أسباب المشي أثناء النوم

المشي أثناء النوم: لماذا يحدث؟

المشي أثناء النوم هو حالة غريبة وغير مألوفة تحدث لبعض الأفراد أثناء نومهم، حيث يقوم الشخص النائم بالتحرك أو حتى السير دون وعي، وقد يصل إلى درجة القيام بأعمال معقدة مثل فتح الأبواب أو إعداد الطعام، بينما لا يكون لديه أي ذاكرة لما حدث عندما يستيقظ. يُعرف هذا الاضطراب في النوم علميًا باسم “السير النومي” أو “الشلل الليلي”. وفي هذا المقال، سنستعرض أسباب هذه الظاهرة، أعراضها، تأثيراتها على الصحة، وطرق التعامل معها.

تعريف المشي أثناء النوم

المشي أثناء النوم هو اضطراب يحدث في مرحلة النوم العميق أو ما يعرف بالنوم غير الريمي (NREM)، حيث يتنقل الشخص من مرحلة النوم العميق إلى مرحلة الاستيقاظ بشكل جزئي، ما يؤدي إلى تحركات جسدية غير إرادية. رغم أن هذه التحركات قد تشمل المشي فقط، إلا أنها قد تصل إلى تصرفات أخرى مثل التحدث أثناء النوم أو أداء أنشطة أخرى مثل القيادة أو حتى الخروج من المنزل في حالات نادرة.

لماذا يحدث المشي أثناء النوم؟

على الرغم من أن العلماء لا يزالون يدرسون الأسباب الدقيقة للمشي أثناء النوم، إلا أن هناك عدة عوامل تساهم في حدوث هذه الظاهرة:

1. الاضطرابات في النوم العميق:
   يحدث السير أثناء النوم في مراحل معينة من النوم العميق عندما لا يكون الشخص في مرحلة الأحلام (النوم الريمي). في هذه المراحل، يظل الدماغ في حالة غير نشطة بما فيه الكفاية للسماح للعضلات بالاسترخاء الكامل، لكنه يكون مستيقظًا جزئيًا في الوقت نفسه، مما يسبب تحركات غير إرادية.

2. الاستعداد الوراثي:
   تلعب الوراثة دورًا مهمًا في predisposition الأشخاص للمشي أثناء النوم. إذا كان أحد الوالدين يعاني من هذه الظاهرة، فإن الأطفال قد يكونون أكثر عرضة للتعرض لها.

3. التوتر والقلق:
   العوامل النفسية مثل القلق والتوتر المستمر يمكن أن تساهم في ظهور المشي أثناء النوم. عندما يتعرض الشخص لضغوط نفسية كبيرة، قد تحدث اضطرابات في نمط النوم، مما يزيد من احتمالية السير أثناء النوم.

4. الاضطرابات الصحية:
   بعض الاضطرابات الصحية مثل توقف التنفس أثناء النوم (Sleep Apnea)، والصرع، وبعض الأمراض العصبية مثل مرض باركنسون، يمكن أن تساهم في حدوث المشي أثناء النوم.

5. العوامل البيئية:
   التغيرات في البيئة المحيطة، مثل التغيرات في درجة الحرارة أو وجود ضوضاء، قد تؤدي إلى اضطرابات في النوم وتساهم في ظهور ظاهرة السير أثناء النوم.

6. تناول الأدوية أو المخدرات:
   بعض الأدوية والمركبات الكيميائية مثل المهدئات والمنومات يمكن أن تؤدي إلى زيادة في تحركات الجسم أثناء النوم، مما يسبب مشيًا غير إرادي.

الأعراض

غالبًا ما يتميز المشي أثناء النوم بمجموعة من الأعراض التي قد تتفاوت من شخص لآخر. ومن أبرز هذه الأعراض:

• القيام بالمشي دون وعي: يمكن أن يبدأ الشخص بالسير في غرفة نومه أو حتى الخروج من المنزل.
• القيام بأنشطة معقدة: قد يقوم الشخص بنشاطات معقدة مثل فتح الأبواب، ارتداء الملابس، أو حتى إعداد الطعام.
• الحركات غير المنتظمة: قد يظهر الشخص حركة غير منتظمة أو يتعثر أثناء السير.
• العجز عن التذكر: لا يتذكر الشخص الذي يعاني من السير أثناء النوم ما حدث في الليل عند استيقاظه.
• التحدث أثناء النوم: في بعض الحالات، قد يصاحب المشي أثناء النوم التحدث أثناء النوم أو التفاعل مع المحيطين.

التأثيرات على الصحة

على الرغم من أن المشي أثناء النوم لا يُعتبر في كثير من الحالات خطيرًا بشكل مباشر، إلا أنه قد يكون له بعض التأثيرات السلبية على الصحة:

1. إصابات جسدية:
   بسبب فقدان الشخص للوعي أثناء المشي، يمكن أن يتعرض للإصابات إذا اصطدم بشيء أو تعثر أثناء السير. قد تشمل هذه الإصابات الكدمات أو الكسور أو حتى الحروق إذا كانت هناك أنشطة تتطلب استخدام الأدوات.

2. القلق والتوتر:
   إذا استمر المشي أثناء النوم لفترات طويلة، يمكن أن يؤدي إلى شعور الشخص بالقلق أو التوتر بسبب عدم الوعي بما يحدث أثناء النوم، مما قد يضر بجودة النوم.

3. تشويش في النوم:
   إذا كان الشخص ينهض بشكل متكرر أثناء الليل بسبب المشي، قد يؤدي ذلك إلى تشتت النوم ويزيد من الشعور بالإرهاق أو التعب خلال اليوم التالي.

4. مشاكل العلاقات:
   قد يؤثر السير أثناء النوم أيضًا على من يعيشون مع الشخص المصاب، خاصة إذا كانت الأنشطة التي يقوم بها أثناء الليل تؤثر على الأشخاص المحيطين به.

العلاج والوقاية من المشي أثناء النوم

رغم أنه في العديد من الحالات، لا يتطلب المشي أثناء النوم علاجًا محددًا، إلا أنه في الحالات التي تكون فيها الظاهرة مزعجة أو تشكل تهديدًا للصحة، يمكن أن تكون هناك بعض الإجراءات التي تساهم في الحد من حدوث هذه الحالة:

1. تحسين جودة النوم:
   التأكد من أن الشخص يحصل على قسط كافٍ من النوم الجيد يمكن أن يساعد في تقليل احتمال حدوث المشي أثناء النوم. يساعد الحفاظ على مواعيد نوم ثابتة وتوفير بيئة نوم هادئة ومريحة على تعزيز النوم الجيد.

2. الحد من التوتر والقلق:
   ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل واليوغا قد يساعد في تقليل القلق والتوتر الذي قد يكون سببًا رئيسيًا في المشي أثناء النوم.

3. الاستعانة بالعلاج السلوكي:
   العلاج السلوكي المعرفي قد يساعد بعض الأشخاص في تعلم كيفية التحكم في تحركاتهم أثناء النوم. في بعض الحالات، يمكن للأطباء استخدام تقنيات التوجيه العقلي لمساعدة الأشخاص في تحديد محفزات السير أثناء النوم.

4. استخدام أدوية مهدئة:
   في حالات معينة، قد يوصي الأطباء باستخدام أدوية مهدئة أو أدوية تعزز النوم العميق لمساعدة الشخص على النوم بشكل أفضل وتجنب اضطراب النوم.

5. التقليل من العوامل البيئية المحفزة:
   تجنب تناول الكافيين قبل النوم والحد من تناول الأطعمة الثقيلة يمكن أن يساعد في تقليل مشكلات النوم التي قد تساهم في السير أثناء النوم.

6. الحماية البدنية:
   إذا كانت الظاهرة خطيرة أو متكررة بشكل كبير، قد يوصي الأطباء بتوفير بيئة آمنة لمنع إصابة الشخص، مثل وضع الحواجز حول السرير أو التأكد من أن الشخص ينام في غرفة آمنة.

الخاتمة

يعد المشي أثناء النوم اضطرابًا غير مريح قد يؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للأفراد الذين يعانون منه. ومع أن الأسباب الدقيقة لهذه الظاهرة ليست مفهومة بالكامل، إلا أن فهم العوامل المسببة والإجراءات الوقائية المتاحة يمكن أن يساعد في التقليل من حدوثها وحماية الأفراد من مخاطرها. من خلال التفاعل مع الأطباء والخبراء، يمكن لأولئك الذين يعانون من السير أثناء النوم إيجاد طرق لتحسين نوعية نومهم والتقليل من تأثيرات هذه الحالة.