أسباب انفصال المشيمة وعوامل خطرها

أسباب انفصال المشيمة: تعريف وعوامل خطر وتأثيرات طبية

يعتبر انفصال المشيمة من الحالات الطبية الهامة التي قد تؤثر على الحمل وصحة الأم والجنين. يطلق مصطلح انفصال المشيمة على الحالة التي تنفصل فيها المشيمة عن جدار الرحم قبل أن يتم الولادة بشكل طبيعي، وهو ما يسبب تدهوراً في تغذية الجنين ويؤدي إلى مضاعفات خطيرة. هذه الحالة تُعرف أيضاً باسم “الانفصال المبكر للمشيمة” أو “الانفصال المبكر للمشيمة” (Abruptio placentae). سنعرض في هذا المقال الأسباب المختلفة التي قد تؤدي إلى انفصال المشيمة، وكيفية تشخيص الحالة وعلاجها، فضلاً عن العوامل التي تزيد من احتمالية حدوث هذا الانفصال.

1. تعريف المشيمة ووظيفتها

قبل الحديث عن أسباب انفصال المشيمة، من المهم توضيح دور المشيمة في جسم المرأة أثناء الحمل. المشيمة هي عضو مؤقت يتكون في رحم المرأة خلال فترة الحمل. وهي ترتبط بالجنين من خلال الحبل السري وتعمل على نقل الأوكسجين والمواد المغذية من دم الأم إلى الجنين، كما تقوم بإزالة الفضلات الناتجة عن عملية التمثيل الغذائي للجنين.

المشيمة تعمل على تزويد الجنين بالعناصر الغذائية التي يحتاجها للنمو وتطور الأنسجة. كما أنها تلعب دورًا رئيسيًا في إفراز هرمونات الحمل الهامة مثل هرمون “البروجستيرون” الذي يحافظ على استقرار الحمل.

في حال انفصال المشيمة عن جدار الرحم، فإن الجنين يتعرض لنقص حاد في الأوكسجين والمواد المغذية، مما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.

2. أسباب انفصال المشيمة

هناك عدة أسباب وعوامل قد تؤدي إلى انفصال المشيمة، وتشمل هذه الأسباب مجموعة من العوامل الميكانيكية والهرمونية وكذلك الحالات الطبية المختلفة. من المهم معرفة أن بعض هذه العوامل لا يمكن التحكم فيها، بينما يمكن تجنب البعض الآخر من خلال العناية الصحية المناسبة.

أ. إصابات الرحم أو تعرضه للصدمات

من أكثر الأسباب المعروفة لانفصال المشيمة هو التعرض لإصابات أو صدمات في منطقة البطن. يمكن أن تحدث هذه الإصابات بسبب الحوادث أو السقوط أو الضغوط المفرطة على الرحم، مثل حمل الأثقال بشكل غير صحيح. قد يؤدي هذا إلى تمزق أو تلف الأنسجة التي تربط المشيمة بالرحم، مما يتسبب في انفصالها.

ب. ارتفاع ضغط الدم

ارتفاع ضغط الدم (أو ما يعرف بارتفاع ضغط الدم الحملي) هو من العوامل الرئيسية التي تزيد من خطر انفصال المشيمة. يُحتمل أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى تقليل تدفق الدم إلى المشيمة، مما قد يضعف قدرتها على البقاء مثبتة في مكانها. كما قد يؤدي ضغط الدم المرتفع إلى زيادة احتمالية حدوث تلف في الأوعية الدموية للمشيمة، مما يزيد من احتمالية انفصالها.

ج. مشاكل في المشيمة

في بعض الحالات، قد تكون المشيمة نفسها هي سبب الانفصال. قد تنمو المشيمة بشكل غير طبيعي أو تكون في مكان غير مناسب، مثل وضعها في أسفل الرحم بالقرب من عنق الرحم، مما قد يؤدي إلى انفصالها في وقت مبكر. كما أن التشوهات في المشيمة أو خلل في تركيب الأوعية الدموية يمكن أن يزيد من احتمالية انفصالها.

د. التدخين والكحول والمخدرات

يعد التدخين من أكبر العوامل التي تساهم في انفصال المشيمة. التدخين يقلل من تدفق الدم إلى المشيمة، مما يعرضها لخطر الانفصال المبكر. كما أن استخدام الكحول والمخدرات (مثل الكوكايين) يزيد بشكل كبير من خطر حدوث انفصال المشيمة، حيث تسبب هذه المواد تضيّق الأوعية الدموية في الرحم وتضعف قدرة المشيمة على الاستمرار في أداء وظيفتها.

هـ. الحمل المتعدد

عندما تحمل المرأة في توأم أو أكثر، فإنها تكون أكثر عرضة لانفصال المشيمة. الحمل المتعدد يضع ضغطًا إضافيًا على الرحم والمشيمة، مما يمكن أن يزيد من خطر تمزق أو انفصال الأنسجة المشيمية.

و. التقدم في العمر

النساء اللواتي يتجاوزن سن 35 عامًا تكون لديهن زيادة في احتمالية الإصابة بانفصال المشيمة. ويعتقد الخبراء أن التغيرات في الأوعية الدموية للرحم قد تزداد مع التقدم في العمر، مما يؤدي إلى زيادة فرص انفصال المشيمة.

ز. تاريخ طبي سابق

النساء اللواتي تعرضن لانفصال المشيمة في حمل سابق يكون لديهن احتمال أكبر للتعرض له في الحمل التالي. تاريخ الحمل السابق مع تعقيدات مشابهة قد يكون بمثابة عامل خطر.

ح. الحالات الصحية الأخرى

الأمراض المزمنة مثل مرض السكري والسمنة وأمراض الأوعية الدموية تزيد أيضًا من خطر حدوث انفصال المشيمة. كما أن الالتهابات أو العدوى في الرحم قد تسبب أضرارًا للأوعية الدموية للمشيمة وتؤدي إلى انفصالها.

3. أعراض انفصال المشيمة

يختلف ظهور أعراض انفصال المشيمة من حالة إلى أخرى. في بعض الأحيان، قد لا تكون هناك أعراض واضحة، بينما قد تظهر الأعراض بشكل مفاجئ في حالات أخرى. تشمل الأعراض الرئيسية:

1. نزيف مهبلي: قد يلاحظ بعض النساء نزيفًا مهبليًا، وقد يكون النزيف قليلًا أو غزيرًا.

2. ألم في البطن أو أسفل الظهر: الألم في البطن أو أسفل الظهر قد يكون شديدًا وقد يتسبب في تدهور الحالة الصحية.

3. تشوهات في حركة الجنين: قد يشعر الأم بتغير في حركة الجنين، إما عن طريق تراجع الحركة أو زيادة النشاط بشكل غير طبيعي.

4. التشخيص والعلاج

يتم تشخيص انفصال المشيمة عادة من خلال الفحص السريري، بالإضافة إلى الفحوصات الطبية مثل السونار أو الموجات فوق الصوتية لتحديد حجم الانفصال وموقعه. في حالات معينة، قد يلجأ الأطباء إلى اختبار مستوى الأوكسجين في دم الجنين لمراقبة تأثير الانفصال عليه.

تعتمد خطة العلاج على حجم الانفصال وحالة الأم والجنين. في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر العلاج الدوائي للسيطرة على النزيف أو لتحسين تدفق الدم إلى المشيمة. وفي حالات أخرى، قد يتطلب الأمر التدخل الجراحي أو الولادة المبكرة.

5. مضاعفات انفصال المشيمة

إذا لم يتم علاج انفصال المشيمة بشكل صحيح، فإن الأمر قد يتسبب في مضاعفات خطيرة للأم والجنين. من بين هذه المضاعفات:

• الفقدان الشديد للدم: قد يؤدي النزيف إلى فقدان كبير للدم مما يتطلب إجراء عملية جراحية لتوقف النزيف.

• الولادة المبكرة: في حالة انفصال المشيمة بشكل كامل أو جزئي، قد يكون من الضروري إجراء عملية ولادة مبكرة لإنقاذ حياة الجنين والأم.

• موت الجنين: في بعض الحالات، قد يتسبب انفصال المشيمة في وفاة الجنين بسبب نقص الأوكسجين والتغذية.

• التسمم الحملي (تسمم الحمل): قد يتسبب انفصال المشيمة في تطور تسمم الحمل، وهو حالة خطيرة تؤثر على صحة الأم.

6. الوقاية والعناية

لا يمكن الوقاية من انفصال المشيمة بشكل كامل، ولكن يمكن تقليل مخاطر حدوثه باتباع بعض الإجراءات الوقائية. من أبرز هذه الإجراءات:

• الحفاظ على ضغط الدم في مستويات طبيعية: من خلال مراقبة ضغط الدم بانتظام واتخاذ الأدوية المناسبة.

• التوقف عن التدخين: التدخين يزيد من خطر انفصال المشيمة، لذا يجب على النساء الحوامل تجنب التدخين بشكل تام.

• الرعاية الطبية المنتظمة: متابعة الحمل مع الطبيب المختص بانتظام لضمان صحة الأم والجنين.

7. الخاتمة

يعد انفصال المشيمة من الحالات الطبية التي تتطلب اهتمامًا عاجلاً، حيث أن لها تأثيرات صحية خطيرة قد تؤثر على حياة الأم والجنين. من خلال معرفة الأسباب المحتملة وطرق التشخيص والعلاج، يمكن اتخاذ التدابير اللازمة لتقليل المخاطر المرتبطة بهذه الحالة. من الضروري أن تتابع المرأة الحامل صحتها بشكل دقيق مع الطبيب المختص وأن تتبع التوجيهات الطبية للوقاية من هذه الحالة أو علاجها في حال حدوثها.