أمراض الكبد والمرارة

أسباب ارتفاع إنزيمات الكبد للحامل

سبب ارتفاع إنزيمات الكبد للحامل: دراسة شاملة

يعد ارتفاع إنزيمات الكبد أثناء الحمل من الأمور الطبية التي قد تثير القلق لدى العديد من النساء الحوامل. إن إنزيمات الكبد هي بروتينات يتم إفرازها بواسطة خلايا الكبد، وهي تلعب دوراً مهماً في العديد من الوظائف الحيوية للجسم مثل التمثيل الغذائي، وإزالة السموم، وتحويل الأدوية، وصناعة البروتينات. إن وجود ارتفاع في مستويات هذه الإنزيمات قد يشير إلى وجود مشكلة صحية، وقد يختلف السبب وراء هذه الزيادة بشكل كبير، حيث قد يكون مرتبطًا بالحمل نفسه أو قد يكون نتيجة لمشاكل صحية أخرى.

من المهم أن نفهم أن الارتفاع البسيط في إنزيمات الكبد قد لا يشكل خطراً فوريًا على الحامل أو الجنين، لكن في بعض الحالات قد تشير الزيادة إلى حالات طبية تستدعي التدخل الطبي العاجل. في هذا المقال، سنقوم بمراجعة الأسباب المختلفة التي قد تؤدي إلى ارتفاع إنزيمات الكبد أثناء الحمل، وكيفية تشخيص هذه الحالات وطرق علاجها.

1. ما هي إنزيمات الكبد؟

قبل الخوض في أسباب ارتفاع إنزيمات الكبد، من الضروري أن نفهم أولاً ما هي هذه الإنزيمات. الكبد هو عضو حيوي في الجسم يساعد في العديد من العمليات الهامة مثل:

  • إنتاج البروتينات: مثل الألبومين وعوامل التخثر.

  • تحطيم المواد السامة: يساعد في إزالة السموم من الدم.

  • إنتاج العصارة الصفراوية: التي تلعب دورًا رئيسيًا في هضم الدهون.

  • تخزين الفيتامينات والمعادن: مثل الفيتامينات A وD والحديد.

أما بالنسبة للإنزيمات، فهناك العديد من الإنزيمات التي يتم إفرازها في الكبد وتشير مستوياتها في الدم إلى صحة الكبد. تشمل هذه الإنزيمات:

  • الإنزيمات ناقلة الأمين: مثل AST (أسبارتات أمينوترانسفيراز) وALT (ألانين أمينوترانسفيراز).

  • الفوسفاتاز القلوي: الذي يرتبط بالوظيفة الصفراوية للكبد.

  • غاما-غلوتاميل ترانسفيراز (GGT): الذي يعكس مستويات الصفراء في الكبد.

2. أسباب ارتفاع إنزيمات الكبد أثناء الحمل

إن ارتفاع إنزيمات الكبد أثناء الحمل يمكن أن يكون ناتجًا عن عدة أسباب، بعضها يرتبط بمشاكل صحية تتعلق بالكبد، بينما قد يكون البعض الآخر نتيجة لتغيرات فسيولوجية تحدث خلال الحمل. إليك أهم الأسباب التي قد تؤدي إلى ارتفاع إنزيمات الكبد أثناء الحمل:

2.1 أمراض الكبد المرتبطة بالحمل
  • تسمم الحمل (Preeclampsia): يعد تسمم الحمل أحد الأسباب الأكثر شيوعًا التي قد تؤدي إلى ارتفاع إنزيمات الكبد. يمكن أن يحدث تسمم الحمل عندما يصاب الجسم بارتفاع ضغط الدم بشكل مفاجئ خلال الحمل، مما يؤدي إلى تلف في الأوعية الدموية. قد تتسبب هذه الحالة في تلف الكبد، وبالتالي ارتفاع مستويات الإنزيمات الكبدية. في بعض الحالات، قد يرتبط تسمم الحمل بتطور مضاعفات خطيرة مثل “التسمم الكبدي الحملى” (HELLP syndrome)، الذي يتميز بارتفاع إنزيمات الكبد بالإضافة إلى اضطرابات في تخثر الدم ووجود انخفاض في عدد الصفائح الدموية.

  • المتلازمة الصفراوية للحمل (Intrahepatic Cholestasis of Pregnancy): هذه حالة نادرة تحدث عندما يواجه الكبد صعوبة في إفراز الصفراء بشكل طبيعي، مما يؤدي إلى تراكمها في الكبد. تعتبر هذه الحالة من الأسباب المعروفة لارتفاع إنزيمات الكبد في الحمل، وقد تؤدي إلى الحكة الشديدة في الجلد، خصوصًا في الأشهر الأخيرة من الحمل. في حالات نادرة، قد تؤدي هذه المتلازمة إلى مضاعفات مثل الولادة المبكرة أو وفاة الجنين.

2.2 التغيرات الفسيولوجية المرتبطة بالحمل

خلال الحمل، يحدث العديد من التغيرات الفسيولوجية التي قد تؤثر على وظائف الكبد. في بعض الحالات، قد تكون مستويات الإنزيمات الكبدية مرتفعة قليلاً بسبب التغيرات في مستويات الهرمونات. إليك بعض الأسباب المرتبطة بهذه التغيرات:

  • التغيرات الهرمونية: يتسبب الحمل في حدوث ارتفاع في مستويات بعض الهرمونات مثل الإستروجين، التي يمكن أن تؤثر على وظائف الكبد. قد يؤدي هذا إلى زيادة في إفراز بعض الإنزيمات الكبدية، لكن هذا النوع من الارتفاعات عادة ما يكون طفيفًا ولا يشير إلى مشكلة صحية خطيرة.

  • التوسع الطبيعي في حجم الدم: الحمل يتسبب في زيادة حجم الدم في الجسم، مما يمكن أن يؤدي إلى تراكم السوائل في الكبد، وهذا قد يسهم في ارتفاع طفيف في إنزيمات الكبد.

2.3 العدوى والأمراض الفيروسية
  • فيروس التهاب الكبد (Hepatitis): يعد التهاب الكبد الفيروسي أحد الأسباب المهمة التي تؤدي إلى ارتفاع إنزيمات الكبد. قد تكون العدوى بفيروسات مثل فيروس التهاب الكبد B أو C أو A مسؤولة عن تدمير خلايا الكبد، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات الإنزيمات. وعلى الرغم من أن هذه العدوى قد لا تكون شائعة أثناء الحمل، إلا أن النساء الحوامل المصابات بها قد يعانين من ارتفاع ملحوظ في إنزيمات الكبد.

  • العدوى الطفيلية مثل الملاريا: تعد بعض الأمراض الطفيلية مثل الملاريا أحد الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى التهاب الكبد وارتفاع إنزيماته أثناء الحمل.

2.4 الأدوية والعقاقير
  • استخدام الأدوية: قد تؤدي بعض الأدوية المستخدمة أثناء الحمل إلى ارتفاع إنزيمات الكبد. تشمل هذه الأدوية بعض مضادات الفطريات والمضادات الحيوية والمواد التي تحتوي على هرمونات. من المهم دائمًا استشارة الطبيب قبل تناول أي أدوية أثناء الحمل.

2.5 أسباب أخرى
  • الاضطرابات الوراثية: بعض النساء قد يكن عرضة لمشاكل وراثية تؤدي إلى زيادة مستويات الإنزيمات الكبدية، مثل مرض ويلسون (Wilson’s disease)، وهو مرض نادر يتسبب في تراكم النحاس في الجسم، مما يؤثر على وظائف الكبد.

  • مشاكل أخرى في الكبد: قد تحدث مشكلات أخرى في الكبد أثناء الحمل، مثل التهاب الكبد الكحولي أو التهاب الكبد الدهني غير الكحولي، والتي قد تؤدي إلى ارتفاع مستويات الإنزيمات.

3. تشخيص ارتفاع إنزيمات الكبد أثناء الحمل

تشخيص ارتفاع إنزيمات الكبد يبدأ من خلال الفحوصات المخبرية. عادة ما يقوم الطبيب بطلب تحليل دم لقياس مستويات الإنزيمات الكبديّة مثل ALT، AST، ALP، وGGT. في حال وجود ارتفاع في هذه المستويات، يتم البحث عن السبب المحتمل من خلال مجموعة من الفحوصات الأخرى مثل:

  • اختبارات وظيفة الكبد: قياس مستوى البيليروبين، الألبومين، وعوامل التخثر.

  • الموجات فوق الصوتية للكبد: للكشف عن أي مشاكل هيكلية في الكبد أو المرارة.

  • اختبارات الفيروسات: للكشف عن وجود عدوى فيروسية مثل التهاب الكبد B أو C.

في بعض الحالات، قد يكون من الضروري إجراء خزعة كبد لتحديد نوع الضرر الكامن في خلايا الكبد.

4. علاج ارتفاع إنزيمات الكبد أثناء الحمل

علاج ارتفاع إنزيمات الكبد يعتمد بشكل أساسي على السبب الكامن وراء المشكلة. في حالة التشخيص المبكر، يمكن إدارة العديد من الأسباب بشكل غير جراحي. إليك أهم خيارات العلاج:

  • التسمم الحمل: إذا كانت الحامل تعاني من تسمم الحمل أو المتلازمة الصفراوية للحمل، فإن العلاج غالباً ما يتضمن المراقبة الدقيقة للضغط الدموي ومواد الدم، بالإضافة إلى استخدام الأدوية التي تساعد في تقليل التورم والسيطرة على ضغط الدم.

  • العدوى الفيروسية: في حالة التهاب الكبد الفيروسي، قد يتطلب الأمر علاجًا موجهًا ضد الفيروسات، خاصة في الحالات التي قد تؤثر على صحة الجنين.

  • إدارة الأدوية: إذا كانت الأدوية هي السبب، فإن التوقف عن تناول الدواء أو تعديل الجرعة يمكن أن يساعد في تقليل ارتفاع الإنزيمات.

  • النظام الغذائي والراحة: في بعض الحالات، يُنصح بتغيير النظام الغذائي للتركيز على الأطعمة الصحية التي تدعم وظيفة الكبد، مثل الأطعمة الغنية بالألياف والفيتامينات.

5. الخاتمة

إن ارتفاع إنزيمات الكبد أثناء الحمل يعد أمرًا يستدعي الاهتمام والرعاية الطبية. على الرغم من أن بعض الأسباب قد تكون مرتبطة بتغيرات فسيولوجية طبيعية تحدث أثناء الحمل، إلا أن هناك حالات أخرى قد تكون خطيرة وتتطلب العلاج الفوري. من المهم أن تلتزم الحامل بالفحوصات الدورية وأن تستشير الطبيب في حال شعرت بأي