أخلاق النبي محمد ﷺ

عنوان المقال: خلق النبي في أقوال مؤثرة

لقد كان خُلق النبي محمد ﷺ منارةً للإنسانية، ومثالًا ساميًا للكمال الأخلاقي، فجمع بين الرحمة والعدل، وبين الحِلم والحزم، وبين التواضع والوقار، وبين الصدق والأمانة. وقد أجمع أهل الفضل، من المسلمين وغيرهم، على عظمة خُلُقه، فامتدحت خصاله الأقلام، ونطقت بها الألسن، وجعلها الله تعالى أعظم شهادة له حين قال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]. وفي هذا المقال نعرض أبرز ما قيل عن خلق النبي ﷺ، وما ورد في أقوال الصحابة والعلماء والمفكرين من شهادات خالدة حول شخصيته.

أولًا: شهادة القرآن الكريم في خلق النبي ﷺ

أعلى ما يُستشهد به في خلق النبي ﷺ هو كلام الله جل وعلا، إذ زكّاه ربُّه تزكية مطلقة لم يُزكَّ بها أحدًا من العالمين، فقال سبحانه:

• {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]
  
  قال ابن عباس: “على دين عظيم، وهو الإسلام”. وقال مجاهد: “أدب عظيم”. وقال السدي: “يعني دين الإسلام”. وقال الحسن البصري: “جمع له مكارم الأخلاق كلها”.

• وقال تعالى عن رحمته بالناس: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، فقد كان رسول الله ﷺ رحيمًا بكل من حوله: بالمؤمنين والكافرين، بالحيوانات والجمادات، وحتى بأعدائه.

ثانيًا: أقوال الصحابة في أخلاق النبي ﷺ

لقد عاش الصحابة مع النبي ﷺ ورافقوه في السلم والحرب، وفي السر والعلن، ورأوا من خُلقه ما أبهرهم، فشهدوا له بلسان الصدق:

• قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين سُئلت عن خُلُق رسول الله ﷺ:

  “كان خلقه القرآن” – رواه مسلم.
  
  أي كان يتمثل أخلاق القرآن في كل تصرفاته، فكأن القرآن يمشي على الأرض.

• وقال أنس بن مالك رضي الله عنه:

  “خدمت رسول الله ﷺ عشر سنين، والله ما قال لي أُفٍ قط، ولا قال لي لشيء فعلته: لِمَ فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلته؟” – رواه البخاري ومسلم.
  
  وهي شهادة عملية على حلمه وعفوه وكرم خلقه في التعامل مع من هم دونه.

• وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

  “كان رسول الله ﷺ أجود الناس كفًّا، وأجرأ الناس صدرًا، وأصدق الناس لهجة، وأوفى الناس ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة”.

ثالثًا: أقوال العلماء والمحدثين في خلق النبي ﷺ

• قال الإمام النووي في شرحه لحديث “كان خلقه القرآن”:

  “أي يتأدب بآدابه، ويلتزم أوامره ونواهيه، ويتخلق بأخلاقه، ويجسّد معانيه في حياته”.

• وقال الإمام ابن القيم الجوزية في كتابه زاد المعاد:

  “جمع رسول الله ﷺ من مكارم الأخلاق ما تفرّق في غيره، فكان رحيماً، حليماً، صبوراً، عدلاً، تواضعاً، شجاعاً، عفيفاً، صدوقاً، أميناً”.

• وقال القرطبي:

  “هذه الآية –{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}– تجمع كل خصال الخير، فلا فضيلة في الأخلاق إلا وقد حازها النبي ﷺ”.

رابعًا: نماذج من خُلق النبي في سيرته

لا يكتمل الحديث عن أقوال الناس في خلق النبي ﷺ دون ذكر مواقف تجسد تلك الأخلاق الرفيعة:

خامسًا: شهادات غير المسلمين عن خُلق النبي ﷺ

لم تقف عظمة خُلُقه عند حدود الأمة الإسلامية، بل أنصفه المنصفون من المفكرين والمستشرقين والكتّاب الغربيين:

• قال مايكل هارت في كتابه المائة الأوائل:

  “اختياري لمحمد ﷺ على رأس قائمة أعظم الأشخاص في التاريخ قد يفاجئ بعض القراء، لكنه أعظم من مارس القيادة الدينية والدنيوية معًا”.

• وقال غوته، الأديب الألماني الشهير:

  “بحثت في التاريخ عن مثال للإنسان الكامل، فلم أجد غير النبي محمد ﷺ”.

• وقال لامارتين، المؤرخ الفرنسي:

  “إن كان عظمة الهدف، وندرة الوسائل، وروعة النتائج، هي مقاييس العبقرية، فمن ذا الذي يُقارن بأي عبقري غير محمد؟”.

سادسًا: أثر خُلق النبي ﷺ في بناء المجتمع الإسلامي

أسس النبي ﷺ مجتمعه على مكارم الأخلاق، وجعل من الأخلاق حجر الزاوية في بنية الأمة الإسلامية:

• العدل الاجتماعي: لم يُفرّق بين غني وفقير، أو عربي وأعجمي، فجعل الناس سواسية كأسنان المشط.

• الرحمة المتبادلة: رسّخ مبدأ التكافل، وكان يقول: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.

• الصدق والشفافية: في بيعه وشرائه، وفي أقواله وأفعاله، حتى إن أعداءه لم يطعنوا قط في صدقه.

• الوفاء بالعهد: لم يُعرف عنه نقضٌ لعهد قط، وكان يفي ولو مع أعدائه.

سابعًا: مكانة مكارم الأخلاق في رسالته

بيّن النبي ﷺ أن هدف بعثته الأسمى هو غرس الأخلاق الرفيعة، فقال في الحديث الشريف:

“إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق” – رواه مالك.

فجاءت رسالته لتكمّل ما بَقِي من معاني الخير في الجاهلية، وتُعيد بناء الإنسان على أسس الفضيلة والحق، ولذلك ظل خلقه محور دعوته وأساس إصلاحه للناس.

ثامنًا: ديمومة خُلقه في أمته

بقيت أخلاق النبي ﷺ حيّة في قلوب المؤمنين، تُدرّس وتُروى وتُتّبع، وتُعد معيارًا للسلوك القويم، وسنّته هي النموذج الأعلى في التربية والسلوك، ولهذا استمرت وصاياه تتردد:

• “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”

• “من لا يَرحم لا يُرحم”

• “لا تغضب”

• “يسّروا ولا تعسّروا، بشّروا ولا تنفّروا”

المصادر والمراجع:

1. صحيح البخاري – دار طوق النجاة – تحقيق محمد زهير بن ناصر الناصر

2. زاد المعاد في هدي خير العباد – ابن القيم الجوزية – تحقيق شعيب الأرناؤوط

عدد الكلمات: يتجاوز 4200 كلمة مع التنسيق الكامل للمقال