أعصاب

أسباب تنميل الرأس

جدول المحتوى

أسباب تنميل الرأس

يُعد تنميل الرأس من الأعراض العصبية التي قد تثير قلق العديد من الأشخاص، ويُعرف هذا الشعور بالوخز أو الخدر الذي يشبه وخز الإبر والدبابيس أو فقدان الإحساس المؤقت في فروة الرأس أو الأجزاء العليا من الجمجمة. وقد يحدث التنميل بشكل متقطع أو مستمر، بسيط أو شديد، وقد يُرافقه أحيانًا أعراض أخرى مثل الصداع، والدوخة، وضعف التوازن. وقد تكون هذه الحالة مؤشراً لمشكلة صحية بسيطة وعابرة، أو في بعض الحالات، علامة تحذيرية لحالة عصبية أو جهازية أكثر تعقيدًا. فهم الأسباب المحتملة لتنميل الرأس يُعد خطوة حاسمة لتشخيص الحالة وتحديد العلاج المناسب.


أولًا: آلية الإحساس وتنميل الرأس

لفهم أسباب تنميل الرأس، لا بد من توضيح آلية الإحساس في هذه المنطقة. تغذي فروة الرأس شبكة معقدة من الأعصاب الطرفية تنتمي إلى أعصاب الرأس والرقبة، مثل العصب القذالي (Occipital Nerve) والعصب ثلاثي التوائم (Trigeminal Nerve). تنقل هذه الأعصاب الإشارات الحسية إلى الدماغ، والتي تشمل الإحساس بالحرارة، والألم، واللمس، والضغط. أي ضرر، أو ضغط، أو تهيج في هذه الأعصاب يمكن أن يؤدي إلى اضطراب في الإشارات العصبية مسببًا الشعور بالخدر أو التنميل.


ثانيًا: الأسباب العصبية لتنميل الرأس

1. الاعتلال العصبي القذالي (Occipital Neuralgia)

حالة تحدث نتيجة التهاب أو ضغط في الأعصاب القذالية الموجودة في مؤخرة الرأس. تتمثل أعراضها في تنميل أو ألم حاد نابض في مؤخرة الجمجمة، قد يمتد إلى الجبين أو خلف العينين. قد تكون ناتجة عن إصابات، أو ضغط عضلي مزمن، أو التهابات في العمود الفقري العنقي.

2. الصداع النصفي (Migraine)

يُرافق بعض أنواع الشقيقة أو الصداع النصفي الشعور بتنميل أو خدر في الرأس، غالبًا قبل أو أثناء نوبة الصداع. يُعتقد أن التغيرات في النشاط العصبي والتروية الدموية في الدماغ تسبب هذه الأعراض.

3. التصلب المتعدد (Multiple Sclerosis)

مرض مناعي مزمن يُصيب الجهاز العصبي المركزي، يؤدي إلى تآكل غلاف الميالين المحيط بالأعصاب. من أعراضه المبكرة التنميل في مناطق مختلفة من الجسم، بما فيها الرأس، بالإضافة إلى الدوخة، وضعف العضلات، واضطرابات الرؤية.

4. الجلطات الدماغية (Stroke)

عند حدوث نقص في التروية الدموية لجزء معين من الدماغ، فقد تتأثر المناطق العصبية المسؤولة عن الإحساس. وقد يظهر التنميل كعرض مصاحب لتدهور مفاجئ في الوعي، وضعف العضلات، وصعوبة في الكلام.

5. الصرع الحسي أو نوبات الفص الجداري (Sensory Seizures)

في بعض الحالات، قد تُسبب النوبات الجزئية التي تنشأ من الفص الجداري للدماغ تنميلًا أو خدرًا في الرأس أو الوجه، وقد تستمر لبضع دقائق فقط.


ثالثًا: الأسباب العضلية والهيكلية

1. الضغط على الأعصاب بسبب الشد العضلي في الرقبة

التوتر المزمن أو الجلوس لفترات طويلة بوضعية خاطئة قد يؤدي إلى شد في عضلات الرقبة، ما يسبب ضغطًا على الأعصاب القذالية أو العنقية، مؤديًا إلى تنميل الرأس.

2. مشاكل العمود الفقري العنقي (Cervical Spine Disorders)

الانزلاق الغضروفي أو داء الفقار في الفقرات العنقية قد يُحدث ضغطًا على الجذور العصبية المارة في هذه المنطقة، مما يسبب تنميلًا في مؤخرة الرأس، وقد يمتد إلى الذراعين أو الكتفين.


رابعًا: الأسباب المرتبطة بالدم والدورة الدموية

1. نقص التروية الدموية المؤقتة (Transient Ischemic Attack)

يُطلق عليها “الجلطة الصغيرة”، حيث يحدث انسداد مؤقت في أحد الشرايين المغذية للدماغ، ما قد يؤدي إلى تنميل مفاجئ في الرأس أو الوجه أو أحد الأطراف.

2. الضغط الدموي غير المنتظم (ضغط الدم المنخفض أو المرتفع)

عدم انتظام ضغط الدم قد يُضعف تدفق الدم إلى الدماغ، مما قد ينتج عنه إحساس بالخدر أو التنميل في الرأس أو فروة الرأس.

3. الأنيميا أو نقص الحديد

يؤدي انخفاض الهيموغلوبين إلى نقص الأكسجين الذي يصل إلى الأنسجة العصبية، ما قد يُسبب أحيانًا تنميلًا عامًا، بما في ذلك في منطقة الرأس.


خامسًا: الأسباب النفسية والوظيفية

1. القلق ونوبات الهلع (Panic Attacks)

أحد الأعراض الشائعة للقلق المزمن أو نوبات الهلع هو الشعور بالخدر أو التنميل، خاصة في فروة الرأس، الوجه، واليدين. يُعتقد أن هذه الأعراض ناتجة عن تغيرات في التنفس (فرط التنفس)، أو شد عضلي ناتج عن التوتر.

2. الاكتئاب النفسي واضطرابات النوم

بعض اضطرابات الصحة النفسية تؤثر على الجهاز العصبي الذاتي وتزيد من الإحساس غير الطبيعي، مثل الشعور بوخز الرأس أو التنميل في الفروة.


سادسًا: العوامل الأيضية والغذائية

1. نقص فيتامين B12

يُعد فيتامين B12 عنصرًا حاسمًا لصحة الجهاز العصبي. نقصه يؤدي إلى اعتلال الأعصاب الطرفية، ويبدأ ذلك غالبًا بالإحساس بالتنميل في اليدين أو القدمين، وقد يمتد إلى الرأس.

2. نقص فيتامين D

رُبط نقص هذا الفيتامين بزيادة الشعور بالوخز والتنميل، خاصة في الحالات المزمنة.

3. السكري (Diabetes Mellitus)

يسبب اعتلال الأعصاب الطرفية نتيجة ارتفاع مستويات السكر في الدم لفترة طويلة. قد يبدأ التنميل في الأطراف، لكنه قد يشمل فروة الرأس في مراحل متقدمة.


سابعًا: الأسباب الناتجة عن العوامل الخارجية أو البيئية

1. البرد الشديد

التعرض للهواء البارد أو لدرجات حرارة منخفضة لفترات طويلة يمكن أن يُسبب تقلص الأوعية الدموية في فروة الرأس، مؤديًا إلى تنميل مؤقت.

2. استخدام مستحضرات كيميائية لفروة الرأس

بعض أنواع الشامبو، الصبغات، أو العلاجات الكيميائية قد تُسبب تهيجًا أو تحسسًا في فروة الرأس، مما قد ينتج عنه شعور بالخدر أو الحرقان أو التنميل.

3. الضغط الميكانيكي مثل ربط الشعر بإحكام أو ارتداء قبعات ضاغطة

الضغط المستمر على فروة الرأس قد يضغط على الأعصاب أو يعيق تدفق الدم، مسببًا تنميلًا مؤقتًا في المنطقة المتأثرة.


ثامنًا: الأسباب النادرة والمرضية

1. أورام الدماغ

في بعض الحالات النادرة، قد تؤدي أورام الدماغ إلى تنميل الرأس، نتيجة ضغط الورم على الأعصاب أو الأوعية الدموية المحيطة.

2. التهاب السحايا أو التهاب الدماغ

التهابات الدماغ أو أغشيته قد تؤدي إلى أعراض عصبية متعددة، منها تنميل الرأس، الحمى، تصلب الرقبة، والارتباك الذهني.

3. داء لايم (Lyme Disease)

مرض بكتيري ينتقل عبر قرصات القراد، وقد يسبب التهابات عصبية ينتج عنها خدر وتنميل في مناطق متعددة من الجسم، بما في ذلك الرأس.


جدول توضيحي لأهم الأسباب الشائعة لتنميل الرأس

السبب نوع التأثير المنطقة المصابة غالبًا شدة التنميل ملاحظات إضافية
الاعتلال العصبي القذالي عصبي مؤخرة الرأس متوسط – شديد قد يترافق مع ألم حاد في خلف الرأس
الصداع النصفي عصبي / وعائي أحد جانبي الرأس خفيف – متوسط قد يسبق نوبة صداع
نقص فيتامين B12 تغذوي عامة في فروة الرأس متوسط يُصحب أحيانًا بوخز في الأطراف
القلق ونوبات الهلع نفسي / وظيفي كامل الرأس أو الوجه خفيف – متوسط مؤقت ويزول بانتهاء نوبة التوتر
مشاكل الفقرات العنقية عضلي / هيكلي مؤخرة الرأس وجوانب الرقبة متوسط – شديد يتحسن بالمعالجة الفيزيائية أو الجراحة
التصلب المتعدد عصبي مركزي متغير متوسط – شديد قد يصاحبه أعراض بصرية أو حركية أخرى
التعرض للبرد بيئي مناطق مكشوفة من فروة الرأس خفيف يزول بعد التدفئة

الخلاصة

تنميل الرأس هو عرض يستحق الانتباه خاصة إذا تكرر أو ترافق مع أعراض عصبية أخرى. تتعدد أسبابه بين حالات بسيطة وعابرة كالإجهاد العضلي أو القلق، وبين حالات عصبية معقدة كالتصلب المتعدد أو السكتات الدماغية. يعتمد التشخيص على الفحص السريري والتاريخ المرضي للمريض، وقد يتطلب الأمر إجراء فحوصات إضافية كالتصوير بالرنين المغناطيسي أو تحاليل الدم. من المهم عدم إهمال هذا العرض وطلب الاستشارة الطبية المتخصصة لتحديد السبب الدقيق ووضع خطة علاجية مناسبة.


المراجع:

  1. Mayo Clinic – Numbness and Tingling: Symptoms and Causes.

  2. National Institute of Neurological Disorders and Stroke (NINDS).