أسباب زيادة هرمون البرولاكتين

أسباب زيادة هرمون الحليب (البرولاكتين)

هرمون الحليب، المعروف بالبرولاكتين (Prolactin)، هو هرمون تفرزه الغدة النخامية الأمامية. يلعب هذا الهرمون دورًا رئيسيًا في عملية الرضاعة الطبيعية، حيث يعزز إفراز الحليب لدى النساء بعد الولادة. ورغم أن البرولاكتين يتم إفرازه بشكل طبيعي عند النساء الحوامل أو المرضعات، إلا أن هناك حالات قد تؤدي إلى زيادة غير طبيعية في مستويات هذا الهرمون لدى النساء والرجال على حد سواء. في هذا المقال، سنسلط الضوء على أسباب زيادة هرمون الحليب وتأثيراتها الصحية على الجسم، بالإضافة إلى طرق التشخيص والعلاج.

1. الوظيفة الأساسية لهرمون البرولاكتين

في البداية، من المهم فهم الوظيفة الطبيعية لهذا الهرمون. هرمون البرولاكتين يساهم بشكل أساسي في تحفيز الغدد اللبنية في الثدي لإنتاج الحليب بعد الولادة. كما يلعب دورًا في تنظيم الدورة الشهرية لدى النساء. عند النساء غير الحوامل، تكون مستويات البرولاكتين عادة منخفضة، ولكنها ترتفع خلال الحمل والرضاعة.

2. الأسباب الطبيعية لزيادة هرمون البرولاكتين

هناك بعض الحالات الطبيعية التي قد تؤدي إلى زيادة مستويات البرولاكتين، وهي تتعلق بشكل أساسي بالتغيرات الفسيولوجية في الجسم:

• الحمل: خلال فترة الحمل، يرتفع مستوى البرولاكتين بشكل طبيعي استعدادًا للرضاعة. هذا الارتفاع يعد جزءًا من التغيرات الهرمونية التي تسهم في تطوير الغدد اللبنية.

• الرضاعة: مع بدء الرضاعة، يتم إفراز البرولاكتين بكميات كبيرة لتحفيز إنتاج الحليب. قد يستمر هذا الارتفاع في مستويات البرولاكتين طوال فترة الرضاعة.

3. الأسباب المرضية لزيادة هرمون البرولاكتين

في بعض الحالات، قد يحدث ارتفاع غير طبيعي في مستويات البرولاكتين نتيجة لحالات مرضية أو اضطرابات صحية تؤثر على الغدة النخامية أو غيرها من الأعضاء في الجسم. وفيما يلي بعض الأسباب الرئيسية لذلك:

أ. أورام الغدة النخامية (البرولاكتينومة)

تعد الأورام الحميدة في الغدة النخامية من أكثر الأسباب شيوعًا لزيادة مستوى البرولاكتين. تعرف هذه الأورام باسم البرولاكتينومة، وهي أورام صغيرة غير سرطانية تنشأ في الغدة النخامية وتؤدي إلى إفراز مفرط للبرولاكتين. عادة ما تكون هذه الأورام صغيرة، ولكن في بعض الحالات قد تسبب أعراضًا ملحوظة مثل الإفرازات الحليبية من الثدي، غياب الدورة الشهرية، أو حتى العقم. يمكن أن تؤدي البرولاكتينومة إلى اضطراب في مستوى الهرمونات الأخرى بسبب الضغط الذي تمارسه الورم على الأنسجة المحيطة.

ب. إصابات أو أمراض الغدة النخامية

أي اضطراب أو إصابة تؤثر على الغدة النخامية، مثل التهاب الغدة النخامية (نخر أو أورام خبيثة)، يمكن أن يتسبب في إفراز غير طبيعي للبرولاكتين. الأمراض التي تؤثر على نشاط الغدة النخامية مثل مرض “شيهان” قد تؤدي أيضًا إلى زيادة مستويات البرولاكتين.

ج. أدوية معينة

بعض الأدوية يمكن أن تتسبب في ارتفاع مستويات البرولاكتين. على سبيل المثال:

• مضادات الذهان: مثل الأدوية المستخدمة لعلاج الاضطرابات النفسية.

• مضادات الاكتئاب: مثل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs).

• الأدوية المضادة للغثيان: مثل الدوبامين.

• أدوية ضغط الدم: مثل بعض الأدوية التي تحتوي على “الكلونيدين”.

د. قصور الغدة الدرقية

عندما تكون الغدة الدرقية غير نشطة، أي أنها لا تنتج كميات كافية من هرموناتها، يمكن أن يحدث ارتفاع في مستويات البرولاكتين. هذه الحالة تعرف باسم “قصور الغدة الدرقية”، وهي تؤثر على عملية الأيض ويمكن أن تسبب زيادة في البرولاكتين.

هـ. الإجهاد البدني أو النفسي

الإجهاد الشديد، سواء كان جسديًا أو نفسيًا، يمكن أن يساهم في زيادة مستويات البرولاكتين. على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي التوترات المستمرة أو العمل الشاق إلى تغييرات هرمونية قد تؤثر على إنتاج البرولاكتين. هذا الارتفاع قد يكون مؤقتًا في أغلب الحالات ولكنه قد يكون مزمنًا في بعض الحالات التي تتسم بالإجهاد المستمر.

و. متلازمة تكيس المبايض

تعتبر متلازمة تكيس المبايض من الحالات التي قد تؤدي إلى عدم التوازن في مستويات الهرمونات داخل الجسم. في بعض الحالات، قد يؤدي هذا الاضطراب إلى زيادة مستويات البرولاكتين. وقد يعاني المرضى من مجموعة من الأعراض مثل اضطرابات الدورة الشهرية، النمو المفرط للشعر، العقم، وزيادة الوزن.

4. أسباب أخرى لزيادة البرولاكتين

إلى جانب الأسباب المرضية المذكورة أعلاه، هناك بعض الأسباب الأخرى التي قد تساهم في زيادة مستويات البرولاكتين، مثل:

• التحفيز الميكانيكي للثدي: مثل الضغط المستمر على الثدي، سواء كان نتيجة للباس ضيق أو بعد إجراء جراحة أو فحص.

• استخدام وسائل منع الحمل: بعض وسائل منع الحمل قد تؤدي إلى زيادة مؤقتة في مستويات البرولاكتين.

• الرياضة المكثفة: تم ربط بعض أنواع الرياضات عالية الشدة، مثل تمارين اللياقة البدنية المفرطة، بزيادة مستويات البرولاكتين في الجسم.

5. أعراض زيادة هرمون البرولاكتين

تتفاوت الأعراض التي قد يعاني منها الشخص نتيجة لزيادة هرمون البرولاكتين وفقًا لسبب الزيادة ومستوى البرولاكتين في الدم. وتشمل الأعراض الأكثر شيوعًا:

• الإفرازات الحليبية غير الطبيعية من الثدي، حتى في غياب الحمل أو الرضاعة.

• اضطرابات في الدورة الشهرية: قد تشمل غياب الدورة الشهرية أو حدوث نزيف مفرط.

• العقم: نتيجة لاضطراب التوازن الهرموني الذي يؤثر على عملية الإباضة.

• تغيرات في الرغبة الجنسية: قد يعاني الأشخاص الذين يعانون من زيادة البرولاكتين من انخفاض في الرغبة الجنسية.

• مشاكل في الرؤية: يمكن أن يحدث نتيجة للضغط الذي تسببه الأورام النخامية على الأعصاب البصرية.

6. تشخيص زيادة هرمون البرولاكتين

يتم تشخيص زيادة مستويات البرولاكتين عادة من خلال إجراء فحص دم لقياس مستوى البرولاكتين في الجسم. إذا كانت النتائج تشير إلى مستويات مرتفعة، قد يطلب الطبيب إجراء فحوصات إضافية مثل:

• التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): لرؤية الغدة النخامية والتأكد من وجود أي أورام أو تشوهات.

• فحوصات الغدة الدرقية: للتأكد من وجود قصور في وظيفة الغدة الدرقية.

7. علاج زيادة هرمون البرولاكتين

يختلف علاج زيادة البرولاكتين حسب السبب الكامن وراء الارتفاع. من بين العلاجات المتاحة:

• الأدوية الخافضة للبرولاكتين: مثل البروموكريبتين وكابيرغولين، التي تساعد في تقليل مستوى البرولاكتين.

• علاج الأورام النخامية: في حالة البرولاكتينومة، قد يحتاج المريض إلى أدوية لعلاج الورم أو حتى إجراء عملية جراحية في بعض الحالات الشديدة.

• علاج قصور الغدة الدرقية: في حالة وجود خلل في وظيفة الغدة الدرقية، يتم علاج المريض باستخدام هرمونات الغدة الدرقية.

8. الخلاصة

زيادة هرمون البرولاكتين هي حالة يمكن أن تكون ناتجة عن مجموعة متنوعة من الأسباب الطبيعية أو المرضية. قد تؤدي هذه الزيادة إلى مجموعة من الأعراض الصحية التي تؤثر على قدرة الشخص على الإنجاب وصحته العامة. يعتمد العلاج بشكل رئيسي على السبب الكامن وراء زيادة الهرمون، حيث يمكن أن يشمل الأدوية أو الإجراءات الطبية المتخصصة.