في كتابه “ماذا أفعل بهذا الشعب؟: اليهود والسياسة المتشظية لليهودية”، يقدم ميلتون فيورست رؤية متأنية للأزمة التي تواجه اليهودية في الوقت الحالي. فقد كانت هذه التساؤلات الحادة، “ماذا أفعل بهذا الشعب؟”، التي طرحها موسى إلى الله في سيناء، تعبيرًا عن إحباطه، وهي التساؤلات التي يعيد ميلتون فيورست طرحها مجددًا في حسابه الدقيق للأوضاع الراهنة في اليهودية. فمنذ تدمير الهيكل الثاني، يُقدِّم فيورست حجةً تقول إن اليهود لم يظهروا تسامحًا مثلما هو الحال اليوم، أو تصارعوا بشدة على المبادئ كما يحدث الآن. وهذه المعارك ليست مجرد تمارين فكرية؛ بل تترتب عليها أثمان خطيرة في الشرق الأوسط اليوم.
تحاط الكتاب بقتل رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين على يد متطرف يهودي متشدد – وهو انفجار عنف غير مسبوق بين اليهود – ويتناول كيف قام الزعماء الدينيون على مر العصور بتشكيل اليهودية لخدمة مصالحهم السياسية الخاصة، وغالبًا ما كانت لهذه المعارك عواقب وخيمة. ينتقد فيورست بشدة مذاهب اليهودية الأرثوذكسية فيما يتعلق بالأراضي في الأرض المقدسة وكذلك فيما يتعلق بالزواج والطلاق والاعتناق وحقوق المرأة، معتبرًا أن القانون الديني غالبًا ما يخرج عن تعاليم التوراة وأنه فعليًا تغير مع مرور الوقت لتوظيف سلطة الحاخامات. وفي العقود الأخيرة، يعتقد أن رباطة الحاخامات الأرثوذكسية نمت بشكل سياسي لدرجة أن أفكارها قد فرقت بين الشعب اليهودي، متحدين هويتهم، وربما تهدد وجودهم حتى. “ماذا أفعل بهذا الشعب؟” هو تاريخ مبحث بدقة وتعليق قوي. ومنزعجًا من تأثير التعصب على السياسة والمجتمع اليهودي، يدعو ميلتون فيورست إلى وقف العنف باسم اليهودية ويقدم نداءً مؤثرًا للفهم المتبادل بين ما سماه الله في العهد القديم “شعبًا صلب الرأس”. في ظل حرارة وضجيج الصراع في الشرق الأوسط، يعتبر صوته واضحًا ومقنعًا وضروريًا.
