7 أنشطة لتحافظ على صحة ونشاط الأطفال في الحجر الصحي

مع ظهور الأوبئة وانتشارها على نطاق واسع كما حدث في جائحة “كوفيد-19″، أصبح لزامًا على العائلات حول العالم أن تتكيف مع واقع جديد يتطلب البقاء في المنازل لفترات طويلة. هذا الوضع، الذي لم يكن مألوفًا، فرض تحديات صحية ونفسية وسلوكية كبيرة، خصوصًا على الأطفال الذين وجدوا أنفسهم فجأة محرومين من التفاعل الاجتماعي المباشر، ومن اللعب في الهواء الطلق، والذهاب إلى المدارس. من هنا، برزت الحاجة إلى أنشطة منزلية مدروسة تضمن الحفاظ على صحة ونشاط الأطفال النفسية والبدنية خلال فترات الحجر الصحي.

فيما يلي سبعة أنشطة متكاملة تساعد على تحقيق التوازن النفسي والجسدي للأطفال، وتساهم في تحفيز مهاراتهم وتطويرها دون المساس بسلامتهم أو صحة البيئة المنزلية.

1. تمارين بدنية يومية منظمة

النشاط البدني ليس مجرد وسيلة للتسلية، بل هو أداة أساسية في تعزيز الصحة العامة لدى الأطفال، وتحسين المزاج، وتنشيط الدورة الدموية، وتعزيز جهاز المناعة. خلال الحجر الصحي، يجب تخصيص وقت محدد يوميًا لممارسة تمارين رياضية داخل المنزل. يمكن تقسيم التمارين إلى جلسات قصيرة تتراوح ما بين 20 إلى 30 دقيقة، تشمل الحركات البسيطة مثل القفز في المكان، تمارين التمدد، القرفصاء، اليوغا للأطفال، أو حتى الركض في مساحة محدودة.

هذه الأنشطة يمكن تنظيمها وفق جدول أسبوعي، مع التنويع في نوعية التمارين لتجنب الملل، كما يمكن للوالدين المشاركة فيها لتشجيع الأبناء وتعزيز الروابط الأسرية. ومن الجدير بالذكر أن الدراسات الحديثة تؤكد أن الأطفال الذين يمارسون الرياضة بانتظام لديهم قدرة أعلى على التركيز، ونوم أفضل، وحالة نفسية أكثر استقرارًا.

2. ورشات الأعمال اليدوية والفنية

الأنشطة الفنية تعتبر من أفضل الوسائل التي يمكن أن تستثمر طاقة الطفل الفكرية والعاطفية في اتجاه إيجابي. الحرف اليدوية مثل صناعة المجسمات من الورق المقوى، التلوين، رسم اللوحات، صنع الدمى من الجوارب، أو تدوير المواد القديمة لصنع ألعاب جديدة، تساهم في تعزيز الإبداع وتنمية المهارات الحركية الدقيقة.

يمكن تنظيم ورش عمل فنية أسبوعية داخل المنزل، مع تخصيص ركن فني بسيط يحتوي على أدوات متنوعة مثل ألوان، أوراق، لاصقات، مقصات آمنة، ومواد قابلة لإعادة التدوير. هذه الورش تمنح الطفل شعورًا بالإنجاز وتزيد من ثقته بنفسه، كما تساعد على تفريغ التوتر النفسي والتعبير عن المشاعر بطرق غير مباشرة.

3. المطالعة والقراءة الجماعية

تعد القراءة واحدة من أكثر الأنشطة فائدة للعقل والنفس على حد سواء. خلال فترة الحجر الصحي، يمكن اغتنام الوقت لتعزيز عادة المطالعة لدى الأطفال، سواء من خلال قراءة القصص المصورة، أو الكتب العلمية المبسطة، أو الأدب الموجه للأطفال حسب الفئة العمرية. كما يمكن تخصيص وقت يومي لقراءة جماعية بمشاركة أفراد العائلة، مع خلق جو قصصي تفاعلي يشجع الطفل على التعبير عن آرائه والتخيل.

ويمكن إدخال أساليب ترفيهية خلال القراءة مثل استخدام الدمى للتمثيل، أو توظيف المؤثرات الصوتية، مما يزيد من تفاعل الطفل وانجذابه. بالإضافة إلى الفوائد اللغوية والعقلية، أثبتت البحوث أن القراءة المنتظمة تحفز النمو المعرفي، وتزيد من التركيز، وتحسن من الصحة النفسية.

4. تعلم المهارات المنزلية المناسبة للعمر

فترة البقاء في المنزل تُعد فرصة ذهبية لتعليم الأطفال المهارات الحياتية الأساسية التي قد لا يجدون الوقت لتعلمها في الظروف العادية. يمكن إشراكهم في بعض المهام المنزلية الخفيفة مثل ترتيب السرير، تنظيم ألعابهم، المساعدة في إعداد وجبات بسيطة، أو زراعة النباتات في الشرفة.

تساهم هذه الأنشطة في تعزيز الشعور بالمسؤولية والانتماء، وتساعد الطفل على تطوير مهارات التنظيم والاستقلالية. كما أنها توفر تجربة تعليمية واقعية تنمي قدراتهم وتغرس فيهم قيم التعاون والتقدير للعمل. وقد أكدت دراسات سلوكية أن الأطفال الذين يُكلفون بمهام منزلية في صغرهم يطورون لاحقًا حسًا أكبر بالانضباط الذاتي والاعتماد على النفس.

5. الأنشطة التكنولوجية التعليمية التفاعلية

رغم أن الإفراط في استخدام الشاشات يُعد خطرًا على صحة الأطفال، إلا أن الاستخدام الذكي للتكنولوجيا يمكن أن يكون أداة تعليمية فعالة. هناك العديد من المنصات والتطبيقات التعليمية التفاعلية التي تقدم محتوى علمي وتربوي ممتع، مثل الألعاب الذهنية، الفيديوهات التعليمية، أو دورات تعلم البرمجة البسيطة.

من المهم أن يتم تحديد وقت استخدام الأجهزة الإلكترونية، واختيار المحتوى المناسب، مع إشراف مباشر من الوالدين. الأنشطة التكنولوجية يمكن أن تعزز التفكير المنطقي، وتوسّع من معارف الطفل في مجالات متنوعة مثل العلوم، الرياضيات، اللغات، والفنون الرقمية.

6. التأمل وتمارين التنفس للأطفال

الضغوط النفسية الناتجة عن الحجر الصحي، حتى وإن لم يُعبر عنها الطفل بشكل مباشر، تؤثر على حالته النفسية ومزاجه اليومي. لذا فإن إدخال نشاطات تساعد على الاسترخاء والتأمل قد يكون ذا فائدة كبيرة. هناك تمارين بسيطة للتنفس يمكن تعليمها للأطفال بأسلوب مرح، تساعدهم على تهدئة أعصابهم وتنظيم مشاعرهم.

كما يمكن استخدام قصص التأمل الصوتية الموجهة للأطفال والتي تجمع بين الصوت الهادئ والموسيقى اللطيفة والتوجيهات البصرية، وتُستخدم عادة قبل النوم لتحسين جودة النوم والتخفيف من القلق. تطبيقات مثل “Headspace for Kids” تقدم نماذج فعالة لهذا النوع من التمارين بطريقة مبسطة وجذابة.

7. التفاعل الاجتماعي الافتراضي وتنمية المهارات الاجتماعية

العزلة الطويلة قد تؤدي إلى انكماش الطفل اجتماعيًا وفقدان مهارات التواصل، خصوصًا لدى الأطفال الصغار الذين لا يزالون في طور اكتساب تلك المهارات. ومن هنا، يجب توفير بيئة تسمح بالتواصل الآمن مع الأصدقاء والأقارب من خلال المكالمات الصوتية أو المرئية. يمكن تنظيم لقاءات افتراضية بين الأطفال للعب ألعاب جماعية مثل الألغاز، أو الغناء الجماعي، أو تبادل القصص والرسومات.

هذا النوع من التفاعل، وإن كان غير مباشر، يساهم في المحافظة على الروابط الاجتماعية، ويعزز من شعور الطفل بالانتماء ويخفف من الإحساس بالوحدة. كما أن تبادل التجارب مع أقرانهم يُعد عاملًا محفزًا للنمو العاطفي والاجتماعي.

الجدول التالي يلخص الأنشطة السبعة مع أهدافها الرئيسية:

إن الحفاظ على صحة الأطفال ونشاطهم خلال الحجر الصحي لا يقتصر فقط على الوقاية الجسدية، بل يشمل أيضًا دعمهم نفسيًا وذهنيًا، وتوفير بيئة تحفز النمو والتطور المتوازن. إن التنظيم الجيد للوقت، والتنوع في الأنشطة، والمشاركة الأبوية الواعية، يشكلون الأساس المتين الذي يمكّن الطفل من تخطي الظروف الاستثنائية بأقل الخسائر الممكنة وأكثر الفوائد الممكنة.

المراجع:

1. UNICEF: “Supporting your child’s mental health during COVID-19”

2. Harvard University – Center on the Developing Child: “Brain-Building through Play”