أسباب فطريات الفم عند الأطفال

فطريات الفم من المشاكل الصحية الشائعة التي تصيب الأطفال، وتعد من الأمراض التي قد تسبب انزعاجًا كبيرًا لهم، لما لها من تأثير على القدرة على الأكل والشرب وحتى الحديث. تُعرف هذه الحالة طبيًا باسم داء المبيضات الفموي (Oral Candidiasis)، وهي ناتجة عن نمو مفرط لفطريات من جنس الكانديدا، وخاصة كانديدا ألبكانز (Candida albicans).

توجد هذه الفطريات بشكل طبيعي في الفم والأمعاء والجلد، لكنها تظل تحت السيطرة عندما يكون الجهاز المناعي في حالة جيدة، ومع ذلك، قد تتحول إلى مشكلة صحية عندما تتغير الظروف البيئية أو المناعية داخل الجسم. في حالة الأطفال، تكون الأسباب متعددة ومعقدة، وتختلف وفقًا لعمر الطفل وحالته الصحية العامة، لذلك يستدعي فهم هذه الأسباب التفصيل الدقيق لكل عامل قد يسهم في ظهور هذه الفطريات.

الفطريات في الفم: طبيعة النمو والسبب في الإصابة عند الأطفال

فطريات الفم تحدث عندما تنمو المبيضات بشكل غير طبيعي، فتتكاثر وتغزو أنسجة الفم مسببًة الالتهاب والتقرحات البيضاء أو الحمراء، وغالبًا ما تكون أكثر وضوحًا على اللسان، من الداخل على الخدين، وعلى سقف الحلق. يمكن لهذه الفطريات أن تنتشر بسرعة في جسم الطفل الصغير الذي لم يكتمل نمو جهازه المناعي بعد، خصوصًا في مرحلة الرضاعة.

الأسباب المباشرة لفطريات الفم عند الأطفال

1. ضعف جهاز المناعة

الجهاز المناعي غير المكتمل لدى الأطفال، وخصوصًا الرضع، يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بعدوى المبيضات. الجهاز المناعي عند الأطفال لا يزال في طور النمو ولا يتمتع بالقدرة على مقاومة العدوى بنفس قوة جهاز المناعة لدى البالغين. لذلك، أي مرض أو حالة تسبب ضعف المناعة، مثل الأمراض المزمنة أو العلاج بالكورتيكوستيرويدات أو العلاج الكيميائي، يزيد من فرص حدوث فطريات الفم.

2. استخدام المضادات الحيوية لفترات طويلة

المضادات الحيوية تقتل البكتيريا الضارة والمفيدة على حد سواء، وفي حالة الأطفال، يؤدي استخدام المضادات الحيوية إلى اختلال التوازن بين البكتيريا الطبيعية والفطريات في الفم. هذا الخلل يؤدي إلى زيادة نمو الفطريات بشكل غير طبيعي.

3. سوء النظافة الفموية

قلة الاهتمام بتنظيف فم الطفل خاصة في مراحل الرضاعة الأولى، أو عدم تعقيم الأدوات التي يستخدمها الطفل مثل اللهايات والقوارير، يؤدي إلى تراكم الجراثيم والفطريات التي تساعد في تكاثر المبيضات داخل الفم.

4. الرضاعة الصناعية أو المختلطة

الأطفال الذين يتغذون على الحليب الصناعي أو النظام المختلط (حليب الأم وحليب صناعي) يكونون أكثر عرضة لفطريات الفم مقارنة بالرضع الذين يرضعون طبيعيًا فقط، بسبب اختلاف التوازن الطبيعي للفلورا الميكروبية في فمهم. كما أن الحليب الصناعي قد يبقى لفترة أطول في الفم مما يخلق بيئة مناسبة لنمو الفطريات.

5. الرضاعة الليلية

ترك الطفل يرضع من الحلمة أو الرضاعة الصناعية لفترات طويلة أثناء النوم، دون تنظيف الفم بعد ذلك، يؤدي إلى تراكم الحليب على اللثة واللسان، مما يهيئ بيئة مثالية لنمو الفطريات.

6. إصابات الفم أو تشققات اللسان

أي إصابة أو تقرح في الفم تخلق نقطة ضعف تسمح للفطريات بالتسلل والنمو، خاصة عند الأطفال الذين قد يعضون ألسنتهم أو خدودهم أثناء اللعب أو البكاء الشديد.

الأسباب المرتبطة بحالات طبية خاصة

1. الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)

الأطفال المصابون بفيروس نقص المناعة أو الذين يعانون من اضطرابات مناعية خطيرة يكونون أكثر عرضة للإصابة بفطريات الفم، حيث يفقد جهازهم المناعي القدرة على مكافحة العدوى بشكل فعال.

2. مرض السكري

ارتفاع مستويات السكر في الدم عند الأطفال الذين يعانون من داء السكري يؤدي إلى زيادة نسبة الجلوكوز في اللعاب، مما يخلق بيئة مثالية لنمو الفطريات.

3. أمراض الفم المزمنة أو تقرحات الفم

الأمراض المزمنة في الفم مثل التهاب اللثة، أو القرح الفموية المستمرة، تضعف الطبقة المخاطية التي تحمي الفم، مما يسهل تكاثر الفطريات.

4. العلاج بالستيرويدات

الأطفال الذين يتلقون علاجًا بالستيرويدات عن طريق الفم أو استنشاقها (مثل حالات الربو) يكونون أكثر عرضة لفطريات الفم، بسبب تأثير هذه الأدوية في تثبيط الجهاز المناعي الموضعي.

العوامل البيئية والسلوكية التي تزيد من خطر الإصابة

1. الرضاعة بالحلمة الملوثة أو الأدوات غير النظيفة

عند عدم تعقيم الحلمات والأدوات الخاصة بإطعام الطفل بشكل جيد، يمكن أن تكون مصدرًا لتراكم الفطريات ونقلها للطفل.

2. التدخين السلبي

تعرض الطفل لدخان السجائر يؤثر على الجهاز المناعي لديه ويزيد من احتمالية الإصابة بالالتهابات الفطرية في الفم.

3. الرطوبة والحرارة داخل الفم

الفطريات تنمو في بيئات دافئة ورطبة، لذلك، الأطفال الذين يعانون من إفراز لعابي زائد أو الذين يقضون وقتًا طويلًا بفم مفتوح بسبب مشاكل التنفس أو عيوب في الفك معرضون أكثر للإصابة.

أعراض فطريات الفم عند الأطفال وتأثيرها

تظهر فطريات الفم على شكل بقع بيضاء كريمية على اللسان، الخدين من الداخل، سقف الفم، وأحيانًا في الحلق. عند محاولة مسح هذه البقع، قد تنزف الأنسجة تحته أو تسبب ألمًا، ما يجعل الطفل يعاني من صعوبة في الأكل والبلع، ويشكو من الحكة أو الاحتراق.

قد يصاحب ذلك فقدان الشهية، البكاء المتكرر، تهيج الطفل، خاصة عند الرضع، بالإضافة إلى رائحة الفم الكريهة.

التشخيص

يتم تشخيص فطريات الفم عادة بالفحص السريري المباشر عن طريق الطبيب أو طبيب الأطفال. في حالات الشك أو عدم وضوح الأعراض، قد يتم أخذ مسحة من الفم لتحليلها مختبريًا لتأكيد وجود الفطريات.

العلاج

العلاج يعتمد على القضاء على الفطريات مع معالجة الأسباب المؤدية للنمو الزائد، مثل تقليل استخدام المضادات الحيوية أو تحسين النظافة الفموية.

يتم استخدام أدوية مضادة للفطريات مثل:

• غسولات الفم المحتوية على النيستاتين.

• جل أو قطرات فموية تحتوي على ميكونازول.

• في حالات شديدة، قد يُستخدم الفلوكونازول عن طريق الفم.

يجب التأكد من تنظيف وتعقيم الأدوات الخاصة بالطفل، إضافة إلى العناية بنظافة فم الأم في حالة الرضاعة الطبيعية، لأن انتقال العدوى قد يكون ثنائي الاتجاه.

الوقاية من فطريات الفم عند الأطفال

• المحافظة على نظافة الفم والأسنان من خلال تنظيفها بقطعة قماش مبللة أو فرشاة ناعمة خاصة للرضع.

• تعقيم اللهايات والملحقات الخاصة بإطعام الطفل بانتظام.

• الحد من استخدام المضادات الحيوية إلا في حالات الضرورة القصوى وبإشراف طبي.

• الحفاظ على جهاز مناعة الطفل من خلال التغذية الصحية والنظافة الشخصية.

• في حالة استخدام الستيرويدات، اتباع تعليمات الطبيب بخصوص تنظيف الفم بعد الاستخدام.

جدول يوضح الأسباب والعوامل المؤدية لفطريات الفم عند الأطفال

المصادر والمراجع

1. Mayo Clinic. Oral thrush. https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/oral-thrush/symptoms-causes/syc-20353533

2. Centers for Disease Control and Prevention (CDC). Candidiasis (Yeast Infection). https://www.cdc.gov/fungal/diseases/candidiasis/index.html

يظهر هذا المقال أهمية التعرف على الأسباب المتعددة لفطريات الفم عند الأطفال، وذلك لفهم طرق الوقاية والعلاج بفعالية، حفاظًا على صحة الأطفال وجودة حياتهم، كما يؤكد على ضرورة الانتباه إلى عوامل الخطر المحيطة بالطفل لضمان تقليل احتمالات الإصابة بهذا المرض المزعج.