3 عوامل تؤدي إلى تراجع أداء الفريق

في بيئات العمل الحديثة، يعد الأداء الجماعي حجر الأساس في تحقيق الأهداف التنظيمية والوصول إلى مستويات عالية من الإنتاجية والابتكار. ومع ذلك، كثيراً ما تواجه الفرق تحديات تؤثر سلباً في كفاءتها وفاعليتها، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تراجع أدائها. هذا التراجع قد يكون تدريجياً أو مفاجئاً، لكنه غالباً ما يرتبط بعوامل رئيسية تتكرر في معظم البيئات المهنية، بغض النظر عن طبيعتها أو حجم المؤسسة. في هذا المقال الموسّع، نستعرض ثلاثة من أبرز العوامل المؤدية إلى تراجع أداء الفريق، مع تحليل معمّق لكل منها، والآثار المترتبة عليه، والحلول المقترحة لتحييده أو تجاوزه.

أولاً: ضعف القيادة وعدم وضوح الرؤية

أ. القيادة هي محرك الفريق

تعد القيادة عاملاً محورياً في تحديد اتجاه الفريق وصياغة الثقافة التنظيمية المحيطة به. القائد الناجح لا يكتفي بإصدار الأوامر، بل يعمل على تحفيز الفريق، وبناء الثقة، وتعزيز روح التعاون. لكن عندما يكون القائد ضعيف الشخصية، أو غير قادر على اتخاذ القرارات الحاسمة، أو يفتقر إلى مهارات التواصل الفعّال، فإن ذلك يؤدي إلى حالة من الضياع التنظيمي والتردد داخل الفريق.

ب. غياب الرؤية يخلق التشويش

عندما لا تكون هناك أهداف واضحة أو رؤية استراتيجية محددة، فإن أعضاء الفريق يفقدون القدرة على توجيه جهودهم نحو هدف مشترك. ويؤدي هذا إلى انتشار الارتباك وانخفاض مستوى الالتزام، فضلاً عن زيادة النزاعات الداخلية بسبب اختلاف التوجهات الفردية.

ج. النتائج المترتبة

• تآكل الثقة بين أعضاء الفريق والقائد.

• انخفاض معدل الإنتاجية.

• الشعور بالإحباط وفقدان الدافع للعمل.

• انتشار الفوضى وعدم التنسيق في تنفيذ المهام.

د. أمثلة واقعية

في كثير من المؤسسات، يُلاحظ تراجع الأداء الجماعي بعد تعيين مدير جديد يفتقر إلى خبرة سابقة في قيادة الفرق، أو بعد تغييرات تنظيمية غير مدروسة أدت إلى غياب التوجيه. وتكشف الأبحاث أن المؤسسات التي يتغيّر فيها المديرون بشكل متكرر دون خطة واضحة تعاني من معدلات دوران وظيفي مرتفعة وانخفاض عام في الروح المعنوية.

ثانياً: ضعف التواصل وغياب الشفافية

أ. التواصل هو العمود الفقري للعمل الجماعي

يعد التواصل الفعّال حجر الزاوية في نجاح أي فريق. فالتواصل الجيد يتيح تبادل المعلومات بسرعة، ويقلل من فرص سوء الفهم، ويخلق بيئة من الثقة والانفتاح. أما في حال غيابه، فإن التباين في الفهم والتوقعات يؤدي إلى تكرار الأخطاء وتأخر إنجاز المهام.

ب. غياب الشفافية يولّد الشكوك

عندما يشعر الأعضاء بأن المعلومات تُخفى عنهم، أو أن بعض القرارات تُتخذ دون استشارتهم، فإنهم يصبحون أقل اندماجاً في الفريق. ويُنظر إلى القادة في هذه الحالة على أنهم غير جديرين بالثقة، ما يؤدي إلى تراجع روح الانتماء.

ج. الآثار السلبية

• ظهور بيئة عمل مشحونة بالتوتر.

• تزايد الصراعات غير البنّاءة داخل الفريق.

• اتخاذ قرارات غير دقيقة بسبب نقص المعلومات.

• انخفاض قدرة الفريق على الابتكار والتفاعل مع التحديات.

د. بيانات وإحصاءات داعمة

تشير الدراسات إلى أن الفرق التي تعتمد على اجتماعات دورية وتستخدم أدوات التواصل الداخلي بكفاءة تسجل أداء أعلى بنسبة 25٪ مقارنة بتلك التي تفتقر إلى استراتيجيات تواصل واضحة. كما وجدت مؤسسة Gallup أن الموظفين الذين يشعرون بأن أصواتهم مسموعة يكونون أكثر ولاءً لمؤسساتهم بنسبة تصل إلى 4 أضعاف.

ثالثاً: غياب ثقافة العمل الجماعي وتنامي الفردية

أ. ثقافة الفريق تسبق المهارات الفردية

يؤكد علماء الإدارة أن الثقافة التنظيمية القائمة على التعاون والتضامن تؤدي إلى خلق بيئة صحية تشجع على المشاركة وتحقيق الأهداف المشتركة. وعلى النقيض، فإن غياب هذه الثقافة وظهور النزعة الفردية يؤدي إلى تفكك الجهود، وتنافس غير بنّاء بين الأعضاء، وتدهور ملحوظ في الأداء.

ب. الفردية قد تنمو لأسباب متعددة

تعود النزعة الفردية في الفرق إلى أسباب مختلفة، منها شعور البعض بتهميشهم، أو رغبتهم في إثبات الذات، أو تأثرهم بثقافة مؤسسية لا تكافئ إلا الإنجازات الفردية. كما أن نظام الحوافز الذي يركز على الأداء الفردي دون الجماعي يسهم في تعزيز هذه الظاهرة السلبية.

ج. المخرجات السلبية

• غياب التعاون والتنسيق بين الأعضاء.

• شعور الأفراد بالعزلة داخل الفريق.

• ضعف القدرة على تنفيذ المشاريع المعقدة التي تتطلب تضافر الجهود.

• ارتفاع معدلات الإجهاد والاحتراق المهني بسبب ضغط العمل الفردي.

د. جدول توضيحي لأثر غياب العمل الجماعي مقابل ثقافة الفريق:

خلاصة تحليلية

تُعد العوامل الثلاثة – ضعف القيادة، غياب التواصل، وغياب ثقافة الفريق – محورية في التأثير على أداء أي مجموعة عمل. وتكمن خطورتها في أنها غالباً ما تكون مترابطة، فمثلاً ضعف القيادة قد يؤدي إلى غياب التواصل، الذي بدوره يُعزّز من تنامي الفردية. وكلما استمر هذا التسلسل، زادت فرص انهيار الفريق وتفككه بشكل تام، مما يُلحق أضراراً مباشرة بإنتاجية المؤسسة وسمعتها التنافسية.

من الأهمية بمكان أن تعي الإدارات العليا خطورة هذه العوامل وأن تعمل على مواجهتها استباقياً، لا برد الفعل بعد فوات الأوان. ومن خلال التدريب المستمر للقيادة، ووضع سياسات تواصل واضحة، وتعزيز ثقافة التعاون والمساءلة المشتركة، يمكن لأي مؤسسة أن تعيد بناء فرقها بشكل مستدام وقادر على مواجهة التحديات المعقدة في سوق العمل الحديث.

المراجع:

1. Gallup. “State of the American Workplace.” Gallup, 2023.

2. Harvard Business Review. “Why Teams Underperform — and How to Fix It.” HBR.org.