تضخم الغدد اللمفاوية هو حالة شائعة تُسبب تورمًا في الغدد اللمفاوية، والتي هي أجزاء أساسية في جهاز المناعة. تتنوع أسباب تضخم الغدد اللمفاوية بين العدوى البسيطة والحالات الصحية الأكثر تعقيدًا. في هذا المقال، سنناقش بشكل مفصل أسباب تضخم الغدد اللمفاوية، مع التركيز على العوامل التي تؤدي إلى حدوث هذه الظاهرة، والأعراض المرتبطة بها، وطرق التشخيص والعلاج.
ما هي الغدد اللمفاوية؟
الغدد اللمفاوية، التي تعرف أيضًا بالعقد اللمفاوية، هي هياكل صغيرة على شكل حبة الفاصوليا تنتشر في جميع أنحاء الجسم. تلعب هذه الغدد دورًا حيويًا في جهاز المناعة، حيث تقوم بتصفية السوائل اللمفاوية من الخلايا التالفة أو الملوثة بالبكتيريا أو الفيروسات. تقع الغدد اللمفاوية في مناطق مختلفة من الجسم مثل الرقبة، تحت الإبط، في الفخذ، والجهاز الهضمي.
عندما يتم تحفيز الجهاز المناعي، سواء بسبب عدوى أو مرض، قد تنتفخ الغدد اللمفاوية استجابة لتلك المحفزات. التضخم يمكن أن يكون مؤقتًا أو مزمنًا حسب السبب الكامن وراءه.
الأسباب الأكثر شيوعًا لتضخم الغدد اللمفاوية
تضخم الغدد اللمفاوية قد يكون نتيجة لعدة أسباب، بعضها بسيط يمكن معالجته بسهولة، بينما البعض الآخر قد يتطلب متابعة طبية طويلة المدى.
1. العدوى الفيروسية
العدوى الفيروسية هي السبب الأكثر شيوعًا لتضخم الغدد اللمفاوية. بعض الفيروسات تؤدي إلى استجابة التهابية في الجسم، مما يسبب تورم الغدد اللمفاوية. من أبرز الفيروسات التي تسبب ذلك:
-
فيروسات الإنفلونزا: تسبب الإنفلونزا التهابًا عامًا في الجسم، وقد ينتج عنها تضخم في الغدد اللمفاوية.
-
فيروس نقص المناعة البشرية (HIV): يمكن أن يؤدي إلى تضخم في الغدد اللمفاوية بسبب تأثيره على جهاز المناعة.
-
فيروس الإيبشتاين-بار (EBV): المسؤول عن مرض كثرة الوحيدات، والذي يؤدي إلى تورم الغدد اللمفاوية في الرقبة وتحت الإبط.
-
فيروسات الهربس: مثل الهربس البسيط والهربس النطاقي يمكن أن تسبب التهابًا في الغدد اللمفاوية.
2. العدوى البكتيرية
البكتيريا قد تؤدي إلى التهاب في الغدد اللمفاوية عن طريق الانتشار من موقع الإصابة عبر الدم أو اللمف. تشمل العدوى البكتيرية التي تسبب تضخم الغدد اللمفاوية:
-
العدوى العقدية: مثل التهابات الحلق أو التهاب اللوزتين، وهي من أبرز الأسباب للبكتيريا التي تؤدي إلى تورم الغدد اللمفاوية.
-
التسمم الدموي (الإنتان): يمكن أن يسبب التهابًا عامًا يؤثر على الغدد اللمفاوية.
-
السل: يمكن أن يتسبب هذا المرض في تضخم غدد لمفاوية في منطقة الرقبة والصدر.
-
داء اللمفوم: في حالات نادرة، يمكن أن يؤدي إلى التهاب في العقد اللمفاوية.
3. الأمراض المناعية الذاتية
في بعض الحالات، قد يتسبب الجهاز المناعي في مهاجمة الأنسجة السليمة في الجسم، مما يؤدي إلى تضخم الغدد اللمفاوية. من الأمثلة على هذه الحالات:
-
مرض الذئبة الحمامية الجهازية: مرض مناعي ذاتي يؤدي إلى التهاب الأنسجة في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الغدد اللمفاوية.
-
التهاب المفاصل الروماتويدي: مرض مناعي يمكن أن يسبب التهابًا في المفاصل وكذلك في الغدد اللمفاوية.
-
متلازمة سجوجرن: مرض مناعي يؤدي إلى جفاف الفم والعينين وقد يصاحبه تضخم في الغدد اللمفاوية.
4. السرطان
أحيانًا يكون تضخم الغدد اللمفاوية علامة على وجود سرطان، سواء كان سرطان الغدد اللمفاوية (اللمفوما) أو انتشار السرطان من مكان آخر في الجسم إلى العقد اللمفاوية.
-
اللمفوما: هي نوع من السرطان الذي يبدأ في الغدد اللمفاوية أو خلايا الدم البيضاء. يمكن أن تتسبب في تورم الغدد اللمفاوية، وقد تكون مصحوبة بأعراض أخرى مثل الحمى وفقدان الوزن.
-
سرطان الثدي أو الرئة: قد ينتقل إلى الغدد اللمفاوية القريبة ويؤدي إلى تورمها.
-
سرطان الأمعاء أو المعدة: أيضًا قد ينتقل إلى الغدد اللمفاوية في البطن.
5. الأدوية
بعض الأدوية قد تسبب ردود فعل تحسسية أو تأثيرات جانبية تؤدي إلى تضخم الغدد اللمفاوية. من بين الأدوية التي قد تسبب ذلك:
-
المضادات الحيوية: مثل البنسلين أو السلفوناميد.
-
الأدوية المناعية: التي تستخدم في علاج الأمراض المناعية الذاتية قد تؤدي إلى تحفيز التفاعل المناعي وتضخم الغدد اللمفاوية.
6. السموم والمواد الكيميائية
التعرض لبعض المواد الكيميائية والسموم قد يؤدي إلى تورم في الغدد اللمفاوية. هذا يشمل التعرض للمواد السامة التي قد توجد في بيئات العمل أو المواد الكيميائية المستخدمة في بعض الصناعات.
7. الحساسية
الحساسية تجاه بعض المواد مثل حبوب اللقاح أو الطعام قد تؤدي أيضًا إلى تضخم الغدد اللمفاوية. هذا يحدث عندما يبالغ الجهاز المناعي في استجابة للمواد المثيرة للحساسية.
الأعراض المصاحبة لتضخم الغدد اللمفاوية
عندما تنتفخ الغدد اللمفاوية، قد يصاحب ذلك عدة أعراض تختلف بناءً على السبب:
-
الألم أو الحساسية: عادةً ما تكون الغدد اللمفاوية المتورمة حساسة أو مؤلمة عند اللمس.
-
الحُمَّى: قد تشير الحمى إلى وجود عدوى أو التهاب في الجسم.
-
التعرق الليلي: قد يكون أحد الأعراض المرتبطة بتضخم الغدد اللمفاوية بسبب حالات مثل السرطان.
-
فقدان الوزن غير المبرر: قد يكون فقدان الوزن مصاحبًا لعدة أسباب، بما في ذلك السرطان أو الأمراض المناعية الذاتية.
-
الإرهاق: الشعور بالإرهاق العام قد يرتبط أيضًا بتضخم الغدد اللمفاوية.
التشخيص
عند ملاحظة تضخم في الغدد اللمفاوية، يجب زيارة الطبيب لتحديد السبب الكامن. قد يشمل التشخيص:
-
الفحص البدني: يتم فحص حجم الغدد اللمفاوية وموقعها ومدى حساسيتها.
-
اختبارات الدم: يمكن أن تُظهر الاختبارات وجود عدوى أو اضطراب مناعي.
-
الأشعة السينية أو التصوير المقطعي (CT): يمكن استخدام هذه الفحوصات لتقييم حالة الغدد اللمفاوية أو تحديد وجود أورام.
-
خزعة: في حالة الاشتباه في السرطان، قد يوصي الطبيب بأخذ عينة من الغدة اللمفاوية لفحصها تحت المجهر.
العلاج
يعتمد العلاج على السبب الكامن وراء التضخم:
-
العدوى الفيروسية: غالبًا ما تشفى العدوى الفيروسية من تلقاء نفسها، وقد يحتاج الشخص إلى الراحة وشرب السوائل.
-
العدوى البكتيرية: قد يتم علاجها بالمضادات الحيوية.
-
الأمراض المناعية: تتطلب معالجة خاصة مثل الأدوية المثبطة للمناعة.
-
السرطان: العلاج قد يشمل الجراحة أو العلاج الكيميائي أو الإشعاعي.
الخلاصة
تضخم الغدد اللمفاوية هو علامة على استجابة الجسم لمجموعة من الحالات الصحية التي تتراوح بين العدوى البسيطة والأمراض الخطيرة مثل السرطان. تحديد السبب يتطلب فحصًا دقيقًا من قبل الطبيب، ويمكن أن يشمل تشخيصًا شاملاً من فحوصات بدنية واختبارات دم وأشعة، وقد يتطلب الأمر علاجًا موجهًا حسب السبب الكامن.
