمرة بين الأطفال. قد يلاحظ الأطفال أن بعضهم يتفوق في أمور معينة مثل الدراسة أو الرياضة أو حتى الجمال، مما يثير لديهم مشاعر الغيرة. يمكن أن يكون هذا المقارنة مصدرًا لتقليل الثقة بالنفس لدى الطفل، مما يزيد من شعوره بعدم الرضا عن ذاته.

د. التغيرات في البيئة الاجتماعية

قد يواجه الطفل مشاعر الغيرة عندما يتم إدخاله إلى بيئات جديدة مثل المدرسة أو الحضانة، حيث يرى الأطفال الآخرون يتصرفون بشكل مغاير أو يحصلون على أشياء لا يمتلكها. كما يمكن أن يكون الطفل غيورًا من الأصدقاء أو الزملاء الذين يمتلكون ألعابًا أو خبرات لا يمتلكها.

هـ. التغيرات العائلية

التغيرات داخل العائلة مثل الطلاق أو الانفصال أو حتى السفر أو انتقال المنزل قد تؤدي إلى شعور الطفل بعدم الاستقرار العاطفي. في مثل هذه الحالات، قد يلجأ الطفل إلى مشاعر الغيرة كوسيلة للتعبير عن إحساسه بالضياع أو الخوف من فقدان الحب والاهتمام.

2. أعراض الغيرة عند الأطفال

من الممكن أن تظهر مشاعر الغيرة لدى الأطفال من خلال عدة أعراض سلوكية، تتراوح من السلوكيات اللطيفة إلى السلوكيات العدوانية. من أبرز هذه الأعراض:

• البكاء المفرط: قد يبكي الطفل عندما يشعر بأن الاهتمام قد تم تحويله عنه.

• التصرفات التنافسية: يصبح الطفل أكثر تنافسية مع إخوته أو أقرانه في محاولة للفت الانتباه إليه.

• السلوك العدواني: قد يظهر الطفل سلوكًا عدوانيًا تجاه الطفل الآخر أو أي شخص يشعر أنه منافس له، سواء بالضرب أو التهجم بالكلمات.

• التمسك الزائد: يصبح الطفل أكثر تمسكًا بالأهل، خاصة الأم، حيث يطلب منها المزيد من الاهتمام والرعاية.

• الرجوع إلى سلوكيات الطفولة: قد يبدأ الطفل في التصرف بشكل غير ناضج أو الرجوع إلى سلوكيات كان قد تخطاها مثل التبول اللاإرادي أو مص الإصبع.

3. كيفية علاج الغيرة عند الأطفال

تعامل الأهل مع مشاعر الغيرة لدى الأطفال يتطلب الصبر والمرونة. من خلال بعض الخطوات المدروسة، يمكن للأهل أن يساعدوا أطفالهم في التغلب على هذه المشاعر السلبية:

أ. تعزيز التقدير الذاتي لدى الطفل

من أبرز طرق علاج الغيرة هي تعزيز الثقة بالنفس لدى الطفل. عندما يشعر الطفل بتقديره لذاته، تقل احتمالية شعوره بالغيرة من الآخرين. يمكن تحقيق ذلك من خلال مدح الطفل على إنجازاته الصغيرة، وتشجيعه على المحاولة في الأنشطة التي يحبها، ومساعدته على الشعور بالنجاح.

ب. تخصيص وقت خاص لكل طفل

في العائلات التي تضم أكثر من طفل، من المهم تخصيص وقت خاص لكل طفل. يجب على الوالدين أن يخصصوا وقتًا لجلسات خاصة مع كل طفل بمفرده بعيدًا عن الآخرين، وهو ما يساعد الطفل على الشعور بأنهم مهمون ومحبوبون بشكل فردي.

ج. شرح مشاعر الغيرة للطفل

تعليم الطفل كيفية التعرف على مشاعره الخاصة يعد أمرًا بالغ الأهمية. عندما يدرك الطفل ما يعنيه أن يشعر بالغيرة، يصبح من السهل عليه التعرف على هذه المشاعر وإيجاد طرق صحية للتعامل معها. قد يساعد ذلك أيضًا في تطوير مهاراته في التعامل مع مشاعر أخرى مثل الحزن أو الغضب.

د. وضع قواعد وتوقعات واضحة

من الضروري وضع قواعد سلوكية واضحة داخل المنزل، وتشجيع الطفل على احترام الآخرين ومشاعرهم. ينبغي على الأهل أن يوضحوا للطفل أن مشاعر الغيرة ليست خطأ، ولكن يجب أن يُعبّر عنها بشكل صحيح دون اللجوء إلى العدوانية أو التصرفات السلبية.

هـ. توفير بيئة غير تنافسية

إذا كان الطفل يعاني من الغيرة بسبب المقارنات المستمرة بينه وبين الآخرين، يجب على الأهل تقليل المقارنات. من الأفضل أن يعزز الأهل فكرة التعاون والتعاضد بدلًا من المنافسة المستمرة بين الإخوة أو الأصدقاء.

و. إشراك الطفل في الأنشطة العائلية

تشجيع الطفل على المشاركة في الأنشطة العائلية المشتركة يعزز من شعوره بالانتماء إلى العائلة ككل. عندما يشعر الطفل أنه جزء مهم من الأسرة، يقل شعوره بالتهديد من الآخرين، ويصبح أكثر استعدادًا للتفاعل بشكل إيجابي.

ز. استخدام أساليب التربية الإيجابية

من المهم أن يستخدم الأهل أساليب التربية الإيجابية في التعامل مع الغيرة. يشمل ذلك إعطاء الطفل الفرصة للتعبير عن نفسه، وتجنب النقد اللاذع أو استخدام أساليب العقاب القاسية. بدلاً من ذلك، يجب مكافأة السلوك الجيد وتعزيزه من خلال كلمات الدعم والاهتمام.

4. دور الأهل في تقليص مشاعر الغيرة

الأهل هم الأساس في كيفية تعامل الطفل مع مشاعر الغيرة. التفاعل العاطفي السليم والتوجيه من قبل الأهل يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في كيفية إدارة الطفل لهذه المشاعر. من خلال توفير بيئة مليئة بالحب والاحترام، يمكن للطفل أن يتعلم كيفية التعامل مع الغيرة بشكل طبيعي وغير مدمر.