أسباب جفاف البشرة وعلاجها

جفاف وتهيج وتشقق الجلد: الأسباب الشائعة والعوامل المؤثرة

يعاني عدد كبير من الأشخاص من مشاكل جلدية مزمنة كالجفاف، التهيج، والتشقق، والتي لا تقتصر على الفصول الباردة فحسب، بل تمتد إلى كافة أوقات السنة، مؤثرة بشكل مباشر على جودة الحياة والمظهر الخارجي والراحة الجسدية. إن فهم الأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالات الجلدية هو مفتاح الوقاية والعلاج، خاصة عندما تكون مرتبطة بعوامل بيئية، أو صحية، أو نمط الحياة اليومي. في هذا المقال الموسع، سيتم التطرق بشكل شامل إلى الأسباب الشائعة وراء جفاف الجلد وتهيجه وتشقق سطحه، مع تسليط الضوء على تأثيرات البيئة، العادات اليومية، الأمراض المزمنة، والعوامل الوراثية والدوائية، وذلك من منظور علمي دقيق مدعوم بالأبحاث الحديثة.

أولاً: الفهم العلمي للبشرة الجافة والمتشققة

الجلد هو العضو الأكبر في جسم الإنسان، ويعمل كحاجز واقٍ ضد العوامل الخارجية. يتكوّن من طبقات متعددة، أهمها الطبقة القرنية (Stratum Corneum)، التي تحتوي على خلايا ميتة وزيوت طبيعية تحافظ على الرطوبة وتمنع فقدان الماء. عند حدوث خلل في هذه الطبقة نتيجة فقدان الدهون أو ضعف إنتاج الزهم، تفقد البشرة قدرتها على الاحتفاظ بالماء، مما يؤدي إلى الجفاف، ومن ثم التهيج والتشقق.

ثانياً: الأسباب البيئية لجفاف وتهيج الجلد

1. الطقس البارد والجاف

تُعد درجات الحرارة المنخفضة والرطوبة القليلة من أبرز أسباب الجفاف. في الشتاء، يزداد فقدان الماء من الجلد، بينما تنخفض قدرة الجسم على إفراز الزيوت الواقية، ما يؤدي إلى تشقق اليدين، الشفتين، والكاحلين بشكل خاص.

2. التعرض المستمر للهواء الساخن أو المكيفات

سواء في الشتاء أو الصيف، فإن أجهزة التدفئة أو التكييف تقلل من نسبة الرطوبة في الهواء، وهو ما ينعكس سلباً على الجلد، خاصة في الأماكن المغلقة.

3. التعرض المفرط لأشعة الشمس

الأشعة فوق البنفسجية تضعف حاجز الجلد وتؤدي إلى فقدان الرطوبة. مع تكرار التعرض، يصبح الجلد أرق وأقل قدرة على الاحتفاظ بالماء، مما يفاقم الجفاف ويؤدي إلى التهيج والتقشر.

ثالثاً: العادات اليومية المسببة لجفاف الجلد

1. الاستحمام المفرط أو باستخدام الماء الساخن

الاستحمام المتكرر، خصوصاً بالماء الساخن، يؤدي إلى إزالة الزيوت الطبيعية من سطح الجلد. هذا السلوك يعجّل بجفاف الجلد ويجعله عرضة للتهيج.

2. استخدام صابون أو منظفات قاسية

الصابون التجاري الذي يحتوي على الكبريتات والعطور الصناعية يغير درجة حموضة الجلد ويزيل طبقته الحامية، مما يساهم في التهيج.

3. عدم ترطيب البشرة بانتظام

إهمال استخدام مرطبات مناسبة بعد الاستحمام أو التعرض للهواء يؤدي إلى تدهور حاجز الجلد، وبالتالي فقدان الماء بشكل متسارع.

4. غسل اليدين المتكرر

خصوصاً في أماكن العمل أو في مواسم الأمراض المعدية، يؤدي الغسل المفرط لليدين إلى جفاف وتشققات واضحة في الأصابع ومحيط الأظافر.

رابعاً: العوامل الطبية والأمراض الجلدية

1. الأكزيما (التهاب الجلد التأتبي)

من أكثر الأسباب شيوعاً للجفاف المزمن والتهيج، خاصة عند الأطفال. يصاحبها حكة واحمرار وتقشر وقد تتحول إلى تشققات مؤلمة.

2. الصدفية

مرض جلدي مزمن يسبب تراكم خلايا الجلد بشكل سريع مكوناً قشوراً بيضاء وسميكة. الجفاف جزء أساسي من الصورة السريرية.

3. السكري

مرض السكري يقلل من تدفق الدم إلى الأطراف ويؤثر على إفراز العرق، مما يؤدي إلى جفاف شديد وتشققات في القدمين خاصة.

4. قصور الغدة الدرقية

انخفاض نشاط الغدة الدرقية يبطئ عملية التمثيل الغذائي، ما ينعكس على قدرة الجسم على إنتاج الزيوت الطبيعية اللازمة لترطيب البشرة.

5. أمراض الكلى

قد تؤثر على توازن السوائل في الجسم، ما يؤدي إلى فقدان الماء من الجلد وحدوث الجفاف المزمن.

خامساً: العوامل الغذائية والداخلية

1. نقص الأحماض الدهنية الأساسية

الأوميغا 3 و6 ضرورية للحفاظ على مرونة الجلد. نقصها يؤدي إلى ضعف الحاجز الدهني وظهور القشور والتشققات.

2. قلة شرب الماء

الجفاف الداخلي ينعكس بشكل مباشر على الجلد. عدم شرب كميات كافية من الماء يفاقم الجفاف ويفقد الجلد ليونته الطبيعية.

3. نقص الفيتامينات

• فيتامين A: مسؤول عن تجديد خلايا الجلد، ونقصه يؤدي إلى الخشونة والجفاف.

• فيتامين E: مضاد أكسدة يحمي حاجز الجلد.

• فيتامين D: يؤثر على مناعة الجلد.

• فيتامين C: ضروري لتكوين الكولاجين ويحسن نضارة البشرة.

سادساً: العوامل الهرمونية والوراثية

1. التغيرات الهرمونية

خلال الحمل أو انقطاع الطمث أو البلوغ، تتأثر نسب الهرمونات مثل الإستروجين والتستوستيرون، مما ينعكس على إنتاج الدهون في الجلد وقد يسبب جفافاً ملحوظاً.

2. الاستعداد الوراثي

بعض الأشخاص يولدون ببشرة جافة بطبيعتها بسبب الجينات، ويكونون أكثر عرضة للأكزيما أو الحساسية الجلدية أو نقص ترطيب البشرة المزمن.

سابعاً: تأثير الأدوية والمستحضرات الطبية

1. الريتينويدات الموضعية أو الفموية

تستخدم لعلاج حب الشباب لكنها تؤدي إلى تقشر وجفاف شديد في الجلد.

2. مدرات البول

تسحب الماء من الجسم مما يؤدي إلى تقليل الرطوبة الداخلية وانعكاس ذلك على البشرة.

3. العلاج الكيميائي

يؤدي إلى تهيج الجلد، حكة مفرطة، وفقدان الرطوبة، ويُعد من أكثر العلاجات تأثيراً على توازن الجلد.

ثامناً: عادات الحياة المساهمة في تشقق الجلد

1. التدخين

يضعف الأوعية الدموية ويقلل من تدفق الدم إلى الجلد، كما يدمر الكولاجين ويعوق تجديد الخلايا، ما يسبب الجفاف والتجاعيد.

2. قلة النوم

النوم غير الكافي يضعف تجدد خلايا الجلد ويزيد من الالتهاب، ما يفاقم حالات التهيج والتقشر.

3. الضغط النفسي المزمن

يرتبط اضطراب إفراز الكورتيزول بجفاف الجلد، كما أن التوتر المستمر يضعف جهاز المناعة مما يزيد من أمراض الجلد.

جدول يلخص أبرز الأسباب المؤثرة على جفاف وتهيج وتشقق الجلد:

المراجع:

• American Academy of Dermatology Association (aad.org)

• Mayo Clinic. “Dry Skin: Symptoms and Causes.” Mayo Foundation for Medical Education and Research.