تغير لون البول إلى الأحمر: الأسباب الطبية، الدلالات، والتشخيص

يُعد لون البول أحد المؤشرات الحيوية التي يعتمد عليها الأطباء في تقييم الصحة العامة للفرد، إذ يعكس التغير في لونه العديد من الاضطرابات الصحية المحتملة أو تأثير بعض الأدوية والعوامل الغذائية. وعندما يتحول لون البول إلى الأحمر، فإن ذلك يستدعي اهتماماً خاصاً، لأنه قد يكون مؤشراً على وجود دم في البول أو ما يعرف طبيًا بـ “البيلة الدموية” (Hematuria)، كما قد يكون ناتجاً عن عوامل أخرى لا علاقة لها بالأمراض. هذا التغير يثير القلق غالباً لدى المرضى، ويستوجب تقييماً دقيقاً لتحديد السبب الدقيق وعلاجه.

اللون الطبيعي للبول

البول هو ناتج نهائي لعملية تصفية الدم في الكلى، ويتكون من الماء وبعض الفضلات والمواد الزائدة عن حاجة الجسم. يتراوح لونه الطبيعي من الأصفر الفاتح إلى الكهرماني تبعًا لتركيز الصبغة المسماة “يوروكروم” (urochrome) ومقدار الماء الذي يتناوله الإنسان. ويشير اللون الأصفر الفاتح عادة إلى الترطيب الجيد، بينما قد يدل اللون الأصفر الغامق أو البرتقالي على الجفاف أو ارتفاع تركيز الفضلات.

لكن في بعض الحالات، يتحول لون البول إلى ألوان غير معتادة مثل الأحمر أو الوردي أو حتى الأسود، وهنا يجب دراسة الأسباب المحتملة بدقة.

الأسباب المرضية لتغير لون البول إلى الأحمر

عند ملاحظة لون أحمر في البول، فإن أحد الاحتمالات الرئيسية هو وجود دم، وقد يكون هذا الدم ناتجًا عن مشكلات مختلفة في الجهاز البولي أو الكلى. فيما يلي قائمة بالأسباب المرضية الشائعة:

1. عدوى المسالك البولية (UTI)

من الأسباب الشائعة لوجود دم في البول، خاصة بين النساء، حيث تسبب البكتيريا التهابًا في المثانة أو الإحليل، مما يؤدي إلى نزف طفيف قد يظهر في البول. عادةً ما يُصاحب هذا العرض أعراض أخرى مثل الحرقة أثناء التبول، والحاجة المتكررة للتبول، وأحيانًا ارتفاع درجة الحرارة.

2. التهاب أو حصى الكلى أو الحالب أو المثانة

الحصوات البولية، سواء في الكلى أو الحالب أو المثانة، يمكن أن تسبب خدشاً في جدران هذه الأعضاء أثناء حركتها، مما يؤدي إلى نزول دم مع البول. لون الدم يمكن أن يكون ورديًا أو أحمرًا صريحًا حسب كمية النزف.

3. سرطان الجهاز البولي

سرطان الكلى أو المثانة قد يُسبب ظهور دم في البول، خاصة إذا لم يكن مصحوبًا بألم. وغالبًا ما يكون هذا أحد الأعراض المبكرة التي تستوجب تقييمًا سريعًا. التدخين يُعد من أهم عوامل الخطر لهذا النوع من السرطان.

4. أمراض الكلى الالتهابية (مثل التهاب كبيبات الكلى)

التهابات كبيبات الكلى (glomerulonephritis) قد تسبب وجود دم في البول بشكل ميكروسكوبي أو واضح، وغالبًا ما تكون مصحوبة بارتفاع ضغط الدم، وتورمات في الوجه أو الأطراف، وخلل في وظيفة الكلى.

5. التعرض لإصابة أو رضّة في الكلى أو المثانة

الحوادث أو الصدمات التي تصيب أسفل الظهر أو البطن قد تؤدي إلى نزيف داخلي في الكلى أو المثانة يظهر في البول على شكل دم واضح.

6. مشكلات البروستاتا عند الرجال

تضخم البروستاتا الحميد أو سرطان البروستاتا يمكن أن يسببان نزيفًا في البول، خصوصاً عند كبار السن. كما أن التهابات البروستاتا قد تؤدي إلى نتائج مماثلة.

الأسباب غير المرضية لتغير لون البول إلى الأحمر

ليس كل تغير في لون البول إلى الأحمر يعني وجود دم، فقد يتسبب تناول بعض الأطعمة أو الأدوية في هذا التغير، دون وجود أي حالة صحية خطيرة:

1. تناول أطعمة تحتوي على صبغات حمراء

• الشمندر (البنجر): من أكثر الأطعمة ارتباطاً بتغير لون البول إلى الأحمر. يُطلق على هذه الحالة اسم “Beeturia”، وهي غير ضارة وتحدث نتيجة امتصاص أصباغ البيتالين في الجسم.

• التوت الأحمر أو الأسود: يحتوي على أنثوسيانين قد يؤثر على لون البول.

• الراوند: يمكن أن يسبب تغير لون البول إلى الأحمر أو البني الغامق.

2. تناول أدوية محددة

بعض الأدوية تؤثر على لون البول، ومن أبرزها:

أنواع البيلة الدموية

تُصنف البيلة الدموية حسب كمية الدم ونوع الكشف إلى نوعين رئيسيين:

1. بيلة دموية ظاهرة (Gross Hematuria)

في هذه الحالة، يكون لون البول أحمرًا أو ورديًا بشكل واضح، وقد يحتوي على خيوط من الدم. وهي حالة مقلقة غالبًا وتستلزم تشخيصًا فوريًا.

2. بيلة دموية مجهرية (Microscopic Hematuria)

لا يُلاحظ الدم فيها بالعين المجردة، وإنما يُكشف من خلال تحليل البول المخبري. في بعض الحالات قد تكون عابرة ولا تستدعي تدخلًا، وفي أحيان أخرى قد تكون أولى علامات مرض جاد.

التشخيص الطبي لتغير لون البول

عند مراجعة الطبيب بخصوص تغير لون البول إلى الأحمر، يُجري الطبيب سلسلة من الفحوصات لتحديد السبب بدقة. تشمل هذه الفحوصات ما يلي:

1. تحليل البول الكامل (Urinalysis)

الخطوة الأولى لتحديد وجود الدم وخلايا الدم الحمراء، بالإضافة إلى مؤشرات على وجود عدوى أو بروتينات أو بلورات.

2. تحليل البول بالميكروسكوب

يُستخدم للكشف عن خلايا الدم الحمراء أو البيضاء، البكتيريا، والأملاح، مما يساعد في التفريق بين الأسباب الالتهابية وغير الالتهابية.

3. اختبارات الدم

تشمل قياس وظائف الكلى (مثل الكرياتينين واليوريا) والهيموغلوبين والهيماتوكريت لتقييم تأثير النزيف.

4. التصوير بالأشعة فوق الصوتية أو الأشعة المقطعية (CT)

تُستخدم للكشف عن الحصوات، الأورام، الالتهابات، أو أي تشوهات في الكلى أو المثانة أو الحالب.

5. تنظير المثانة (Cystoscopy)

إجراء تنظيري يُستخدم لمعاينة بطانة المثانة والإحليل، خاصة عند الاشتباه في وجود أورام أو التهابات مزمنة.

علاج تغير لون البول إلى الأحمر

يعتمد العلاج على السبب الأساسي، ويُعالج كل سبب بطريقة مختلفة:

الحالات الطارئة المرتبطة بلون البول الأحمر

بعض حالات تغير لون البول تستدعي تدخلاً طبياً فوريًا، خاصة عند وجود الأعراض التالية:

• ألم حاد في الخاصرة أو أسفل البطن

• تقيؤ أو غثيان مفاجئ

• حمى وقشعريرة

• صعوبة في التبول أو احتباس البول

• تورم في الساقين أو الوجه

التوصيات العامة للوقاية والمراقبة

• شرب كميات كافية من الماء يومياً للحفاظ على ترطيب الجسم وتخفيف تركيز البول.

• الحرص على النظافة الشخصية لتقليل خطر التهابات المسالك البولية.

• تجنب الإفراط في تناول الأدوية أو الأعشاب دون إشراف طبي.

• مراقبة البول بانتظام، خاصة في حال وجود تاريخ عائلي لأمراض الكلى أو المثانة.

• إجراء الفحوصات الدورية، خصوصاً لمن تزيد أعمارهم عن 40 عامًا أو يعانون من عوامل خطر مثل التدخين أو داء السكري.

المصادر

1. Mayo Clinic. Hematuria (Blood in urine). https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/hematuria

2. National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases. Hematuria. https://www.niddk.nih.gov/health-information/urologic-diseases/hematuria

هل تود مقالاً مماثلاً عن تغير لون البول إلى البني أو البرتقالي؟