أسباب وعلاج بحة الصوت

ما هي بحة الصوت؟ أسبابها وأعراضها وطرق علاجها

تعد بحة الصوت من المشكلات الصوتية التي قد تصيب أي شخص في مرحلة ما من حياته، وتظهر نتيجة لتغيرات تطرأ على الحبال الصوتية أو الحنجرة، وهو ما يؤثر في الصوت بشكل ملحوظ. تتراوح درجة بحة الصوت بين الخفيفة والشديدة، وقد تكون مؤقتة أو مزمنة، ما يسبب قلقاً للأفراد الذين يعتمدون على صوتهم في حياتهم اليومية، مثل المعلمين والمحاضرين والفنانين. في هذا المقال، سنستعرض ما هي بحة الصوت، أسبابها المتنوعة، الأعراض المصاحبة لها، وكيفية الوقاية والعلاج منها.

تعريف بحة الصوت

بحة الصوت هي تغير مفاجئ أو تدريجي في جودة الصوت، حيث يصبح الصوت خشناً، أجشاً، أو غير واضح. قد يصاحب البحة في الصوت صعوبة في الكلام أو الشعور بالألم أو الجفاف في الحلق. هذه المشكلة تنتج عادة عن اضطرابات في الحبال الصوتية أو الحنجرة، وهي العضو المسؤول عن إنتاج الصوت عند الإنسان.

إن الحبال الصوتية هي عبارة عن طيات لحمية مرنة تمتد عبر الحنجرة. عند التحدث، يتم إنتاج الصوت من خلال اهتزاز هذه الحبال الصوتية، مما ينتج عنه الصوت الذي نسمعه. عندما يحدث أي اضطراب في هذه الحبال أو في الأنسجة المحيطة بها، يمكن أن تتغير طريقة اهتزازها، مما يؤدي إلى ظهور بحة الصوت.

الأسباب الرئيسية لبحة الصوت

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة ببحة الصوت، وقد تكون بعضها مرتبطة بعوامل صحية أو بيئية أو سلوكية. إليك أبرز الأسباب المؤدية إلى بحة الصوت:

1. التهاب الحنجرة (Laryngitis)

أحد أكثر الأسباب شيوعاً لبحة الصوت هو التهاب الحنجرة، وهو التهاب يصيب الحبال الصوتية نتيجة لعدوى فيروسية أو بكتيرية، أو بسبب تعرض الحنجرة لمؤثرات بيئية مثل الغبار أو التدخين. التهاب الحنجرة يسبب تورماً في الحبال الصوتية، مما يعيق اهتزازها الطبيعي ويؤدي إلى تغير الصوت.

2. الاستعمال المفرط للصوت

عند استخدام الصوت بشكل مفرط أو غير صحيح، سواء بالحديث الطويل أو الصراخ أو التحدث بنبرة مرتفعة لفترات طويلة، قد تصاب الحبال الصوتية بالإجهاد، مما يؤدي إلى بحة مؤقتة. هذا النوع من بحة الصوت يحدث عادة لدى المعلمين، المغنين، والمتحدثين العامين.

3. الحساسية والتهيج البيئي

التعرض للمواد المثيرة للحساسية مثل الغبار، والعطور القوية، والدخان، وملوثات الهواء قد يؤدي إلى التهاب الحنجرة وتهيج الحبال الصوتية، مما يسبب بحة الصوت. تتفاقم هذه الحالة في الأماكن المغلقة أو الملوثة.

4. ارتجاع المريء (GERD)

يعتبر ارتجاع المريء من الأسباب الشائعة لبحة الصوت المزمنة، حيث يحدث ارتداد للحمض المعدي إلى المريء ومن ثم إلى الحنجرة، مما يسبب التهابات مزمنة في الحبال الصوتية. هذا النوع من الارتجاع يؤدي إلى تغيير في الصوت بشكل تدريجي.

5. الأورام الحميدة أو الخبيثة في الحنجرة

وجود أورام سواء كانت حميدة أو خبيثة في الحنجرة قد يؤدي إلى بحة الصوت، حيث تعيق الأورام حركة الحبال الصوتية أو تؤثر في قدرة الأنسجة على الاهتزاز. في بعض الحالات قد تترافق البحة مع أعراض أخرى مثل صعوبة في التنفس أو بلع الطعام.

6. التدخين والمشروبات الكحولية

التدخين يعتبر من أكثر العوامل المؤثرة في صحة الحبال الصوتية. يحتوي الدخان على مواد سامة تؤدي إلى تهيج الأنسجة في الحنجرة وتلفها على المدى الطويل. كما أن تناول المشروبات الكحولية قد يؤدي إلى جفاف الحلق وتعرض الحبال الصوتية للإجهاد، مما يساهم في بحة الصوت.

7. التغيرات الهرمونية

التغيرات الهرمونية التي تحدث خلال الحمل أو فترة البلوغ أو في حالات اختلال التوازن الهرموني قد تؤثر على جودة الصوت. على سبيل المثال، قد تؤدي التغيرات الهرمونية أثناء الحمل إلى تورم أو تغير في سمك الحبال الصوتية، مما يسبب بحة مؤقتة في الصوت.

8. الإصابات في الحنجرة

قد تؤدي الإصابات المباشرة على منطقة الحنجرة مثل الحوادث أو العمليات الجراحية إلى تلف الأنسجة الصوتية. وهذا التلف يمكن أن يؤدي إلى ظهور بحة الصوت، سواء كانت مؤقتة أو دائمة، حسب مدى الضرر الذي حدث.

أعراض بحة الصوت

تتمثل الأعراض الرئيسية لبحة الصوت في تغير واضح في الصوت، حيث يصبح الصوت خشناً أو أجشاً. يمكن أن يصاحب بحة الصوت عدة أعراض أخرى، مثل:

• صعوبة في الكلام: قد يجد الشخص صعوبة في التحدث بشكل طبيعي أو أن صوته يتقطع أو يتغير بشكل مفاجئ.

• ألم أو احتقان في الحلق: يشعر المريض بألم أو إحساس بالجفاف في الحلق نتيجة لتورم أو التهاب الحبال الصوتية.

• الإحساس بوجود شيء عالق في الحلق: قد يشعر الشخص بشيء غريب أو عائق في الحلق، مما يجعله يبلع بشكل متكرر.

• سعال جاف: يصاحب بعض حالات بحة الصوت سعال جاف نتيجة لتهيج الحنجرة.

• صعوبة في التنفس: في الحالات المتقدمة التي تترافق مع انسداد جزئي في الحنجرة، قد يشعر المريض بصعوبة في التنفس.

التشخيص الطبي لبحة الصوت

إذا استمرت بحة الصوت لفترة طويلة أو إذا كانت مصحوبة بأعراض إضافية مثل الألم الشديد أو صعوبة التنفس، يجب على المريض استشارة الطبيب. يتم التشخيص من خلال:

• الفحص السريري: يقوم الطبيب بفحص الحنجرة باستخدام أدوات طبية متخصصة مثل المنظار لالتقاط صورة للأنسجة والحبال الصوتية.

• الفحوصات التصويرية: في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر إجراء فحوصات تصويرية مثل الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي لاستبعاد وجود أورام أو مشاكل هيكلية.

• اختبارات الحساسية أو الأمراض المزمنة: يمكن أن يطلب الطبيب اختبارات للكشف عن الحساسية أو الأمراض مثل ارتجاع المريء أو التهابات مزمنة.

طرق الوقاية من بحة الصوت

للوقاية من بحة الصوت، يمكن اتباع عدة نصائح تقلل من تأثير العوامل المسببة لها، مثل:

1. الراحة الصوتية: يجب تجنب التحدث لفترات طويلة أو الصراخ لتقليل إجهاد الحبال الصوتية.

2. شرب السوائل بكثرة: يساعد شرب الماء والسوائل الدافئة على ترطيب الحلق وتجنب جفافه.

3. تجنب التدخين: يعد الإقلاع عن التدخين من أهم الخطوات التي تساعد في الحفاظ على صحة الحبال الصوتية.

4. تجنب الملوثات البيئية: من المهم الحد من التعرض للدخان والغبار والمواد المثيرة للحساسية.

5. استخدام مرطبات الهواء: في الأماكن الجافة، يمكن استخدام مرطبات الهواء للحفاظ على ترطيب الحنجرة.

6. التغذية السليمة: تساهم التغذية الصحية والمتوازنة في تعزيز جهاز المناعة والحفاظ على صحة الحبال الصوتية.

علاج بحة الصوت

يعتمد علاج بحة الصوت على السبب الذي أدى إلى حدوثها. في الحالات البسيطة، قد تختفي البحة من تلقاء نفسها مع الراحة الصوتية والعناية الجيدة بالحلق. أما في الحالات الأكثر تعقيداً، فقد يتطلب العلاج اتباع الإجراءات التالية:

• الأدوية المضادة للالتهابات: في حالة وجود التهاب في الحنجرة أو الحبال الصوتية، قد يوصي الطبيب باستخدام أدوية مضادة للالتهابات لتخفيف التورم والتهيج.

• العلاج الصوتي: يمكن أن يوصي الطبيب أو أخصائي الصوت بالعلاج الصوتي الذي يشمل تقنيات للتحدث بشكل صحيح وعدم إجهاد الحبال الصوتية.

• الجراحة: في حالات الأورام أو المشاكل الهيكلية في الحنجرة، قد يحتاج المريض إلى تدخل جراحي لإزالة الأورام أو إصلاح الأنسجة التالفة.

الخلاصة

بحة الصوت هي مشكلة شائعة قد تصيب أي شخص، وهي غالباً ما تكون نتيجة لإجهاد الحبال الصوتية أو التهابات في الحنجرة. في حالات معينة، قد تكون بحة الصوت إشارة إلى وجود مشاكل صحية أخرى مثل ارتجاع المريء أو الأورام. من خلال اتباع النصائح الوقائية والعلاج المناسب، يمكن تقليل احتمالية حدوث بحة الصوت أو علاجها بشكل فعال. إذا كانت البحة مستمرة أو مصحوبة بأعراض أخرى، من المهم استشارة الطبيب للتشخيص والعلاج المناسبين.