أسباب الإجهاض في الشهر الثاني

أسباب الإجهاض في الشهر الثاني ومعلومات أخرى تهمكِ

يمثّل الشهر الثاني من الحمل فترة حساسة وحاسمة في تطوّر الجنين واستقراره داخل الرحم. ففي هذه المرحلة يبدأ الجنين في التكوّن السريع، وتتطور الأعضاء الرئيسية تدريجياً، مما يجعل الحمل هشاً وعرضةً للعديد من التحديات. ويعدّ الإجهاض في الشهر الثاني من الحمل من أكثر التجارب النفسية والجسدية صعوبةً التي قد تمر بها المرأة، خصوصًا إذا لم يتم التعرف على أسبابه بدقة أو لم تتلقَّ الرعاية المناسبة. في هذا المقال المطوّل، سيتم تناول الأسباب الطبية والعوامل البيئية والنفسية والسلوكية التي يمكن أن تؤدي إلى الإجهاض خلال هذه المرحلة، إضافةً إلى تقديم معلومات دقيقة ومفصلة حول العلامات التي تستدعي القلق، وطرق التشخيص، والإجراءات الوقائية التي يمكن اتخاذها.

تعريف الإجهاض في الشهر الثاني

الإجهاض في الشهر الثاني هو فقدان الجنين تلقائيًا قبل اكتمال الأسبوع الثامن من الحمل، أي في مرحلة التكوين الجنيني المبكرة. يُصنَّف هذا النوع من الإجهاض عادة ضمن الإجهاضات المبكرة، وهو يحدث غالباً نتيجة اضطرابات جينية أو مشاكل في الانغراس أو النمو.

الأعراض الشائعة التي قد تشير إلى حدوث الإجهاض

الإدراك المبكر لأي أعراض غير طبيعية قد يساهم في الوقاية أو التعامل المبكر مع الإجهاض. ومن بين أبرز الأعراض التي قد تظهر عند حدوث الإجهاض في الشهر الثاني:

• نزيف مهبلي متفاوت الشدة

• تقلصات شديدة أو ألم مستمر في أسفل البطن أو الظهر

• نزول أنسجة أو تكتلات دموية عبر المهبل

• انخفاض مفاجئ في أعراض الحمل مثل الغثيان أو التورم

• شعور بفراغ الرحم أو زوال الضغط في منطقة الحوض

رغم أن النزيف البسيط قد يكون طبيعياً أحيانًا في بدايات الحمل، إلا أن تكراره أو مصاحبته بألم وتقلصات قوية يتطلب استشارة طبية عاجلة.

الأسباب الرئيسية للإجهاض في الشهر الثاني

تنقسم الأسباب إلى عوامل جينية، وعوامل صحية لدى الأم، وعوامل خارجية بيئية أو سلوكية.

أولاً: الأسباب الجينية والكروموسومية

• الخلل في الكروموسومات: يعتبر السبب الأكثر شيوعًا، إذ أن ما يقرب من 50% من حالات الإجهاض المبكر ترجع إلى تشوهات جينية أو عدد غير طبيعي من الكروموسومات لدى الجنين.

• توقف تطور الجنين: قد يتوقف الجنين عن الانقسام أو النمو نتيجة خلل في المادة الوراثية.

ثانيًا: المشاكل الصحية لدى الأم

• الاضطرابات الهرمونية: مثل نقص هرمون البروجسترون الضروري لتثبيت الحمل والمحافظة على بطانة الرحم.

• مشاكل في الرحم أو عنق الرحم: مثل وجود تشوهات خلقية، أو الأورام الليفية، أو ضعف في عنق الرحم.

• الأمراض المزمنة: مثل السكري غير المنضبط، أو اضطرابات الغدة الدرقية، أو ارتفاع ضغط الدم.

• العدوى: إصابة الأم بعدوى بكتيرية أو فيروسية مثل الحصبة الألمانية، التوكسوبلازما، الكلاميديا أو الليستيريا، يمكن أن تؤثر سلباً على الجنين.

• الأمراض المناعية: مثل الذئبة الحمراء أو متلازمة الأجسام المضادة للفوسفوليبيد، والتي تسبب تخثّر الدم وانقطاع التغذية عن الجنين.

• سوء التغذية أو فقر الدم الحاد: يمكن أن يؤثر على تدفق الأوكسجين والغذاء إلى الجنين.

ثالثًا: العوامل السلوكية والبيئية

• التدخين والكحول والمخدرات: جميعها ترفع بشكل كبير من مخاطر فقدان الحمل.

• التعرض للمواد الكيميائية السامة أو الإشعاعات: سواء في العمل أو البيئة المحيطة.

• الضغط النفسي والتوتر الشديد: قد يؤثر على توازن الهرمونات ويزيد من احتمالية الإجهاض.

• السقوط أو الحوادث الجسدية العنيفة: رغم أن الجنين في مرحلة مبكرة يكون محمياً نسبياً، إلا أن الإصابات الشديدة قد تؤثر على استمرار الحمل.

العوامل المرتبطة بنمط الحياة

العديد من العوامل اليومية البسيطة قد تلعب دوراً في التأثير على استمرارية الحمل، ومنها:

كيف يتم تشخيص الإجهاض في الشهر الثاني؟

تعتمد عملية التشخيص على الفحص السريري والتصوير بالأشعة فوق الصوتية وتحاليل الدم:

• السونار (Ultrasound): يكشف عن وجود كيس الحمل، نبضات القلب ونمو الجنين.

• اختبار HCG: يُجرى لقياس مستويات هرمون الحمل ومراقبة استمراريته.

• الفحص المهبلي: لتقييم فتح عنق الرحم ووجود أي بقايا أنسجة جنينية.

أنواع الإجهاض في الشهر الثاني

• إجهاض مهدد: تظهر فيه أعراض مثل النزيف الخفيف مع بقاء الجنين على قيد الحياة.

• إجهاض غير مكتمل: يتم فيه طرد بعض الأنسجة مع بقاء جزء من الجنين داخل الرحم.

• إجهاض مكتمل: يتم فيه طرد كامل للجنين وكيس الحمل.

• إجهاض فائت (Missed miscarriage): يتم اكتشافه خلال الفحص الدوري عند ملاحظة توقف نمو الجنين دون أعراض واضحة.

كيف يتم التعامل مع الإجهاض طبياً؟

• في حالة الإجهاض غير المكتمل أو الفائت، قد تحتاج المرأة إلى:

  • إجراءات دوائية: لتحفيز انقباضات الرحم والتخلص من بقايا الحمل.

  • عملية كحت الرحم (D&C): لتنظيف الرحم جراحياً.

• في بعض الحالات، يُفضل الخيار الطبيعي إذا كان الجسم قادراً على طرد الأنسجة تلقائياً، مع المتابعة الطبية الدقيقة.

الأثر النفسي للإجهاض في الشهر الثاني

الإجهاض لا يؤثر فقط على الجانب الجسدي، بل له تبعات نفسية عميقة قد تشمل:

• الشعور بالحزن والاكتئاب

• الإحساس بالذنب أو الفشل

• الخوف من تكرار التجربة

• اضطرابات في العلاقة الزوجية

لذلك، من الضروري تقديم الدعم النفسي اللازم، واللجوء إلى مختصين في العلاج النفسي إذا تطورت الأعراض إلى اكتئاب حاد.

هل يمكن منع الإجهاض في الشهر الثاني؟

الوقاية ليست دائماً ممكنة خاصة إذا كان السبب جينياً، لكن هناك تدابير قد تقلل من المخاطر:

• الالتزام بالمتابعة الطبية المنتظمة

• تناول المكملات مثل حمض الفوليك والبروجسترون (عند الحاجة)

• السيطرة على الأمراض المزمنة

• تجنب التوتر، والراحة الكافية

• الامتناع عن التدخين والكحول

• الابتعاد عن مصادر التلوث الكيميائي أو الإشعاعي

• التغذية السليمة التي تعزز مناعة الجسم وتدعم تطور الجنين

متى يمكن محاولة الحمل مجددًا بعد الإجهاض؟

ينصح الأطباء غالباً بالانتظار من دورة إلى ثلاث دورات شهرية قبل محاولة الحمل مجدداً، للسماح للجسم بالتعافي الكامل. وفي حالات معينة، قد تكون هناك حاجة لفحوصات إضافية للتأكد من عدم وجود مشاكل مزمنة أو متكررة تسبب الإجهاض.

خلاصة طبية

الإجهاض في الشهر الثاني من الحمل يُعد من أكثر التجارب تعقيدًا سواء على المستوى الجسدي أو النفسي. فهم أسبابه المتعددة والوعي بعلاماته وأعراضه، يساعد المرأة والأسرة على اتخاذ قرارات طبية صائبة في الوقت المناسب. ويجب اعتبار هذه التجربة حدثًا طبيًا لا يحمل اللوم للمرأة، بل يدعو إلى التثقيف والدعم والرعاية الطبية الشاملة.

المراجع

1. American College of Obstetricians and Gynecologists (ACOG) – “Early Pregnancy Loss”.

2. Mayo Clinic – “Miscarriage: Symptoms, Causes, and Treatments”.