أسباب سرطان الرحم الرئيسية

أسباب سرطان الرحم

يعد سرطان الرحم أحد أنواع السرطان التي تصيب الجهاز التناسلي الأنثوي، حيث يبدأ في الرحم الذي يعتبر عضوًا أساسيًا في الجهاز التناسلي لدى المرأة. يقع الرحم في الحوض، وله وظيفة رئيسية تتمثل في الحمل والولادة. ولكن في بعض الأحيان، قد تنمو خلايا غير طبيعية في الرحم وتتحول إلى خلايا سرطانية، مما يؤدي إلى تطور مرض سرطان الرحم.

ينقسم سرطان الرحم إلى نوعين رئيسيين هما: سرطان بطانة الرحم (Endometrial Cancer) و سرطان الرحم العضلي (Uterine Sarcoma). النوع الأكثر شيوعًا هو سرطان بطانة الرحم، حيث يبدأ السرطان في البطانة الداخلية للرحم. بينما يبدأ سرطان الرحم العضلي في عضلة الرحم نفسها، وهو نوع نادر.

سرطان الرحم لا يظهر عادةً فجأة؛ بل يمر بمرحلة طويلة من النمو التدريجي الذي قد يكون مصحوبًا بعوامل خطر متعددة. لفهم أسباب سرطان الرحم بشكل شامل، يجب النظر إلى عدة جوانب، بما في ذلك العوامل الوراثية، الهرمونية، البيئية، والعوامل الأخرى التي قد تساهم في تطور هذا النوع من السرطان.

1. العوامل الهرمونية

أحد الأسباب الرئيسية التي تسهم في زيادة خطر الإصابة بسرطان الرحم هو التغيرات الهرمونية في جسم المرأة، خاصة تلك التي تؤثر على توازن هرمون الإستروجين والبروجسترون.

• ارتفاع مستوى الإستروجين: يعتبر الإستروجين هرمونًا أنثويًا يلعب دورًا كبيرًا في تنظيم الدورة الشهرية والخصوبة. ومع ذلك، فإن التعرض المستمر أو الزائد للإستروجين قد يساهم في نمو الخلايا السرطانية في بطانة الرحم. من المعروف أن النساء اللاتي لديهن مستويات مرتفعة من الإستروجين لفترات طويلة أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرحم. يمكن أن يحدث هذا بسبب عدة عوامل، مثل:

  • عدم التوازن الهرموني: خاصة في النساء اللواتي يعانين من متلازمة تكيس المبايض (PCOS) أو اللواتي يتناولن علاجات هرمونية تحتوي على الإستروجين دون بروجسترون.

  • العلاج بالإستروجين: بعض النساء اللاتي يتناولن العلاج بالإستروجين فقط بعد انقطاع الطمث قد يواجهن خطرًا أكبر.

• الانخفاض النسبي للبروجسترون: يعتبر البروجسترون هرمونًا ينظم تأثير الإستروجين. في حالة انخفاض مستوى البروجسترون، فإن الإستروجين قد يؤدي إلى تحفيز نمو الخلايا غير الطبيعية في بطانة الرحم، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان.

2. السمنة والوزن الزائد

تعتبر السمنة من أكبر عوامل الخطر التي ترتبط بزيادة احتمال الإصابة بسرطان الرحم. النساء اللواتي يعانين من زيادة الوزن أو السمنة يكون لديهن مستويات أعلى من الإستروجين في الجسم، وهو ما يزيد من خطر الإصابة بهذا السرطان.

يتم تخزين الإستروجين بشكل رئيسي في الأنسجة الدهنية، وبالتالي فإن زيادة الأنسجة الدهنية في الجسم يؤدي إلى ارتفاع مستويات الإستروجين. كما أن السمنة قد تؤدي إلى تغيرات في مستويات الهرمونات الأخرى مثل البروجسترون، مما يسهم في حدوث تغييرات في خلايا بطانة الرحم.

3. السن وانقطاع الطمث

من أهم العوامل المرتبطة بزيادة خطر الإصابة بسرطان الرحم هو السن. حيث تزداد احتمالية الإصابة بالسرطان كلما تقدمت المرأة في العمر.

• التعرض طويل الأمد للإستروجين: مع تقدم المرأة في السن، خصوصًا بعد انقطاع الطمث، تستمر مستويات الإستروجين في الانخفاض بشكل طبيعي، مما يقلل من خطر الإصابة بسرطان الرحم. لكن النساء اللواتي يعانين من حالات طبية أو يتناولن أدوية تؤثر على توازن الهرمونات قد يواجهن خطرًا أكبر.

• الدورة الشهرية المتأخرة: النساء اللواتي بدأ لديهن الطمث في سن متأخرة أو تأخر لديهن انقطاع الطمث قد يكون لديهن تعرض طويل للإستروجين، مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.

4. التاريخ العائلي والوراثة

تلعب العوامل الوراثية دورًا كبيرًا في بعض حالات سرطان الرحم. إذا كانت هناك حالات إصابة بسرطان الرحم في العائلة، فإن النساء في تلك العائلات قد يكون لديهن مخاطر أعلى للإصابة بالمرض.

• متلازمة لينش (Lynch Syndrome): هي واحدة من أكثر الحالات الوراثية المرتبطة بسرطان الرحم. النساء المصابات بهذه المتلازمة لديهن احتمال أكبر للإصابة بسرطان الرحم والعديد من أنواع السرطان الأخرى.

• الطفرة الجينية: بعض الطفرات الجينية مثل الطفرة في الجين BRCA1 أو BRCA2 قد تزيد من خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، وإن كانت هذه الطفرات ترتبط بشكل أكبر بسرطان الثدي والمبيض، إلا أن الدراسات أظهرت وجود صلة أيضًا مع سرطان الرحم.

5. العوامل البيئية والعوامل الأخرى

• التعرض للمواد الكيميائية السامة: قد يسهم التعرض للمواد الكيميائية السامة مثل بعض المبيدات الحشرية أو المواد الكيميائية الصناعية في زيادة خطر الإصابة بسرطان الرحم. قد تؤثر هذه المواد على التوازن الهرموني في الجسم وتزيد من احتمال تطور السرطان.

• التدخين: بالرغم من أن التدخين مرتبط بشكل رئيسي بسرطان الرئة، إلا أن بعض الدراسات تشير إلى أن التدخين قد يزيد أيضًا من خطر الإصابة بسرطان الرحم. وقد تساهم السموم الموجودة في دخان السجائر في إحداث تغيرات خلوية قد تؤدي إلى تطور السرطان.

6. العوامل الصحية الأخرى

• ارتفاع ضغط الدم (Hypertension): يعتبر ارتفاع ضغط الدم من العوامل التي قد تسهم في الإصابة بسرطان الرحم. الدراسات أظهرت وجود ارتباط بين ارتفاع ضغط الدم وزيادة احتمالية الإصابة بسرطان الرحم، ربما بسبب تأثير الضغط المزمن على الأوعية الدموية والأعضاء التناسلية.

• السكري: مرض السكري من النوع 2 أيضًا يعتبر عاملًا آخر قد يرفع من خطر الإصابة بسرطان الرحم. النساء اللواتي يعانين من السكري عادة ما يكون لديهن مستويات مرتفعة من الإنسولين، الذي قد يكون له تأثير محفز في نمو الخلايا السرطانية.

7. العوامل المرتبطة بالحمل والولادة

• الإنجاب في سن متأخرة: النساء اللواتي يؤجلن الحمل إلى سن متأخرة قد يكن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرحم. الحمل في سن مبكرة يبدو أنه يقدم حماية ضد تطور سرطان الرحم، وهو ما قد يكون نتيجة للتغيرات الهرمونية التي تحدث أثناء الحمل.

• عدم الإنجاب أو عدم إتمام الحمل: النساء اللواتي لم يحملن قط أو اللواتي لم يرضعن بعد ولادتهم قد يكون لديهن خطر أكبر للإصابة بسرطان الرحم.

8. الأدوية والعلاج الهرموني

• العلاج بالإستروجين فقط: النساء اللواتي يتناولن العلاج بالهرمونات البديلة (HRT) بعد انقطاع الطمث قد يواجهن خطرًا أكبر إذا كان العلاج يحتوي على الإستروجين فقط، خاصة إذا لم يكن مصحوبًا بالبروجسترون.

• العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي: العلاج الإشعاعي لمنطقة الحوض أو الأدوية الكيميائية قد تساهم في زيادة خطر الإصابة بسرطان الرحم، حيث يمكن أن تؤدي هذه العلاجات إلى تلف الخلايا السليمة في الرحم.

الخلاصة

سرطان الرحم هو مرض معقد يتداخل فيه العديد من العوامل الوراثية والبيئية والهرمونية. بينما لا يمكن دائمًا تجنب هذه العوامل، يمكن لبعض النساء تقليل المخاطر من خلال اتخاذ تدابير وقائية، مثل الحفاظ على وزن صحي، تجنب التعرض للمواد الكيميائية الضارة، والبحث المبكر عن أعراض غير طبيعية. يتطلب الأمر اهتمامًا جادًا بالتغييرات في الدورة الشهرية، ونمط الحياة بشكل عام للحفاظ على صحة الرحم.