أخطاء يجب تفاديها أثناء التعامل مع الحروق

تُعتبر الحروق من الإصابات الشائعة التي قد يتعرض لها الإنسان في حياته اليومية، سواء بسبب الحريق، أو التعرض لمواد كيميائية، أو حتى أثناء الطهي أو التعامل مع مصادر حرارة مختلفة. وعلى الرغم من أن معظم الحروق تكون سطحية ويمكن التعامل معها بسهولة، إلا أن الخطأ في تقديم الإسعافات الأولية أو التعامل معها بشكل خاطئ قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، منها التهابات الجلد، أو تشوهات دائمة، أو حتى حالات تهدد الحياة.

في هذا المقال سيتم التطرق بتفصيل موسع إلى الأخطاء التي يجب تجنبها أثناء التعامل مع الحروق، مع شرح الأضرار التي قد تترتب على كل خطأ، وأهم الإجراءات الصحيحة التي يجب اتباعها لضمان علاج آمن وفعال.

فهم الحروق وأنواعها

قبل الدخول في الأخطاء التي يجب تجنبها، لا بد من فهم طبيعة الحروق وتصنيفها حسب عمقها ومدى تأثيرها:

• الحروق من الدرجة الأولى: تؤثر على الطبقة الخارجية من الجلد فقط، وتسبب احمراراً وألماً بسيطاً دون تقرحات.

• الحروق من الدرجة الثانية: تشمل طبقات الجلد العميقة، وتتسم بظهور بثور وألم شديد.

• الحروق من الدرجة الثالثة: تصل إلى الأنسجة العميقة مثل الأنسجة الدهنية والعضلية، وتتسبب في تلف دائم للجلد مع فقدان الإحساس.

• الحروق الكيميائية والكهربائية: لها تأثير خاص وقد تؤدي إلى مضاعفات مختلفة تبعاً للمواد أو التيار الكهربائي.

هذا التصنيف يوضح ضرورة التعرف على نوع الحرق لتطبيق الإسعافات بشكل صحيح، إذ إن الأخطاء في التعامل مع كل نوع قد تزيد من خطر الإصابة.

أخطاء شائعة أثناء التعامل مع الحروق

1. استخدام الماء البارد مباشرة على الحروق الشديدة

قد يبدو استخدام الماء البارد من أول ردود الفعل الطبيعية لتبريد الحرق، وهو أمر صحيح للحروق الطفيفة من الدرجة الأولى والثانية. إلا أن استخدام الماء البارد أو الثلج على الحروق العميقة (الدرجة الثالثة) قد يسبب مزيداً من الضرر. ذلك لأن الحروق العميقة تؤثر على الأنسجة الحساسة التي قد تتأثر بانخفاض درجة الحرارة بشكل سلبي، مسببة تشنج الأوعية الدموية وتفاقم التلف.

كما أن التبريد لفترة طويلة يمكن أن يؤدي إلى انخفاض حرارة الجسم، خاصة عند الأطفال وكبار السن.

2. وضع معجون الأسنان أو الزبدة على الحروق

ينتشر اعتقاد خاطئ شائع بأن معجون الأسنان أو الزبدة أو بعض المواد المنزلية يمكن أن تهدئ الحروق. هذه الممارسة خطيرة جداً، حيث إن وضع أي مواد غير معقمة على الحروق يزيد من خطر الإصابة بالعدوى، ويعقد من عملية تنظيف الجرح لاحقاً. كما قد تحتوي هذه المواد على مكونات قد تهيج الجلد وتزيد الالتهاب.

3. تفجير أو ثقب البثور الناتجة عن الحروق

البثور التي تظهر على الجلد بعد الحروق هي آلية طبيعية لحماية الجلد تحتها من الجراثيم. ثقب هذه البثور أو تفجيرها يفتح الطريق أمام البكتيريا للولوج إلى الجرح، مما يؤدي إلى التهاب قد يتطلب علاجاً طبياً مكثفاً أو حتى تدخل جراحي.

4. تجاهل طلب المساعدة الطبية للحروق الكبيرة أو العميقة

من الأخطاء الخطيرة للغاية تجاهل الحروق التي تغطي مساحة واسعة من الجسم، أو التي تكون عميقة (درجة ثالثة)، أو التي تصيب مناطق حساسة مثل الوجه، اليدين، أو المفاصل. هذه الحالات تستدعي تدخل طبي سريع ومتخصص، وإهمالها قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة منها التهابات مهددة للحياة أو تشوهات دائمة.

5. إزالة الملابس الملتصقة على الحرق بالقوة

في حالة الحروق، قد تلتصق الملابس بالجلد المحترق. محاولة إزالة هذه الملابس بالقوة يمكن أن تزيد من تمزق الجلد، وتفاقم الإصابة. في مثل هذه الحالات، يجب قص الملابس الملتصقة بحذر حول موضع الحرق وترك الملابس الملتصقة لتتم إزالتها في المركز الطبي.

6. استخدام الكحول أو المطهرات القوية مباشرة على الحروق

الكحول والمطهرات الشديدة مثل اليود أو بيروكسيد الهيدروجين قد تسبب حروقاً إضافية على الجلد المحترق، وتزيد من الألم والتهيج. هذه المواد يجب ألا تستخدم مباشرة على الحروق، وإنما تُستخدم فقط في تنظيف الجلد السليم المحيط بالجرح تحت إشراف طبي.

7. تغطية الحرق بضمادات غير معقمة أو ملتصقة

استخدام ضمادات غير مخصصة أو قطن غير معقم قد يؤدي إلى تلوث الجرح وزيادة خطر العدوى. كذلك، الضمادات التي تلتصق بالجرح يمكن أن تسبب تمزق الأنسجة عند إزالتها، مما يؤخر التئام الحرق ويزيد الألم.

كيفية التعامل الصحيح مع الحروق

بعد ذكر الأخطاء التي يجب تجنبها، من الضروري معرفة الأساليب الصحيحة لعلاج الحروق الطفيفة وتقديم الإسعافات الأولية المناسبة:

• تبريد الحرق بالماء الفاتر: في الحروق السطحية، يُفضل تبريد موضع الحرق بالماء الفاتر (ليس بارداً جداً) لمدة 10-15 دقيقة، ما يساعد في تقليل الحرارة والالتهاب.

• تنظيف المنطقة بلطف: يجب تنظيف الحرق بماء نظيف، وتجنب فركه أو استخدام الصابون القوي.

• تغطية الحرق بضمادة معقمة: يُفضل تغطية الحرق بضمادة معقمة غير لاصقة لتجنب التلوث وحماية الجلد.

• تجنب الضغط على مكان الحرق: لا يجب الضغط أو التدليك على الحرق.

• استخدام مسكنات الألم عند الحاجة: يمكن استخدام الأدوية المسكنة للألم مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين حسب الحاجة وبالجرعات المناسبة.

• المتابعة الطبية عند الضرورة: إذا كان الحرق كبيراً، أو عميقاً، أو يظهر عليه علامات عدوى مثل احمرار شديد، تورم، إفرازات صديدية، أو ارتفاع في درجة الحرارة، يجب التوجه للطبيب فوراً.

مضاعفات قد تنتج عن الأخطاء في التعامل مع الحروق

الأخطاء في التعامل مع الحروق لا تقتصر فقط على زيادة الألم، بل تمتد إلى مضاعفات خطيرة قد تضر بصحة الشخص بشكل كبير:

• العدوى الجرثومية: التلوث المتكرر للجرح قد يؤدي إلى الإصابة بعدوى بكتيرية، تتطلب أحياناً مضادات حيوية أو حتى تدخل جراحي.

• الندوب والتشوهات الجلدية: سوء العلاج أو استخدام مواد غير مناسبة يزيد من خطر تكون ندوب قاسية وتشوهات دائمة.

• فقدان الوظائف الحركية: خصوصاً في الحروق التي تصيب المفاصل أو اليدين، حيث قد تؤدي إلى تصلب وفقدان الحركة إذا لم تعالج بشكل صحيح.

• الحروق الكيميائية والكهربائية: قد تتسبب في أضرار داخلية للأعضاء الداخلية ولا تقتصر على الجلد فقط، وتحتاج إلى تقييم طبي شامل.

• انخفاض حرارة الجسم (Hypothermia): خاصة عند تبريد الحروق الشديدة بالماء البارد لفترة طويلة، ما قد يشكل خطورة على الحياة.

جدول يوضح الأخطاء الشائعة وأضرارها

دور التوعية والتثقيف في تقليل أخطاء التعامل مع الحروق

من المهم أن يحصل كل شخص على معلومات دقيقة وواضحة حول كيفية التعامل مع الحروق لأن الوقاية من المضاعفات تبدأ بالتصرف السليم فور وقوع الإصابة. توعية الناس حول الأخطاء التي يجب تجنبها في حالات الحروق تساعد على الحد من عدد الحالات التي تتدهور بسبب إسعافات أولية خاطئة.

المؤسسات الصحية والتعليمية ومواقع الإنترنت الطبية تلعب دوراً محورياً في نشر هذه المعلومات، ويجب التركيز على تبسيط المفاهيم وذكر النصائح بشكل واضح ومبسط مع تحذير من الممارسات الخاطئة المنتشرة في المجتمعات.

الخاتمة

التعامل الصحيح مع الحروق يمثل خطوة أساسية في حماية الجلد والحفاظ على الصحة العامة، أما الوقوع في الأخطاء الشائعة في التعامل مع الحروق فيمكن أن يزيد من خطر حدوث مضاعفات صحية خطيرة. معرفة أنواع الحروق وطرق الإسعافات الأولية المناسبة، والابتعاد عن استخدام المواد المنزلية غير المناسبة أو الأساليب الخاطئة، كلها عوامل تساعد في التعافي السريع والفعال.

الحروق، خاصة تلك العميقة أو الواسعة، تحتاج إلى تقييم طبي دقيق، ولا يجب التهاون في طلب المساعدة الطبية المختصة عند الحاجة. الالتزام بالتعليمات الصحيحة والتوعية المستمرة عن الأخطاء التي يجب تفاديها يمثلان السبيل الوحيد للحفاظ على صحة الجلد وسلامة الإنسان بعد التعرض للحروق.

المراجع

1. Mayo Clinic Staff. “Burns: First Aid.” Mayo Clinic, 2024.

2. American Burn Association. “Burn Prevention and Treatment Guidelines.” 2023.

هذه المصادر تقدم معلومات طبية موثوقة تدعم الممارسات السليمة في التعامل مع الحروق وتجنب الأخطاء الشائعة.