ماريو كيمبس: أسطورة كرة القدم الأرجنتينية
يعتبر ماريو ألبرتو كيمبس أحد أعظم لاعبي كرة القدم في تاريخ الأرجنتين والعالم، حيث ساهم بشكل كبير في تحقيق ألقاب كبرى لمنتخب بلاده، وترك بصمة واضحة في تاريخ بطولات كأس العالم. سواء من خلال موهبته الكبيرة أو إنجازاته الكروية المميزة، أصبح كيمبس رمزًا في كرة القدم الأرجنتينية على مر العصور.
نشأته وبداية مشواره الكروي
وُلد ماريو كيمبس في 15 يوليو 1954 في مدينة ريو كويردو بالأرجنتين، وهي مدينة تقع في شمال البلاد. بدأ كيمبس مسيرته الكروية في سن مبكرة، حيث اكتشفه نادي إنديبندينتي دي ريو كويردو المحلي الذي انضم إليه وهو في سن الخامسة عشرة. تأثر بشكل كبير بتلك المدينة التي عُرفت بمناخها الحار وبيئتها الريفية، ما أضاف له طابعًا خاصًا على أرض الملعب من حيث القوة البدنية والصلابة.
سرعان ما لفت كيمبس الأنظار بموهبته الفائقة في اللعب. كان يتمتع بقدرة عالية على التحكم بالكرة، إضافة إلى سرعته الفائقة على الرغم من بنيته الجسدية القوية. هذه المواصفات جعلت منه مهاجمًا مرعبًا، حتى قبل انتقاله إلى الفرق الكبرى في الأرجنتين.
مسيرته مع الأندية
بدأ كيمبس مسيرته الاحترافية مع نادي “تريستينا” الأرجنتيني، حيث قضى هناك عدة سنوات بين 1973 و1976، وأظهر خلالها براعة في الهجوم وافتكاك الكرة. كانت هذه التجربة بمثابة نقطة انطلاقه نحو الشهرة، إذ بدأ الأندية الكبرى في الأرجنتين تلاحقه.
وفي عام 1976، انتقل كيمبس إلى نادي ريفر بليت الأرجنتيني، أحد أكبر الأندية في البلاد، حيث لفت الأنظار بشكل كبير بأدائه القوي والمتميز. إلا أن عام 1978 كان محوريًا في مسيرته الكروية، حيث كانت هناك خطوة أخرى في مشواره الكروي عبر الانتقال إلى “فالنسيا” الإسباني في تجربة احترافية أوروبية.
خلال فترة لعبه مع فالنسيا بين 1976 و1979، أصبح كيمبس أحد أبرز المهاجمين في الدوري الإسباني، واستطاع أن يسجل العديد من الأهداف التي جعلت منه نجمًا بين كبار الأندية الأوروبية. لكنه لم يحقق النجاح الذي كان يتطلع إليه مع الفريق، ليتجه بعد ذلك للانتقال إلى عدة أندية أخرى في أوروبا وأمريكا، مثل “هيوستن دينامو” و”ريفر بليت” في نهاية مسيرته.
كأس العالم 1978: اللقب الأول للأرجنتين
تبقى كأس العالم 1978 في الأذهان كأكبر إنجاز في مسيرة ماريو كيمبس. فقد كانت هذه البطولة لحظة فخر ليس فقط لكيمبس بل للأرجنتين بأسرها، حيث تمكّن المنتخب الأرجنتيني بقيادة المدرب سيزار لويس مينوتي من الفوز بأول ألقابه في تاريخه.
كان كيمبس هو نجم البطولة بلا منازع، حيث سجل 6 أهداف في البطولة، وكان أحد الأهداف في المباراة النهائية هو الهدف الذي منح الأرجنتين الفوز على هولندا 3-1 في المباراة النهائية التي جرت في ملعب “مونومنتال” في بوينس آيرس. كانت تلك اللحظة بداية شهرته العالمية.
لقد برع كيمبس في هذه البطولة ليس فقط على مستوى الأهداف، بل في طريقة لعبه وتحركاته داخل الملعب. كان يسجل أهدافًا حاسمة في الأوقات الدقيقة، وكان يمتلك قدرات هجومية استثنائية جعلت منه أحد أفضل المهاجمين في تلك الفترة. كما أن أسلوبه الفني في المراوغة والركض بالكرة كان يتسم بالسرعة والإبداع.
بعد التتويج بكأس العالم 1978، أصبح كيمبس رمزًا لكرة القدم الأرجنتينية والعالمية، وفرض نفسه في ذاكرة جماهير كرة القدم من جميع أنحاء العالم.
الأسلوب التكتيكي وكيمبس
لم يكن كيمبس مهاجمًا تقليديًا، بل كان يتمتع بأسلوب فني هجومي مميز جمع بين السرعة والمهارة في المراوغة. كان قادرًا على الاختراق من الأطراف والعمق بنفس القدرة، مما جعل الدفاعات تتعثر في محاولات إيقافه. إضافة إلى ذلك، كان يملك تسديدات قوية ومؤثرة، سواء من خارج منطقة الجزاء أو داخلها.
أما من الناحية التكتيكية، فقد كان كيمبس يلعب دورًا هجوميًا متنوعًا. لم يكن محصورًا في موقع رأس الحربة فقط، بل كان ينزل أحيانًا إلى الوسط للربط بين الهجوم والدفاع، وهو ما أضاف بُعدًا جديدًا لتكتيك الفريق. هذا التنوع في أدواره الهجومية كان سرًا من أسرار نجاحه المستمر على مر السنوات.
ما بعد الاعتزال
بعد أن اعتزل ماريو كيمبس كرة القدم في أوائل الثمانينات، تحول إلى عالم التدريب، حيث عمل مع عدد من الأندية والمنتخبات. ورغم أنه لم يحقق نفس النجاح الذي حققه كلاعب، إلا أن تاريخه الكروي ظل يظل أحد أبرز الأساطير في الأرجنتين.
وفي السنوات الأخيرة، عمل كيمبس كمحلل رياضي ومعلق، حيث تمتع بقدرة كبيرة على التحليل ومناقشة المباريات بعمق، مما جعله أحد أكثر الوجوه المحبوبة في الإعلام الرياضي الأرجنتيني والعالمي.
إنجازاته الفردية والجماعية
ماريو كيمبس نال العديد من الجوائز والإنجازات على المستوى الفردي والجماعي. حصل على لقب هداف كأس العالم 1978 بعد أن سجل 6 أهداف في البطولة. كما حصل على جائزة “أفضل لاعب في الأرجنتين” في أكثر من مناسبة، بالإضافة إلى الجوائز التي حصل عليها مع الأندية التي لعب لها. ولم يقتصر نجاحه على المستوى الفردي فقط، بل شارك مع المنتخب الأرجنتيني في العديد من البطولات الكبرى وحقق العديد من الألقاب الجماعية، حيث كانت الأرجنتين خلال فترة لعبه إحدى القوى الكبرى في عالم كرة القدم.
لقد أسهم كيمبس في نهضة الكرة الأرجنتينية في السبعينات، ورفع من شأن المنتخب الأرجنتيني ليصبح أحد أبرز المنتخبات في العالم. كما حافظ على سمعته كأحد أفضل المهاجمين في التاريخ.
إرث ماريو كيمبس
لا يزال ماريو كيمبس يحظى بشعبية كبيرة في الأرجنتين وفي أوساط كرة القدم العالمية. يعتبره الكثيرون من أبطال منتخب الأرجنتين، ولا سيما في جيل السبعينات الذي شهد بزوغ نجم كرة القدم الأرجنتينية على الساحة العالمية. إن تأثيره في كرة القدم الأرجنتينية يتجلى في نجاحات المنتخب بعد سنوات من بطولاته، كما أن أسلوبه الهجومي المميز ألهم أجيالاً من اللاعبين.
سيظل ماريو كيمبس جزءًا لا يتجزأ من تاريخ كرة القدم الأرجنتينية والعالمية، وسيتذكره الجميع ليس فقط كنجم تألق في كأس العالم 1978، بل أيضًا كأحد أعظم المهاجمين الذين مروا على تاريخ كرة القدم.
