أسباب السواد تحت العين

يُعد السواد تحت العينين من المشكلات الشائعة التي يعاني منها الكثير من الأشخاص، وتُسبب لهم مظهرًا متعبًا وغير صحي، رغم أنهم قد يشعرون بأن صحتهم جيدة. ظاهرة السواد تحت العين ليست مجرد مشكلة تجميلية فقط، بل قد تكون مؤشراً على عدة عوامل صحية أو بيئية تؤثر على الجلد والأنسجة المحيطة بالعين. في هذا المقال، سنعرض بشكل مفصل وموسع أسباب السواد تحت العين مع التركيز على الجوانب العلمية والطبية، لنقدم رؤية واضحة وعميقة عن هذه المشكلة.

1. التغيرات الجلدية وطبقات الجلد تحت العين

من الناحية التشريحية، الجلد تحت العينين رقيق جداً مقارنة ببقية مناطق الوجه، إذ يبلغ سمكه حوالي 0.5 مم فقط، مقارنة بسمك الجلد في مناطق أخرى يصل إلى 1.5 مم. هذا النحافة تجعل الجلد شفافًا أكثر، فيظهر من خلاله لون الأوعية الدموية والشعيرات الدموية التي تقع تحت الجلد مباشرة، ما يسبب ظهور لون أزرق أو داكن.

تتأثر هذه المنطقة أيضاً بانخفاض في كثافة الكولاجين والإيلاستين مع التقدم في العمر، مما يؤدي إلى فقدان مرونة الجلد وزيادة ترهله، وبالتالي ظهور ظلال داكنة أو اسوداد. كما أن سماكة الجلد نفسها يمكن أن تتغير بفعل عوامل مثل التعرض للشمس أو الإجهاد المزمن، مما يؤثر على وضوح السواد تحت العين.

2. العوامل الوراثية وتأثيرها على السواد تحت العين

تلعب الوراثة دورًا بارزًا في ظهور السواد تحت العين. بعض الأشخاص يولدون بجلد أكثر شفافية أو بأوعية دموية أكثر بروزًا تحت العين، وهذا يجعل السواد يظهر لديهم بشكل طبيعي دون وجود سبب مرضي.

بالإضافة إلى ذلك، قد تكون صبغات الميلانين لدى بعض العائلات أكثر تركيزًا في منطقة تحت العين، مما يؤدي إلى تصبغات داكنة تظهر كـ”هالات سوداء”. وتسمى هذه الحالة “فرط التصبغ تحت العين” (Periorbital hyperpigmentation) وهي شائعة في الأشخاص ذوي البشرة الداكنة.

3. قلة النوم وتأثيرها على البشرة

قلة النوم من أشهر الأسباب المؤدية لظهور السواد تحت العين، حيث يؤثر نقص النوم على الدورة الدموية في الجسم عامة، ومنطقة الوجه خاصة، فيقل تدفق الدم إلى الأنسجة تحت العين. هذا يسبب توسع الشعيرات الدموية وتجمع الدم تحت الجلد، ما يؤدي إلى ظهور لون أزرق أو بنفسجي داكن.

علاوة على ذلك، يؤثر النوم غير الكافي على تجدد خلايا الجلد وإنتاج الكولاجين، مما يؤدي إلى ترهل الجلد وزيادة شفافيته، فيظهر السواد بشكل أكثر وضوحاً.

4. التعب والإجهاد المزمن

التوتر النفسي والإجهاد المستمر يؤثران على توازن الهرمونات في الجسم، وخاصة الكورتيزول، وهو هرمون يرتبط بالتوتر. ارتفاع مستوى الكورتيزول يؤدي إلى التهابات خفيفة في الجلد، ويضعف قدرة الجسم على إصلاح نفسه. بالتالي، تتأثر منطقة تحت العين بشكل خاص نتيجة ضعف الأوعية الدموية وترقق الجلد، ما يجعل السواد يتفاقم.

5. الحساسية والتهاب الجلد حول العين

الحساسية تجاه مواد معينة مثل مستحضرات التجميل، الغبار، وبر الحيوانات الأليفة، يمكن أن تسبب التهاب الجلد حول العين. الالتهاب المزمن يؤدي إلى توسع الشعيرات الدموية وزيادة التصبغ في الجلد، ما يؤدي إلى ظهور السواد تحت العين.

بالإضافة إلى ذلك، الحكة المستمرة الناتجة عن الحساسية تسبب فركاً متكرراً للعين، وهذا يزيد من تحلل الأوعية الدموية تحت الجلد، ويؤدي إلى نزيف دقيق (hematoma) أو تجمع دموي صغير يظهر كبقعة داكنة.

6. سوء التغذية وأثره على السواد تحت العين

النظام الغذائي الغني بالسكريات والدهون المشبعة والفقير بالفيتامينات والمعادن الأساسية يؤثر بشكل سلبي على صحة الجلد. نقص بعض الفيتامينات مثل فيتامين K، فيتامين C، والحديد يؤدي إلى ضعف تدفق الدم وتجدد الخلايا، وزيادة ترقق الجلد تحت العين.

فيتامين K على سبيل المثال يلعب دوراً هاماً في تخثر الدم وصحة الأوعية الدموية، وعندما يقل مستواه، تظهر هالات داكنة تحت العين نتيجة تسرب الدم بشكل طفيف من الشعيرات الدموية.

7. العوامل البيئية وتأثيرها

التعرض المستمر لأشعة الشمس الضارة (الأشعة فوق البنفسجية UVA وUVB) يؤدي إلى تحفيز إنتاج الميلانين في الجلد. الميلانين هو الصبغة التي تعطي الجلد لونه، وعندما تفرز بكميات كبيرة في منطقة تحت العين، تسبب ظهور هالات داكنة.

أيضاً، التلوث البيئي والمواد الكيميائية الموجودة في الهواء تزيد من الإجهاد التأكسدي (oxidative stress) في خلايا الجلد، مما يؤدي إلى تلف الخلايا وتسريع شيخوخة الجلد وظهور السواد.

8. العوامل المرضية المرتبطة بالسواد تحت العين

السواد تحت العين قد يكون أيضاً عرضاً لمشاكل صحية أخرى، منها:

• فقر الدم (الأنيميا): نقص الحديد في الدم يؤدي إلى تقليل الأكسجين الواصل إلى الأنسجة، مما يجعل الجلد يبدو باهتاً ويبرز لون الأوعية الدموية تحت العين.

• مشاكل الغدة الدرقية: نقص أو زيادة نشاط الغدة الدرقية تؤثر على صحة الجلد والأنسجة، وتسبب ظهور الهالات السوداء.

• احتباس السوائل: الحالات التي تؤدي إلى احتباس السوائل في الجسم مثل مشاكل الكلى أو الكبد قد تسبب انتفاخًا مع ظهور الظلال الداكنة حول العين.

• الأكزيما والصدفية: التهابات الجلد المزمنة مثل الأكزيما تسبب تغير لون الجلد وترهله تحت العين.

9. التقدم في العمر وتأثيره على السواد تحت العين

مع التقدم في العمر، تقل سماكة الجلد تحت العين، ويقل إنتاج الكولاجين، مما يؤدي إلى ترقق الجلد وظهور الأوعية الدموية بشكل أكثر وضوحاً. كما أن تراكم الدهون تحت العين يتناقص مع العمر، ما يؤدي إلى ظهور تجاويف أو هالات داكنة نتيجة للظلال الناتجة عن تغيرات التركيب تحت الجلد.

10. العادات اليومية وأثرها على السواد تحت العين

• التدخين: يدمر التدخين الأوعية الدموية ويقلل من تدفق الدم، كما يسرع من شيخوخة الجلد.

• استخدام الهواتف والشاشات لفترات طويلة: تسبب هذه العادات إجهاد العين، ما يزيد من توسع الشعيرات الدموية تحت العين.

• الإفراط في فرك العين: يسبب تلف الأوعية الدموية وزيادة التصبغ تحت العين.

11. تأثير الجفاف ونقص الترطيب

الجلد الجاف أكثر عرضة للترهل والتشققات التي تبرز السواد تحت العين. نقص الترطيب يجعل الجلد شفافاً وضعيف البنية، ما يسمح لرؤية الأوعية الدموية بسهولة، ويعزز من مظاهر السواد.

جدول توضيحي لأبرز أسباب السواد تحت العين وتأثيرها

خلاصة الموضوع

السواد تحت العين هو نتيجة تفاعل معقد بين عوامل متعددة تشمل التغيرات التشريحية والوراثية، العوامل البيئية، العادات الحياتية، والحالات المرضية. فهم هذه العوامل يساعد في اتخاذ الإجراءات الوقائية والعلاجية المناسبة، سواء كانت من خلال تعديل نمط الحياة، تحسين النظام الغذائي، العناية بالبشرة، أو استشارة المختصين عند وجود أسباب صحية كامنة. الحفاظ على صحة الجلد حول العين يتطلب اهتمامًا شاملاً يشمل التغذية، الراحة، الحماية من الشمس، وتجنب العادات الضارة لضمان مظهر صحي وشبابي.

المراجع

1. Kim, J. E., & Cho, S. B. (2019). Periorbital Hyperpigmentation: A Review of Etiology and Treatment. Dermatologic Therapy, 32(1), e12740.

2. Gupta, V. K., & Pandey, R. M. (2021). A Clinical Study on the Causes of Dark Circles Under the Eyes. Indian Journal of Dermatology, 66(3), 250–255.