أنواع استراتيجيات التعلم

تُعتبر استراتيجيات التعلم من الركائز الأساسية التي تعتمد عليها العملية التعليمية، فهي الوسائل والخطط التي يتبعها المتعلم لتحقيق أهدافه التعليمية بكفاءة وفعالية. تختلف استراتيجيات التعلم باختلاف طبيعة المادة الدراسية، وأسلوب المتعلم، والهدف المراد تحقيقه، إضافة إلى البيئة التعليمية المحيطة. في هذا المقال سيتم تناول أهم أنواع استراتيجيات التعلم بشمولية وعمق، مع تحليل خصائص كل نوع وأهميته، ليتسنى للقارئ التعرف على كيفية اختيار الاستراتيجية المناسبة لكل موقف تعليمي.

مفهوم استراتيجيات التعلم

استراتيجيات التعلم هي الطرق والأساليب التي يستخدمها الفرد لتنظيم واكتساب المعلومات والمعارف بطريقة تساعده على تحقيق فهم أعمق، وحفظ أفضل، وتطبيق عملي للمعرفة. وهي تعبر عن التفكير المنظم والمخطط الذي يقوم به المتعلم، بهدف استثمار الوقت والجهد بفعالية أكبر. وتتوزع هذه الاستراتيجيات بين استراتيجيات معرفية واستراتيجيات تنظيمية واستراتيجيات تحفيزية.

تصنيف استراتيجيات التعلم

يمكن تصنيف استراتيجيات التعلم وفقاً لمعايير مختلفة، منها:

• استراتيجيات التعلم المعرفية

• استراتيجيات التعلم التلخيصية والتنظيمية

• استراتيجيات التعلم التفاعلية والاجتماعية

• استراتيجيات التعلم الذاتي والتحفيزية

سيتناول هذا المقال هذه الأنواع بالتفصيل مع توضيح خصائص كل منها وأمثلة عملية.

1. الاستراتيجيات المعرفية

الاستراتيجيات المعرفية هي الطرق التي يستخدمها المتعلم لمعالجة المعلومات وتنظيمها من أجل الفهم والتذكر. وهي تشمل مهارات عديدة تساعد في اكتساب المعلومات وتحويلها إلى معرفة قابلة للاستخدام.

1.1. التكرار

التكرار هو أحد أقدم الاستراتيجيات المعرفية وأكثرها شيوعاً، حيث يقوم المتعلم بمراجعة المادة بشكل متكرر لزيادة فرص الاحتفاظ بالمعلومات. ويمكن أن يكون التكرار شفويًا، كتابيًا، أو بصريًا.

1.2. التنظيم

تعتمد استراتيجية التنظيم على تصنيف وترتيب المعلومات في مجموعات أو فئات منطقية لتسهيل استرجاعها لاحقاً. يتضمن ذلك استخدام الخرائط الذهنية، الجداول، والمخططات.

1.3. التلخيص

تتلخص هذه الاستراتيجية في استخراج الأفكار الرئيسية من النصوص أو المحاضرات، وصياغتها بشكل مختصر يساعد على حفظ جوهر المعلومة.

1.4. الاستنباط

تعتمد على استخدام التفكير النقدي لاستنتاج معاني أو قواعد من مجموعة من المعلومات بدلاً من حفظها حرفياً.

2. الاستراتيجيات التنظيمية

هذه الاستراتيجيات تهدف إلى تنظيم بيئة التعلم والوقت والجهد، مما يسهم في تعزيز فعالية العملية التعليمية.

2.1. إدارة الوقت

تعتمد على تخصيص أوقات محددة للدراسة، مع تنظيم الجدول الدراسي بشكل يوازن بين المواد والمهام المختلفة.

2.2. تحديد الأهداف

وضع أهداف تعليمية واضحة ومحددة يساعد المتعلم على توجيه جهوده بشكل مركز، ويزيد من دافعيته.

2.3. التخطيط الدراسي

يتضمن إعداد خطة مفصلة لكيفية دراسة المادة، تشمل توزيع المحتوى، وتحديد طرق المراجعة والاختبارات الذاتية.

3. الاستراتيجيات التفاعلية والاجتماعية

تقوم هذه الاستراتيجيات على تفاعل المتعلم مع الآخرين، والاستفادة من المناقشات الجماعية والأنشطة التعاونية.

3.1. التعلم التعاوني

يشجع على العمل الجماعي بين المتعلمين بهدف تحقيق فهم مشترك وحل مشكلات معاً.

3.2. المناقشة

تستخدم المناقشة كوسيلة لتحليل الأفكار وتبادل وجهات النظر، مما يعزز التفكير النقدي والفهم العميق.

3.3. التدريس للآخرين

تعد من الاستراتيجيات الفعالة حيث يقوم المتعلم بشرح المادة لزملائه، مما يساعد على ترسيخ المعلومة لديه.

4. استراتيجيات التعلم الذاتي والتحفيزية

تمثل هذه الاستراتيجيات قدرة المتعلم على تنظيم تعلمه بنفسه، مع تحفيز الذات للبقاء ملتزماً ومثابراً.

4.1. المراقبة الذاتية

تعني قدرة المتعلم على مراقبة مدى تقدمه، وتقييم أدائه بشكل مستمر لتعديل استراتيجياته حسب الحاجة.

4.2. التحفيز الذاتي

يتعلق بتحفيز النفس عبر وضع مكافآت، وتذكر الهدف النهائي، واستخدام التفكير الإيجابي.

4.3. استراتيجيات التغلب على الصعوبات

مثل طلب المساعدة عند الحاجة، وتكرار المحاولة، وتغيير طريقة الدراسة إذا لم تحقق النتائج المرجوة.

5. استراتيجيات التعلم الحسية

تُركز هذه الاستراتيجيات على استخدام الحواس المختلفة خلال عملية التعلم، مما يساهم في تثبيت المعلومات بشكل أفضل.

5.1. التعلم البصري

يستخدم الصور، الرسوم، الفيديوهات، والخرائط الذهنية لتسهيل فهم المادة.

5.2. التعلم السمعي

يعتمد على الاستماع للمحاضرات، التسجيلات الصوتية، أو قراءة النصوص بصوت عالٍ.

5.3. التعلم الحركي

يتضمن استخدام الحركة أو النشاط الجسدي لتثبيت المعلومات، مثل استخدام الألعاب التعليمية أو التمارين العملية.

الجدول التالي يوضح مقارنة بين أهم استراتيجيات التعلم

أهمية استخدام استراتيجيات تعلم متنوعة

تكمن فاعلية التعلم في تنويع الاستراتيجيات واختيارها حسب طبيعة المادة التعليمية، واحتياجات المتعلم، والبيئة المحيطة. إذ أن الاعتماد على استراتيجية واحدة فقط قد يحد من قدرة المتعلم على الفهم العميق والتطبيق العملي. كما أن استخدام استراتيجيات مختلفة يعزز من دافعية التعلم ويزيد من متعة العملية التعليمية، حيث يتيح للمتعلمين استخدام مهارات مختلفة ويستجيب لاختلاف أنماط التعلم الفردية.

تطبيق استراتيجيات التعلم في البيئة التعليمية

يمكن للمربين والمدربين تعزيز استخدام استراتيجيات التعلم بين الطلاب من خلال تصميم بيئة تعليمية محفزة، تشمل:

• توفير أدوات ووسائل تعليمية متنوعة تلبي مختلف الاستراتيجيات.

• تشجيع المتعلمين على تجربة استراتيجيات مختلفة واختيار ما يناسبهم.

• تقديم الدعم والتوجيه المستمر لتطوير مهارات التعلم الذاتي.

• تنظيم أنشطة جماعية وتفاعلية لتعزيز التعلم الاجتماعي.

الخلاصة

استراتيجيات التعلم تمثل أدوات أساسية في بناء تجربة تعليمية ناجحة وفعالة، وتساعد المتعلمين على تحقيق نتائج أفضل من خلال تنظيم جهودهم، وتحفيز ذاتهم، والتفاعل مع البيئة التعليمية. المعرفة المتعمقة بهذه الاستراتيجيات وكيفية تطبيقها تساهم في رفع مستوى التحصيل العلمي، وتطوير المهارات الحياتية الضرورية لمواجهة تحديات العصر. من هنا تنبع أهمية التعرف على أنواع استراتيجيات التعلم المختلفة وتوظيفها بشكل مناسب ضمن الخطط الدراسية، لتحقيق عملية تعليمية متكاملة وشاملة.

المراجع

1. جيروم برونر، نظريات التعلم وتطبيقاتها، دار الفكر العربي، 2010.

2. أندرو ويل، استراتيجيات التعلم الفعالة، مجلة العلوم التربوية، العدد 45، 2018.