أسباب بحة الصوت وعلاجها

بحة الصوت: الأسباب والعلاج

تعتبر بحة الصوت من الحالات الشائعة التي يعاني منها الكثير من الأشخاص، وهي تحدث عندما يتغير الصوت فجأة ليصبح خشنا أو ضعيفا أو أعمق من المعتاد. وقد يصاحبها شعور بصعوبة في التحدث أو فقدان جزئي أو كلي للصوت. يمكن أن تكون بحة الصوت عرضا لحالة مرضية أو ناتجة عن عوامل بيئية أو سلوكية. في هذا المقال، سنتناول أسباب بحة الصوت، وكيفية تشخيصها، بالإضافة إلى طرق علاجها والوقاية منها.

الأسباب الشائعة لبحة الصوت

هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى الإصابة ببحة الصوت. يمكن تصنيف هذه الأسباب إلى عدة فئات رئيسية، تتراوح بين الأسباب البسيطة مثل الإفراط في استخدام الصوت، والأسباب الطبية الأكثر تعقيداً. من أبرز الأسباب الشائعة لبحة الصوت:

1. التهاب الحنجرة (Laryngitis)

يعد التهاب الحنجرة من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى بحة الصوت. يتسبب التهاب الحنجرة في تورم الأحبال الصوتية، مما يؤثر على قدرتها على الاهتزاز بشكل طبيعي. قد يحدث التهاب الحنجرة بسبب عدوى فيروسية أو بكتيرية، أو نتيجة للإفراط في استخدام الصوت، مثل التحدث بصوت عالٍ لفترات طويلة أو الصراخ.

2. الإفراط في استخدام الصوت

التحدث أو الغناء بصوت عالٍ لفترات طويلة يمكن أن يؤدي إلى إرهاق الأحبال الصوتية، مما ينتج عنه بحة الصوت. غالبا ما يعاني المتحدثون أو المغنون المحترفون من هذه المشكلة بسبب كثرة استخدامهم لأصواتهم. كما أن الأشخاص الذين يعملون في بيئات صاخبة أو يضطرون للتحدث لفترات طويلة مثل المدرسين والمقدّمين التلفزيونيين قد يعانون من هذه الحالة.

3. التهابات الجهاز التنفسي العلوي

التهابات الجهاز التنفسي العلوي مثل نزلات البرد والإنفلونزا قد تؤدي إلى بحة الصوت، حيث تؤثر الفيروسات المسببة لهذه الأمراض على الحنجرة والحبال الصوتية، مما يسبب التورم والتهاب الأنسجة المحيطة. وقد يصاحب هذه الحالة السعال والتهاب الحلق.

4. الحساسية

تعتبر الحساسية من العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى بحة الصوت. عندما يتعرض الشخص لمثيرات الحساسية مثل الغبار أو حبوب اللقاح، يمكن أن يحدث التهاب في الحنجرة، مما يؤدي إلى تغيرات في الصوت. يعاني البعض من بحة الصوت كجزء من رد الفعل التحسسي.

5. مشاكل صحية مزمنة

هناك بعض الأمراض المزمنة التي قد تؤدي إلى بحة الصوت مثل مرض الجزر المعدي المريئي (GERD)، حيث يرتد حمض المعدة إلى الحنجرة مما يؤدي إلى التهاب الأنسجة وتغير في الصوت. كما أن الأورام الحميدة أو السرطانية التي تؤثر على الحبال الصوتية قد تسبب بحة الصوت المستمرة.

6. التدخين

يعد التدخين من العوامل الرئيسية التي تساهم في تدهور صحة الحنجرة والأحبال الصوتية. المواد الكيميائية الموجودة في السجائر تؤدي إلى التهاب الحنجرة وتلف الأنسجة. بمرور الوقت، يمكن أن يؤدي التدخين إلى تغير دائم في الصوت وظهور بحة الصوت المزمنة.

7. التوتر والقلق

التوتر والقلق قد يؤثران على الصوت، حيث يمكن أن يؤديان إلى تشنجات في العضلات المحيطة بالحنجرة. في بعض الحالات، قد يرافق القلق أيضًا جفاف الفم والحنجرة، مما يزيد من حدة بحة الصوت.

8. التغيرات الهرمونية

التغيرات الهرمونية، مثل تلك التي تحدث خلال الحمل أو انقطاع الطمث، يمكن أن تؤثر على الصوت. فالتقلبات الهرمونية تؤثر على توازن السوائل في الجسم، ما يؤدي إلى جفاف الحنجرة والتسبب في بحة الصوت.

تشخيص بحة الصوت

تشخيص بحة الصوت يبدأ عادةً بتقييم الطبيب للأعراض المصاحبة ومدى استمرارية الحالة. قد يطلب الطبيب فحصًا بدنيًا لتحديد ما إذا كان هناك تورم أو تهيج في الحنجرة. إذا استمرت بحة الصوت لفترة طويلة أو كانت مصحوبة بأعراض أخرى مثل ألم الحلق المستمر أو صعوبة في التنفس، قد يوصي الطبيب بإجراء فحوصات إضافية مثل:

• التنظير الحنجري: وهو فحص يتم فيه إدخال أنبوب رفيع مزود بكاميرا (منظار) عبر الفم أو الأنف لفحص الحنجرة والأحبال الصوتية.

• الفحوصات المخبرية: قد يتم أخذ عينات من الحلق للتحقق من وجود عدوى بكتيرية أو فيروسية.

• الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): في بعض الحالات، قد يحتاج الطبيب إلى فحص الأشعة أو التصوير لتحديد ما إذا كانت هناك مشاكل هيكلية في الحنجرة.

علاج بحة الصوت

تعتمد طرق العلاج على السبب الكامن وراء بحة الصوت. في بعض الحالات، قد تزول بحة الصوت من تلقاء نفسها بعد فترة قصيرة، بينما في حالات أخرى قد يتطلب العلاج تدخلاً طفيفاً أو مهنياً. من أهم العلاجات التي يمكن اتباعها:

1. الراحة الصوتية

أحد العلاجات الأساسية لبحة الصوت هو الراحة الصوتية. يجب تجنب التحدث بصوت عالٍ أو لفترات طويلة، وكذلك تجنب السعال الشديد أو التنحنح، لأن هذه الأنشطة تزيد من الضغط على الحبال الصوتية. يمكن أيضًا تجربة تقنيات التنفس المناسبة للمساعدة في تقليل الإجهاد على الحنجرة.

2. الترطيب الجيد

من المهم الحفاظ على ترطيب الحنجرة لتقليل الجفاف الذي قد يساهم في بحة الصوت. يمكن استخدام المرطبات الجويه في المنزل، وشرب كميات كبيرة من الماء. كما أن الغرغرة بالماء المالح الدافئ قد تساعد في تهدئة الحنجرة المتهيجة.

3. الأدوية

إذا كانت بحة الصوت ناتجة عن التهاب الحنجرة أو عدوى فيروسية، يمكن أن يوصي الطبيب باستخدام أدوية مضادة للفيروسات أو مسكنات للألم مثل الأيبوبروفين. في حالة وجود عدوى بكتيرية، قد يحتاج الشخص إلى مضادات حيوية. في حال كان السبب هو الجزر المعدي المريئي، يمكن استخدام مثبطات مضخة البروتون (PPI) للتحكم في الحمض المعدي.

4. علاج الحساسية

إذا كانت بحة الصوت ناتجة عن حساسية، فيمكن أن تشمل العلاجات الأدوية المضادة للهستامين أو بخاخات الأنف الستيرويدية. كما يمكن الحد من تعرض الشخص للمثيرات البيئية التي تثير الحساسية.

5. العلاج الصوتي

للمتحدثين أو المغنين الذين يعانون من بحة الصوت بسبب الإرهاق الصوتي، يمكن أن يساعد العلاج الصوتي مع مختص في تحسين استخدام الصوت وتقويته. يتضمن هذا العلاج تقنيات لتعلم كيفية استخدام الصوت بشكل صحيح لتجنب الإصابة المستقبلية.

6. الجراحة

في حالات نادرة، مثل وجود أورام أو تغيرات كبيرة في الحبال الصوتية، قد تكون الجراحة ضرورية لإزالة الأورام أو الإصلاح الهيكلي للأحبال الصوتية.

الوقاية من بحة الصوت

من المهم اتخاذ خطوات وقائية لتجنب الإصابة ببحة الصوت. من هذه الخطوات:

• تجنب الإفراط في استخدام الصوت: يمكن للمتحدثين والمغنين أن يتخذوا فترات راحة متكررة من الحديث أو الغناء.

• الابتعاد عن التدخين: يعتبر التدخين من أكبر العوامل المساهمة في تدهور صحة الحنجرة.

• تجنب المثيرات البيئية: تجنب التعرض للمثيرات مثل الغبار أو الملوثات.

• العناية بالصحة العامة: الحفاظ على نظام غذائي صحي والترطيب الكافي يمكن أن يساعد في الوقاية من مشاكل الحنجرة.

• استخدام تقنيات التنفس المناسبة: تعلم كيفية التنفس بشكل صحيح يمكن أن يقلل من الضغط على الحبال الصوتية.

الخاتمة

تعد بحة الصوت من الحالات الشائعة التي قد تحدث بسبب عوامل بسيطة أو أخرى أكثر تعقيداً. على الرغم من أن بحة الصوت غالباً ما تكون حالة مؤقتة، إلا أنه في بعض الأحيان قد تكون دليلاً على وجود مشكلة صحية تحتاج إلى علاج. من خلال التشخيص الصحيح والعلاج المناسب، يمكن التغلب على هذه الحالة والعودة إلى استخدام الصوت بشكل طبيعي.