6 أخطاء يقع بها المتزوجون حديثاً فاحذرها!

الزواج هو انتقال من مرحلة الفردية إلى الشراكة، وهو ليس مجرد عقد قانوني أو احتفال اجتماعي، بل هو تجربة حياتية معقدة تتطلب نضجاً عاطفياً، ووعياً نفسياً، وفهماً عميقاً لطبيعة العلاقات الإنسانية. غير أن السنوات الأولى من الزواج، والتي تُعد من أدق المراحل في بناء العلاقة الزوجية، غالباً ما تكون مصحوبة بتحديات ومطبات تؤدي إلى وقوع كثير من المتزوجين الجدد في أخطاء تؤثر سلباً على استقرار العلاقة ومستقبلها. هذه الأخطاء لا تنبع من سوء نية غالباً، بل من غياب الخبرة أو الاعتماد على تصورات مسبقة غير واقعية.

1. توقع الكمال من الشريك

من أبرز الأخطاء التي يقع فيها كثير من الأزواج الجدد هو التوقع المثالي والمبالغ فيه من الطرف الآخر. يدخل البعض إلى مؤسسة الزواج وهم يحملون تصورات خيالية رُسمت من خلال الروايات الرومانسية أو المسلسلات التلفزيونية، متصورين أن الحب وحده كفيل بتجاوز الصعوبات، وأن الشريك يجب أن يكون مثالياً في كل شيء. هذه النظرة تؤدي إلى إحباطات متكررة عند أول اختلاف أو سلوك لا يتوافق مع هذه الصورة المثالية.

الواقع يؤكد أن كل إنسان يحمل نقاط قوة ونقاط ضعف، وأن الزواج الناجح لا يبنى على الكمال، بل على التقبل، والمرونة، والعمل على تطوير العلاقة باستمرار. غياب هذا الفهم قد يجعل الشريك ينظر إلى الآخر وكأنه خذله، في حين أن المشكلة تكمن في التوقع غير الواقعي وليس في الشريك ذاته.

2. تدخل الأهل في تفاصيل الحياة الزوجية

يُعد تدخل الأهل في حياة الزوجين من أبرز المشكلات التي تهدد استقرار الحياة الزوجية في بداياتها، خاصة في المجتمعات التي ترتبط فيها العائلة بعلاقات متداخلة. كثير من المتزوجين حديثاً يلجؤون إلى الأهل في كل صغيرة وكبيرة، سواء طلباً للنصح أو لحل الخلافات، ظناً منهم أن هذا السلوك يعزز من الدعم العائلي ويقوي العلاقة.

لكن الحقيقة أن كثرة تدخل الأهل تُضعف خصوصية العلاقة، وتؤدي إلى تعقيد الخلافات، وتُفقد الزوجين قدرتهما على بناء قرارات مشتركة. من الضروري أن يتعلم كل من الزوج والزوجة أن الحياة الزوجية هي كيان مستقل، وأن الحوار الداخلي بين الشريكين يجب أن يكون هو الأساس في حل الإشكالات واتخاذ القرارات.

3. عدم وضع حدود واضحة منذ البداية

من الأخطاء الجوهرية التي يتجاهلها المتزوجون الجدد عدم وضع قواعد وحدود واضحة منذ بداية الزواج، سواء فيما يتعلق بالخصوصية، أو العلاقات الاجتماعية، أو الأمور المالية، أو توزيع المهام داخل المنزل. هذا الغياب للتحديد الواضح يجعل الأمور تسير في البداية بشكل عشوائي، وقد يبدو أن كل شيء يسير بسلاسة، لكن سرعان ما تتصاعد الخلافات عند أول تضارب في التوقعات.

مثلاً، عدم الاتفاق على أسلوب الإنفاق المالي قد يؤدي لاحقاً إلى مشكلات حول المصاريف، أو أن تكون هناك خلافات حول وقت الفراغ والزيارات العائلية بسبب غياب التنسيق. لذا، فإن تحديد الحدود والاتفاق على المبادئ الأساسية للحياة المشتركة منذ البداية يخلق أرضية واضحة تقلل من الصدامات المستقبلية.

4. التسرع في الإنجاب دون استقرار نفسي أو مادي

من الأخطاء المتكررة لدى المتزوجين حديثاً التسرع في قرار الإنجاب دون أخذ الوقت الكافي لبناء علاقة مستقرة نفسياً ومادياً. فالطفل، على الرغم من كونه نعمة، إلا أنه مسؤولية ضخمة تتطلب تفرغاً عاطفياً واستعداداً عملياً، كما أن قدومه في وقت تعاني فيه العلاقة من ارتباك أو هشاشة قد يزيد الأمور تعقيداً.

كثير من الأزواج يعتقدون أن الطفل قد يكون حلاً للخلافات أو أنه سيوطد العلاقة، غير أن الواقع قد يأتي بعكس ذلك تماماً، حيث تزيد الضغوط وتظهر التحديات بشكل مضاعف. لا بد من إعطاء العلاقة الوقت الكافي للنضج قبل اتخاذ قرارات مفصلية من هذا النوع، والعمل على تقوية التواصل والتفاهم قبل التوسع في الأسرة.

5. إهمال التواصل العاطفي والحميمي

التواصل العاطفي لا يعني فقط التعبير عن المشاعر، بل يشمل الإصغاء، والتفاعل، والدعم المتبادل، والاهتمام بالتفاصيل اليومية التي تُظهر التقدير. كثير من المتزوجين حديثاً، بعد انقضاء فترة الخطوبة والاحتفال بالزواج، ينشغلون بمتطلبات الحياة الجديدة مثل العمل أو الانتقال إلى منزل جديد أو التزامات اجتماعية، ما يؤدي إلى تراجع في التواصل الحميمي والعاطفي.

غياب هذا النوع من التواصل يخلق فجوة قد تتسع مع الوقت، وقد يشعر أحد الطرفين بأنه غير مرئي أو غير مقدر. العلاقات القوية لا تُبنى فقط على الإنجازات المشتركة أو المسؤوليات، بل تحتاج إلى تغذية مستمرة بالمشاعر والدفء والتقدير. من المهم تخصيص وقت يومي للحوار، والتعبير عن الحب، والمشاركة في أنشطة تعزز القرب.

6. التمسك بالماضي ورفض التغيير

الزواج يتطلب من الإنسان التحول من نمط الفرد إلى نمط الشريك، وهذا يستوجب مرونة واستعداداً لتغيير بعض السلوكيات والعادات. غير أن بعض المتزوجين الجدد يتمسكون بطريقة حياتهم السابقة بشكل مبالغ فيه، سواء تعلق الأمر بالخروج مع الأصدقاء، أو الأسلوب في الإنفاق، أو تنظيم الوقت، رافضين التكيف مع المتغيرات الجديدة.

هذا التمسك بالماضي يعكس في بعض الأحيان ضعفاً في الاستعداد النفسي للزواج، أو نقصاً في إدراك طبيعة التحول الذي يتطلبه. يجب أن يُدرك الشريكان أن العلاقة الزوجية الصحية تُبنى على التوازن، وعلى القدرة على التنازل والتكيف دون الشعور بفقدان الذات. كل طرف عليه أن يُعيد تشكيل ذاته ضمن إطار الشراكة لا أن يتمسك بأنماط فردية تضر بالسياق الجديد.

جدول يوضح الفرق بين السلوكيات السليمة والخاطئة للمتزوجين حديثاً:

إن إدراك المتزوجين الجدد لهذه الأخطاء، والعمل على تجنبها منذ البداية، يساهم في بناء علاقة مستقرة ومبنية على الفهم المتبادل والدعم المشترك. الزواج الناجح لا يولد من تلقاء نفسه، بل هو ثمرة لجهد مشترك، واستعداد مستمر للتعلم، والقدرة على مواجهة الصعوبات بشراكة واعية.

المراجع:

• Gottman, J. M. (2015). The Seven Principles for Making Marriage Work. Harmony Books.

• Chapman, G. (1992). The Five Love Languages. Northfield Publishing.