في كتابه البارز الذي يحمل عنوان “أدب الصناع وأرباب الحرف حتى القرن العاشر الهجري”، يقدم الكاتب محمود محمد لقارئه نافذة مثيرة وشاملة إلى عالم الأدب والحرف في الفترة التي امتدت حتى القرن العاشر الهجري. يستعرض الكتاب بأسلوبه الفني الرائع والمتقن تفاصيل هذه الحقبة الزمنية، ملقيًا الضوء على تأثير العصور وتطور الحرف والشعر في فترة المماليك والفترات السابقة.
تنقلنا صفحات الكتاب الخمسمائة واثنتي عشرة إلى عوالم متنوعة من المدائح والرثاء، حيث يفتح الكاتب الأفق ليستعرض لنا كيف تم معالجة المحتوى الأدبي بشكل متقن من خلال فنون المدح والرثاء. كما يقدم دراسة مفصلة للمواقف المتنوعة تجاه الحرفة والشعر، مسلطًا الضوء على التقاليد الأدبية وكيفية تطورها في هذه الحقبة.
وفي رحلته داخل عالم الشعر، يبحث الكتاب بعمق في مظاهر الشكوى ووصف الأطعمة والملابس، مقدمًا للقارئ فهمًا شاملا لتلك الجوانب التي كانت تشكل جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس في تلك الفترة. تستعرض الصفحات الكثير من الهزل والفكاهة، مما يضفي على الكتاب طابعًا ترفيهيًا يثري القراءة.
وكما لا يقتصر تأثير الكتاب على ميدان الشعر فقط، بل يتعمق في دراسة النثر وتمثيليات أدباء بارعين مثل ابن دانيال، ويسلط الضوء على حكايات ابن سودون الملافيق، ويتناول الأخبار والتحف العجيبة التي كانت تثير فضول القراء في تلك الحقبة.
تتسم صفحات الكتاب بالعمق والتنوع، ما يجعله مرجعًا لا غنى عنه لعشاق الأدب والتاريخ، حيث ينقل القارئ عبر الزمن والمكان ليستكشف جوانب مختلفة من حياة الناس وتطور الأدب والحرف في تلك الفترة. تضفي دار الفكر المعاصر للكتاب لمسة من الاحترافية، ما يزيد من قيمته كعمل أدبي متكامل.