“أري: حياة وأوقات أريستوتل سقراط أوناسيس” هو كتاب من تأليف الكاتب البريطاني بيتر إيفانز، صدر لأول مرة في يونيو 1986 عن دار نشر Summit Books. يعد هذا الكتاب سيرة ذاتية شاملة حول واحد من أكثر الشخصيات تأثيرًا وإثارةً للجدل في القرن العشرين، أريستوتل أوناسيس، رجل الأعمال اليوناني الذي تحول من بدايات متواضعة إلى أحد أكبر رجال الأعمال وأكثرهم نفوذاً في العالم.
يعتمد إيفانز في كتابه على شهور من الحوارات الشخصية مع أوناسيس نفسه، بالإضافة إلى العديد من المقابلات مع أشخاص مقربين منه، سواء من أصدقائه أو شركائه في الأعمال أو حتى خصومه. يقدم الكتاب صورة شاملة ومعقدة عن حياة أوناسيس، موضحًا تناقضاته كشخصية، حيث كان رجلًا يدمج بين الطموح الجريء والدهاء السياسي، فضلاً عن شخصية كاريزمية وجاذبية لا تقاوم.
بدايات أوناسيس
ولد أريستوتل أوناسيس عام 1906 في مدينة سميرنا (إزمير الحالية في تركيا)، لعائلة يونانية أرستقراطية تعرضت للتهجير بعد الحرب اليونانية التركية. هاجر أوناسيس إلى الأرجنتين في بداية حياته، وهناك بدأ ببناء ثروته من الصفر من خلال التجارة في التبغ، قبل أن ينتقل إلى صناعة الشحن، حيث وجد فرصًا كبيرة في امتلاك وتشغيل السفن، مستفيدًا من الطلب العالمي المتزايد على الشحن البحري بعد الحرب العالمية الثانية.
صعوده إلى قمة المال والسياسة
سرعان ما تحول أوناسيس من مجرد رجل أعمال طموح إلى قطب اقتصادي عالمي. أصبح يمتلك أسطولًا ضخمًا من السفن، وأسس علاقات اقتصادية وسياسية مع العديد من الدول والشخصيات البارزة. كما كان له دور مؤثر في مجالات مختلفة، من صناعة الطيران إلى السياسة الدولية. يشير الكتاب إلى كيف أن أوناسيس كان قادرًا على التأثير على الحكومات وإدارة علاقاته مع كبار القادة السياسيين، ما جعله لاعبًا رئيسيًا في العديد من التطورات الجيوسياسية.
إلى جانب نجاحه الاقتصادي، كان لأوناسيس حياة اجتماعية صاخبة. فقد تزوج من الشخصيات الأكثر شهرة في العالم، بما في ذلك جاكلين كينيدي، أرملة الرئيس الأمريكي جون كينيدي. هذا الزواج أثار اهتمام العالم وأصبح موضوعًا رئيسيًا للتغطية الإعلامية في ذلك الوقت. بالإضافة إلى ذلك، كان لأوناسيس علاقة حب مشهورة مع المغنية الشهيرة ماريا كالاس، والتي كانت واحدة من أبرز رموز الثقافة والفن في ذلك الوقت.
شخصيته المعقدة وتأثيره على من حوله
يكشف إيفانز في هذا الكتاب عن أوناسيس كشخصية متعددة الأبعاد، مليئة بالتناقضات. فرغم قوته وجاذبيته، كان يعاني من ضعف داخلي وخيبات أمل شخصية. وعلى الرغم من ثروته الهائلة، كان أوناسيس يعاني من علاقات شخصية معقدة وغالبًا ما كانت مليئة بالتوتر. من خلال مقابلات مع أصدقائه ومعارفه، يتم تصوير أوناسيس كشخص نهم للطموح، لا يتردد في استخدام كل الوسائل الممكنة للوصول إلى أهدافه، لكنه في نفس الوقت كان يعيش حياة مليئة بالتوترات والدراما.
الكتاب يسلط الضوء أيضًا على تأملات أوناسيس حول النجاح والفشل، حيث يعرض تفكيره حول القوة والنفوذ وكيف أنه يرى الحياة على أنها سلسلة من المعارك التي يجب الانتصار فيها. ولكن، كما يكشف الكتاب، حتى الأثرياء والنفوذ لا يمكنهم الفرار من المآسي الشخصية. إذ أن وفاة ابنه ألكساندر أوناسيس في حادث تحطم طائرة كانت إحدى اللحظات الحاسمة في حياته، والتي أثرت بشكل عميق على حالته النفسية وأثرت على مواقفه وقراراته في سنواته الأخيرة.
التأثير والLegacy
يتناول الكتاب في فصوله الأخيرة تأثير أوناسيس على العالم والأشخاص الذين تعامل معهم. من الواضح أن أوناسيس ترك بصمة كبيرة في الاقتصاد العالمي، خاصة في صناعة الشحن البحري والطيران. كما أن تأثيره تجاوز الأعمال ليصل إلى السياسة والثقافة العالمية. سواء كانت أفعاله تحظى بالثناء أو النقد، فإن أوناسيس كان دائمًا شخصية مركزية في الأوساط الاقتصادية والسياسية.
يعتبر “أري: حياة وأوقات أريستوتل سقراط أوناسيس” واحدًا من أكثر الكتب ثراءً بالمعلومات حول حياة رجل أعمال يعد من أكثر الشخصيات غموضًا وإثارة في القرن العشرين. بأسلوب بيتر إيفانز القائم على الاستقصاء الدقيق والمقابلات المكثفة، يتمكن الكتاب من تقديم صورة متكاملة عن رجل لم يكن مجرد رجل أعمال، بل كان رمزًا للطموح والجاذبية والقوة، تاركًا إرثًا معقدًا وراءه.