تُعدّ الحساسية من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا في العصر الحديث، حيث يعاني منها ملايين الأشخاص حول العالم. تختلف أعراض الحساسية باختلاف نوع المسبب، وقد تكون هذه الأعراض خفيفة مثل العطس أو سيلان الأنف، أو شديدة تؤدي إلى صعوبة في التنفس أو حتى صدمة تأقية في الحالات القصوى. لذلك، تتعدد الأدوية المستخدمة في علاج الحساسية، والتي تهدف إلى التخفيف من الأعراض أو الحد من استجابة الجسم للمؤثرات المسببة لها. في هذا المقال، سنتناول أهم الأدوية التي يتم استخدامها لعلاج الحساسية، مع تسليط الضوء على آلية عملها وأثرها الفعّال في تخفيف الأعراض.
1. مضادات الهيستامين
تُعتبر مضادات الهيستامين من الأدوية الأساسية المستخدمة لعلاج أعراض الحساسية. تعمل هذه الأدوية على منع تأثير الهيستامين، وهو مادة كيميائية تُفرز من الجسم أثناء حدوث رد فعل تحسسي. الهيستامين هو المسؤول عن معظم الأعراض المرتبطة بالحساسية، مثل الحكة، العطس، وتورم الأنف. مضادات الهيستامين تنقسم إلى نوعين رئيسيين: الجيل الأول والجيل الثاني.
الجيل الأول:
تُعتبر مضادات الهيستامين من الجيل الأول فعّالة في علاج الأعراض، لكنها قد تسبب بعض الآثار الجانبية مثل النعاس والتعب. من أشهر الأدوية في هذا الفئة: ديفينهيدرامين (Benadryl) وكلورفينيرامين (Chlor-Trimeton). تستخدم هذه الأدوية بشكل شائع لتخفيف الأعراض المرتبطة بالحساسية الموسمية أو حساسية الأنف.
الجيل الثاني:
مضادات الهيستامين من الجيل الثاني تتميز بأنها أقل تسببًا في النعاس مقارنة بالجيل الأول. تشمل أبرز الأدوية في هذه الفئة: لوراتادين (Claritin)، سيتريزين (Zyrtec)، وفكسوفينادين (Allegra). تستخدم هذه الأدوية بشكل شائع في حالات الحساسية المزمنة، مثل حساسية الأنف والعين.
2. الستيرويدات القشرية (الكورتيكوستيرويدات)
الستيرويدات القشرية هي أدوية مضادة للالتهاب تُستخدم بشكل رئيسي لعلاج التهابات الأنف التحسسية وحالات الحساسية الشديدة. تعمل هذه الأدوية على تقليل التورم والالتهاب في الممرات التنفسية، مما يساعد في تخفيف الأعراض مثل الاحتقان وصعوبة التنفس. يُمكن استخدام الستيرويدات القشرية على شكل بخاخات الأنف أو أقراص أو حتى حقن، بناءً على شدة الحالة.
الستيرويدات الموضعية:
تُستخدم الستيرويدات الموضعية، مثل فلوتيكازون (Flonase) وبيكلوميثازون (Beconase), بشكل رئيسي في علاج حساسية الأنف. تعمل هذه البخاخات على تقليل التورم والتهيج في الأنف، مما يساعد في التخفيف من الاحتقان والعطس والحكة.
الستيرويدات الفموية:
في الحالات الأكثر شدة، قد يصف الطبيب أدوية كورتيكوستيرويد فموية مثل بريدنيزون (Prednisone)، والتي يمكن أن تستخدم لفترات قصيرة لتخفيف الأعراض الحادة. يجب استخدام هذه الأدوية بحذر نظرًا للآثار الجانبية التي قد ترافق استخدامها لفترات طويلة، مثل زيادة الوزن وارتفاع ضغط الدم.
3. مزيلات الاحتقان
تُستخدم مزيلات الاحتقان لتخفيف الاحتقان الأنفي الناتج عن الحساسية. تعمل هذه الأدوية على تقليص الأوعية الدموية في الأنف، مما يؤدي إلى تقليل التورم والاحتقان. يُمكن استخدام مزيلات الاحتقان على شكل أقراص أو بخاخات أنفية.
مزيلات الاحتقان الفموية:
تشمل أبرز الأدوية في هذه الفئة: فينيلفرين (Sudafed) وسودوإفيدرين. يتم استخدامها عادة لتخفيف الاحتقان الأنفي الشديد، لكنها قد تسبب بعض الآثار الجانبية مثل الأرق أو زيادة ضربات القلب، لذا يجب استخدامها بحذر.
مزيلات الاحتقان الأنفية:
يتم استخدامها موضعيًا على شكل بخاخات، مثل أوكسي ميتازولين (Afrin). يجب استخدامها لفترات قصيرة فقط، حيث إن الاستخدام المطول قد يؤدي إلى “التعود” أو زيادة الاحتقان بشكل أكبر عند التوقف عن استخدامها.
4. مثبطات اللويكوترين
تعمل هذه الأدوية على منع تأثير اللويكوترينات، وهي مواد كيميائية تساهم في التفاعل الالتهابي في الجسم أثناء حدوث رد فعل تحسسي. تُستخدم مثبطات اللويكوترين مثل مونتيلوكاست (Singulair) بشكل رئيسي في حالات الحساسية الموسمية وحساسية الصدر. يمكن أن تُوصف أيضًا لعلاج الربو التحسسي، حيث يساعد على تقليل الأعراض المرتبطة بالتنفس مثل الأزيز وضيق الصدر.
5. الأدوية المناعية (العلاج المناعي)
يُعتبر العلاج المناعي أحد الأساليب العلاجية طويلة الأمد للحساسية. يعتمد هذا العلاج على تعرض الجسم بشكل تدريجي لمسببات الحساسية، مما يساعد الجهاز المناعي على التكيف مع هذه المواد وتخفيف ردود الفعل التحسسية المفرطة. يُستخدم العلاج المناعي في حالات الحساسية الشديدة التي لا تستجيب للأدوية الأخرى، مثل حساسية حبوب اللقاح، غبار الطلع، ووبر الحيوانات.
تُجرى حقن العلاج المناعي على فترات منتظمة، حيث يتعرض المريض لمزيد من الجرعات الصغيرة من مسببات الحساسية في محاولة لزيادة تحمل الجسم تدريجيًا. يمكن أن يستمر العلاج المناعي لعدة أشهر أو حتى سنوات، ويُعتبر فعّالًا في تحسين الأعراض على المدى الطويل.
6. أدوية الربو التحسسي
بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الربو التحسسي، تُستخدم الأدوية الخاصة بعلاج الربو جنبًا إلى جنب مع أدوية الحساسية الأخرى. تشمل هذه الأدوية الستيرويدات الاستنشاقية مثل بفلوميثازون (Pulmicort) وسالميترول (Serevent)، التي تساعد في السيطرة على التهاب الشعب الهوائية وتحسين التنفس. بالإضافة إلى الأدوية الموسعة للقصبات مثل سالبوتامول (Ventolin)، التي تعمل على فتح المسالك الهوائية لتسهيل التنفس.
7. أدوية العين
في حالات الحساسية التي تؤثر على العين، مثل التهاب الملتحمة التحسسي، تُستخدم قطرات العين التي تحتوي على مضادات الهيستامين أو الستيرويدات الموضعية. من أشهر هذه الأدوية: أزيلاستين (Optivar) ولوراتادين (Alaway)، التي تساعد في تخفيف الحكة والاحمرار والتورم في العين.
الخلاصة
تعد أدوية الحساسية من الأدوات الفعّالة في إدارة الأعراض والتحكم في التفاعلات التحسسية المختلفة. تختلف هذه الأدوية بناءً على نوع الحساسية ومدى شدتها، ويتطلب الأمر استشارة الطبيب لاختيار العلاج الأنسب للحالة الصحية للفرد. من المهم أيضًا أن يتبع المرضى التعليمات المتعلقة بالجرعات والمدة الموصى بها لتفادي أي آثار جانبية محتملة.
