أسباب وعلاج انخفاض السكر في الدم

انخفاض السكر لغير المصابين بالسكري: الأسباب، الأعراض والعلاج

يُعد انخفاض مستويات السكر في الدم (أو ما يُسمى علميًا بـ “نقص سكر الدم”) أحد المشكلات الصحية التي قد يواجهها الأفراد، حتى أولئك الذين لا يعانون من مرض السكري. رغم أن انخفاض السكر هو أكثر شيوعًا بين مرضى السكري، إلا أن هناك حالات يمكن أن تحدث فيها هذه المشكلة أيضًا لدى الأشخاص الذين لا يعانون من هذا المرض المزمن. وفي هذا المقال، سنتناول أسباب انخفاض السكر لدى غير المصابين بالسكري، الأعراض التي قد ترافقه، وطرق العلاج والوقاية منه.

ما هو انخفاض السكر في الدم؟

يحدث انخفاض السكر في الدم عندما تنخفض مستويات الجلوكوز (السكر) في الدم إلى أقل من المستوى الطبيعي. عادة ما تكون مستويات السكر في الدم طبيعية عندما تكون بين 70 و100 ملغ/ديسيلتر بعد صيام لمدة 8 ساعات. وعند انخفاض هذه المستويات إلى أقل من 70 ملغ/ديسيلتر، تبدأ الأعراض المرتبطة بنقص سكر الدم في الظهور.

تُعتبر مستويات السكر في الدم مصدر الطاقة الرئيسي لخلايا الجسم، وخاصة خلايا الدماغ. وعندما ينخفض السكر في الدم بشكل مفاجئ، فإن الجسم يبدأ في تجربة تأثيرات سلبية، تتراوح بين الأعراض الطفيفة والمضاعفات الأكثر خطورة.

أسباب انخفاض السكر في الدم لغير المصابين بالسكري

قد يحدث انخفاض السكر في الدم لغير المصابين بالسكري نتيجة عدة أسباب متنوعة، تتراوح بين العوامل الغذائية إلى العوامل الصحية الأخرى. فيما يلي أبرز الأسباب المحتملة:

1. تناول وجبة غير متوازنة أو تأخير في تناول الطعام

إن تناول وجبة غير متوازنة تحتوي على كمية قليلة من الكربوهيدرات أو تأخير في تناول الطعام قد يتسبب في انخفاض مستويات السكر في الدم. فعلى سبيل المثال، إذا تناول الشخص وجبة تحتوي على نسبة عالية من البروتين أو الدهون مع كمية ضئيلة من الكربوهيدرات، قد لا يحصل الجسم على الكمية الكافية من الجلوكوز الذي يحتاجه.

2. الإفراط في تناول الكحول

يعتبر الكحول أحد العوامل التي قد تؤدي إلى انخفاض مستويات السكر في الدم، خاصة إذا تم تناوله على معدة فارغة. إذ أن الكحول يثبط إنتاج الجلوكوز في الكبد، مما يعيق قدرة الجسم على تلبية احتياجاته من السكر.

3. التمارين الرياضية المكثفة

ممارسة التمارين الرياضية الشاقة قد تؤدي إلى انخفاض مستويات السكر في الدم، وخاصة إذا كانت تلك التمارين تحدث دون تناول وجبة غذائية مناسبة قبل النشاط البدني. يحتاج الجسم إلى الجلوكوز للحصول على الطاقة أثناء ممارسة الرياضة، وإذا كانت مستويات الجلوكوز منخفضة مسبقًا، فإن الشخص قد يعاني من أعراض انخفاض السكر في الدم.

4. اضطرابات هرمونية أو غددية

هناك بعض الاضطرابات الهرمونية أو الغددية التي قد تؤدي إلى انخفاض السكر في الدم. فعلى سبيل المثال، مشاكل الغدة الكظرية أو الغدة النخامية يمكن أن تؤثر على قدرة الجسم على إنتاج بعض الهرمونات التي تساعد في تنظيم مستويات السكر. كما أن نقص بعض الهرمونات مثل الأنسولين أو الجلوكاجون قد يؤدي إلى انخفاض مستويات السكر في الدم بشكل غير طبيعي.

5. تناول بعض الأدوية أو العقاقير

هناك بعض الأدوية التي قد تساهم في حدوث انخفاض السكر في الدم. من أبرزها بعض الأدوية المستخدمة لعلاج الأمراض المعدية أو الفيروسية مثل مضادات الفطريات أو المضادات الحيوية. قد تؤثر هذه الأدوية على قدرة الجسم في إنتاج أو تنظيم مستويات السكر في الدم.

6. وجود أورام في البنكرياس (أورام غدية)

في بعض الحالات النادرة، قد تكون الأورام الغدية في البنكرياس (المعروفة بالأورام الإنسولين) هي السبب وراء انخفاض السكر في الدم. هذه الأورام تؤدي إلى إنتاج مفرط لهرمون الأنسولين، الذي بدوره يخفض مستويات السكر في الدم.

7. الحوامل (وخاصة في الثلث الأول)

من المعروف أن الحوامل قد يعانين من انخفاض مستويات السكر في الدم، خاصة في الثلث الأول من الحمل، بسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث خلال تلك الفترة. كما أن نمو الجنين وزيادة احتياجاته من الطاقة يمكن أن تسهم في انخفاض مستويات السكر في الدم لدى بعض الحوامل.

أعراض انخفاض السكر في الدم

تختلف أعراض انخفاض السكر في الدم بشكل كبير من شخص لآخر وقد تعتمد على شدة انخفاض السكر في الدم. ولكن بشكل عام، يمكن أن تشمل الأعراض التالية:

1. الأعراض الأولية (المبكرة):

• الشعور بالجوع الشديد

• التعرق الغزير

• الرجفان أو الارتعاش

• الدوار أو الدوخة

• القلق أو التوتر العصبي

• تسارع ضربات القلب (خفقان القلب)

• الغثيان أو القيء

2. الأعراض المتقدمة (في الحالات الأكثر شدة):

• الارتباك العقلي أو التشويش الذهني

• صعوبة في التركيز

• الإغماء أو فقدان الوعي

• تشنجات عضلية أو حركات غير منضبطة

• مشاعر خوف غير مبررة

• اضطرابات في الرؤية، مثل الرؤية الضبابية

3. الأعراض المصاحبة للأشخاص الذين يعانون من نقص السكر في الدم لفترات طويلة:

إذا استمر انخفاض السكر في الدم لفترة طويلة دون علاج، قد يعاني الشخص من تدهور في الذاكرة، أو القلق، أو التغيرات المزاجية، بل وأحيانًا الاكتئاب. قد تتدهور الحالة إلى مرحلة خطر كبيرة إذا لم يتم التعامل معها بشكل عاجل.

تشخيص انخفاض السكر في الدم لغير المصابين بالسكري

يتطلب تشخيص انخفاض السكر في الدم تقييمًا طبيًا شاملًا. يبدأ الطبيب عادةً بتقييم الأعراض الطبية التي يعاني منها المريض، بالإضافة إلى النظر في التاريخ الطبي والعوامل المساعدة المحتملة. قد يطلب الطبيب إجراء بعض الفحوصات المخبرية، مثل فحص مستويات الجلوكوز في الدم، أو اختبار تحمل الجلوكوز لتحديد ما إذا كانت مستويات السكر في الدم منخفضة بشكل غير طبيعي.

من المهم أن يتم تحديد سبب انخفاض السكر في الدم، خاصة إذا كان يحدث بشكل متكرر، لتوجيه العلاج بشكل فعال.

علاج انخفاض السكر في الدم

علاج انخفاض السكر في الدم يعتمد على السبب الأساسي وشدة الأعراض. في معظم الحالات، يُنصح باتباع بعض الإجراءات السريعة لإعادة مستويات السكر إلى الطبيعي:

1. تناول طعام يحتوي على سكر سريع الامتصاص:

في الحالات الخفيفة، يمكن تناول أطعمة تحتوي على سكر سريع الامتصاص مثل:

• عصير الفواكه

• أقراص الجلوكوز

• العسل أو السكر المذاب في الماء

2. تجنب تناول الطعام فقط من دون تناول مصدر معقد للسكر:

يجب على الشخص أن يتناول وجبة غذائية متوازنة تحتوي على الكربوهيدرات المعقدة والبروتينات بعد تناول السكر السريع، لضمان استقرار مستويات السكر في الدم لفترة أطول.

3. علاج السبب الأساسي:

إذا كان هناك سبب آخر لحدوث انخفاض السكر، مثل اضطراب هرموني أو تناول أدوية معينة، يجب معالجته عن طريق متابعة العلاج الطبي المناسب أو تعديل الجرعات الدوائية.

4. العلاج الطبي الطارئ:

في حالات نادرة، قد تتطلب حالات انخفاض السكر الشديد علاجًا طبيًا عاجلاً، مثل حقن الجلوكاجون أو الجلوكوز في الوريد. يجب على المرضى الذين يعانون من نقص السكر بشكل متكرر أو حاد أن يلتزموا بالعلاج الطبي المستمر.

الوقاية من انخفاض السكر في الدم لغير المصابين بالسكري

الوقاية من انخفاض السكر في الدم تتطلب تغييرًا في نمط الحياة والتغذية. من أهم النصائح التي يمكن اتباعها:

• تناول وجبات متوازنة: تأكد من أن الوجبات تحتوي على كربوهيدرات معقدة، مثل الحبوب الكاملة، بالإضافة إلى البروتينات والدهون الصحية.

• تجنب الإفراط في تناول الكحول: خاصة على معدة فارغة.

• مراقبة النشاط البدني: تجنب ممارسة الرياضة الشاقة دون تناول وجبة غذائية مناسبة مسبقًا.

• التحدث مع الطبيب: إذا كنت تشك في وجود اضطراب هرموني أو كنت تتناول أدوية قد تؤثر على مستوى السكر في الدم، من الضروري استشارة الطبيب لتعديل العلاج إذا لزم الأمر.

الخاتمة

انخفاض السكر في الدم لغير المصابين بالسكري يمكن أن يكون مشكلة صحية خطيرة تتطلب تدابير علاجية ووقائية مناسبة. بينما يمكن أن يكون نتيجة لأسباب عدة، فإن التشخيص المبكر والعلاج الفوري يمكن أن يحول دون حدوث مضاعفات خطيرة.