أسباب نقص الوزن، النحافة، فقدان الوزن المفرط، اضطرابات التغذية، سوء الامتصاص، فرط نشاط الغدة الدرقية، القلق المزمن، أمراض مزمنة، ضعف الشهية

أسباب نقص الوزن: نظرة شاملة إلى النحافة وأسبابها العضوية والنفسية

يُعتبر نقص الوزن مشكلة صحية قد تكون معقدة ومتعددة الأسباب، تتداخل فيها العوامل الغذائية والنفسية والمرضية والهرمونية. بخلاف الاعتقاد السائد بأن النحافة ليست مشكلة صحية مقارنة بالسمنة، إلا أن نقص الوزن المفرط يمكن أن يكون مؤشرًا على وجود اختلالات صحية عميقة تتطلب التقييم والعلاج. يُعرف نقص الوزن طبيًا عندما يكون مؤشر كتلة الجسم (BMI) أقل من 18.5، وهذا يعني أن وزن الشخص أقل بكثير من المعدل الطبيعي مقارنة بطوله. في هذا المقال الموسع، سيتم تناول الأسباب المختلفة لنقص الوزن بشكل تفصيلي، مقسمة إلى فئات مرضية ونفسية وسلوكية وهضمية، مع تسليط الضوء على الحالات التي تتطلب تدخلاً طبيًا عاجلاً.

أولًا: الأسباب الغذائية لنقص الوزن

1. سوء التغذية

يُعتبر سوء التغذية أحد أبرز الأسباب المباشرة لنقص الوزن. عندما لا يحصل الجسم على ما يكفي من السعرات الحرارية أو البروتينات أو الدهون أو الفيتامينات والمعادن الأساسية، تبدأ الكتلة العضلية في الانخفاض ويحدث تراجع في الوزن.

• نقص السعرات اليومية بسبب قلة تناول الطعام.

• الحميات الصارمة أو التقييد الغذائي المبالغ فيه.

• عدم التوازن بين كمية الطاقة المستهلكة والمستخدمة.

2. اضطرابات في الشهية

تُعد الشهية عاملاً أساسيًا في تحديد كمية الغذاء المتناول، وقد يكون نقص الشهية ناتجًا عن:

• حالات التوتر المزمن.

• الاكتئاب أو القلق.

• بعض الأدوية التي تؤثر على مراكز الشهية في الدماغ.

ثانيًا: الأسباب المرضية العضوية لنقص الوزن

1. فرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism)

فرط إنتاج هرمونات الغدة الدرقية يؤدي إلى زيادة معدل الأيض، مما يعني أن الجسم يحرق السعرات الحرارية بسرعة أعلى من المعتاد، حتى في حالات الراحة، ما يؤدي إلى فقدان الوزن رغم تناول كميات كافية من الطعام. تشمل الأعراض المصاحبة:

• تسارع نبضات القلب.

• التعرق الزائد.

• القلق والعصبية.

• رجفان اليدين.

• ضعف العضلات.

2. داء السكري من النوع الأول غير المُشخَّص

يُسبب ارتفاع سكر الدم المزمن مع قلة إفراز الأنسولين تحلل الدهون والعضلات لتعويض نقص الطاقة، مما يؤدي إلى خسارة سريعة وغير مبررة للوزن.

3. أمراض الجهاز الهضمي

اضطرابات الجهاز الهضمي تؤثر بشكل مباشر على امتصاص العناصر الغذائية. من بين أبرز هذه الاضطرابات:

• الداء البطني (السيلياك): حساسية الأمعاء للجلوتين.

• داء كرون والتهاب القولون التقرحي: يسببان التهابات مزمنة تؤدي إلى سوء امتصاص.

• متلازمة القولون المتهيج: قد تؤثر على نمط الأكل والشهية.

• العدوى الطفيلية أو البكتيرية المزمنة: مثل الجيارديا أو الديدان المعوية.

4. الأمراض المزمنة

بعض الأمراض طويلة الأمد تستهلك طاقة الجسم وتؤثر على الشهية والهضم، مثل:

• السرطان: خاصة في المراحل المتقدمة.

• الإيدز: يسبب تدهورًا في الجهاز المناعي وفقدان الوزن العضلي.

• السل: مرض معدٍ يسبب فقدان شهية وتعرق ليلي وخسارة الوزن بشكل ملحوظ.

• فشل القلب أو الكبد أو الكلى المزمن.

5. الاضطرابات الهرمونية الأخرى

• نقص الكورتيزول في حالات مثل مرض أديسون.

• نقص الهرمونات الجنسية قد يؤثر على البناء العضلي والتوازن الأيضي.

ثالثًا: الأسباب النفسية والسلوكية

1. اضطرابات الأكل

اضطرابات الأكل هي أحد الأسباب النفسية الخطيرة التي تؤدي إلى انخفاض كبير في الوزن، ومنها:

• فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa): حيث يمتنع الشخص عن الأكل خوفًا من اكتساب الوزن.

• النهام العصبي (Bulimia Nervosa): يتميز بنوبات من الأكل المفرط تليها نوبات تطهير أو تقيؤ متعمد.

• اضطراب الأكل القهري: يسبب أنماطًا غير منتظمة في التغذية قد تؤثر على الوزن.

2. الاكتئاب والقلق العام

اضطرابات المزاج تؤثر بشكل مباشر على الشهية والعادات الغذائية، وغالبًا ما يعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب من فقدان الشهية وتراجع الرغبة في الأكل، بالإضافة إلى اضطرابات النوم وهزال عام في الجسم.

3. الإجهاد النفسي المزمن

يؤثر القلق المزمن على إفراز الهرمونات المنظمة للشهية، كما يزيد من حرق السعرات الحرارية، خاصة عند المصابين بالتوتر الشديد أو القلق العام أو اضطراب ما بعد الصدمة.

رابعًا: العوامل البيئية ونمط الحياة

1. النشاط البدني المكثف

الأشخاص الذين يمارسون الرياضة العنيفة أو العمالة البدنية الشاقة قد يحرقون عددًا كبيرًا من السعرات دون تعويض كافٍ، ما يؤدي إلى انخفاض الوزن.

2. التدخين

يُعتبر التدخين من العوامل التي تقلل الشهية وتؤثر على التمثيل الغذائي، مما يؤدي أحيانًا إلى النحافة غير الصحية.

3. تعاطي الكحول أو المخدرات

تعاطي بعض المواد يؤدي إلى اضطراب أنماط الأكل وتلف الأنسجة وتقليل الشهية.

خامسًا: الأسباب المتعلقة بالأدوية والعلاج

1. بعض أنواع الأدوية

• أدوية السرطان (العلاج الكيماوي).

• مضادات الاكتئاب.

• أدوية نقص الانتباه (مثل الأمفيتامينات).

• أدوية الغدة الدرقية الصناعية (إذا أُخذت بجرعات زائدة).

2. العلاج الإشعاعي

خاصة في منطقة الرأس والرقبة أو الجهاز الهضمي، قد يسبب فقدان الشهية أو مشاكل هضمية مزمنة.

جدول توضيحي للأسباب الرئيسية لنقص الوزن

النتائج الصحية المترتبة على نقص الوزن

نقص الوزن، خاصة عند بلوغه مراحل متقدمة، لا يُعد مشكلة جمالية فحسب، بل يحمل عواقب صحية متعددة، منها:

• ضعف المناعة وزيادة التعرض للعدوى.

• اضطرابات في انتظام الدورة الشهرية عند النساء.

• هشاشة العظام بسبب نقص الكالسيوم وفيتامين د.

• فقر الدم ونقص الفيتامينات.

• ضمور العضلات.

• ضعف التئام الجروح.

• اضطرابات في حرارة الجسم والشعور الدائم بالبرد.

التشخيص والمعالجة

يتطلب تقييم نقص الوزن تشخيصًا دقيقًا يبدأ بزيارة الطبيب وإجراء:

• تحاليل دم شاملة (CBC، هرمونات، فيتامينات).

• تحاليل الغدة الدرقية والكورتيزول.

• اختبارات البراز للكشف عن الطفيليات.

• تصوير بالموجات فوق الصوتية أو الأشعة إذا لزم الأمر.

• فحص نفسي لتقييم وجود اضطرابات القلق أو الاكتئاب أو اضطرابات الأكل.

يعتمد العلاج على معالجة السبب الجذري، وقد يشمل:

• خطط تغذية موجهة تحت إشراف أخصائي تغذية.

• علاج نفسي وسلوكي عند الحاجة.

• دعم دوائي إذا كان السبب هرمونيًا أو مناعيًا.

الخلاصة

نقص الوزن، رغم أنه قد يبدو مرغوبًا في بعض المجتمعات، يجب ألا يُغفل عن كونه عرضًا قد يخفي خلفه أمراضًا عضوية أو نفسية خطيرة. التقييم الطبي المبكر والفهم الشامل للأسباب هو الخطوة الأولى نحو التعافي واستعادة الصحة الجسدية والنفسية. إن اتباع نمط حياة صحي ومتوازن وتجنب الحميات القاسية والانتباه لأي تغيّر غير مبرر في الوزن يُعد أساسيًا للوقاية من مضاعفات النحافة المزمنة.

المراجع:

1. National Institutes of Health (NIH): https://www.nih.gov/

2. Mayo Clinic: https://www.mayoclinic.org/