تعرّفي على الأشياء التي تسبب الإجهاض في الشهور الأولى

الإجهاض هو فقدان الحمل قبل الأسبوع العشرين من الحمل، وهو من أكثر المشاكل الصحية التي تواجه النساء الحوامل خاصة في الشهور الأولى. تعد الشهور الأولى من الحمل مرحلة حساسة للغاية، حيث تتعرض الأم وجنينها للعديد من المخاطر التي قد تؤدي إلى حدوث الإجهاض. ولأن الإجهاض ليس مجرد حالة طبية عابرة بل له آثار نفسية وجسدية كبيرة على المرأة، فمن الضروري التعرف على الأسباب التي قد تؤدي إلى فقدان الحمل في هذه المرحلة لتجنبها قدر الإمكان والحد من المخاطر المحتملة.

تعريف الإجهاض وأهميته

الإجهاض هو انقطاع الحمل قبل أن يصل الجنين إلى مرحلة القدرة على البقاء خارج الرحم، والتي عادة ما تكون حوالي الأسبوع العشرين من الحمل. وفي الشهور الأولى، يكون الجنين في مرحلة تكوين الأعضاء الحيوية، ولذلك تكون هذه الفترة الأكثر عرضة للمضاعفات والاضطرابات التي تؤدي إلى توقف نمو الجنين أو وفاته.

يحدث الإجهاض عادة بسبب أسباب متعددة قد تكون طبية، بيئية، أو نفسية. ويختلف نوع الإجهاض من حيث كونه إجهاضاً تلقائياً أو إجهاضاً صناعياً، لكن التركيز هنا هو على الإجهاض التلقائي الذي يحدث بصورة غير مخططة ولا إرادية خلال الشهور الأولى من الحمل.

الأسباب الجينية والكروموسومية

تشكل العوامل الوراثية أو الكروموسومية السبب الأكثر شيوعاً للإجهاض في الشهور الأولى. يحدث هذا عندما يحدث خلل أو اضطراب في عدد أو تركيب الكروموسومات في البويضة أو الحيوان المنوي، مما يؤدي إلى تشوهات في الجنين تجعله غير قابل للحياة. عادةً ما تكون هذه التشوهات عشوائية وغير قابلة للتنبؤ، وليست بالضرورة وراثية من الوالدين.

من أشهر هذه التشوهات متلازمة تريسومي 21، أو وجود عدد غير طبيعي من الكروموسومات في الخلايا الجنينية. وقد تؤدي هذه الاختلالات إلى توقف نمو الجنين وبدء الإجهاض تلقائياً.

الأسباب الهرمونية وتأثيرها على الحمل

تلعب الهرمونات دوراً أساسياً في تثبيت الحمل خلال الأشهر الأولى. وجود اضطرابات في الهرمونات مثل هرمون البروجسترون، الذي يساعد على دعم بطانة الرحم وتغذية الجنين، قد يؤدي إلى عدم استقرار الحمل.

انخفاض مستويات البروجسترون أو خلل في هرمونات الغدة الدرقية أو هرمونات الغدة النخامية قد يضعف من إمكانية استمرار الحمل، وينتج عنه إجهاض مبكر. كما أن متلازمة تكيس المبايض التي تسبب اضطرابات هرمونية قد تؤدي إلى زيادة احتمالات الإجهاض.

مشاكل في الرحم وعنق الرحم

تشوهات أو مشاكل في الرحم تعد من الأسباب الشائعة لفقدان الحمل في الشهور الأولى، مثل وجود الرحم ذي القرنين، الألياف الرحمية (الورم العضلي الليفي)، أو وجود التصاقات داخل الرحم.

أيضاً ضعف أو قصور في عنق الرحم يؤدي إلى عدم قدرته على الحفاظ على الحمل مما قد يتسبب في إجهاض مبكر. في بعض الحالات، يكون عنق الرحم ضعيفاً بشكل غير ملحوظ حتى تبدأ ضغوط الحمل في دفعه للتمدد وفتح عنق الرحم، ما يؤدي إلى الإجهاض.

العوامل المناعية وتأثيرها

تعتبر بعض الاضطرابات المناعية من الأسباب التي قد تؤدي إلى الإجهاض في الشهور الأولى. عندما يهاجم جهاز المناعة خلايا الجنين أو أنسجة الرحم، قد يؤدي ذلك إلى رفض الحمل.

أحد أبرز هذه الحالات هو متلازمة الأجسام المضادة للفوسفوليبيد، حيث يؤدي وجود أجسام مضادة في دم الأم إلى تجلطات في الأوعية الدموية الصغيرة للرحم، مما يقلل من تدفق الدم ويؤثر على نمو الجنين.

العدوى وتأثيرها على الحمل المبكر

تلعب العدوى دوراً مهماً في زيادة خطر الإجهاض، إذ يمكن لعدة أنواع من العدوى أن تؤثر سلباً على الحمل. من هذه العدوى:

• العدوى البكتيرية: مثل عدوى المسالك البولية والتهابات المهبل البكتيرية.

• العدوى الفيروسية: مثل الحصبة الألمانية، فيروس الهربس، أو فيروس زيكا.

• العدوى الطفيلية: مثل داء المقوسات.

هذه العدوى تؤدي إلى استجابة التهابية قد تسبب تلف في أنسجة الرحم أو الجنين، وبالتالي زيادة احتمالية فقدان الحمل.

العوامل البيئية والمواد السامة

التعرض لبعض العوامل البيئية والمواد الكيميائية قد يكون له تأثير مباشر على صحة الحمل في مراحله الأولى. من هذه العوامل:

• التدخين وتعاطي الكحوليات، التي تؤثر على تدفق الدم إلى المشيمة وتقلل من كمية الأوكسجين المتاحة للجنين.

• التعرض للمعادن الثقيلة مثل الرصاص والزئبق.

• المبيدات الحشرية والمواد الكيميائية الصناعية.

• بعض الأدوية التي قد تكون مضرة للجنين خاصة إذا تم تناولها دون استشارة طبية.

هذه العوامل تؤدي إلى تشوهات في الجنين أو توقف نموه، مما يزيد من فرص الإجهاض المبكر.

الأمراض المزمنة وتأثيرها على الحمل

وجود أمراض مزمنة لدى الأم مثل السكري غير المسيطر عليه، ارتفاع ضغط الدم، وأمراض الكبد والكلى قد تؤثر سلباً على الحمل وتزيد من مخاطر الإجهاض.

مرض السكري، مثلاً، يؤدي إلى اضطرابات في البيئة الداخلية للرحم، كما أن ارتفاع ضغط الدم قد يقلل من تدفق الدم إلى المشيمة، وهذا يهدد بقاء الجنين ويزيد من احتمالية الإجهاض.

أسباب نفسية وبدنية أخرى

الضغط النفسي الشديد والتوتر المستمر قد يؤثران بشكل مباشر على ثبات الحمل، إذ يؤدي التوتر إلى تغيرات هرمونية وجسدية قد تخل بالتوازن الذي يحتاجه الحمل للحفاظ عليه.

الإجهاد البدني الشديد، الحمل الزائد في العمل، السقوط أو التعرض لحوادث خلال فترة الحمل الأولى قد تزيد من خطر فقدان الجنين.

جدول يلخص أسباب الإجهاض في الشهور الأولى وتأثيرها

الخلاصة

الإجهاض في الشهور الأولى نتيجة لتداخل مجموعة معقدة من العوامل الطبية، البيئية، والنفسية، وهو غالباً ما يحدث بسبب اضطرابات وراثية أو هرمونية تعوق نمو الجنين بشكل طبيعي. بالإضافة إلى ذلك، تلعب صحة الرحم والجهاز المناعي دوراً حيوياً في استمرار الحمل، كما تؤثر العدوى والعوامل البيئية والأمراض المزمنة بشكل كبير على فرصة بقاء الجنين.

لذلك، من الضروري للمرأة الحامل الالتزام بالفحوصات الدورية، مراقبة حالتها الصحية، تجنب العوامل الضارة، والحفاظ على نمط حياة صحي لتقليل فرص حدوث الإجهاض. كما ينبغي أن يكون هناك متابعة طبية دقيقة في حال وجود عوامل خطر معروفة لضمان أفضل رعاية ممكنة خلال فترة الحمل الأولى.

المراجع

1. American College of Obstetricians and Gynecologists (ACOG). “Early Pregnancy Loss.” 2020.

2. Mayo Clinic Staff. “Miscarriage.” Mayo Clinic, 2023.

هذا المقال يقدم رؤية شاملة وعلمية حول أسباب الإجهاض في الشهور الأولى من الحمل، مع التركيز على أهمية الفهم والوقاية لضمان صحة الأم والجنين.