أسباب الفتور الجنسي وعلاجه

الفتور الجنسي: أسبابه، أنواعه، آثاره وطرق علاجه

الفتور الجنسي هو حالة شائعة في العلاقات العاطفية والزواجية، حيث تنخفض الرغبة الجنسية لدى أحد الشريكين أو كليهما، ويصاحب ذلك تراجع في النشاط الجنسي والتفاعل الحميمي. لا يُعد الفتور الجنسي مرضًا بحد ذاته، بل هو نتيجة تداخل معقد بين العوامل النفسية، الجسدية، الاجتماعية، والعاطفية. ويمكن أن يكون مؤقتًا أو دائمًا، خفيفًا أو شديدًا، ويؤثر بشكل مباشر على جودة العلاقة الزوجية والرفاهية النفسية للأفراد.

ينبغي التعامل مع الفتور الجنسي بوعي علمي بعيدًا عن الوصمة أو الإحساس بالذنب، لأنه يشكل مؤشراً على وجود خلل ما يستدعي الفهم والتدخل. ويُقدّر بأن ملايين الأزواج حول العالم يعانون من هذه الحالة بدرجات متفاوتة، ما يجعلها موضوعًا ذا أهمية بالغة في مجالات الصحة الجنسية والعلاقات الإنسانية.

أولًا: مفهوم الفتور الجنسي

الفتور الجنسي يُشير إلى غياب أو انخفاض الرغبة الجنسية لفترة زمنية مؤثرة، ولا تكون هذه الحالة مرتبطة بعوامل بيولوجية مباشرة كالتقدم في السن فقط، بل تتعلق أيضًا بمزيج من العوامل النفسية والعاطفية والعلاقاتية. وقد يظهر الفتور الجنسي في عدة صور:

• غياب كامل للرغبة الجنسية.

• تراجع الاهتمام بالمثيرات الجنسية.

• شعور بالملل أو النفور أثناء الممارسات الحميمة.

• عدم الاستجابة للمحفزات أو رفضها.

ثانيًا: أنواع الفتور الجنسي

يُصنَّف الفتور الجنسي بحسب توقيته وسببه إلى عدة أنواع:

ثالثًا: الأسباب العضوية للفتور الجنسي

تؤثر العديد من الحالات الطبية والعضوية على الرغبة الجنسية، ومن أبرز هذه الأسباب:

1. الاختلالات الهرمونية: انخفاض مستوى هرمون التستوستيرون لدى الرجال أو الإستروجين لدى النساء يؤثر مباشرة على الرغبة الجنسية.

2. الأمراض المزمنة: مثل السكري، ارتفاع ضغط الدم، أمراض القلب، وأمراض الكلى والكبد.

3. الأدوية: بعض مضادات الاكتئاب، أدوية ارتفاع ضغط الدم، وموانع الحمل قد تؤدي إلى انخفاض الرغبة الجنسية.

4. الاضطرابات العصبية: مثل التصلب المتعدد أو مرض باركنسون، التي تؤثر على النظام العصبي المرتبط بالاستجابة الجنسية.

5. الآلام المزمنة: مثل التهاب المفاصل أو آلام الظهر التي تجعل الممارسة الجنسية مجهدة أو غير مريحة.

6. التغيرات المرتبطة بالعمر: حيث تنخفض مستويات الهرمونات تدريجيًا مع التقدم في العمر، خصوصًا في مرحلة انقطاع الطمث لدى النساء وسن اليأس لدى الرجال.

رابعًا: الأسباب النفسية والعاطفية

تشكل العوامل النفسية نسبة كبيرة من مسببات الفتور الجنسي، ومن أبرزها:

• القلق والتوتر النفسي: سواء المرتبط بالحياة اليومية أو بالعملية الجنسية ذاتها.

• الاكتئاب: يؤدي إلى انخفاض شامل في الدافعية، بما في ذلك الرغبة الجنسية.

• الضغوط المهنية أو الأسرية: الإجهاد المستمر يرهق الجهاز العصبي ويؤثر على التوازن الهرموني.

• تجارب سابقة سلبية: كالتعرض لاعتداء جنسي أو فشل في العلاقات العاطفية السابقة.

• انخفاض تقدير الذات: الإحساس بعدم الجاذبية أو النقص يؤثر على التفاعل الجنسي.

• الملل الزوجي: غياب التنوع والتجديد في العلاقة الحميمة يضعف الحماس والرغبة.

خامسًا: أسباب اجتماعية وعلاقية

تلعب طبيعة العلاقة بين الشريكين دورًا كبيرًا في نشوء أو تفاقم الفتور الجنسي، ومن العوامل الاجتماعية:

• الخلافات الزوجية: الصراعات المستمرة تخلق حواجز نفسية تعوق الانجذاب الجنسي.

• الغياب العاطفي: ضعف التواصل والحميمية العاطفية بين الزوجين يقلل من التقارب الجسدي.

• عدم التوافق الجنسي: من حيث الرغبات أو التفضيلات أو التوقيت.

• الضغوط المجتمعية والدينية: التي قد تُعقد من نظرة الفرد للعلاقة الجنسية أو تعتبرها موضوعًا محرّماً.

سادسًا: أعراض الفتور الجنسي

الفتور الجنسي لا يُعد مجرد “عدم رغبة”، بل قد تظهر عدة أعراض تُنبئ بوجوده، مثل:

• غياب الاهتمام بالحديث أو التفكير في الأمور الجنسية.

• تكرار الأعذار لتجنّب العلاقة الحميمة.

• انخفاض الاستثارة رغم وجود المحفزات.

• الشعور بالذنب أو القلق أثناء أو بعد العلاقة.

• تأثر الحالة المزاجية والرضا العام عن العلاقة الزوجية.

سابعًا: تشخيص الفتور الجنسي

يبدأ تشخيص الفتور الجنسي من خلال:

1. التاريخ الطبي والنفسي: حيث يُطلب من المريض شرح ظروفه الصحية، ونمط حياته، والعلاقة الزوجية.

2. التحاليل المخبرية: لقياس مستويات الهرمونات والتحقق من وجود أمراض مزمنة أو التهابات.

3. المقابلة النفسية: لتقييم الحالة النفسية والعاطفية، وقد تُستخدم استبيانات علمية معتمدة مثل:

   • مقياس الرغبة الجنسية الجنسية للمرأة (FSFI)

   • مقياس الرضا الجنسي لدى الرجل (IIEF)

ثامنًا: آثار الفتور الجنسي على الحياة الشخصية والعائلية

يؤدي الفتور الجنسي في كثير من الأحيان إلى سلسلة من التداعيات السلبية على مستوى الفرد والعلاقة، ومنها:

• التوتر والقلق المستمر: خاصةً إذا كان أحد الطرفين غير مدرك لطبيعة المشكلة.

• ضعف التفاهم بين الشريكين: حيث تُفسَّر الحالة كرفض أو فتور عاطفي.

• الخيانة الزوجية: في بعض الحالات قد يؤدي الانفصال الجنسي إلى بحث أحد الطرفين عن الإشباع خارج العلاقة.

• انخفاض جودة الحياة الزوجية: ما ينعكس على الأبناء والأسرة ككل.

• الطلاق: في حالات الفتور المزمن غير المعالج.

تاسعًا: طرق علاج الفتور الجنسي

تعتمد الخطة العلاجية على السبب الكامن وراء الفتور، ويمكن أن تشمل:

1. العلاج الدوائي

• الهرمونات التعويضية مثل التستوستيرون أو الإستروجين.

• أدوية تحسين الانتصاب مثل السيلدينافيل.

• تعديل الجرعات أو تغيير الأدوية التي تسبب الفتور.

2. العلاج النفسي والسلوكي

• جلسات العلاج السلوكي المعرفي (CBT).

• علاج الأزواج وتحسين التواصل العاطفي والجنسي.

• التمارين الجنسية التفاعلية بإشراف مختص.

3. التثقيف الجنسي

• تصحيح المفاهيم المغلوطة حول الجنس.

• تعزيز الوعي بأهمية التنوع في العلاقة الحميمة.

• التدريب على تقنيات الإثارة المتدرجة.

4. العلاج الطبيعي والتغذية

• تحسين اللياقة البدنية التي تؤثر على الأداء الجنسي.

• تناول مكملات غذائية تدعم الصحة الجنسية مثل الزنك، الماغنيسيوم، الأرجينين.

• الابتعاد عن الكحول والتدخين.

5. التجديد العلاجي

• تقنيات حديثة مثل العلاج بالليزر المهبلي لدى النساء.

• العلاج بالبلازما (PRP) أو الخلايا الجذعية لتحسين الوظيفة الجنسية.

عاشرًا: الوقاية من الفتور الجنسي

للوقاية من الفتور الجنسي يجب:

• الحفاظ على حوار مفتوح وصريح بين الشريكين.

• التجديد المستمر في نمط الحياة والعلاقة الحميمة.

• الاعتناء بالصحة الجسدية والنفسية.

• الابتعاد عن مصادر التوتر المستمر والضغوط غير الضرورية.

• تثقيف النفس جنسيًا بما يتناسب مع القيم والمعتقدات.

المراجع العلمية:

1. American Psychological Association. “Understanding Sexual Problems and Disorders.”

2. World Health Organization. “Sexual Health and Its Linkages to Reproductive Health: An Operational Approach.”

العنوان المقترح للمقال (محسّن للسيو):

الفتور الجنسي: الأسباب والعلاج