تعد ميثولوجيا الأمم من النوافذ التي تطل من خلالها على تاريخها وثقافتها وأساطيرها، والكتاب الذي يحمل عنوان “Mexico and Peru Myths and Legends” للمؤلف لويس سبنس، يعتبر موردًا غنيًا ينير دروب التاريخ المعقد والثقافة العميقة لهاتين الحضارتين العظيمتين في أمريكا اللاتينية. نُشر هذا العمل لأول مرة في مارس من عام 1994 على يد دار النشر Senate، وهو يستكشف الأساطير والحكايات التي شكلت جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمكسيك وبيرو.
لويس سبنس، المؤلف البريطاني المعروف بدراساته العميقة في ميثولوجيات العالم، قدم في هذا الكتاب تحليلًا وتوثيقًا للأساطير التي كانت رائجة في الحضارتين القديمتين. يتضمن الكتاب استعراضًا للقصص الأسطورية التي تناقلتها الأجيال والتي تحمل في طياتها فلسفة الشعوب ومعتقداتهم الروحية وتفسيراتهم لظواهر الطبيعة والحياة والموت.
يستهل سبنس كتابه بتقديم موجز عن الخلفية التاريخية للمنطقتين، متناولًا تاريخهما القديم والفترات التي سادت فيها الحضارات مثل الأزتيك والمايا في المكسيك، والإنكا في بيرو. يعتبر هذا الجزء من الكتاب حيويًا لفهم السياق الذي نشأت فيه هذه الأساطير وكيف تم توظيفها لخدمة الأغراض السياسية والدينية على مر العصور.
من الأمثلة البارزة التي يتطرق إليها الكتاب، قصة “كيتزالكواتل”، الإله الريشي في الميثولوجيا المكسيكية، الذي كان يمثل الخير والحياة والخصوبة. وفي بيرو، يُعطي سبنس اهتمامًا خاصًا لأسطورة “فيراكوتشا”، الإله الخالق الذي كان يُعتقد أنه أسس الحضارة وعلم الإنسان الزراعة والفنون. هذه الأساطير لا تساهم فقط في تعميق فهمنا للعقيدة الدينية ولكن أيضًا في إدراك كيفية تأثير هذه القصص في بناء الأنظمة الاجتماعية والسياسية.
كما يتناول سبنس في تحليلاته الطقوس التي كانت مرتبطة بتلك الأساطير، مشيرًا إلى كيف كانت الشعائر والاحتفالات تُجرى لإرضاء الآلهة أو للاحتفال بالأحداث الكونية مثل الحصاد أو تغير الفصول. هذه الفصول من الكتاب تُظهر الارتباط العميق بين الإنسان والطبيعة وكيف كانت الأساطير تُستخدم لشرح الظواهر الطبيعية والكونية في ذلك الزمان.
يُعد هذا الكتاب، بالنظر إلى شموليته وعمقه، مصدرًا لا غنى عنه للباحثين والمهتمين بالثقافات القديمة والأساطير. كما أنه يوفر قاعدة معرفية رصينة لأي قارئ يسعى لفهم كيف يمكن للحكايات الشعبية والأساطير أن تؤثر على شكل المجتمعات عبر الزمن وكيف تعكس هذه الحكايات القيم والعقائد والأماني للشعوب التي أنتجتها. من خلال النظر في هذه الأساطير، نكتشف ليس فقط قصصاً من الماضي بل دروساً يمكن تطبيقها على حياتنا المعاصرة.