الأشخاص المعرضون للإصابة بالجلوكوما: الأسباب والعوامل والوقاية
تعد الجلوكوما من الأمراض الشائعة التي تصيب العين، وهي تؤثر على العصب البصري، الذي يعد جزءًا حيويًا من العين لنقل المعلومات البصرية من العين إلى الدماغ. غالبًا ما يطلق على الجلوكوما “القاتل الصامت” نظرًا لأنها قد تتطور دون أعراض واضحة في مراحلها المبكرة، مما يجعل التشخيص المبكر أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على الرؤية. في هذا المقال، سوف نتناول الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالجلوكوما، بالإضافة إلى الأسباب والعوامل التي تساهم في زيادة احتمالية الإصابة بهذا المرض، وسبل الوقاية والعلاج المتاحة.
1. ما هي الجلوكوما؟
الجلوكوما هي مجموعة من الأمراض التي تسبب تلفًا تدريجيًا للعصب البصري، غالبًا بسبب ارتفاع ضغط العين. العصب البصري هو المسؤول عن نقل المعلومات من العين إلى الدماغ، والتلف الذي يصيبه يمكن أن يؤدي إلى فقدان دائم للبصر. يوجد نوعان رئيسيان من الجلوكوما: الجلوكوما مفتوحة الزاوية، التي هي الأكثر شيوعًا وتحدث عندما يتراكم الضغط داخل العين تدريجيًا، والجلوكوما الزاوية المغلقة، التي تحدث عندما يُغلق الزاوية بين القزحية والقرنية مما يمنع سائل العين من التصريف بشكل طبيعي.
2. العوامل الوراثية والإصابة بالجلوكوما
العامل الوراثي يعد من أبرز العوامل التي تساهم في الإصابة بالجلوكوما. إذا كان أحد أفراد العائلة يعاني من الجلوكوما، فإن احتمالية إصابة الأفراد الآخرين بالمرض تزداد بشكل كبير. لذلك، فإن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي لهذا المرض يجب عليهم إجراء فحوصات دورية للعيون، حتى لو لم تظهر لديهم أي أعراض.
في بعض الحالات، تكون الجلوكوما مرتبطة بالجينات التي تؤثر على قدرة العين على تصريف السائل المائي داخل العين، مما يؤدي إلى تراكم الضغط داخل العين.
3. العمر كعامل خطر
يزداد خطر الإصابة بالجلوكوما مع التقدم في العمر. الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 60 عامًا أكثر عرضة للإصابة بالجلوكوما، خاصة إذا كانوا من الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية أخرى تتعلق بالعيون. في الواقع، يعتبر العمر من العوامل التي لا يمكن التحكم فيها، ولذلك يعد التقييم الدوري للعين أمرًا حيويًا للأشخاص فوق سن الـ60.
4. الإصابة بأمراض أخرى
تعتبر بعض الأمراض والحالات الصحية عاملًا مساعدًا في زيادة خطر الإصابة بالجلوكوما. من أبرز هذه الأمراض:
ارتفاع ضغط الدم
ارتفاع ضغط الدم يمكن أن يؤثر على تدفق الدم إلى العصب البصري، مما يزيد من احتمالية تلفه.
مرض السكري
الأشخاص المصابون بالسكري هم أكثر عرضة للإصابة بالجلوكوما، حيث أن ارتفاع مستويات السكر في الدم يمكن أن يؤثر على الأوعية الدموية داخل العين ويزيد من خطر الإصابة بتلف العصب البصري.
مشاكل القلب والأوعية الدموية
الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في القلب والأوعية الدموية مثل أمراض الشرايين التاجية أو السكتات الدماغية قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالجلوكوما، نظرًا لتأثير هذه الأمراض على تدفق الدم إلى العين.
استخدام بعض الأدوية
بعض الأدوية قد تساهم في زيادة خطر الإصابة بالجلوكوما، مثل أدوية الستيرويد (الكورتيكوستيرويدات)، التي تستخدم لعلاج التهابات مختلفة. يمكن أن يؤدي استخدامها لفترات طويلة إلى زيادة الضغط داخل العين.
5. الجنس كعامل خطر
أظهرت الدراسات أن النساء قد يكن أكثر عرضة للإصابة بالجلوكوما مقارنة بالرجال. يُعتقد أن هذا يعود إلى التغيرات الهرمونية التي تحدث لدى النساء، خاصة خلال مراحل الحمل أو سن اليأس. ومع ذلك، لم يتم تحديد السبب بشكل قطعي بعد.
6. العرق والإثنية
يعتبر العرق من العوامل المهمة التي تؤثر على خطر الإصابة بالجلوكوما. فالأشخاص من أصل أفريقي أو من البحر الكاريبي هم أكثر عرضة للإصابة بالجلوكوما مقارنة بالأشخاص من أعراق أخرى. كما أن الجلوكوما الزاوية المغلقة أكثر شيوعًا بين الأشخاص من أصل آسيوي.
7. الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الرؤية
الأشخاص الذين يعانون من مشاكل أخرى في العين مثل قصر النظر أو طول النظر قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالجلوكوما. قد يسبب ذلك تغيرات في ضغط العين وطرق تصريف السائل داخل العين.
8. الأشخاص الذين تعرضوا لإصابات في العين
قد تتسبب إصابة العين في زيادة خطر الإصابة بالجلوكوما في المستقبل. على سبيل المثال، قد يتسبب صدمة أو جرح في العين في إعاقة تصريف السائل داخل العين أو تلف العصب البصري، مما يؤدي إلى زيادة الضغط داخل العين وبالتالي الإصابة بالجلوكوما.
9. التدخين
التدخين هو أحد العوامل التي يمكن أن تساهم في زيادة خطر الإصابة بالجلوكوما. فقد أظهرت الدراسات أن التدخين يؤثر سلبًا على الدورة الدموية في العين، مما قد يزيد من احتمالية الإصابة بالجلوكوما. لذلك، يعد الامتناع عن التدخين أحد الإجراءات الوقائية التي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالجلوكوما.
10. كيفية الوقاية من الجلوكوما
بينما لا يمكن منع الإصابة بالجلوكوما بشكل كامل، إلا أن هناك خطوات يمكن اتخاذها لتقليل خطر الإصابة أو لتشخيص المرض في مرحلة مبكرة مما يسهل العلاج والوقاية من فقدان البصر. وتشمل هذه الإجراءات:
الفحص الدوري للعيون
يعتبر الفحص الدوري للعيون خطوة أساسية للكشف المبكر عن الجلوكوما. ينصح الأطباء الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 40 عامًا بالخضوع لفحص عين سنوي للتأكد من عدم وجود أي مشاكل في العيون. وإذا كان لدى الشخص تاريخ عائلي من الجلوكوما أو يعاني من عوامل خطر أخرى، فيجب عليه البدء في الفحوصات في سن مبكر.
إجراء فحوصات ضغط العين
من خلال فحص ضغط العين (تيمبانو مترية)، يمكن للطبيب اكتشاف ارتفاع الضغط داخل العين، الذي يعد أحد العوامل الرئيسية للإصابة بالجلوكوما. إذا تم اكتشاف ارتفاع الضغط، يمكن اتخاذ خطوات علاجية لحماية العين.
الحفاظ على نمط حياة صحي
اتباع نظام غذائي متوازن وممارسة التمارين الرياضية بانتظام يمكن أن تساهم في الحفاظ على صحة العين. كما أن تجنب التدخين والحفاظ على وزن صحي يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالجلوكوما.
العلاج المبكر
إذا تم تشخيص الجلوكوما في مراحلها المبكرة، فإن العلاج سيكون أكثر فعالية. تشمل العلاجات الأدوية مثل القطرات التي تساعد في خفض ضغط العين، وفي بعض الحالات، قد يتطلب الأمر الجراحة.
11. خاتمة
إن الجلوكوما هي مرض مزمن يتطلب اهتمامًا خاصًا، خاصة للأشخاص الذين يعانون من عوامل خطر تزيد من احتمال إصابتهم بهذا المرض. بالرغم من أن الجلوكوما قد لا تظهر أعراضها في البداية، فإن الفحص المبكر يمكن أن يكون له دور كبير في تجنب فقدان البصر. في النهاية، يعد الوعي بأسباب وعوامل خطر الإصابة بالجلوكوما أمرًا حيويًا لتقليل تأثير المرض على حياة الأفراد، ويجب على الأشخاص المعرضين للإصابة أن يتبعوا إجراءات الوقاية المناسبة لضمان الحفاظ على صحة عيونهم.
