أسباب تقصف الشعر وعلاجه

أسباب تقصف الشعر

يُعتبر تقصف الشعر من أبرز المشكلات التي تواجه الأفراد، خصوصًا النساء، نظرًا لما يمثّله الشعر من عنصر جمالي أساسي يعكس صحة الجسم العامة والمظهر الخارجي. لا يُعد تقصف أطراف الشعر مجرد عيب تجميلي بل قد يكون مؤشّرًا على خلل داخلي أو خارجي في بنية الشعرة أو في ممارسات العناية اليومية بالشعر. تتعدد أسباب تقصف الشعر وتتشابك لتشمل العوامل البيئية، العادات اليومية، العناية غير السليمة، ونقص المغذيات الأساسية. هذا المقال يتناول بصورة موسعة وشاملة أهم أسباب تقصف الشعر مع تحليل عميق لكل عامل من العوامل المؤدية لهذه الحالة الشائعة.

أولًا: بنية الشعر وعلاقتها بالتقصف

الشعر يتكوّن من ثلاث طبقات أساسية: اللب (Medulla)، القشرة (Cortex)، والطبقة الخارجية أو الكيوتكل (Cuticle). تُعد الكيوتكل الطبقة الواقية التي تحافظ على تماسك القشرة وتحميها من العوامل الخارجية. عند تضرر الكيوتكل نتيجة عوامل ميكانيكية أو كيميائية، يصبح الشعر أكثر عرضة لفقدان الترطيب وتكسر الألياف، مما يؤدي إلى التقصف. تقصف الشعر غالبًا ما يبدأ من الأطراف، وهي الأجزاء الأقدم والأكثر تعرضًا للإجهاد.

ثانيًا: العوامل البيئية الخارجية

1. أشعة الشمس فوق البنفسجية (UV)

التعرّض المستمر لأشعة الشمس، وخصوصًا الأشعة فوق البنفسجية، يتسبب في تلف بنية البروتين في الشعر، مما يؤدي إلى جفافه وتقصفه. هذه الأشعة تضعف الروابط البروتينية في طبقة الكيراتين، وتؤدي إلى تشقق قشرة الشعرة.

2. الرياح والغبار والتلوث

العوامل الجوية مثل الرياح القوية والغبار تُعرّض سطح الشعر للتآكل المستمر. كما أن تلوّث الهواء بغازات سامة أو جزيئات معدنية يؤثر في بنية الشعرة، ويضعف تماسك الكيوتكل، مما يزيد من احتمال تقصفه.

3. الماء العسر ومياه البحر والكلور

غسل الشعر بماء يحتوي على نسبة عالية من الأملاح والمعادن الثقيلة أو السباحة في مياه البحر أو المياه المكلورة يؤثر سلبًا على مرونة الشعر وقدرته على الاحتفاظ بالرطوبة، مما يعزز الجفاف والتقصف.

ثالثًا: الاستخدام المفرط للأدوات الحرارية

1. مجففات الشعر (السشوار)

التجفيف المتكرر باستخدام حرارة عالية يسبب تبخر الماء الداخلي في ألياف الشعرة، مما يجعلها هشة وسهلة الكسر.

2. مكواة الفرد أو التمويج (البيبي ليس، الفير)

تعمل هذه الأدوات على تكسير الروابط الهيدروجينية والكبريتية في بروتين الكيراتين، مما يؤدي إلى ضعف الشعر وتلفه على المدى الطويل.

3. الاستعمال المباشر دون واقٍ حراري

عدم استخدام منتجات الحماية الحرارية قبل تعريض الشعر للأدوات الساخنة يفاقم من ضرر الحرارة، ويزيد من احتمال تفتت طبقة الكيوتكل.

رابعًا: المعالجات الكيميائية القاسية

1. الصبغات الكيميائية والتفتيح (Bleaching)

المواد المؤكسدة مثل بيروكسيد الهيدروجين تؤدي إلى تدمير الميلانين وتفكيك بروتينات الشعر. مع التكرار، يفقد الشعر مرونته وقوته.

2. تمليس أو تجعيد الشعر بالمواد الكيميائية

منتجات الفرد والتجعيد تحتوي غالبًا على مواد قلوية أو حامضية قوية تغير في التركيب الكيميائي للشعرة، وتضعفها على مستوى الجزيئات.

3. الاستخدام المتكرر للمواد الكيميائية دون فواصل كافية

عدم إعطاء الشعر فترة راحة بين جلسات الصبغ أو الفرد يؤدي إلى تراكم الأضرار، وبالتالي التقصف وفقدان اللمعان.

خامسًا: العادات اليومية الخاطئة

1. التمشيط العنيف أو المفرط

تمشيط الشعر بقوة أو باستخدام مشط بأسنان حادة يؤدي إلى تكسر أطراف الشعرة وفتح طبقة الكيوتكل.

2. ربط الشعر بإحكام لفترات طويلة

ربط الشعر بربطات مشدودة يخلق ضغطًا على ألياف الشعر، ويُضعف النقاط التي تتعرض للسحب المستمر، مما يسبب التقصف والتكسر.

3. النوم بشعر مبلل أو غير محمي

الشعر المبلل يكون أكثر عرضة للتمدد والتكسر. كذلك، النوم دون غطاء حريري أو وسادة ناعمة يزيد من احتكاك الشعر وتلفه.

سادسًا: النظام الغذائي ونقص العناصر الغذائية

1. نقص البروتين

الشعر يتكوّن أساسًا من بروتين الكيراتين. نقص البروتين في النظام الغذائي يضعف قدرة الجسم على إنتاج شعيرات صحية قوية.

2. نقص الحديد والزنك

الحديد ضروري لنقل الأكسجين إلى بصيلات الشعر، أما الزنك فمهم لانقسام الخلايا وتجديدها. نقص هذين العنصرين يؤدي إلى هشاشة الشعر وتقصفه.

3. الفيتامينات الضرورية للشعر

• فيتامين A: مسؤول عن ترطيب فروة الرأس. نقصه يسبب جفاف الشعر.

• فيتامين C: مضاد أكسدة يقي الشعر من الأضرار البيئية ويساعد في امتصاص الحديد.

• فيتامين E: يحسن الدورة الدموية في فروة الرأس.

• مجموعة فيتامين B (خصوصًا البيوتين B7): تحافظ على صحة خلايا الشعر وقوته.

سابعًا: الأمراض والحالات الصحية

1. قصور الغدة الدرقية

انخفاض نشاط الغدة الدرقية يسبب تباطؤ في عمليات الأيض وتجدد الخلايا، مما يؤثر في صحة الشعر ويؤدي إلى تقصفه.

2. اضطرابات الهرمونات

الاختلالات الهرمونية الناتجة عن التوتر، انقطاع الطمث، الحمل أو تكيس المبايض تؤثر سلبًا في قوة الشعر ومتانته.

3. فقر الدم ونقص الأكسجين

نقص كريات الدم الحمراء يؤدي إلى عدم تغذية بصيلات الشعر بشكل كافٍ، مما ينعكس على صحة الشعرة من الجذور حتى الأطراف.

ثامنًا: الحالة النفسية والتوتر

الضغط النفسي المزمن له تأثير مباشر في إفراز الهرمونات مثل الكورتيزول، الذي يؤدي بدوره إلى تلف بنية الشعر. التوتر يسبب خللاً في الدورة الدموية لفروة الرأس، ويؤدي إلى ضعف التغذية الواصلة إلى جذور الشعر. كما أنّ بعض السلوكيات المرتبطة بالتوتر مثل شدّ الشعر باليد تُفاقم من الحالة وتزيد من التقصف.

تاسعًا: العوامل الوراثية

في بعض الحالات، يكون الميل إلى تقصف الشعر موروثًا، إذ تولد بعض الأفراد ببنية شعر أضعف وأكثر عرضة للتكسر. في هذه الحالات، يتطلب الأمر عناية مضاعفة وتعويضات خارجية لحماية الشعر.

عاشرًا: التقدم في العمر

مع التقدم في السن، يقل إفراز الزيوت الطبيعية من فروة الرأس، وتصبح الشعرة أضعف وأقل مرونة. هذا يرفع من احتمالية جفاف وتقصف الشعر، خصوصًا في حال عدم توفير الترطيب والحماية المناسبين.

الحادي عشر: الإفراط في غسل الشعر

غسل الشعر يوميًا أو أكثر من مرة في اليوم باستخدام شامبو غير مناسب لنوع الشعر يؤدي إلى تجريد فروة الرأس من الزيوت الطبيعية، ويجعل الشعر هشًا وجافًا. الشعر الجاف هو الأكثر عرضة للتقصف.

الثاني عشر: استخدام منتجات تجارية منخفضة الجودة

المنتجات التي تحتوي على نسبة عالية من السلفات، السيليكون، والبارابين تؤثر على توازن الشعر الداخلي. السلفات تزيل الزيوت الطبيعية، بينما السيليكون يغلف الشعرة بطبقة تمنع امتصاص التغذية.

الخلاصة التحليلية

تقصف الشعر ليس نتيجة لعامل واحد بل هو انعكاس لتراكم عدة أسباب داخلية وخارجية تؤثر في بنية الشعرة. يتطلب التصدي له فهمًا عميقًا للأسباب المؤدية إليه واتباع نهج وقائي يتضمن عناية متوازنة، تغذية صحية، حماية من العوامل البيئية، وتجنّب للممارسات الضارة. الوقاية تظل الخيار الأمثل بدلًا من محاولة إصلاح شعر أصبح تالفًا بالفعل، إذ لا يمكن للشعرة المنقسمة أن تعود لسابق عهدها إلا بالقص والتجديد من الجذور.

المراجع:

1. Dermatology: Bolognia, Jean L., 4th Edition, Elsevier

2. Trichology: Diseases, Hair & Scalp Care – Springer, 2021